بني مسجد الكمشة في مكان متميز بحيث يخدم أكبر نطاق ممكن من أهالي منطقة خربة الكمشة في محافظة الزرقاء. والمسجد عبارة عن بناء مربع بسقف ومدخل وحيد من الجهة الشمالية وبني من الحجر الأصفر المنتشر بكثافة في منطقة الكمشة.

اعتنى أهالي الزرقاء بهذا المسجد جيلا بعد جيل راوين إن أساسات هذا المسجد عائدة إلى عهد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب. بني المسجد على أساسات خشبية بسيطة ومن ثم يظهر البناء الحجري الأموي فوقها ولهذا يرجح البعض أن أولى أساسات هذا المسجد وضعت في عهد الخلفاء الراشدين من ثم تعاقبت الترميمات والإضافات عليه حتى وصل إلى شكله الحالي.

(مسجد الكمشة ويظهر في الصورة الباب الذي يعتليه قوس. حقوق الصورة محفوظة للباحث نادر عطية)

لا تزال الكثير من ملامح المسجد القديمة قائمة كما هي، فمكان الوضوء وبعض الجدران والنوافذ والمحراب لا تزال تحتفظ ببنائها القديم. ولكن تعاقب العوامل الطبيعية كالزلازل هدم الكثير أيضا من معالم المسجد. أعاد الأهالي بناء السقف عدة مرات من الطين أو سعف النخيل.

للمسجد بئر قديمة جمعت فيها المياه للوضوء، ويعتقد بأن المسجد قد زود بقنوات مائية خاصة لذلك. ولا تزال عين الماء التي تنبع من وادي الكمشة تؤدي ذلك الغرض. إضافة لاستخدامه لأداء الصلاوات  كان مسجد الكمشة مكانا لاستراحة الحجيج والمسافرين. أعيد استخدام هذا المسجد مرارا من المماليك والأيوبيين لكونه يقع في مكان استراتيجي على طريق الحج والقوافل التجارية ولغاية استيعاب أعداد المارين بالمسجد بنى الأهالي مسجدا آخرا ملاصقا له.

المراجع:

  • الدرادكة، فتحي (1998) القصور والمساجد الأموية في الأردن، دراسة منشورة.
  • غوانمة، يوسف (1986) المساجد الإسلامية القديمة في منطقة عجلون. منشورات مركز الدراسات الأردنية: جامعة اليرموك.

المساجد الأردنية القديمة: مسجد الكمشة

في الوسط بين محافظتي جرش وعجلون تقبع منطقة ريمون السهلية والعامرة. يمتد تاريخ ريمون من العصر البرونزي حتى العصر الحديث حالها حال أغلب مناطق الأردن ذات التاريخ العريق. وفي ريمون مقام للولي محمد الريموني وهو غير بعيد عن مسجدها الأيوبي.

من الواضح أن أصول المسجد أيوبية وطرأ عليه فيما بعد الكثير من الترميم والتعديل وأعيد استخدامه من قبل المماليك حيث جذبت الأردن اهتمام السلاطين المماليك كالظاهر بيبرس والمنصور قلاوون والسلطان برقوق وغيرهم فبنوا القصور والقلاع وأعادوا استخدام المساجد فالبناء الجديد لمسجد ريمون إضافة للمنارة هما بناء مملوكي بحسب اللوحة التأسيسية على المنارة.

(اللوحة التأسيسية لمسجد ريمون القديم، موقع إذاعة الأمن العام)

وبحسب ما توصلت إليه دراسة الباحث الدكتور يوسف غوانمة لبناء المسجد واللوحة التأسيسية فقد “بوشر في بناء المنارة في عهد الملك الظاهر بيبرس 658-676 هجري (1260-1277م) وتولى بناءها الأمير أيدمر الظاهري، ونفذ البناء وأشرف عليه الأمير ناصر الدين منكلي وتم البناء في سنة 676 هجري. ” وبهذا نستنتج أن  بناء المسجد كان في عهد الظاهر بيبرس وانتهى في أوائل عهد ابنه السعيد بن الظاهر. ويذكر نقش آخر على المنارة أسماء ثلاث قضاة كان لهم أثر واضح في الاهتمام بهذا المسجد وبباقي عمارة منطقة عجلون وهم عز الدين قاضي القضاة والقاضي جمال الدين والقاضي صفي الدين.

