11162078_1638355806397851_9216414799347690553_n

مقال منشور بصحيفة الغد بتاريخ 31122007 لأحمد الرواشدة يداعب فيه فكرة الإرث الخاص بالعقبة نعيد نشره للتحفيز على الحفاظ على حفاير النخيل بالعقبة لقيمها التاريخية والاجتماعية والجمالية وكإرث بيئي وكمنظر طبيعي من الإرث الوطني, ولارتباطها بإرث الأنشطة كفلكلور روائي وثقافي.

أحمد الرواشدة

حين كانت العقبة قرية صغيرة تغفو على شاطئ البحر الأحمر منذ ثلاثة آلاف عام، عُرف النخيل مصدرا لصناعة بسطها وسلالها، ومن لحائها جدلت حبال قوارب الصيادين في رحلتهم نحو صيدهم في عباب الأحمر، وإذا كان للعقبة، ما تفتخر به، من بحرها وشاطئها وفنادقها ومرجانها وأسماكها، فإن نخيلها أيضا، مصدر حب أهلها وفخرهم، فهو طعام برهم.

شجرة النخيل هي توأم مدينة العقبة التي ولدت معها، فهي من أقدم شجر المدينة، وواحدة من معالم تراثها وكانت رأسمال اقتصاد سكانها، إضافة إلى ما تجود به رحلات صياديها اليومية في غزوات البحر.
تعود علاقة أهل العقبة وارتباطهم بالنخل وزراعته إلى عهود سحيقة، ومنذ ثلاثة آلاف عام تقريبا، بحسب مؤرخين وباحثين، وكشفت الحفريات الأثرية في”تل الخليفي” غرب المدينة عن وجود أجزاء من حبال مصنوعة من نسيج النخيل تدل على استخدامها في صناعة قوارب الصيد، وبعد انتقال المدينة من موقعها الغربي إلى الشرق “موقعها الحالي” نقل أهالي العقبة نخيلهم إلى هناك فقاموا بزراعته على الشاطئ الشرقي من ساحل البحر.

يقول احد المسنين في العقبة إن “النخلة تحتل مكانا مميزا في تراث أهل المدينة، فهي الشجرة التي يستطيبون ثمرها ومنها يصنعون بسطهم، وهي طعام وفاكهة البر بالنسبة لهم، ترفد ما يجود به بحرهم وماؤهم”.
ويرى الباحث في تراث العقبة عبدالله المنزلاوي أن “النخلة جزء من حياة العقباوي، وهي مع البحر تشكل أساس حياته كلها”، ويضيف أن أهل المدينة لم يكتفوا بزراعتها في بساتينهم، التي كانوا يسمونها “الحفيرة”، بل زرعوها في وسط بيوتهم.

ويضيف “احتلت النخلة مكانتها في قلوب مواطني المدينة، فأطلقوا عليها أفضل أسماء النساء، فنادوها بليلى، وصبحة، وزهرة، وسلمى”، وهكذا بحسب المنزلاوي لم تكن النخلة مجرد زينة في بيت العقباويين، وشوارعهم بل احتلت مكانا في المنزل، ويزيد الباحث الذي أرخ للمدينة وتاريخها “انك لا تكاد ترى زاوية إلا وفيها النخلة أو بعضا منها”، ويستدرك قائلا “ولم لا؟، فهي ظل البدوي قديما في ترحاله، ورطبه الجنية في إقامته، وهي المتاع والأثاث والرياش، فمن سعفها صنع سلال طعامه، وأدوات صيده، ومتاعه، ومن سعفها بنى بيته وعريشه”.

