مقدمة تاريخية

   يقال في اللغة: نَبْطُ العلم أي بثه ونشره، ونَبَطُ الماء أي أخرجه والنّبِطُ أول ما يخرج من ماء البئر، ونَبَطَ الأرض أي نقّب فيها وأخرج المعدن ولا يوجد ما يصف حضارة عظيمة كحضارة الأردنيين الأنباط أكثر من هذه الخصائص الثلاثة: العلم والماء والمعدن. ورد ذكر الأردنيين الأنباط في الكتاب المقدس بقوله “أهل الجنوب” كما ورد ذكرهم في النقوش الآشورية العائدة إلى القرن السابع قبل الميلاد.

 ارتحل الأردنيين الأنباط في الصحراء الأردنية وتنقلوا فيها وتجذرت في نفوسهم حياة البداوة على أن هذا لم يمنعهم أبدا من استيعاب الحياة الزراعية واستيعاب الحضارات الأخرى رومانية وهلنستية ومصرية، حتى وصلوا وبشكل مدهش إلى التفوق على هذه الحضارات في بعض المجالات. إن المميز في حياة البداوة النبطية التي عاشها هذا الشعب هو انفتاحهم على التجارة فكانوا رغم حياتهم البدوية يجهزون القوافل التجارية ولم يتوقفوا عند ذلك بل طوروا أساليب لاستخراج القار[1] من البحر الميت وبيعه للمصريين آنذاك، وكان كل ذلك في المرحلة الأولى الممهدة لقيام حضارتهم.

بعد الاستقرار النبطي وتحوله عن التنظيم البدوي ومزاحمتهم للأردنيين الأدوميين في التجارة والزراعة سادوا المنطقة وأخذوا بالتوسع ومد نفوذهم أكثر وأكثر وطوروا أساليب بديعة في الري والعمارة والتي لا زلنا نرى أمثلة عليها من أول خطوة نخطوها في السيق نحو مدينة البترا، عاصمة الدولة النبطية الأردنية. تلا هذه المرحلة استقرار أكبر وتنظيم مدني حيث ظهرت الملَكية وأخذت المدن النبطية الأردنية معالمها الحضارية من تطور صناعي وزراعي وثقافي يشمل الفنون والدين والخط وامتدت ممالكها من العراق (مملكة ميشان) والأردن (البترا) وصولا إلى شمال الجزيرة العربية (الحِجر).

بدأت الحضارة النبطية الأردنية بعد شدة الاتساع تثير مطامع الممالك والإمبراطوريات المجاورة، فطوال تاريخها عانت كثيرا من محاولات الغزو والاحتلال. اذ كانت مستهدفة من قبل السلوقيين والبطالمة والرومان والإغريق وصولا إلى اليهود المكابيين الذين نازعوا الأنباط الأردنيين على تجارتهم مع المصريين. ولكن حضارة الأنباط صمدت قرابة الأربعة قرون أمام كل هذه المحاولات مرسخة حب الحرية والاستقلال في نفوس أبناء هذه الأرض، وعقب زوال المملكة النبطية بدأت القبائل النبطية الأردنية بالاختلاط مع الشعوب المجاورة. وقد خلّف الأردنيون الأنباط بعد زوال مملكتهم الآثار المعمارية العظيمة والخالدة إضافة للخط واللغة النبطية، وكذلك الآلهة النبطية التي قدستها قبائل الجزيرة العربية واقتبستها عنهم إضافة لما أخذوه عنهم من مظاهر حياة سياسية واجتماعية واقتصادية أخرى.

منذ خطواتنا الأولى في السيق وحينما تبرز لنا الخزنة من بين الشقين الجبليين الهائلين تتراءى لنا عظمة الإنسان النبطي الأردني وغنى مخيلته ووجدانه، ولا يتوقف الأمر عند بناء الخزنة إنما يمتد للمسلات والأضرحة والمذابح والنقوش؛ فكل زاوية تقع عيون الناظر عليها كانت ذات دلالة عميقة للنبطي الأردني آنذاك. فإنسان تلك الفترة كان إنسانا عطشا للروحانيات ولهذا صارت الديانة والمعبودات والطقوس معبره نحو إشباع هذه الرغبة. في خضم التفاعل الحضاري الذي ساد المنطقة آنذاك، صاغ الأردنيين الأنباط قيمهم الدينية ومعبوداتهم ورموزهم الخاصة التي وبلا شك تأثرت وأثرت في ميثولوجيا المنطقة عامة.

Petra_,_Al-Khazneh_2
الخزنة في البترا

الآلهة الأنثى  

Uzza, Manat, Latt
(صورة توضيحية تمثل اللات والعزى ومناة إضافة لرموزهن من الكواكب –الشمس، الزهرة، القمر- ورموزهن الأرضية حزمة القمح- السيف والقطة- كأس البخور- من اليسار إلى اليمين)

العزى  ( ذات القناع )

 اختلف الباحثون في أصل اسم هذه الآلهة الأنثى فقيل أنها آلهة سريانية (هن- عزى) أي ذات العزة وقيل أنها من أصل سينائي (عبدت في سيناء/ النقب) ورأى  آخرون أنها من أصل سومري وتعني (العارف بالماء) وكان يطلق على الطبيب، وارتباط العزى بالماء والخضرة حاضر في الأذهان (الماجدي:2012) وقيل أيضا أنها عبدت في مدينة العز (الخلصة حاليا في النقب). تم تمثيل العزى بامرأة جميلة ووراءها أشجار وخضرة وتمسك في يديها سيفين وأمامها قطة أو أسد. ولهذا قيل إنها قد تمثل آلهة الحرب.

يرمز لهذه الآلهة بالقمر وبنجمة الصباح أي كوكب الزهرة. وهي آلهة للقوة والخصب وتقابل في صفاتها الآلهة الرافدية عشتار والآلهة السورية أرتاقتس وآلهة الجمال اليونانية أفروديت. وسميت العزى في البترا الآلهة (ذات القناع) ولها منحوتات ونقوش عديدة داخل المدينة الأثرية.

That Al Qenaa
منحوتة للآلهة العزى (ذات القناع) في البترا

اللات

عُدّت اللات أكبر الآلهة الأنثوية والذكورية على حد سواء أي أنها “أم الأرباب” وكانت من أهم المعبودات في المنطقة وذكرت في كثير من نقوش وأدبيات الحضارات الأخرى كالبابلية والفينيقية واليونانية وبتسميات شبيهة باسمها “اللات”. ويدور الجدل فيما إذا كانت الأم العذراء للرب الأكبر “ذو الشرى” أم كانت حبيبته وزوجته.

يُرمز للات بصخرة مربعة بيضاء مزينة بالزخارف وتلقب “كعبو” وربما تكون هذه الكلمة أصل الكلمة العربية ” كاعب” وهي وصف للمرأة الحسناء التي ربما ما كانت سوى الآلهة اللات. أما إذا صارت الصخرة سوداء فترمز حينها للإله ذو الشرى نفسه. كما يرمز لها بالشمس وبحزمة القمح كذلك وبالماء الجاري والينابيع. أما في تدمر فقد رمز لها بأسد يقف بين قائمتيه غزال.

Al lat lion
الأسد الذي كان يزين معبد اللات

بالنسبة للأردنيين الأنباط، كانت اللات من أهم معبوداتهم فقد بنى “الملك رب أيل الثاني” معبدا في وادي رم وسماه “معبد اللات”. كما بني لهذه الآلهة معبد في تدمر سمي بمعبد الشمس ووجد على مدخله كتابة تفيد بأنه بني بأموال الربة اللات، وفي عام 1957 وجد تمثال من المرمر للآلهة اللات كما وجد لاحقا تمثال لأسد على قائمتين في مدخل المعبد.

Tadmor temple
بقايا معبد الشمس في تدمر  1900- 1920 من مجموعة صور مكتبة الكونغرس الأمريكية

مناة

إن كانت العزى هي آلهة الخصب والعطاء والولادة الجديدة فإن مناة هي وجهها الأسود. تعتبر الآلهة مناة آلهة الموت وقد عبدت على نطاق واسع جنوب المملكة النبطية الأردنية وتحديدا في الحِجر. سماها الأردنيون الأنباط “مناتو أو مناواة” وهي ترمز للموت أو القدر، فمن ناحية لغوية اسمها مشتق من كلمة “منية” والتي تعني الموت، وقد اقترح بعض العلماء أن اسمها مرتبط بالحظ والأماني أي أنها “آلهة الحظ والرعاية” لدى الأردنيين الأنباط. تتحكم مناة بالأرواح والعالم السفلي وغالبا ما يرمز لها بالقمر وبكأس بخور ويقترن ذكرها بذو الشرى. ويرجح علماء الآثار أن تكون الخزنة المنحوتة في الصخر بيتا للآلهة مناة بصفتها حامية وراعية العاصمة النبطية الأردنية ( البترا ). كما يذكر أنها ارتبطت بالاستمطار والسحب والمطر.

لقد أرخ الباحثون لهذا “الثالوث الأنثوي” الذي ظل مقدسا حتى عهد طويل. إن هذا الثالوث يفصح لنا عن مدى قدسية الأنثى وارتباطها بالسماويات عبر جعل كل آلهة ذات رمز كواكبي يعكس معناها. لقد عبد الإنسان النبطي الأردني آلهة أنثى أغنت حياته الدينية وجانبه الروحاني وصبغت جميع جوانب حياته بالموسيقى والفن والنقش والعمارة.

الوجه الذكوري من الآلهة

ذو الشرى

ذو الشرى أو وذ شرا أو دوسر كلها أسماء تدل على هذا المعبود النبطي العظيم. يكمن تميز هذا الإله من كونه الوحيد الذي لا يخرج من سياقه النبطي الأردني فلا نكاد نجد له أي أثر خارج حدود المملكة النبطية الأردنية على عكس كل الآلهة الأخرى. ربما يعود هذا التميز إلى كون هذا الإله مرتبطا بالسلالة الحاكمة وراعيا لها حيث جاء ذكره في نص بعنوان “رب الملك” كما ذكر نص آخر تحت اسم ” فاصل الليل والنهار” وفي نصوص أخرى باسم “سيد العالم والإله المنير”.