(مئذنة جامع ريمون والتي بناها الظاهر بيبرس. الحقوق موقع إذاعة الأمن العام)
(درجات مئذنة جامع ريمون القديم، موقع إذاعة الأمن العام)

يتكون مسجد ريمون من بيت صلاة مستطيل غير منتظم الشكل، تستقبل الجهة الشمالية القبلة وفيها محراب بلا قبة. وسقف المسجد عبارة عن أشباه قباب محمولة على أعمدة. وفي المسجد نوافذ وكوات لحفظ المصاحف. بني المسجد من حجارة الكلس والبناء يدل على إعادة الترميم المستمرة والتي ربما طمست بعض زخارف المسجد الأصلية. أما المنارة التي يصعد لها بدرج لولبي فتقع إلى يسار صحن الصلاة وهي كحال باقي المسجد قد أعيد بناؤها وترميمها أكثر من مرة.

(مسجد ريمون القديم من الداخل، وتلاحظ طريقة بناء السقف الأيويبة والتي تعتمد على الاعمدة والأقواس. موقع إذاعة الأمن العام)

 المراجع:

  • الدرادكة، فتحي (1998) القصور والمساجد الأموية في الأردن، دراسة منشورة.
  • غوانمة، يوسف (1986) المساجد الإسلامية القديمة في منطقة عجلون. منشورات مركز الدراسات الأردنية: جامعة اليرموك.

المساجد الأردنية القديمة: مسجد ريمون

(قناطر مسجد لستب الأموي، المصدر: ويكيبيديا)

هو مسجد أموي بني في محافظة عجلون في منطقة اشتفينا قرب قرية لستب أو مارإلياس (عاش النبي إلياس في هذه المنطقة لهذا سميت بهذا الاسم). وبني المسجد على مقربة من كنيسة هي اليوم إحدى مقاصد الحجاج من الديانة المسيحية. لمسجد لستب القديم قبتان وهو مبني على الطراز الأموي من الحجر الجيري ومزين بالأعمدة المزخرفة. لا يستخدم المسجد للصلاة اليوم، بالرغم من عمليات الترميم والتكحيل. ويعد أحد أجمل آثار مدينة عجلون.

(محراب مسجد لستب الأموي. المصدر: ويكيبيديا)

(مسجد لستب من الخارج، المصدر: ويكيبيديا)

المراجع:

  • الدرادكة، فتحي (1998) القصور والمساجد الأموية في الأردن، دراسة منشورة.
  • غوانمة، يوسف (1986) المساجد الإسلامية القديمة في منطقة عجلون. منشورات مركز الدراسات الأردنية: جامعة اليرموك

المساجد الأردنية القديمة: مسجد لستبْ

اشتهرت مدينة جرش بمدينة الألف عمود نظرا لانتشار الأعمدة الرومانية في شوارع المدينة الأثرية. لقد شهدت كذلك تعاقب الكثير من الحضارات على أرضها فكانت مدينة رومانية وبيزنطية وتأثرت بالهلنستية والإغريقية والأردنية النبطية ولم تتوقف جرش أبدا عن كونها نقطة جذب لكل الإمبراطوريات التي نشأت أو وضعت بصمتها على أرض الأردن.

دخلت جرش الحكم الإسلامي على يد شرحبيل بن حسنة في سنة 13 هجري وقد وجدت آثار أيوبية ومملوكية وأموية تدلنا على أن جرش استمرت في كونها مكانا استراتيجيا يحظى بالاهتمام.

