عن البدو الأردنيين: القهوة والضيافة وغيرها

 

تقدم لكم إرث الأردن ترجمة حصرية لما جاء في كتاب الباحثة غزوة العون والباحثة كاترين هود والذي يتناول تفاصيل حياة البدو الأردنيين، ونوافيكم بالجزء الثاني من هذه السلسلة متناولين موضوع القهوة عند البدو والحيوانات إضافة لعلاقاتهم مع الغجر.

 

كرم الضيافة البدوي والقهوة

الضيافة والكرم صفتان يشتهر البدو بهما. تعد القهوة العربية رمزا للكرم وحسن الضيافة ولا تزال كذلك في كل بيت. فالقهوة مهمة لدرجة أنه من المخجل والمعيب ألا تمتلكها العائلة بغض النظر عن مستوى العائلة المادي. وعلى الرغم من توافرها اليوم في المحال التجارية إلا أن الناس اعتادوا على شرائها من سورية. في كل عام وفي موسم يدعوه البدو “السفري” الذي يوافق شهر أيلول وتشرين الأول وتشرين الثاني، يسافر البدو في رحلة عبر المدن والحواضر لشراء ما يحتاجونه وتكون القهوة أحد أهم هذه المشتريات.

إن طريقة إعداد القهوة سهلة للغاية أيضا، توضع المياه في وعاء خاص يسمى “الدلة” بجانب النار، ومن ثم تضاف القهوة وتترك لتغلي لمدة من الزمن، يضاف بعض الهيل. تظل الدلة بقرب النار للحفاظ على القهوة داخلها دافئة.

دلة القهوة التي تظل بقرب النار كي تبقى دافئة

ويعد صنع القهوة ولا يزال من مهام الرجال فمشاركة المرأة فيها ضئيلة فهي تصنع الحقائب الملونة من صوف الخراف لتحفظ فيها القهوة فقط. وعندما يقدم الرجل البدوي القهوة للضيف فإنه يجب عليه تذوقها أولا ليتأكد من أنها بدرجة الحرارة المناسبة. وعلى القهوة أن تكون ساخنة فهذا يدلل على احترام الضيف. كما أن هذا التصرف يوحي للضيف الذي من الممكن أن يكون غريبا، بأن القهوة آمنة للشرب وهذا ما يمنحه شعورا بالسلام والراحة.

رجل بدوي يجلس بجانب القهوة وينفخ على النار بأداة خاصة

المرأة والضيوف

لقد كانت المرأة البدوية واثقة من نفسها وفخورة وكريمة. في الماضي، عندما يكون والدها أو زوجها بعيدين عن البيت، تأخذ هي دورهم في الضيافة التقليدية. فترحب بالضيوف وتقدم لهم القهوة وتنادي على أحد الجيران ليذبح شاة للضيوف. وفي بعض الحالات إن لم يكن هنالك من يذبح الشاة يقوم الضيف بذلك. ومن ثم تقوم هي بنفسها بتقطيع اللحم لتطبخ المنسف على شرف الضيف.

الحيوانات

كانت الحيوانات ولا زالت عنصرا أساسيا ومهما في الحياة البدوية. فامتلك البدو الجمال والخراف والماعز بأعداد مختلفة تبعا لحالاتهم المادية. استخدمت الحيوانات في السابق لأغراض التنقل وحمل المتاع إضافة لغايات التغذي عليها وعلى منتوجاتها والانتفاع بوبرها وشعرها وصوفها لصناعة بيوت الشعر والملابس. تذهب النساء لجلب الحطب أو الماء وتحمل الحمير هذه الأشياء على الحقائب المعلقة على ظهورها. وعند السفر تستخدم الجمال وأحيانا الأحصنة لهذه الأغراض. غالبا ما تعتبر الحيوانات دلالة على الوضع المادي والاجتماعي فينما تعتبر الجمال والأحصنة الحيوانات الأكثر قيمة تعتبر الحمير أقلها. إن امتلكت العائلة حصانا وحمارا يربط الحصان أمام قسم الرجال بينما يربط الحمار في الخلف بجانب قسم النساء.