اختلف الباحثون عن سبب تسمية ذو الشرى باسمه، فبعضهم قال إنه يعود لمنطقة جبال الشراه جنوب الأردن التي لا تزال تحمل ذات الاسم، ويقترح أحد الباحثين أن اسم “شرى”  لا يرتبط بجبال الشراه بل  يُعنى بالزراعة الكثيفة ، ويرى آخرون أنها قد تكون مشتقة من العبرية بمعنى “سعير”.  وبوصفه أكبر الآلهة حظي باحترام وتقدير عظيمين حتى حمله التجار الأنباط في رحلاتهم، ففي ميناء بوتسوولي جنوب إيطاليا وجد نقش طيني بالخط النبطي يحمل اسم ذو الشرى.

 رُمز لذي الشرى بعدة رموز أهمها الشمس وهي ذاتها رمز زوجته أو أمه اللات وهي دلالة الخير عند الأردنيين الأنباط ولهذا اتجهت أنصابه نحو الشرق دوما، إضافة لعدة رموز أخرى كالصقر والأسد والثور والأفعى وكروم العنب. كما رمز له بكتل صخرية عالية الارتفاع وأنصاب سوداء على سطوح المنازل يحرق لها البخور وأخرى سوداء مربعة بارتفاع أربعة أقدام. كان ذو الشرى مرتبطا بكل ما هو طاهر بدلالة أن بجانب كل معبد من معابده مكان للاغتسال والطهارة قبل أداء الصلوات.

والناظر لطبيعة المدينة النبطية الصخرية  يجد أن كل جزء منها هو جزء من جسد الإله ذو الشرى واللات (التي رمز لها بالماء) تجري في عروق هذه الكتل الصخرية كما يجري الدم في جسد الإله ذو الشرى. إن هذا يعطي بعدا “طبيعيا” للميثولوجيا الدينية النبطية فلم تكن تستمد المعابد والهياكل قيمتها من ذاتها إنما من الطبيعة المنحوتة منها  (الماجدي: 2012).

Dushara
تمثال للإله ذو الشرى

أما عن مصير هذا الإله فقد ارتبط بعد مجيء الرومان بالإله ديونيوس (إله الخمر) وفيما بعد ارتبط بالإله زيوس الإغريقي ومن ثم أخذه العرب عقب انهيار الدولة النبطية وقدسوه حتى جاءت المسيحية ومن ثم الإسلام.

 

شيع القوم

 بتصويره على شكل محارب، حضر الإله شيع القوم في النقوش التدمرية النبطية على وجه خاص، فلم يكن حضوره قويا في البترا العاصمة. إله المحاربين وحامي القوافل، يتقرب له التجار بالنذور والقرابين ويمتنعون عن الخمر من أجله لأنه إله كاره للخمر. يرى الدارسون بأنه أقدم من الإله ذو الشرى لأن الأردنيين الأنباط عرفوا بزراعة الكروم وصناعة النبيذ في مراحلهم المتأخرة.

 

 

الكتبا

 كان الإله الكتبا راعيا للعلوم والكتابة والتجارة النبطية الأردنية. ورغم أهميته الكبيرة إلا أن المعلومات تتضارب بخصوصه، فبعض الباحثين يرجح أنه أنثى وأنه اسم آخر للعزى. وآخرون يرجحون أنه ذكر أو أنه في أحسن الأحوال الوجه الذكوري للآلهة العزى.

لقد تم الكشف عن هذا الإله لأول مرة على يد العالم ج. ستراغنل عام 1959 باكتشافه نقشا يحمل اسم “الكتبا” إضافة لاسم “العزى” على جبل في وادي رم. وجدت نقوش أخرى في مدن نبطية كمدينة جايا وكان النقش يقول “الكتبا.. الرب الذي في جايا” كذلك ذكر الإله في نقش في وادي صياغ وكان النقش يقول ” في حضرة الكتبا.. الإله ربنا”

ويرجح أن الأردنيين الأنباط قد نقلوا عبادة الكتبا إلى مصر القديمة في سياق علاقتهم التجارية القوية والممتدة آنذاك؛ فقد تم الكشف عن معبدين نبطيين في منطقة قصر الغيط وقد نقش على أحد المعبدين “من هاويرو ابن جيرام إلى الكتبا” يحاكي المعبدان معبد الأسود المجنحة ومعبد خربة التنور وغيرها من المعابد النبطية الرئيسة إلى حد كبير.

لقد وجد تمثال في نبع عين الشلالات في البترا وكان بطول 15-30 سم. وقد حفظ في كوى في الحائط. إن تمثال الكتبا خال من أي نحت لمعالم الوجه فيما عدا محجر العينين والذي غالبا ما تم حشوه بأحجار كريمة. فيما بعد، تأثر الكتبا بالحضارة الهلنستية واتصل بالإله هرمس-مركوري الذي وجدت له عدة آثار في خربة التنور.

آلهة الخصب النبطية

بعدما استقر المجتمع النبطي الأردني ودخل مرحلته الزراعية، شهد تطورا كبيرا في أساليب الزراعة والري. ولكن تلك الأساليب لم تقتصر على الجانب العملي إنما كان لها خلفيتها الميثولوجية القوية. فعندما ينحبس المطر وتتأخر المواسم كان الإله حدد  أو هدد هو سيد طقس الاستمطار ويوازي اليوناني جوبيتر وزيوس ويتشارك الثلاثة بقدرتهم على التحكم بالعواصف والبرق.  تبعا لأهمية هذا الإله سمي الملك الأدومي حدد بن بدد باسمه، ولقد ذكر في الكتاب المقدس[2] وفي تفسير القرآن[3].

حدد هو إله من أصل آرامي كنعاني قديم، تم تقديسه في شمال المملكة النبطية الأردنية (سوريا حاليا- حلب  وبصرى وحوران الأردنية على وجه التحديد) وقد كان الجامع الأموي معبدا للإله حدد قبل أن يصير كنيسة ومن ثم مسجدا. لقد لعب الإله حدد دورا مهما في الحياة الزراعية النبطية، وكان يرمز له بصاحب عرش مجنح بالثيران (الماجدي: 2012) أما الإله قيس أو قوس أو قيسو فهو إله من أصل أدومي مرتبط بقوس قزح وقد كان إضافة لحدد إلها تقدم له القرابين النباتية والنبيذ وعبد في منطقة التنور.

الإله حدد 2

(إذا سرق الحاكم ثيران الشعب وأخفاها أو عاث بحقولهم وزرعهم أو أعطاها إلى الأجنبي فإن أدّاد (حدد ) سيكون له بالمرصاد، وإذا استولى على غنمهم فإن أداد ( حدد ) ساقي الأرض والسماء سيبيد ماشيته في مراعيها وسيجعلها طعامًا للشمس ) نقش طيني على أحد معابد الإله حدد.    (الصورة للإله حدد من موقع pinterest)

في مرحلة لاحقة انسجمت صفات حدد وقيس وتداخلت مع ذو الشرى الإله الأكبر. كما تداخلت الآلهة “أترعتا” زوجة الإله حدد مع صفات اللات والعزى لتحولهما من آلهة صحراوية الطباع إلى آلهة زراعية خصيبة.

تأليه الملوك

لقد كانت عادة تأليه الملوك عادة شائعة في الحضارات القديمة. فكان الملك يؤله وترتبط صفاته بصفات الإله الجديد. فيذكر لنا الباحث زيدون المحيسن أن أحد الملوك كانت له مضافة وكان يجمع الناس ويقيم لهم الولائم ويشرف على خدمتهم بنفسه، كانت تلك المضافات تسمى “مرزحا” أي المعبد أو المجلس، ويذكر أن الأنباط قد ألهوا هذا الملك وسموه “رب مرزحا” أي سيد المرزاح.

إلا أن الأردنيين الأنباط عرفوا شكل أكبر وأعمق من تقديس الملك فحسب. فحسب الأدلة الكتابية عبد الأردنيين الأنباط الملك “عبادة ” (7 ق.م -125 ق.م.) وقدسوه بعد موته، ويرى الباحثون أنه قدم شيئا مميزا لشعبه جعلهم يقدسونه ويستعينون بذكره على المصاعب التي قد تلحق بسلالته الحاكمة؛ حتى وجدت بعض النقوش التي تحمل تسميات مثل “عبد عبادة ” وتشير النقوش في مدينة عبدة جنوب فلسطين إلى أن عبادة هذا الإله قد استمرت حتى 193 ق.م بدلالة وجود نقش على واجه المعبد يربط اسم الملك باسم الإله زيوس. وتقول بعض النقوش الأخرى التي وجدت في المعابد النبطية “ذكرى طيبة لمن يقرأ أمام عبادة الإله”.

كما قدس الأردنيون الأنباط ملوك آخرين على الرغم من كون عبادة أهمهم. فقد كان اسم الملك الحارث الرابع تتقدمه كلمة “عبد – الحارث” للدلالة على التبرك. كما عبدوا الإله مالك ( ا ل ه م  ل ك و)، يقول الباحثون بأن تعظيم وتقدير الأبطال وحبهم هو ما دفع بالأردنيين الأنباط لعبادة الملوك والأسلاف بحيث جُعل الملك البطل رمزا تحتذي به سلالته من بعده.

المدينة المعبد

عبد الأردنيون الأنباط هؤلاء الآلهة وكان لهم معبودات أخرى ثانوية الأهمية، فقد ذكرت النقوش العديد من الآلهة مثل هبلو وربة هيرابولس ولكنها لم تكن بأهمية الآلهة الرئيسة السابق ذكرها، كما أنها وفدت من حضارات أخرى كالرومانية والإغريقية في وقت متأخر نسبيا من تاريخ المملكة النبطية.

 ارتبط بعض هذه الآلهة الثانوية بالزراعة وبعضها بالعلم وآخر بقضاء الحاجات. وخضعت الديانة النبطية الأردنية لتحولات عديدة وفقا لتأثيرات البيئة المحيطة بها من محاولات الغزو والاحتلال والتلاقح الحضاري الحاصل بسبب اتساع النفوذ والتجارة.