يعد مسجد جرش الأموي من مساجد الفترة الأموية المبكرة، حيث تم تأريخه إلى القرن الثامن، عهد الملك الأموي هشام بن عبد الملك (724-734 هجري) كشفت عن المسجد حملة تنقيب جامعة كوبنهاغن الدنماركية بالتعاون مع جمعية الآثار الأردنية عام 2002 إلا أن أول اكتشاف له كان من قبل جامعة ييل الأمريكية في الفترة الواقعة بين 1929-1934.

(موقع المسجد الأموي في جرش، شمال ساحة الندوة البيضوية، موقع مشروع جرش الإسلامي الدنماركي)

قرب معبد أرتميس على تقاطع شارع الكاردو الرئيسي مع شارع الديكمانوس الفرعي تقبع أرضية المسجد المرصوفة بالبلاط إضافة لبقايا أعمدة المسجد والمحاريب. إن الطراز المعتاد في المساجد الأموية هو وجود محراب واحد في جدار القبلة إلا أن هذا المسجد احتوى ثلاثة محاريب أحدها في جدار القبلة. وكان المحراب قد بني بإتقان من الحجارة وهو عبارة عن تجويفين وقد تبقى من المحراب اليوم 1.5 متر. لم تكشف التنقيبات عن وجود منبر إلا أن للمسجد برج يعتقد بأنه استخدم كمئذنة.

بناء المسجد مستطيل تبلغ أبعاده 12.90×9.9 م. وهو بناء يعود للفترة الرومانية – البيزنطية أعيد استخدامه وبناؤه من حجارة المباني الأثرية المجاورة وأعمدتها. للمسجد صحن مكشوف وبيت صلاة ومدخلان وكان بابا المسجد يطلان على السوق كما يعتقد أن هذا المسجد كان مسجدا صيفيا حيث لا آثار لكونه كان مسقوفا.(غوانمة: 1986)

المراجع:

  • الدرادكة، فتحي (1998) القصور والمساجد الأموية في الأردن، دراسة منشورة.
  • غوانمة، يوسف (1986) المساجد الإسلامية القديمة في منطقة عجلون. منشورات مركز الدراسات الأردنية: جامعة اليرموك.

المساجد الأردنية القديمة: المسجد الأموي في جرش

كانت طبقة فحل أو “بيلا” إحدى مدن حلف الديكابولس – الأردنية السبعة الثابتة من أصل عشرة – المهمة للغاية إلا أن تاريخ المنطقة يمتد إلى ما قبل التاريخ؛ فقد وجدت قطع آثرية وصوانية تؤرخ لوجود استيطان بشري منذ العصور الحجرية والبرونزية، وقد ذكرت في المصادر التاريخية باسم “بهل”.

إن مسجد فحل أحد الأماكن الأثرية التي تعود إلى العهد المملوكي، ولم يبق من المسجد اليوم سوى بقايا جدرانه الأربعة التي ترتفع حوالي المتر. ويرجح سبب تهدم المسجد إلى الزلازل التي ضربت المنطقة.

(مسجد فحل وأعمدته، الحقوق محفوظة لصحيفة الرأي)

المراجع:

  • الدرادكة، فتحي (1998) القصور والمساجد الأموية في الأردن، دراسة منشورة.
  • غوانمة، يوسف (1986) المساجد الإسلامية القديمة في منطقة عجلون. منشورات مركز الدراسات الأردنية: جامعة اليرموك.

المساجد الأردنية القديمة: مسجد فحل

كحال أغلب مواقع الإرث في الأردن، لجرش تاريخ طويل من بناة الحضارات الأردنية الذين وضعوا بصمتهم في المدينة. لقد كانت جرش مأهولة بالسكان منذ العصر البرونزي واستمرت بالازدهار خلال القرون اللاحقة. خلال الفترة الهلنستية (اليونانية)، عرفت جرش باسم “جراسا” وكانت من ضمن مدن حلف الديكابولس السبعة الثابتة الاردنية من أصل عشرة. وبسبب موقعها الاستراتيجي كانت إحدى أهم المدن. كانت لجرش طرق تجارية قوية للغاية مما جعلها مدينة تجارية متميزة وساعد ذلك في تنامي الأنشطة الثقافية الأخرى. وقد تضمن ذلك بناء وتطوير الكنائس والممارسات المسيحية الأخرى.