كان العمل مع الحيوانات مقسما وفقا لحدود جندرية. فكانت مهمة الرجال أن يأخذوا الماشية لترعى بينما كانت مهمة النساء حلب الماشية. على أن مهمة الرجال كانت حلب النوق حصرا وإلى الآن ظلت هذه المهمة للرجال في العائلات التي تمتلك نوقا.

صورة لنوق مربوطة قرب بيت شعر

ولحلب الناقة يجلس الرجل على الجانب الأيسر منها معطيا إياها كتفه الأيمن ليمنحها شعورا بالراحة. والخطوة الأولى أن يقترب صغير الناقة (القعود إن كان ذكرا والبكرة إن كانت أنثى- المترجمة) من ثدي أمه ويمتصه ليبدأ تدفق الحليب. يسمح الرجل لصغير الناقة بأن يرضع من أمه قليلا في البداية ومن ثم يبعده لحين انتهاء عملية الحلب ومن ثم يسمح لصغير الناقة بأن يرضع أكثر بعدما انتهى الرجل. وبهذه الطريقة يتشارك صغار الجمال الحليب مع البدو، على الرغم من وجود نوع من النسيج يسمى الشملة يستخدم للف ثدي الناقة لتمنع صغار الجمال من الشرب متى ما أرادوا. عادة، يحلب البدو الناقة مرتين يوميا، مرى عند الشروق ومرة عند الغروب. تتفاوت كمية الحليب المجموع ولكنها غالبا ما تكون بمعدل 23-25 لترا في كل يوم. يؤمن البدو بأن حليب النوق يحوي فوائد صحية جمة ويساعد في الشفاء من العديد من الأمراض. ومن الأرجح أن هذا صحيح حيث أشارت الدراسات الحديثة بأن حليب النوق يفيد في الوقاية والسيطرة على مرض السكري (Malik, Al-Senaidy, Skrzypczak-Jankun, & Jankun, 2012).

بعد حلب الماشية تأخذ العائلة البدوية حاجتها وتصنع المرأة البدوية من الباقي زبدة ولبنا وسمنا للاستعمال اليومي ويتم تخزين بعض هذه المنتوجات للشتاء. ومن الجدير بالذكر أن البدو كانوا يقايضون هذه المنتوجات مع الباعة المتجولين من الغجر لقاء ما يحتاجونه من أدوات المنزل، كما سنأتي على ذكر ذلك فيما يلي.

علاقة البدو مع الغجر

لم يكتب الكثير عن الغجر في الأردن، الغجر الذين يطلق عليهم بالإنجليزية Gypsies  والنَوَر  بالعربية. تعتبر هذه المسميات محط ازدراء عند الغجر  فهم يطلقون على أنفسهم وعلى لغتهم مسميات أخرى. يسمون في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا “الدوم” والتي تعني “الرجل” وهم ينتمون لمجموعة إثنو-لغوية من الهند. (وليامز 2000) في الأردن، تسمى اللغة التي يستخدمونها بالدومري كما أنهم يتكلمون العربية. وبسبب الصورة النمطية وخوفا من الاضطهاد هم غالبا ما يخفون هويتهم الحقيقية.

ووفقا لما نشره تايلور لوك في صحيفة كريستيان ساينس مونيتور” يعتقد بأن الدوم قد هاجروا من شبه القارة الهندية إلى الشرق الأوسط ببطء في القرن السادس ميلادي وهنالك أدلة على تواجدهم في الأردن منذ الحروب الإفرنجية” (2015) تربط بين البدو والغجر علاقة رمزية توطدت عبر السنين. غالبا ما يكون الغجر باعة متجولين يبيعون أداوت المنزل كالأمشاط وعدة الخياطة والتي يقايضونها لقاء المنتجات التي يمتلكها البدو كالحليب والزبدة واللبن. وغالبا ما يكون الغجر من “يدقون” الوشوم للبدو وأحيانا يغنون ويرقصون في الأعراس والمناسبات الأخرى.

المصدر:

Aloun, G., Hood, K., The Bedouin beauty of my grandmother (2017) the Hashemite fund for development of Jordan Badia and Ministry of culture p18-24

Scroll to top