كانت الميثولوجيا النبطية الأردنية بداية تفجر طاقات الإنسان النبطي فمنها استلهم النحت في الصخر، فجعل ذو الشرى الصخري يعانق اللات المائية عبر نظام مائي/صخري متفرد لا يتكرر، ومنها نرى أدراجا عملاقة للرقي لآلهة السماء ومذابح وقصور وأضرحة وتماثيل وكأن المدينة النبطية بأكملها معبد مقدس فأينما أقبلوا كان الإله حاضرا. وبهذا ترسم لنا كل زاوية من زوايا المدينة النبطية ملامح الحياة التي عاشها أجدادنا عامرةً بالفن والجمال والتدين.

المراجع

  • راسكين، س. (2009) المدن المنسية في بلاد العرب، ترجمة عبد الله الملاح، (ط1). أبو ظبي: هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث.
  • الماجدي، خزعل. (2012)، الأنباط: التاريخ، الميثولوجيا، الفنون، (ط1)، دمشق، دار نايا ودار المحاكاة.
  • الحموري، خالد. (2002)، مملكة الأنباط-دراسة في الأحوال الاجتماعية والاقتصادية، (ط1)، عمان، بيت الأنباط للتأليف والنشر.
  • الروابدة، ندى. (2008)، الحياة الدينية عند الأنباط، رسالة دكتوراة، جامعة دمشق، دمشق، الجمهورية السورية العربية.
  • المحيسن، زيدون.(2009)، الحضارة النبطية (ط1)، عمان، وزارة الثقافة الأردنية.
  • معبد اللات في تدمر، موقع اكتشف سورية.

English References 

 Allpas, Peter& John (2011) The Religious life of Nabatea. Doctoral thesis, Durham University

Nabatean Pantheon. Nabatean.net

 

الهوامش

[1] الزفت أو الأسفلت أو القير أو الحُمًر مادة نفطية ذات لزوجة عالية ولون أسود

[2] (سفر أخبار الأيام الأول 1: 46) وَمَاتَ حُوشَامُ فَمَلَكَ مَكَانَهُ هَدَدُ بْنُ بَدَدَ الَّذِي كَسَّرَ مِدْيَانَ فِي بِلاَدِ مُوآبَ، وَاسْمُ مَدِينَتِهِ عَوِيتُ.

[3] في تفسير الآية الكريمة :وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا”  واختلف في اسم هذا الملك فقيل : هدد بن بدد/ تفسير القرطبي

آلهة الأردنيين الأنباط والمدينة المعبد

1

عاش الأردنيين الأنباط في بيئة يغلب عليها الطابع الصحراوي جنوب الأردن، فقد كانوا في بداياتهم يعيشون حياة البداوة المبينة على الرعي والتنظيم البدوي البحت ، بعد ذلك و نظرا لأعداد السكان التي كانت بتزايد عال، فقد تنامت حاجتهم لوجود مصدر آخر لتلبية احتياجاتهم فقد عقدوا العزم على تطوير الأراضي الواقعة ضمن حدود دولتهم ليتمكنوا من القيام بأعمال الفلاحة فأصبحت من أهم أعمالهم و مصدرا رئيسيا للحصول على طعامهم و تأمينه و بذلك كانت المملكة النبطية الأردنية مركزا متقدما يجمع الأنماط الزراعية السائدة في ذلك الوقت وتلك المتقدمة عن الأمم التي عاصروها.

وبالرغم من أن معظم الأراضي الواقعة ضمن حكم الأردنيين الأنباط كانت غير صالحة للزراعة وتحتاج لحلول مبتكرة لتطويرها زراعيا فضلا عن قلة الأمطار أيضا ، إلا أنهم تمكنوا من حل العديد من المشاكل التي واجهتهم في ذلك فقد نجحوا بخلق وسائل زراعية مبتكرة فعمدوا إلى الزراعة في الجبال و التلال و اعتمدوا لها أنظمة تتلائم و طبوغرافيتها فضلا عن وسائل منع التربة من الإنجراف فقد أسسوا الأسيجة الحجرية و الجدران الاستنادية، وبذلك قام الأردنيين الأنباط بتوسيع مدى زراعتهم في الصحراء وتحولوا ليكونوا أكبر منتجي القمح و الشعير و أنواعا أخرى من الحبوب في المنطقة بالإضافة إلى زراعة الزيتون و البلسم و الكروم و كان ذلك في القرن الثاني قبل الميلاد، اذ أطعم الأردنيون الأنباط شعوب الشرق القديم من مزروعاتهم، ولم تقتصر البترا العاصمة على كونها مدينة تجارية لاستقبال القوافل من الشرق الأدنى بل تميزت بكونها مركزا للأنماط الزراعية المتقدمة، وهذا ما أوضحته العديد من الوثائق التي أورثها لنا أجدادنا الأردنيين الأنباط فيما يتعلق بالوسائل التي تم اعتمادها لتوسيع الرقعة الزراعية في الأراضي الصحراوية

و لعل التوسعات التجارية التي خاضها الأردنيين الأنباط هي من دعت إلى ظهور التوجه الوطني الذي دعا إلى قيامها بإتقان الزراعة وتطوير أدواتها في عهد الملك الحارث الرابع (9 ق.م – 40 م) أو كما يُلقب باسم “المحب لشعبه”  فقد شهدت فترة حكمه ازدهارا زراعيا على كافة الأصعدة .

2

و من باب انسجام الأردنيين الأنباط مع الحياة الزراعية، وانسجام ثقافتهم مع كون الزراعة نمطا حياتيا ليدهم، فقد تم اكتشاف مخربشة جدارية في إحدى المدن النبطية المعروفة بالحجر و التي كانت مأهولة آنذاك و تم قرآتها بـ ” السلام ، أكور بن يقوم ” حيث ظهر الاسم ” أكور ” من الفعل ” أكر ” و يعني ” زرع ” باللغة السريانية و قد اُختلف على دلالة هذا الاسم إلا أنه يشير عموما إلى وجود نشاط زراعة و فلاحة أو أن صاحب الاسم ينتمي إلى عائلة تعمل في الزراعة .

تمهيد الأراضي الزراعية عند الأنباط

شرع الأردنيين الأنباط في استصلاح الأراضي و تنظيف التربة من الزوائد  قبل غرس الأشجار وقذف البذور فيها، وقد استحدثت عدة طرق لتتماشى وطبيعة الأراضي التي سيُزرع فيها فقد استعمل الأردنيين الأنباط أساليب التمديد والحرث البدائية في الأراضي ذات المساحات الصغيرة كـ ( المعوَل ) الذي استخدم لتكسير الحجارة، و( المسحاة ) التي يُعمل بها في حراثة الأراض الطينية (المشبعة بالماء) و( المعزقة ) أو كما هو متعارف عليها باسم ( الفأس ) ، و من الأساليب التي استُخدمت لحراثة الأراضي ذات المساحات الواسعة كانت تلك الآلآت التي تجرها الحيوانات كـ ( الفدان ) و هي آلة الحراثة التي يجرها ثوران أو كالكراب الذي يستخدم أيضا للحراثة و تجره بقرة .

و بعد حراثة الأرض ينشغل الفلاح النبطي بنثر الحبوب بطريقة متساوية ومنتظمة ويستخدم لأجل ذلك بعض الآلآت كـ ” المالق” أو ” المملقة” وهي خشبة عرضية يجترها ثور أو ثوران لتملس التربة المزروعة  أو “المجز” و لعل شكلها كان كالأسنان و تنعقد من الأعلى بثوران فيجراها ثم تنغرس أسنانها في الأرض إلى أن تصل إلى قاع الأرض المحروثة و تقلب التربة على الحب لتضمن دفنه و طمره.

وقد استخدم الأنباط السماد لتقوية الأرض وإستعادة حيويتها حيث استخدموا فضلات الحيوانات و الزبل أو تدبيل الأرض باستخدام السرقين أو السرجين.

الأنماط الزراعية عند الأردنيين الأنباط

استخدم الأردنيون الأنباط نظام المدرجات أو المصاطب لزراعة الأشجار في المرتفعات الجبلية وعملوا على إسناد جوانبها بالصخور والحجارة تجنبا لإنجراف التربة وانهيار المزروعات فيها وتنبع أهمية هذا النظام  بأنه يعمل على إبطاء جريان المياه مما يساعد في ترسيب أكبر كمية من المياه والمواد العضوية في التربة المزروعة  فقد قاموا بزراعة العديد من المزروعات التي تقوم بامتصاص الرطوبة ككروم العنب وهذه الأنماط لا تزال ظاهرة للعيان في منطقة الجي و براق و عيلمون بالقرب من البترا و من الجدير بالذكر أن الأنباط كانوا يقومون بزراعة الأشجار من النوع الغير صالح للأكل أو السام على هذه المدرجات من أجل ترتيب التربة وتثبيتها وتقليل جريان المياه.

و قد كان نظام “تليلات العنب” أو ما يعرف بـ “أكوام الكروم” و هو أحد الأنماط الزراعية المتطورة التي استخدمها الأردنيون الأنباط للتحكم بالمياه واستصلاح الزراعة في سفوح التلال فقد كانت على شكل أكوام من الحجارة مرتبة هندسيا وقد ظهرت عدة نظريات تفسر الغاية من وضع الأكوام الحجرية فقد كانت النظرية الأولى تتحدث عن التقليل من عملية التبخر في التربة ولأجل تجميع قطرات الندى أما النظرية الأخرى فكانت تتحدث عن أن هذه الحجارة كانت قد أزيلت عن الارض لتنظيم عمليات التعرية و جعل الوديان أكثر خصوبة .

المزروعات والمحاصيل النبطية و مواطنها

 

تعد عمليات التبادل التجاري عاملا أساسيا في ازدهار الزراعات النبطية ولاعتبار الزراعة أيضا منحى من مناحي اقتصاد الدولة النبطية الأردنية ولهذا عُدت عملية استصلاح الأرض بما يتماشى مع نوعية المحاصيل وطبيعة التربة أحد أهم الخطوات التي تسبق الزراعة، و بذلك قاموا باستغلال ما يمكن استغلاله من الأراضي التي كان من المجدي استصلاحها، فكانت منطقة جبال الشراه موطنا لزراعة الفواكة كالكرمة و الرمان بالإضافة إلى الزبيب ومنقوعه اللذان كانا يعتبران مادة مناسبة لاستهلاك المهاجرين والتجار كما كانت هذه المنتوجات أحد عناصر صناعة الخمور في الحضارة النبطية باعتبارها أحد الطقوس الدينية والاجتماعية عدا عن أهميته كمنتج تجاري مهم في ميزان الصادرات النبطي، فقد تم اكتشاف معصرة للعنب في خربة ذريح إلى الجنوب الشرقي من المعبد، كما توسع الأنباط في زراعة الفاكهة كالتين الذي يعد من المنتجات المناسبة صيفا و شتاءا فضلا عن تصديره للتجار بعد تجفيفه.