صورة للكنيسة وتظهر فيها الأرضية الفسيفسائية

 بنيت الكنيسة في القرن الرابع للميلاد وبعد ذلك بفترة وجيزة تتابع بناء العديد من الكنائس وبوتيرة سريعة، خصوصا في فترة حكم جستين الأول، وزوجته ثيودورا وذلك بين العامين 527-565 ميلادي.  وبحلول منتصف  القرن الخامس صارت جرش موطنا لست عشرة كنيسة. وكانت أكثر الكنائس حفظا هي كنيسة القديسين دميان وقزمان والتي بنيت عام 533 ميلادي تخليدا لذكرى هذين التوأمين.

إطلالة على كنيسة القديسين

بنيت الكنيسة على ترس (مصطبة) فوق شمال غرب المدرج. ولقد تم التنقيب عليها من قبل فريق علماء آثار أمريكي تحت إشراف الباحث الاسترالي فنسنت كلارك. لقد اكتشف الفريق أن هذه الكنيسة قد استعملت لقرابة 200 عام قبل هجرانها ونسيانها في منتصف القرن الثامن ميلادي. ووجد العلماء بلاط السقف بحالة جيدة إضافة للأحواض والأوعية الجصية. مما يعطي إشارة لمرور الكنيسة بعدة تجديدات عديدة قبل هجرانها في القرن الثامن ميلادي. ويرجح أن السبب في ذلك هو الزلزال الذي حدث في 747 ميلادي.

تتبع الكنيسة طراز الكنائس المستطيلة (الباسليقا) الأشهر في العصر البيزنطي بالقناطر الثلاثية. لقد بنيت كنيسة القديسين قزمان ودميان كجزء من مجمع كنسي وهو وحدة واحد تشترك بمدخل واحد غير مسقوف. لقد بنيت الثلاث كنائس بين 225 و533 ميلادي. وكنيسة القديسين هي الأكبر ولها جدار مشترك مع كنيسة المعمدان. تحوي الكنيسة على أكثر اللوحات الفسيفسائية تعقيدا وسلامة  في المنطقة. وتعد هذه الفسفيساء مثلا على “المنظور التربيعي” والذي يتكون من مربعات  ومعينات بدرجات من الزرق والبرتقالي والأحمر والأرجواني والأبيض والشحم الأسود. تصور الفسيفساء أيضا صفوفا من الطيور المحلية والحيوانات. وتتضمن الطاواويس وطيور الذيال (التدرج) والأغنام والماعز والأسد والغزلان والزرافات والفيلة. وتثير صور الفيلة الانتباه حيث نادرا ما تصور الفسيفسياء الأخرى في المنطقة هذا الحيوان.  تصور اللوحة الفسيفسائية أيضا بعض النباتات الطبية لغايات مدح القديسين الذين تم تصويرهما كقديسيين راعيين للصحة والطبابة والصيدلة.

صورة للقديسين قزمان ودميان

كان الأخوان قديسيين راعيين للطبابة والصيدلة. وهذا لأنهما غالبا ما كانا يعالجان المرضى دون مقابل.  إضافة لممارستهما للطب فقد أمسيا من الشهداء في عصر دقلديانوس. ولسبب غير واضح، فقد عذب الأخوان حتى الموت وأجبرا على إعلان كفرهما بالمسيحية. ولكن قزمان ودميان لم يتلفظا بمثل تلك الكلمات وبقي قلبهما وإيمانهما مخلصان. وبسبب أعمالهما الخيرية وتقواهما فقد اعتبرهما أغلب الناس رعاة وشهداء.