اعتبرت زراعة البلسم من أكثر الزراعات الأهمية لمكانته الاستراتيجية في التجارة و البلسم هو أحد أنواع الصمغ الذي يستخرج من شجرة البلسان أو البيلسان و يعتقد أن زراعة البلسم قد توطنت في المناطق الواقعة على الضفاف الشرقية لنهر الأردن.

و قد توسع الأردنيون الأنباط في زراعة الحبوب تبعا للزيادة السكانية الحاصلة فقد توسعوا في سهول حوران الأردنية الشمالية وصولا إلى جنوب دمشق وأجزاءا من سهول مؤاب بالإضافة إلى الصحراء النبطية المحيطة بجبال الشراه فزراعة الحنطة تمت بالتحديد في منطقة الحميمة و منطقة عبده لتوفر المياه والتربة الخصبة فيها بالإضافة إلى زراعة الشعير فضلا عن اتباع الأساليب الزراعية ذاتها في كلا المنتجين.

و تجدر الإشارة إلى إلى أن الأنباط كانوا يصدرون الزيت المستخرج من السمسم (زيت السيرج) باعتباره بديلا مهما وأكثر رواجا من زيت الزيتون .

و من المحاصيل الزراعية التي اهتم الأردنيون الأنباط بزراعتها شجر الزيتون حيث أنها كانت أنسب المزروعات التي تتم على الجبال بالإضافة إلى أنها لا تحتاج للرعاية والري الدائم  فعلى الجهة الجنوبية الغربية من المعبد بنيت معاصر الزيتون، و يعد وجود مصنع النبيذ و معصرة الزيتون أحد أهم الدلائل على تقدم الأردنيين الأنباط في مجال الانتاج الزراعي و قد ذكر بعض المؤرخين ومنهم  “بليني” و “سترابو” أن بداية العمل في المعصرة كانت في نهاية القرن الأول قبل الميلاد و قد ثار الجدل بين  بعض الباحثين على تاريخ عصر الزيتون عند الأردنيين الأنباط لوجود أكثر من معصرة داخل حدود الأنباط  بالأخص في جبال الشراه النبطية و وادي موسى.

ونتيجة للانفتاح النبطي الأردني على الحضارات والممالك المجاورة، وامتدادا لعمليات التبادل التجاري البينية مع هذه الحضارات فقد جلب التجار القادمين من بلاد الرافدين إلى المملكة النبطية شجر النخيل الذي زُرع في المناطق الغورية لتناسب زراعته مع مناخ الغور الاردني .

ويعتقد بعض الباحثين بأن شجرة الصنوبر كانت ذات قيمة رمزية مهمة للأردنيين الأنباط وذلك لقداسة الشجرة في طقوسهم الدينية فزينوا منحوتة الإله Eros بثمار نبتة الصنوبر.

كما قام الأنباط بزراعة الأصطفرك – وهو نبات معمر يستخدم لتثبيت العطور – والزعفران و نبتة “costas” المعطرة بالإضافة إلى زراعة الفلفل الأخضر.

الميثولوجيا الزراعية عند الأنباط

انفتحت الآفاق الروحانية لدى الأنباط بما يخص العبادات والطقوس الروحانية على كافة المجالات الحياتية فقد اندمج الأردنيون الأنباط مع مجامع الحضارات التي كانت متواجدة في تلك الحقبة ليصيغوا من هذا الخليط آلهة متعددة  عكست جمالية الطقوس الدينية وحولت انجازات الأردنيين الأنباط وتقدّمهم إلى رموز دينية، و على أثر هذا الانخراط الحضاري الحاصل، تشبّع الأنباط بالعقائد الدينية الزراعية مما حفّزهم على إنشاء المعابد و تقديم القرابين النباتية وتقديس الكروم باعتبارها رمزا للإله ذو الشرى ولقد تعددت مسميات الآلهة وارتباطاتها الزراعية كالآله “بعل” وهو امتداد للآله  “حدد” والذي يرمز له بإله المطر والصواعق، وتقول الميثولوجيا بأن الأنباط استطاعوا أن يضفوا عليه طابعا وتقديسا زراعيا ليتماشى مع حياة الأردنيين الأنباط و زراعتهم الصحراوية.

الإله حدد 2
الإله حدد

و من الآلهة النبطية المرتبطة بالزراعة أيضا الإله “قوس” أو “قيس” أو “قيسو” أو كما وجد على خربة تنور بـ “قس إله حورا” قد عُرف ارتباط هذا الإله بالمطر و قوس قزح، و قد أدى ارتباط الآلهين “حدد ” و “قيس” إلى التحامهما بإله ” ذو الشرى”  وإعطاءه طابعا زراعيا. ويقترح أحد الباحثين أن اسم “شرى”  لا يرتبط بجبال الشراه بل يُعنى بالزراعة الكثيفة. في المرحلة المتأخرة من الحضارة النبطية وتأثره بالحضارة اليونانية  أصبح ذو الشرى يوازي الأله “زيوس” في اعتباره إلها للخمر والكروم وانتشرت فيما بعد عادات تقديس الكرمة وعادة إراقة الخمر على القرابين إضافة إلى ما تذكره المصادر من أن الأنباط كانوا يحجون إلى غابة ويتبركون بمائها وأشجارها.

Dushara
الإله ذو الشرى حاملا قطف العنب

أما الآلهة الأنثوية النبطية فلم تعبد إلا بوصفها آلهة للخصب، فاللات والعزى ذوات رموز زراعية كحزمة القمح والخلفية شديدة الخضرة وأعيادهما مرتبطة بمواعيد الحصاد والبذر وتكاثر الحملان. كما وجدت الآلهة “اترعتا” أو “اتر- تا” حيث كانت زوجة الإله “حدد” فقد كان عرشها مجنحا بالأسود على غرار عرش زوجها المجنح بالثيران.

و على ضوء هذا كان الأردنيون الأنباط سباقين لاستصلاح الأراضي فضلا عن تحسين التربة والمحافظة على المياه لأغراض الزراعة في بقاع عديدة من دولتهم لا سيما في وادي عربة الذي كان القسم الخصب للزراعات النبطية، إضافة إلى منطقة مؤاب في جنوب الاردن التي كانت موردا زراعيا لا مثيل له للملكة النبطية الأردنية لقرنين من الزمان.

لقد مرت الحضارة النبطية بمرحلتي البداوة والترحال إضافة لمرحلة ازدهرت فيها الزراعة ازدهارا عظيما. لقد أدى هذا الانتقال إلى ثورة نبطية في النظم المائية رافقتها ثورة أخرى على صعيد الميثيولوجيا والعبادات. كانت حياة أجدادنا الأنباط عبارة عن نظم رائعة متداخلة أفضت إلى حضارة في غاية التعقيد والجمال.

 

المراجع :

عباس ، إحسان ، تاريخ دولة الأنباط ،الطبعة الأولى ، 1987 ، (بيروت – لبنان)

المحيسن ، زيدون ، الحضارة النبطية ، وزارة الثقافة ، الطبعة الأولى ، 2009 ، (عمان – الأردن)

الحموري ، خالد ، مملكة الأنباط : دراسة في الأحوال الإجتماعية والإقتصادية ، الطبعة الأولى ، 2002 ، بيت الأنباط ، (البتراء – الأردن)

سورية الجنوبية (حوران) ، بحوث أثرية في العهدين الهلليني و الروماني ، ترجمة أحمد عبد الكريم ميشيل عيسى سالم العيسى ،1988 ، – كتاب مترجم عن الفرنسية –

حضارة الأنباط من خلال نقوشهم ، أحمد العجلوني ، الاردن ، 2003

الفلاحة النبطية لابن وحشية ، ترجمة أبو بكر أحمد بن علي بن قيس الكسداني ، القرن العاشر الميلادي

الماجدي ، خزعل ، الأنباط (التاريخ ، الميثولوجيا ، الفنون) ، الطبعة الأولى ، 2012 ، دار النايا و دار المحاكاة للدراسات والنشر والتوزيع ، (سوريا- دمشق )

الأنباط : تاريخ و حضارة ، عزام أبو الحمام ، 2009، عمان

المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام (الجزء السابع) ، جواد علي ، ط 2 ، 1993 ، بغداد

تاريخ سورية و لبنان و فلسطين ، فيليب حتي ، ط 3 ، 1957 ، بيروت

أنظمة الزراعة عند الأردنيين الأنباط

 مقدمة

مملكة الأردنيين الأنباط واحدة من الممالك التي استطاعت أن تحقق مكانة متميزة في مجال الصناعات في العصور القديمة، وقد عرفت منتجاتها في كل موضع من البلاد المجاورة والعالم وهي الوحيدة في ذاك الوقت التي زادت صادراتها على وارداتها، حيث عرفت منتوجاتهم في معظم أنحاء المنطقة بل وصلت إلى أبعد من ذلك، إذ لم تقتصر صناعة الأردنيين الأنباط على نوع واحد أو صنف معين، بل برزت في كل نوع من الأنواع المعروفة في ذلك العهد، والتي دعت الحاجة إلى ظهورها وتوفرت موادها الأولية فيها مثل صناعة الحديد وإستخراج المعادن وتحويلها إلى مصنوعات، والنجارة والحياكة، والدباغة، والأصباغ والصموغ، وزيت السمسم الذي كانوا يستخدمونه مكان زيت الزيتون، كما توافرت لدى الأردنيين الأنباط معادن مختلفة ومتعددة كالذهب والفضة والنحاس والحديد والبرونز.
وقد وجدت آثار ذلك النهضة الصناعية التي قادها الأردنيين الأنباط في بيتولي في إيطاليا التي كانت مرفأ لروما لمدة من الزمن كما وجدت وثائق نبطية اخرى في جزيرة رودس ودلتا النيل الشرقية ومصر العليا وعند مصب الفرات في بحر إيجة وفي اليونان وهذا يدل على علاقات الأردنيين الأنباط التجارية مع أعظم الدول والحضارات في العالم المتمدن آنذاك.