صورة للقديسين مع والدتهما وأختيهما

بعد أعوام من موتهما، رسمهما القساوسة البيزنطيون في كل عمل فني كاللوحات والزجاج ولخزف والمنسوجات. وغالبا ما يتم تصويرهما وهما يحملان قوارير الدواء  أو عدة الجراحة وسجلات وصف الدواء وبعض النباتات الطبية. إضافة للأدوات الطبية فقد تم تمثيل الأخوين والهالات المضيئة فوق رأسيهما ومرتديان الزي العربي أو المسيحي، أو زي المعلمين والجراحين أو حتى زي رجال الدين. في روما، قام البابا فيلكس بتخصيص ضريح في الميدان الروماني وذلك لتخليد ذكراهم عام 533 ميلادي.

أيقونة فيسفسائية للقديسين

لقد ظلت ذكراهما تتردد لمدة طويلة وقد بنيت العديد من دور العبادة للاحتفال بذكراهما خلال العصور البيزنطية الوسطى في الأردن. ولكن الكنيسة في جرش هي أقدم كنيسة بنيت لذكراهما وظلت قائمة  حتى يومنا هذا. إن بقايا الجدران والأسس والفسيفساء وبقايا الهياكل العامة هي الوحيدة التي ظلت لتمجد ذكرى القديسيين قزمان ودميان، كما بقيت لتعزز أمجاد مواقعنا التاريخية.

 المراجع

http://www.sacred-destinations.com/jordan/jerash

https://www.lonelyplanet.com/jordan/jerash/attractions/church-of-st-cosmos-st-damianus/a/poi-sig/1442848/361072

http://www.art-and-archaeology.com/jordan/jerash/je18.html

http://romeartlover.tripod.com/Jerash03.html

Khouri, Rami G., and Joe Marvullo. “A Jewel in Jordan: The Greco-Roman City of Jerash.” Archaeology, vol. 38, no. 1, 1985, pp. 18–25. JSTOR, JSTOR, www.jstor.org/stable/41731658.

Hamarneh, Sami K. “Cosmas and Damian in the Near East: Earliest Extant Monument.” Pharmacy in History, vol. 27, no. 2, 1985, pp. 78–83. JSTOR, JSTOR, www.jstor.org/stable/41109548.

http://www.sacred-destinations.com/jordan/jerash/photos/church-ss-cosmas-and-damian2-c-beck

سلسلة كنائس الأردن القديمة: كنيسة القديسين قزمان ودميان

لقد جعل الموقع المتوسط بين آسيا وإفريقيا وأوروبا من العقبة مركزا تجاريا. وقد عنى هذا الموقع أن العقبة ستصبح مدينة رئيسية وكبيرة وعرضة بالطبع لاستقبال الكثير من المهاجرين. وبهذا الموقع الاستراتيجي كانت العقبة أو “أيلة” مدينة مهمة في تاريخ نشر المسيحية في الحقبة الرومانية لأنها كانت استراحة معظم التجار قبل إكمالهم لرحلتهم.

وخلال فترة مقامهم في العقبة، يدعو الناس الرب كي تكون رحلتهم آمنة وموفقة ولا عجب الآن إن عرفنا بأن كنيسة العقبة بنيت بمحاذاة الشاطئ.  اكتشفت الكنيسة عام  1988 جراء حملة التنقيبات التي استمرت من 1994 إلى عام  2002 والتي قام بها العالم الأمريكي ثوماس باركر من جامعة نورث كارولاينا مع علماء آثار أردنيين.

كشف التنقيبات أن الكنيسة كانت قد بنيت عام 290 ميلادي أي أنها أقدم بقليل من كنيسة القيامة في القدس وكنيسة المهد في بيت لحم. وهذا جعلها تصنف الكنيسة الأقدم في المنطقة. وقبل بناء الكنيسة المخصصة للعبادة، خصص المسيحيون غرفا في بيوتهم للصلاة. على أن كنيسة العقبة لم تكن مكانا للصلاة فحسب إنما مكانا للاجتماع في المجتمع المسيحي.