انتاج المعادن في المملكة النبطية الأردنية

  1. الذهب  

ويقال له التبر أيضا، وذكر أن (التبر) الذي في المعدن، والذي لم يضرب ولم يصنع، والذهب (ابريز) بمعنى خالص. و(العقيان) الذهب الذي لا يستذاب من الحجارة، إنما هو ذهب ينبت نباتا، مما يدل على أنهم يقصدون وجود حبيبات خالصة في معادنه، ويجمعونها فيحصلون عليه من غير نار ولا إذابة حجر، وكانوا يطحنون أحجار الذهب، ويذرون تراب المعدن لاستخلاص الذهب منه، وكان للذهب أسماء عديدة ومنها القفاعة ومنها ما كان إسمها ينسب للقبائل.
كما كانوا يضعون المعدن في التنور ليميع، ثم يجعلونه في (الكوج) ليتخلص المعدن وينقى من الشوائب العالقة به ويستعمل لهذا الغرض المنافيخ الخاصة بإيقاد النار وزيادة لهبها لغرض صهر المعدن وجعله ليناَ، أما معدن الفضة والبرونز فلا بد أن الأردنيين الأنباط قد استعملوا الطريقة نفسها التي استخدمت في تنقية الذهب لغرض تنقيته وصياغته بالشكل المطلوب.
ولهذا نفترض ان الأردنيين الأنباط قد إستخدموا الطريقة نفسها والمتبعة عند الرومان واليونان والفرس والعبرانيين، حيث يتم إستخلاص الذهب من الحجارة وتنقيته بعد أن يتم طحن حجارته أولاَ ومن ثم يذرى تراب المعادن لإستخلاص الذهب منه.

21435843_1
خام الذهب

 2. الفضة

تعرف في النصوص ب (صرفن) أو (الصرف) ومعناها الفضة الخالصة، ومعدن (شمام) معدن فضة ومعدن نحاس وصفر، ويظهر أن ما كان يستخرج من الفضة لم يكن بمقياس واسع وبكميات كبيرة تصلح للتصدير الى الخارج.

comstock_ore
خام الفضة

 

3. الرصاص

وقد استخدمه الأردنيين الأنباط في كثير من الأعمال، منها صبه في أسس الأعمدة، وبين مواضع اتصال الحجارة لترتبط بعضها ببعض.

Galena
خام الرصاص

4. الحديد

وقد استخدمه الأردنيين الأنباط في صناعة الأسلحة العسكرية فائقة الجودة والشهرة كالسيوف التي اكتسبت سمعة طيبة لجودة الصنع، وقد استعملوا الحديد أحيانا في بعض مصنوعاتهم من السهام والنبال والأسلحة الخفيفة، ومع أن الباحثين لم يجدوا في آثار الأنباط أي أسلحة لكن توافرها في رسومهم يدّل على أنها كانت كثيرة الاستعمال سواء كانت مستوردة أو مصنوعة محلياً، إذ يدّل قطعهم للصخور وجوبهم لها على استعمال الآلات المعدنية اللازمة لذلك، كما أن نشاطهم الزراعي يشير إلى استخدامهم الأدوات الصالحة للزراعة وهكذا يقال في الأواني المعدنية الصالحة للطبخ أو تلك التي لا يستغنى عنها في سياسة الدواب كاللجم وما أشبه.

gentrans-iron-ore-894612
خام الحديد

5.النحاس

وقد استعمله الأردنيين الأنباط لشد صب الرصاص الذائب في أسس الأبنية وبين فواصل أحجار الأعمدة لتشدها شدا محكما، ومن المعروف أنهم كانوا يستخرجون النحاس من وادي عربة وخاصة عند حمرة الفدان والصيرة، حتى لقد عد بعض الباحثين أن النحاس أحد الأسباب الرئيسية لثراء الأردنيين الأنباط، كما أن مناجم النحاس منتشرة في شتى أرجاء المملكة النبطية الأردنية ولا سيما في منطقة سيناء ووادي عربة فضلا عن مناطق حبرة وخربة النحاس وخربة ديبة وخربة جرية.
كما وجد رأس مصنوع من معدن النحاس في منطقة خولان في اليمن مما يؤكد أن الأردنيين الأنباط كانوا يصدرون الفائض من إنتاجهم إلى خارج بلادهم وصولا إلى اليمن.
ويظهر أن الأردنيين الأنباط قد استغلوا هذه المناجم لاستخراج معدني النحاس والحديد لما لهما من أهمية اقتصادية وقيمية تجارية تتمثل في صنع المواد اللازمة لشؤون حياتهم الخاصة وتصدير الفائض من الإنتاج للخارج، ويذكر أن أكثر مناجم المعادن في تلك الفترة كانت تحت سيطرة الحكومة النبطية وقد استخدمت الأيدي العاملة بكثافة للعمل في هذه المناجم.

Copper Ore
خام النحاس

6.الكبريت

وقد ذكر أن الأردنيين الأنباط كانوا يكبرتون أباعرهم ( إبلهم)، يطلونها بالكبريت مخلوطا بالدسم والخضخاض، وهو ضرب من النفط أسود رقيق لا خثورة فيه وهو ليس بالقطران لأنه عصارة شجر أسود خاثر.

45034-21
خام الكبريت

ويرجح أن الاسفلت وغيره من المعادن المربحة كان يستخرج من الساحل الشرقي للبحر الميت، وكان الحرير الخام يستورد من الصين مقابل ما يصدر إليها من هذه المعادن.ومن الجدير بالذكر هنا أن الأردنيين الأنباط قد استخدموا المصنوعات المعدنية في معاملاتهم النقدية فكانت نقودهم تسك من البرونز والأقل منها كان من الفضة، ولكنهم فيما يبدو لم يستعملوا العملة الذهبية ، كما تم العثور على ثلاث (مخربشات) في منطقة سيناء، يعتقد أن الغرض منها يرتبط بعملية التعدين، إذ كان تعدين النحاس من أهم أعمال التعدين لدى الأردنيين الأنباط؛ وخربة فينان (45 كم شمال البترا) تعد من أكبر مناجم النحاس في المنطقة التي أكدت على عظمة صناعة التعدين النبطية، فقد قدرت كميات النحاس المكتشفة فيها بـ 15000 طن بناء على أكوام خبت النحاس الموجودة في المنطقة، ويرى الدكتور جواد علي أن طريقة إذابة المعادن هي واحدة عند مختلف الشعوب كالعرب والرومان واليونان والفرس والعبرانيين، ويذكر أيضا أن الأردنيين الأنباط استخدموا طريقة الشعوب الأخرى في إذابة المعادن إذ أن هناك طريقتين استخدمتها الشعوب المجاورة عموما؛ أولهما عن طريق خطوات متسلسلة ومتناغمة وتبدأ بوضع المعدن في نقر خاصة لإذابته ويوضع فوقه الخشب وذلك لإيقاد النار اللازمة لإذابته واستخلاص المواد الغريبة العالقة به، وإذا ذاب المعدن وتخلص من المواد الغريية عولج معالجة خاصة لتنقيته واستخراج معدنه.
أما الطريقة الثانية فكانوا يستخدمون فيها (الآتون)، حيث توقد النيران في أسفله لتذيب المعدن وتحيله إلى سائل يخرج من خلال فتحة خاصة بذلك.

استخدام الأحجار في المملكة النبطية الأردنية
استفاد الأردنيون الأنباط من الأحجار في البناء، إذ كان الحجر مادة البناء عندهم ويقطع من المقالع قطعا بعضها ضخمة استخدمت في بناء الأبنية المهمة مثل: قصور الملوك والمعابد والسدود وبيوت السادات.
ويوجد أيضا حجارة (النورة) و (البورق) وهما حجران يحرقان ويستخدمان في البناء والبورق يستعمل لتبيض الجدران، اما الأحجار(المسنى) تعمل منها نصب السكاكين و(الشزب) حجر يعمل منه ألواح وصفائح وقوائم سيوف ونصب سكاكين ومداهن وقحفة، و (الهيصمي)  وهو حجر يشاكل الرخام إلا أنه أشد بياضا يخرط منه كثير من الآنية.
وقد نحت الناحتون من بعض الحجارة قدورا للطبخ عرفت عندهم ب (البرمة)، وقيل البرمة قدر نحت من حجارة أو عمل من حديد أو نحاس.
كما عرف الأردنيين الأنباط بالأوزان الخاصة بها على ما يبدو، إذ كانت تسمى ” أ ب ن” أي حجر، ولا تزال الكلمة مستخدمة في السريانية والعبرية بمعنى الحجر، ويبدو أنه كانت لهذه الأحجار أوزان محلية متعارف عليها، وكانت وحدات الأوزان الآرامية أو الآشورية شائعة في المنطقة،  ولكن لم تشر المصادر التاريخية والأثرية إلى هذه الوحدات بشكل واضح، وقد عرف من وحدات الوزن لدى الأنباط (الككرين – ك ك ر ي) وهي تعادل تالنت وهي وحدة وزن استخدمت في المنطقة وخارجها كاليونان ، واستعملت الكلمة أيضاَ بمعنى (عملة)، واستخدمت كلمة ( ك م) لقياس الكميات والمقادير، وهذه الكلمة لا تزال مستخدمة في لغتنا اليوم بالمعنى نفسه، ثم جاء الرومان من بعدهم فأشاعوا أوزانهم الخاصة، التي وجد منها عينات جيدة تدل على دقتها وتسلسلها وإيفائها للأوزان المتناهية في الصغر كالذهب والتوابل والعطور، أما الميزان  فقد كان معروفا لدى الأردنيين الأنباط أيضا، وهو عبارة عن صحنين متطابقين وزنا يعلقان على طرفي القضيب يقرب طوله من ياردة، ومن المحتمل أن يكون الأردنيون الأنباط قد عرفوا أشكالا أخرى من الموازين، وخصوصا موازين المواد الثقيلة، ولكن من المؤكد هنا أن الحضارات القديمة اجمالا كانت تستخدم المكاييل أكثر من استخدامها للموازين.

المراجع
إحسان عباس (1987). تاريخ دولة الأنباط، (ط1)، عمان: دار الشروق للنشر والتوزيع.
جواد علي(1971). المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، (ط1)، بيروت: دار العلم للنشر والتوزيع.
فيليب حتي(1986). تاريخ سورية ولبنان وفلسطين، بيروت: دار الغندور للنشر والتوزيع.
خالد الحموري(2002).مملكة الأنباط،عمان: مشروع بيت الأنباط للتأليف والنشر.
خزعل الماجدي (2012). الأنباط التاريخ-المثولوجيا-الفنون،(ط1)، دمشق: دار النايا ودار المحاكاة للدراسات والنشر والتوزيع.
عزام أبو الحمام (2009).الأنباط تاريخ وحضارة، (ط1)، عمان: دار أسامة للنشر والتوزيع.

إنتاج المعادن لدى الأردنيين الأنباط

1

 امتدت الحضارة النبطية الأردنية من حوران الأردنية فصحراء النقب  إلى أقاصي شمال الحجاز وصولا لصحراء سيناء وكان لا بد مع هذا التوسع وجود العديد من التشريعات التي من شأنها أن تضبط أمور مواطني الدولة النبطية الأردنية وممارستهم ضمن أُطر قانونية محددة، والتي عمل الأنباط الأردنيون على صياغتها ضمن تشريع قانوني متقدم وفعّال ، حيث كفلت السلطات المتمثلة بالسلطتين المدنية والدينية بتنفيذ هذه القوانين ضمن الإلتزامات المترتبة عليها ، وعلى ضوء ذلك يمكننا أن نوضح أسس وحدود وضوابط الملكيات التي كانت سائدة في لدى الأردنيين الأنباط .

2

الأحوال الإجتماعية عند الأردنيين الأنباط :

من المهم ابتداءً توضيح ماهية الأحوال الإجتماعية السائدة عند الأردنيين الأنباط ، والتي كان من أساسها أن تحدد مجموعة القوانين والممارسات في الدولة الأردنية النبطية ، وُجدت الطبقات في هذه الحضارة بصفة متباينة وبسبب الفروقات التي جاءت لتحدد سمات كل طبقة على حدا :

أولا : الطبقة الارستقراطية : كانت هذه الطبقة هي الأكثر تحكما في سلطة الدولة لا سيما وأنها تتكون من الموظفين الكبار ورجال الدين ونواب الملك في المحطات التجارية وأصحاب الأراضي الكبيرة التي تقع عليها والمشرفين على طرق المواصلات، بالإضافة إلى المعابد وشيوخ العشائر الذين يملكون الإقطاعات الواسعة وصولا لفئة الأشراف الذين يملكون الأراضي ، وتسمى أيضا بطبقة الإمتيازات الاقتصادية والسياسية .

ثانيا: المواطنون الأحرار: وكما أفادت المصادر بأن هذه الفئة كانت تعمل في الإقطاعات الزراعية لتسد احتياجاتها الأساسية، ولتكمل دفع الضرائب المترتبة عليها من قبل الطبقة العليا، وقد تندمج من وقت لا سيما في الأزمات الاقتصادية مع فئة العبيد، بحيث تتكون هذه الفئة من الجنود المحافظين على النظام السائد والفلاحين وكذلك أصحاب الصناعات والتجار ذوي الأحوال المتوسطة .

ثالثا: فئة العبيد:  كانت هذه الطبقة تعاني من وجودها في المجتمع فقد كانوا تابعين للأرض ومسخرين لخدمتها بينما ذكرتهم بعض كتب الأدب بـ”الصعاليك” ، أما بالنسبة للأردنيين الأنباط فقد كانوا عازفين عموما عن امتلاك العبيد لسببين أولهاما الحفاظ على نقاء مجتمعهم والثاني لأسباب أمنية كان أهمها بما يخص سرية المعرفة حول مواضع المياه السرية في البترا والأراضي النبطية الصحراوية لاعتبارها كنزا ثمينا لا يتوجب البوح به في ظل صراع مستمر في المنطقة وبين الامبراطوريات المجاورة حول الثروات المائية والرعوية ، ويتقدم هذه الأسباب والمبررات المطروحة ؛ نشاط المجتمع النبطي ورفضه للاعتمادية على الآخر.

رابعا:فئة الأجانب: تعتبر فئة غير ثابتة العدد في المجتمع النبطي الأردني  وقد ذكر بعض المستشرقين أن أكثرهم من الجاليات اليهودية والإغريقية والرومانية واليمنية، حيث تتبع زيادتهم ونقصانهم إلى أعداد القوافل التجارية الآتية والذاهبة من وإلى البترا عاصمة الأردنيين الأنباط ، والتي مركزا أساسيا للتجارالأجانب والأوروبيين باعتبارها مدينة تجارية تتوسط مناطق الإنتاج والتصدير للسلع الأكثر طلبا في ذلك الوقت ، كما تُعتبر البترا حلقة الوصل بين التجارة القادمة من جنوب مملكة الأنباط وصولا إلى اليمن حتى شمالي الأراضي السورية حاليا .

3

استعمالات الأراضي و تقسيمها عند الأردنيين الأنباط  :

نظرا لعمق هذه الحضارة الأردنية وتقدمها فقد دخلت في تخطيط واستعمالات الأراضي من أوسع أبوابها فبحسب دراسة أجراها فريق من الباحثين في كلية السياحة و الآثار في جامعة الحسين بن طلال، توصلوا فيها إلى بناء نموذج علمي محوسب باستخدام نظم المعلومات الجغرافية وصور الأقمار الاصطناعية عن استخدام الأردنيين الأنباط للأراضي في عاصمتهم “البترا” حيث استثمر الأردنيين الأنباط المساحات الواقعة ضمن حدود دولتهم وقاموا بتحديد استخدامات الأراضي بالتناسب مع  طبوغرافية الأرض، وحددوها ضمن منهجية علمية متزامنة مع المنهجية المتبعة في وقتنا الحاضر فاختاروا الأماكن المرتفعة والمكشوفة والمنيعة كأماكن استطلاع وحاميات عسكرية وأماكن لمراقبة القوافل التجارية كالأبراج التي أنشؤوها في باير وعين شلالة  ووادي عربة والنقب، بالإضافة إلى أنهم اعتمدوا المناطق السهلية ذات الإطلالة كمناطق سكنية ، والمناطق ذات الميل المتوسط كمناطق الأنشطة التجارية فضلا عن إقصاء الأنشطة الصناعية  بعيداعن المناطق السكنية وبالقرب من المحال التجارية، ولم تغب عن أنظارهم القيمة الرفاهية للشعب النبطي الأردني فقد عملوا على اختيارالأماكن التي تمتاز بوفرة المياه والغطاء النباتي الزاخر بالإضافة إلى الهواء العليل كأماكن للعلاج الطبيعي والترويح عن النفس ، كما قام الباحثون بإسقاط جغرافي للبقايا الأثرية في المنطقة من مساكن ومعابد ومواقع عسكرية وتجارية وزراعية ، وأوضحت هذه الدراسة خريطة الاستعمالات القديمة لأراضي عاصمة الأردنيين الأنباط ، وأكدت هذه الدراسة على إبداع الأردنيين الأنباط في حماية مناطقهم ومساكنهم من خطر الفيضان عبر تتبع الأودية الرئيسة والفرعية وتهيئتها للحصاد المائي، ما أوجد مناطق زراعية تحتوي على مصاطب محيطة بتلك الاودية على أرض الواقع مما يثبت تميزالأردنيين الأنباط وتقدمهم في الإدارة البيئية لحضارتهم .

5 4

ملكية الأراضي عند الأردنيين الأنباط :

تم الإشارة فيما سبق بأن أفراد الطبقة الأرستقراطية كانوا يتملكون الحصة الكبرى من الأراضي والممتلكات في الإمبراطورية النبطية ، فقد عاش الأردنيين الأنباط في بداياتهم حياة البداوة التي كان أساسها الرعي  فأشار لهذا ديدورالصقلي بكتابه “مكتبة التاريخ” بأنهم : “كانوا يعيشيون في حمى صخرة منيعة ، ومن قوانينهم تحريم بناء البيوت واستعمال الخمور والانشغال بالزراعة” ولكنهم تأثروا بالدول والممالك التي كانت قائمة من حولهم وبدأوا بالزراعة ، فكانت هذه هي الأدوار الأولية من حياة الأنباط في بداياتهم .

تعتبر السلطة المركزية هي السلطة المعنية بتوزيع الأراضي على الأفراد ، فقد كان الأردنيين الأنباط ملتصقين ببيئتهم الزراعية ومحبين للتملك ،  بحيث فرضوا الضرائب على من سعى إلى خراب الأراضي الزراعية ، كما كافئوا من حافظ عليها.

 كانت ملكية الأراضي تنقسم إلى فرعين بحسب الترتيب الطبقي للأحوال الإجتماعية السائدة لأراضي يملكها الأمراء وشيوخ القبائل النبطية الأردنية تندرج ضمن الملكية الفردية، وهم من الطبقة الارستقرطية التي تتمتع بكامل حقوقها في التملك بالإضافة – كما ذكرنا سابقا- إلى أنهم يتمتعون بامتيازات سياسية واقتصادية ، ويظهر نوع الآخر من الملكيات وهي أراضي يملكها المعبد ويتم استثمار جزء منها أو كافة حدود المعبد ليحققوا بها منفعة مادية تعود على المستثمرين، وعلى المعبد بالنفع وقد تمت تسمية المستثمرين أو خادمي المعابد بـ “حُمى المعبد” أو “سدنة المعبد” .

وهنالك نمط من الملكية الزراعية إلى جانب الملكية الفردية كالأراضي التي تملكها القبيلة ، والتي يتم منحها لهم باسم القبيلة بحيث تقع مسؤولية  توضيح حدود الأراضي على كبير القبيلة، بالإضافة إلى الدواعي والواجبات المترتبة على امتلاكها كما من شأن شيخ القبيلة أن يعطي إثباتا لملكية الأرض أمام السلطة المركزية  .

وعلى غرار ما كان معروفا في الدول المحيطة  ، فقد فرضت الحضارة النبطية الأردنية ممثلة بالسلطة المركزية الضريبة على الأفراد الذين يعيشون ضمن حدودها، وقد كانت تسمى بضريبة العشر أي بما معناه عشر الدخل وعشر الميراث والمشتريات إلى جانب ضرائب أخرى تسدد للمعبد تسمى بالهبة، وهناك عدة ضرائب أخرى منها ثمن شراء الأرض وأجرتها وضريبة الأرض للأغراض العسكرية، حيث كانت تختلف نسبة جباية الضرائب من فرد لآخر بحسب كمية المحصول من حيث الكثرة والقلة بالإضافة إلى نوع الغلة .