في البداية اتسعت الكنيسة لستين متعبدا فحسب.  ومع النمو الكبير للمسيحية، احتاجت الكنيسة للتوسعة وبهذا بنيت غرفة تتسع مئة شخص. وتبلغ أبعاد الكنيسة 25×15×5 متر.  وصنعت الجدران من الطوب الطيني المشهور في تلك المنطقة. ويرجح أن الكنيسة كانت من طابقين بسب وجود سلم.  أما الأروقة فمقنطرة (ذات سقف مقوس) كالطراز المعتاد في بناء الكنائس حتى اليوم.

صورة توماس باركر

كانت الكنيسة تضاء بقناديل زيتية ووجدت داخل البناء طاولة من الصخر الرملي استخدمت لأغراض طقسية. وقد وجد أيضا صندوق يحوي مجموعة من المسكوكات يبلغ عددها المئة وتعود للفترة بين 337-361 مما يدل على أن الكنيسة استعملت لواحد وسبعين سنة على الأقل. تهدم جزء من الكنيسة بسبب زلزال حدث عام 363 ولكن سرعان ما أعيد بناؤها.

نظرة عامة على الكنيسة

على مقربة من الكنيسة وجدت مقبرة كذلك.  وقد عثر  فريق التنقيبات على جثة ترتدي صليبا.   إضافة إلى كسر فخارية رومانية تعود للعام 290.  مما يثبت أن الكنيسة قد بنيت في أواخر القرن الثالث وبالرغم من عمر البناء إلا أنه يمكننا رؤية معالم وأساسات المعمار الخاص بالكنيسة. ورغم كونها كنيسة متواضعة من حيث الشكل والحجم إلا أن كنيسة العقبة تعتبر رائدة بالنسبة لطرز المعمار الكنائسي.

 

 

 

 

المراجع

  1. Ajaonline.org. (2017). The Roman Aqaba Project Final Report. Vol. 1, The Regional Environment and the Regional Survey | American Journal of Archaeology. [online] Available at: https://www.ajaonline.org/book-review/2622
  2. رندة فؤاد (2007). “عمارة الكنائس وملحقاتها لـ رنده قاقيش عمان: دار ورد الأردنية للنشر والتوزيع
  3. Archive.archaeology.org. (2017). Early Church at Aqaba – Archaeology Magazine Archive. [online] Available at: https://archive.archaeology.org/9811/newsbriefs/aqaba.html
  4. Galaxie.com. (2017). The World’s Oldest Church — By: Aqaba, Jordan | Galaxie Software. [online] Available at: http://www.galaxie.com/article/bspade11-2-04
  5. Wineland, J. (2007). The light of discovery. Eugene, Ore.: Pickwick Publications.

سلسلة كنائس الأردن القديمة: كنيسة العقبة 290 م

أم الرصاص/ كاسترون ميفعة

الأقواس في أم الرصاص- موقع اليونيسكو

كانت أم الرصاص مأهولة بالسكان منذ القرن الثالث وحتى القرن السابع. لقد استوعبت المنطقة العديد من الحضارات التي وضعت بصمتها في موقع أم الرصاص التاريخي. ولقد لعبت المسيحية دورا مهما في تطور أم الرصاص خصوصا في المرحلة التي زامنت وجود (سرجيس/ سركيس) قس أسقفية مادبا. وتقترح الأدلة أن المسيحية استمرت في الانتشار حتى أثناء الحكم الأموي والعباسي. وبما أن المسيحية كانت تزدهر في ذلك الوقت فإن أم الرصاص كذلك كانت على نماء معماري وفني؛ فالفسيفساء الخلابة والمجمعات الكنسية والزخارف الهندسية وكل الطرز والأساليب الأخرى كانت عوامل مهمة لإثراء الموقع.

انضم موقع أم الرصاص إلى لائحة المواقع الأردنية المدرجة في قائمة الإرث لدى منظمة اليونيسكو عام 2006. وعلى الرغم من ذلك، لم يقم علماء الآثار بإكمال جميع عمليات التنقيب في الموقع بعد، وحالما تنتهي هذه العمليات ستزيد حتما من أهمية هذا الموقع وقيمته.