ملكية المعابد والمدافن :

ظهرت النقوش التي تتضمن صيغا قانونية كنصوص المدافن في برديات البحر الميت، وهي أقدم النقوش التي عُنيت بالقانون في فترة حكم الحارث الرابع ، وتمثلت على نحو رئيس من نقوش على واجهات المدافن التي تحمل إعلانات مُلكية المدافن إضافة إلى بعض الصيغ الخاصة بملكية تلك المدافن والحقوق المتعلقة بصاحبه والورثة من بعده ، تؤكد هذه النقوش على وجود عقوبات كالغرامات واللعنات، كما أن حجم العقوبات يتفاوت من شخص لآخر لمن يعبث في المعبد أو يخالف ما كُتب في النقوش المعنية بهذه القضية وكما أفادتنا النقوش بأنه يتم الدفع للآله ممثلا بالكاهن أو للسلطة المدنية ممثلة بالملك أو من ينوب عنه في المنطقة التي تقع فيها المخالفة، وقد اختلفت الآراء حول ملكية المعابد إلا أن المصدرالوحيد للقوانين النبطية الأردنية هي الأعراف المتداولة على اعتبار أن المجتمع النبطي الأردني الأول كان يترأسه شيخ القبيلة فيما عُرف لاحقا بالملك وقد تضمنت هذه الملكيات حضورا للمؤسسات الدينية ممثلة بالإله والكاهن ، وما تم استناتجه من خلال النقوش أن ملكية المعابد قائمة بالأساس على الملكية المشتركة بين الدولة النبطية الأردنية متمثلة بالملك وسدنة المعبد أو ما يسمونهم بحُمى المعبد والأشخاص الذين دُفنوا فيها وورثتهم إذ أنها تدخل ضمن الملكية الفردية ، فقد وُجدت بعض النقوش التي حددت ملكية المدفن على إحدى الأضرحة

فورد فيها  : “ﻗﺑر أروس ﺑر ﻓرون، ﻟﮫ وﻷﺑﯾﮫ ﻓرون اﻟﮭﻔرك وﻟزوﺟﺗﮫ ﻗﯾﻧو وﻷﺧواﺗﮫ ﺣطﺑﺔ وﺣﻣﻠﺔ وأوﻻدھم وﻣن ﯾﻛﺗﺑون ﻟﮫ وﺛﯾﻘﺔ ﺑذﻟك ﻣن الورثة الشرعيين” .

ملكية المياه عند الأنباط الأردنيين :

تضمنت الملكيات التي تُعنى بالمياه طابعين أحدهما ذا سمة عمومية أو بلدية كالنوافير التذكارية والحمامات التي كانت تتطلب إمدادا كبيرا ومستمرا بالماء ، والآخر ذا طابع خصوصي كالأسر والعشائر حيث كانت الأماكن التي يقطنوها تتضمن البساتين والحقول وأمورا أخرى تتعلق بالأنشطة الزراعية ومتطلبات السكان، كما أن هناك منشآت مائية تعود ملكيتها لقبائل معينة عين موسى “العين الكبيرة”  ، والتي تتكون من ثلاثين عينا ملكا لقبيلة العلايا كما كان يترأس عين إقفا ثلاثة أمناء ، أما فيما يخص عملية التوزيع بين أفراد القبائل فورد ذلك في النقش الذي عُثر عليه في خربة التنور حيث ورد ” لأم رأس عين اللعبان ” الذي اعتبر ذات يوم إلهً ، ومن الأرجح أن رئيس العين أو كما ذُكر في النقش برأس العين كان يجمع السكان ويتولى عملية التوزيع بين الأهالي وفق الأدوار والأيام وحسب الحقول التي يأتي عليها الدور كما كان مسؤولا على عملية الوصل بين المنشآت المائية وبين رؤساء القبائل والأناس المعنيين بعمليات التوزيع في باقي الدولة الأردنية النبطية ، وتجدر الإشارة إلى أن استخدام بعض العيون كالعينين الواقعتين داخل العاصمة النبطية الأردنية البترا لم يكن مجانيا إنما كان بمقابل وهذا ما ذكرته تَعرِفة تدمُر .

8

حق التملك لدى المرأة النبطية الأردنية :

 تمتعت المرأة الأردنية النبطية بكافة حقوقها في الدولة النبطية ، وفيما يخُص الملكيات الفردية فقد حازت المرأة على خصوصيتها ضمن المدافن ، ويُستشهد بذلك بعدد من القبور الخاصة بالنساء في البترا والحجر وبعضا من النقوش التي وُجدت في أم القطين حيث عُثر على عدة نقوش لنساء تؤرخ في النصف الأول من القرن الأول الميلادي ، فقد حرصت النساء على تسجيل أسمائهن على شواهد القبور في الأماكن غير المأهولة كالنقش الذي وُجد في “ذات رأس” بجنوب الأردن “ل ﺣﯾت ﺑرت ﻋﻣرت ﺑر أﻧﺟﺳدﻣس ﺑر ﻋﻣرت” بما تم تفسيره بـ :(ﻟﺣﯾﺎة ﺑﻧت ﻋﻣرة ﺑن أﻧﺟﺳدﻣس ﺑن ﻋﻣرة ) ، كما وُجد في برديات البحر الميت عقود ملكية وبيع وشراء لامرأة نبطية تُدعى “بابتا” والتي تُعد دليلا على أن المرأة الأردنية النبطية كانت مشاركة فاعلة في الأنشطة التجارية في اللملكة النبطية، كما تم العثور على بعض من المسكوكات النقدية التي تظهر فيها صورالمرأة كأخت أو زوجة الملك ، ومن الجدير بالذكر أن والدة (رب إيل الثاني)  الملكة شقيلة ” شقيلات “كانت الوصية على عرش ابنها إلى أن يبلغ السن القانونية للولاية والحكم بعد موت والده وقد سُكت العملة اتي تظهر فيها صورتها إلى جانب صورة ابنها

 إن تمتع المرأة الأردنية النبطية بمثل هذه الحقوق والملكيات يجعلها ضمن قائمة نساء المجتمعات المتحضرة فقد كانت تتمتع بحقوق موازية لحقوق الرجل .

9

مما وُجد في الآثار والنقوش التي خلفها لنا الأردنيين الأنباط أن قوانينهم وتشريعاتهم كانت مبنية على العُرف العشائري المتداول بينهم لا سيما وأنهم كانوا في بداياتهم مجتمعا قائما على التنظيم البدوي الصرف إلا أن هذا الفكر بدأ ينصهر مع انفتاحهم على الأمم والدول والممالك من حولهم سواء تلك التي خاضوا حروبا معها أو تلك التي تبادلوا معها المعاملات والعلاقات التجارية والسياسية ، مما دعا إلى مواكبتها بالممارسات والأنشطة الهيكيلية اقتصادية كانت أو اجتماعية والتي كانت قائمة في ذاك الزمان ، فقد كانت هذه الوثائق القانونية المتمثلة بالمُلكيات نمطا من أنماط التنظيم لتمارس المملكة النبطية الأردنية دورها الحضاري في الشرق الأدنى القديم ، حيث أظهرت الاكتشافات المتمثلة بالنقوش والبرديات والوثائق نظرية الإلتزام التي وضحت روابط العلاقات بين الأفراد ضمن الدولة النبطية الأردنية ، مما جعل هذه الحضارة مميزة تماما بل وسبّاقة عن كل ما واكبها من حضارات.

المراجع :

الحموري ، خالد ، مملكة العرب الأنباط : دراسة في الأحوال الاجتماعية و الاقتصادية ،الطبعة الأولى ، البتراء:بيت الأنباط ، 2002 ، (عمان – الأردن) .

المحيسن ، زيدون ، الحضارة النبطية ، وزارة الثقافة ، الطبعة الأولى ، 2009 ، (عمان – الأردن).

عباس ، إحسان ،  تاريخ دولة الأنباط ،الطبعة الأولى ، 1987 ، (بيروت – لبنان) .

المحيسن ، زيدون ، هندسة المياه والري عند العرب الأنباط ، بيت الأنباط ، الطبعة الأولى ، 2002 ، (البتراء – الأردن)

عبدالعزيز ، مهدي ، القدرة ، حسين ، ﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻊ ﺍﻟﻨﺒﻁﻲ: ﺃَﻋﺭﺍﻑ ﻤﺘﺩﺍﻭﻟﺔ ﺃﻡ ﻗﻭﺍﻨﻴﻥ متداولة ؟ ، المجلة الأردنية للتاريخ والآثار ، ﺍﻟﻤﺠﻠد 3 ، العدد 2 ، 2009 م (عمان – الأردن)

دراسة لباحثين تتوصل لبناء محوسب لكيفية استخدام الانباط لأراضيهم ، جامعة الحسين بن طلال ، 09/21/2014 ، (معان – الأردن)

أبو حمام ، عزام ، الأنباط “تاريخ وحضارة” ، الطبعة الأولى ، دار أسامة للنشر والتوزيع ، 2009 ، (عمان – الأردن)

العجلوني ، أحمد ، حضارة الأنباط من خلال نقوشهم ، الطبعة الأولى ، 2003 ، بيت الأنباط ، ( البتراء – الأردن )

 

ملكية الأراضي عند الأردنيين الأنباط

عند وصول الملك المؤسس عبدالله بن الحسين عام 1920 إلى معان بعد التفاف شيوخ العشائر الأردنية حوله ودعوته لقيادة حركة التحرر الوطني الأردنية، أصدر جريدة (الحق يعلو) في معان مكتوبة بخط اليد وتتكون من عامودين عريضين، وتحتوي مقالات متنوعة، وخاصة فيما يتعلق بالأوضاع السياسية وشؤون الحرب في ذلك الوقت بالإضافة إلى أخبار قصيرة عن أشخاص معروفين بنشاطاتهم الاجتماعية وتحركاتهم . وكان جلالة المغفور له الملك عبدالله يوزعها على جنوده من رجال الثورة العربية الكبرى الذين التفوا حوله، وذلك لتكون صحيفة جديدة تحمل أخبار الحرب معنونة بأنها عربية ثورية تصدر مرة كل أسبوع.

و خلال إقامة الأمير عبد الله بن الحسين في معان صدرت أربعة أعداد خلال شهر كانون الاول 1920 و كانون الثاني 1921 و شباط من العام نفسه، أما العدد الخامس فقد صدر في عمان بعد انتقال الأمير عبدالله إليها ثم توقفت عن الصدور وظهرت صحف جديدة مثل الشرق العربي، وتعتبر هذه الصحيفة أول صحيفة صدرت في الأردن، وعمل على تحريرها السيد محمد الأنسي، والسيد عبداللطيف شاكر .

e4ae1d2cdcfbf570cb66d75033e91102d912cf2a

أما جريدة الشرق العربي والتي عدّت الجريدة الأولى بعد تأسيس الإمارة الأردنية لتكون استمرارا وحاملة لإرث وفكر صحافة الثورة ومسيرة النهضة الأردنية، وكانت تقبل المقالات العلمية والفنية والادبية ، وذلك بموجب قانون تأسيس الجريدة الرسمية المؤرخ في 31/5/1923م رقم (148) والذي جاء في خمس مواد اهمها:

المادة (1): تؤسس جريدة رسمية في منطقة الشرق العربي باسم (جريدة الشرق العربي).

المادة (2): تدار هذه الجريدة من قبل مدير مرتبط بإدارة المالية ويُعيّن له مساعدون عند الاقتضاء.

المادة (3): تنشر هذه الجريدة أسبوعياً في الحال الحاضرة ويمكن اصدارها مرتين في الأسبوع.

وجاء في افتتاحية العدد الاول ( والقلم وما يسطرون، إن هذه إلاْ صحيفة نبدأ بنشرها في مطلع فجر جديد، وفي يوم هزت بشائر الاتحاد العربي القلوب متطلعين بنور الأمل إلى صاحب الجلالة الهاشمية (الحسين بن علي) منقذ العرب والساعي لتأسيس وحدتهم وجمع كلمتهم والنهوض بهم إلى مصاف الأمم الحية ).

وأشارت الصحيفة في افتتاحيتها على أنها ستقوم بمهمة نشر الإعلانات والأوامر والأنظمة التي ستقررها حكومة الإمارة الأردنية، وقد أفرد العدد الأول من جريدة الشرق العربي مساحة كبيرة منه لمراسيم استقلال الإمارة الأردنية والذي كان برعاية الملك المؤسس عبدالله بن الحسين طيب الله ثراه.

SAM3942

 وقد اتسمت ( الشرق العربي ) ببساطة المظهر والترتيب وكتبت مقالاتها وأخبارها بأسلوب رصين، فاتسمت بالأسلوب الراقي والجد والرزانة، وعلى الرغم من أنها جريدة رسمية إلاّ أن أعمدتها كانت حافلة بالمقالات التي تعالج القضايا الوطنية والقومية والإسلامية وحتى الإنسانية، فهي لم تكن مجرد جريدة محلية رسمية بل كان مجال اهتمامها يتعدى نطاق الأردن كما تعدى نطاق الإعلان عن الأنظمة والقوانين فقد تفاعلت مع القضايا القومية المطروحة بجرأة وكان على رأسها المشروع النهضوي الهاشمي وقدمت سجلا حافلا لنشاط الشريف الحسين بن علي قائد النهضة العربية أثناء زيارته إلى الأردن، وقد بينت لنا الجريدة من خلال أعدادها بشكل عام بدايات النهضة التعليمية والاقتصادية والزراعية والاجتماعية في إمارة شرقي الأردن والتي تمثلت بإنشاء المدارس والمعاهد وإقامة المشافي وتنظيم الأحوال العامة من خلال الارادات السنية التي استهدفت تحسين الأوضاع الإقتصادية والاجتماعية والصحية .

 وقد تولى إدارة الجريدة والكتابة بها السيد محمد الشريقي بالإضافة إلى عدد من الأدباء والمفكرين والشخصيات أمثال محمد طاهر الحسيني، محمود الكرمي، حنا القسوس، الدكتور ناجي الأصيل، محمد المحيسن، ومحمد نديم الملاح… وآخرون.

المراجع

محمد ربيع الخزاعلة ، الأوائل في تاريخ الأردن الحديث ، ص 119 ، 2003.

مدخل الى الاعلام العسكري نقلاً عن مجلة الاقصى العدد 773 مقالة للواء عبدالمجيد المهدي.

الرحلة الملوكية الهاشمية، محمد يونس العبادي ص29.

أميمة بشير شريم ، الصحافة الأردنية ، وعلاقاتها بقوانين المطبوعات والنشر (1920-1983) ، ص 23.

أول صحيفة أردنية

6.indd
جرش 1900 اطلالة رائعة على المدينة الاثرية ويلاحظ الاهمال الشديد من قبل العثمانيين لأكبر مدينة رومانية مكتملة خارج حدود ايطاليا الحالية

أول متحف أثري أول قانون للآثار

أُنشئ أول متحف أثري في الأردن عام 1923م في مدينة جرش بعد فترة وجيزة من انتهاء الاحتلال العثماني وانطلاق مسيرة النهضة الأردنية، حيث تم استغلال قبو ساحة معبد أرتميس لعرض المكتشفات الأثرية التي وُجدت في جرش ، وفي عام 1925م بدأت أعمال الصيانة لآثار المدينة التي تتوافر على مدينة أثرية كاملة .

6.indd
جرش – بداية اعادة الترميم بانتهاء حقبة النظام العثماني ويلاحظ انتصاب أدوات الترميم المحيطة بالأعمدة

وفي عام 1985 افتتح المتحف الحالي الذي يختص بالمكتشفات الأثرية في منطقة جرش ، وأُطلق على أول معرض فيه “الأردن عبر العصور”، وقد احتوى على أفضل المكتشفات الأثرية في الأردن وخاصة في جرش.
وفي ما بعد أصبح المتحف يختص بالمكتشفات الأثرية الموجودة في منطقة جرش، وتم تطويره من الخارج والداخل، وأضيفت له خزائن عرض جديدة روعي فيها استيعاب القطع الموجودة في العصور المختلفة (منذ العصر الحجري الحديث حتى الفترة المملوكية)، وقد تم عرض هذه القطع بتسلسل تاريخي ووفقاً للأصناف والاستعمالات اليومية.
يحتوي المتحف على عدد كبير من القطع الفخارية والزجاجية والمعادن والعملة والمجوهرات والأحجار الكريمة وبعض التماثيل والمذابح الرخامية والحجرية، بالإضافة إلى لوحات فسيفسائية من مناطق جرش، زُودت بشروحات وافية.

images
متحف آثار جرش

وتم توظيف المنطقة المحيطة بالمتحف لعرض النصب التذكارية المنقوشة عليها كتابات باللغتين اليونانية واللاتينية، وتماثيل رخامية وتوابيت حجرية نُقشت عليها أشكال نباتية وهندسية. ومن الجدير بالذكر أن مدينة جرش (جراسا) كانت إحدى المدن الأردنية السبعة الثابتة من أصل العشرة المعروفة بـ”الديكابولس”، وتعدّ من كبرى المدن الأردنية وأغناها في العمارة المتنوعة في العهد الروماني، فهي تحتوي على المعابد الرومانية، والشوارع المعمدة، والمدرجات والجسور والحمامات، والمباني التذكارية مثل: قوس النصر، وسبيل الحوريات، وميدان سباق الخيل، بالإضافة إلى ثماني عشرة كنيسة معظمها مغطّى بالفسيفساء الملون. وجميع المدينة محاطة بسور كامل وبوابات مطلة على الجهات الأربع.

أما أول قانون للآثار فقد كان في 22 تموز في عام 1925م، كأول قانون من أجل المحافظة على آثار البلاد، وصيانتها من العبث وتنظيم عمليات التنقيب عنها .

 

المراجع

محمد ربيع الخزاعلة ، الأوائل في تاريخ الأردن الحديث ، ص 101 ، 2003

وزارة الثقافة والإعلام : الأردن في خمسين عاما ً (1921-1971) ، دائرة المطبوعات والنشر ، عمان 1972 م .

أول متحف أثري – أول قانون للآثار

Ramtha2-570x379

مع زيادة نشاط الحركة السياحية في الأردن أبان انتهاء عهد الاستعمار البريطاني دعت الحاجة إلى وجود مرافق عامة، يستطيع السائح والزائر استعمالها للراحة من عناء السفر، أو تناول وجبات الطعام أو المبيت، ومن أجل ذلك، تم بناء أول استراحة سياحية أردنية في مدينة الرمثا سنة 1956م، وكان ذلك لأهمية هذا الموقع ووجود مركز حدودي، ويأتي بعد استراحة الرمثا، الأجفور وجرش، حيث الأجفور لوجود مركز حدودي، وجرش كموقع أثري، ثم تلا بعد ذلك بناء الاستراحات على نطاق واسع في المملكة.

المراجع :

محمد ربيع الخزاعلة، الأوائل في تاريخ الأردن الحديث، ص ( 106 -107)، 2003.

 

أول استراحة سياحية

148831197892882

صدرت أول صحيفة رياضية في تاريخ الأردن عام 1953، بإسم جريدة النادي الفيصلي، وهي كذلك أول جريدة تصدر عن نادي في المملكة.

كانت هذه الصحيفة الرياضية تتحدث عن جميع القضايا المختلفة، ولم تكن مخصصة للحديث عن الرياضة وهمومها ومشاكلها، وإنما كانت تعبّر عن جميع الأمور المتعلقة بالأحداث السائدة آنذاك .

 وقد كان السيد نايف المعاني أول رئيس تحرير لجريدة النادي الفيصلي، وأول مدير لتحرير الجريدة السيد أحمد عزيز، وقد استمرت الجريدة بالصدور لعدة سنوات، ثم توقفت بعد ذلك عن الصدور لأسباب مالية، وفي عام 1998م عادت جريدة النادي الفيصلي بالظهور من جديد إلى هذا اليوم .

 

المراجع

محمد ربيع الخزاعلة ، الأوائل في تاريخ الأردن الحديث ، ص 159-160 ، 2003

أول صحيفة رياضية

Scroll to top