فسيفساء في مادبا باللغة اليونانية القديمة- موقع اليونسكو

تشمل هذه المدينة على 16 كنيسة يحوي بعضها على أكثر قطع الفسيفساء أهمية وأكثرها سلامة وحفظا حتى الآن. لقد ساعدت الفسيفساء علماء الآثار على فهم جغرافية وطبوغرافية وتاريخ تلك الحقبة من الزمن. فمثلا تزودنا فسيفساء كنيسة القديس ستيفان (أو اسطفان)  بعدد من خرائط المدن وكل مدينة مع اسمها الجغرافي باللغة اليونانية. تتضمن هذه الخرائط سبعة مدن أردنية هي: كاسترون ميفعة (أم الرصاص) فيلادلفيا (عمان) مادبا، حسبونتا (حسبان) وبيلوماونتا (ماسين) أريوبوليس (الربة) وشراخموبا (الكرك) إضافة للدير الواقع على جبل نيبو.

وقد وجدت فسيفساء أخرى مهمة في  صحن كنيسة القديس سيرجس. وتشكل الكنيستان ستيفان وسيرجس المواقع الأكثر أهمية بسبب الفسيفساء فيهما إضافة إلى الزخارف الهندسية وتحتفي إلى الآن بثيمة (الزهور والحيوانات) التي كانت شائعة في تلك الفترة.

البرج في أم الرصاص- موقع اليونسكو

وبعيدا عن الفسيفساء معقدة التفاصيل، تحوي أم الرصاص على البرجين العموديين المتبقيين في المنطقة. ويعود تاريخ هذه الأبراج إلى تقليد قديم لاعتزال المتعبدين في الأبراج طلبا للعزلة. خلال الامبراطورية البيزنطية، شاعت طريقة في العبادة تتطلب انعزالا كاملا وانقطاعا عن الملهيات الدنيوية ليركز المتعبد على صلاته وإيمانه. بدأ هذا الطقس مع القديس سيرجيس، الذي اعتزل الناس في برج حتى توفي بعد 37 سنة من الخلوة. إن الأبراج العمودية في أم الرصاص هي الوحيدة المتبقية من نوعها والتي صمدت عبر التاريخ. وعلى الرغم من أن أم الرصاص كانت قد عانت من عدة زلازل ولكن البرج ظل صامدا بطول 14 مترا. لا يملك البرجان أية أدراج داخلية وله أربع نوافذ تواجه الكل اتجاه من الاتجاهات الأربعة.  وهذا يلمح إلى فكرة ما إن يقرر المتعبد صعود البرج للعبادة فإنه لن ينوي النزول مرة أخرى. وتحت البرج بنيت كنيسة دون الكثير من العناية، ويوجد صهاريج للماء وبناء من ثلاثة طوابق يعتقد بأنه نزل للحجاج. ويتموضع البرج والنزل والكنيسة على طرف المدينة القديمة مما يعزز أهمية الانعزال لممارسة هذا الطقس.

المراجع

  1. Art-and-archaeology.com. (2017). Stylite Tower. [online] Available at: http://www.art-and-archaeology.com/jordan/rasas/ra06.
  2. Centre, U. (2017). Um er-Rasas (Kastrom Mefa’a). [online] Whc.unesco.org. Available at: http://whc.unesco.org/en/list/1093 [Accessed 29 Nov. 2017].
  3. Encyclopedia Britannica. (2017). Saint Simeon Stylites | Christian monk. [online] Available at: https://www.britannica.com/biography/Saint-Simeon-Stylites
  4. رندة فؤاد (2007). “عمارة الكنائس وملحقاتها لـ رنده قاقيش، عمان: دار ورد الأردنية للنشر والتوزيع
  5. Photograph F1online digitale Bildagentur GmbH, A. (2017). Um er Rasas. [online] Nationalgeographic.com. Available at: https://www.nationalgeographic.com/travel/world-heritage/um-er-rasas-jordan/

سلسلة كنائس الأردن القديمة: كنائس أم الرصاص

Scroll to top