وبحسب مواطنين في المدينة، فإن العقباويين يتفننون في تخزين التمر والرطب، ويحفظ أهل المدينة تمرهم بكبسه ووضعه في السلال و(المراجين) ليكون مؤونة لشتائهم، وتتعدد الصناعات المستخرجة من التمر، فمنه العجوة والتي تخلط بالزعتر والتوابل والسمن والزبد، كما ويصنع منه أيضا الدبس والمعقود والكعك وغيرها من ألوان الأطعمة والحلويات.
ويحفل تراث العقبة بقصص عن النخل ومدى تعلق سكانها به ورعايتهم وإكرامهم لها، حتى أصبح تعلقهم بالنخل جزءا من التراث المحكي في المدينة، حيث يتداول الناس هنا رواياتهم عن فلان؛ الذي لم تثمر نخلته منذ رحيله عن الدنيا، او عن تلك التي لم تصبر على فراق صاحبها فرحلت عن الدنيا برحيله. على ان سقوط النخلة بفعل الرياح أو ظروف أخرى، ليس نهاية مطافها بالنسبة للعقباوي، فإذا ما مالت النخلة، أو سقطت يسارع صاحبها فيحملها إلى بيته، فيعالجها ويغرسها لتحيا من جديد. ويتداول مسنون في العقبة مواساة الناس بعضهم بعضا بوفاة نخلة، وينتظر (العقباوي) التمر من نخلته كما ينتظر المولود، فإذا ما بدت الثمار بالظهور أسرع إليها فقلمها ولقحها بالطلع واعتنى بها حتى ينضج تمرها، ويتحول موسم جني التمر في الصيف إلى عيد وعرس فولكلوري، حيث يعد أهالي العقبة العدة لهذا اليوم ويتجهزون له قبل أيام من قدومه، وإذا ما أشرقت شمس ذلك اليوم خرج الجميع إلى حفائرهم واصطحبوا النساء والأولاد والطعام والسلال، فيتسلق الرجال النخيل وتنشغل النساء بإعداد الطعام ويتراكض الأطفال في الحقول فرحين بهذا العيد، وبعد قطف التمر يتم تجميعه على الحصر، ثم فرزه حسب نوعه وحالته وبعد ذلك يتم تقسيمه على الورثة والشركاء حسب التقاليد المتعارف عليها، وبعد تقسيم التمر يحمل كل واحد نصيبه في سلاله ثم يتفقد جيرانه وأصدقاءه وأقرباءه ممن لا يملكون نخيلا فيدفع إليهم جزءا من نصيبه ثم يتهادون ويتبادلون التمر بينهم، وقد يستمر موسم القطاف عدة أيام، وبعد ذلك تبدأ مرحلة الفرز والتصنيع والتخزين.

ولم يكن موسم القطاف هذا يقتصر على (العقباوية) فقط بل كان يتعداهم إلى جيرانهم من اهل البادية، فهم شركاء أهالي العقبة في النخل، وفي موسم القطاف يتوافد البدو من الصحارى والبوادي المجاورة فيجتمعون في العقبة ويضربون خيامهم وسط المدينة في (سيح أبو سلامة) وهي ساحة وسط النخيل والمنازل، ويوقدون الضيوف نيرانهم ويجتمع أهالي العقبة معهم ويستضيفونهم لعدة أيام، يحيون خلالها ليالي الصيف بالرقص والغناء والسامر والدحية والرفيحي والعزف على الربابة والسمسمية فيتحول موسم قطاف البلح إلى عرس فلكلوري رائع، ويمثل موسم جني التمر مناسبة لاهل العقبة وجيرانهم، للتجارة والبيع، يأتي البدوي بسمنه وماشيته وصوفه فيبيعها لأهالي العقبة ويشتري بأثمانها القماش والأرز والطحين وغيره، كما كانت تعقد في هذا الموسم التقليدي الصفقات التجارية فيفك الراهن رهنه ويبيع البدوي جزءا من بضاعته. وفي الموسم تبرم العهود، وتوثق، وتعقد جلسات الصلح وتسوى الخلافات وتطيب الخواطر، وبعد قطاف البلح يتقاسم الشركاء نصيبهم حسب ما يتفقون عليه فيحمل البدوي تمره ويطوي خيمته ويطفئ ناره وينطلق عائدا إلى مضاربه منهيا بذلك هذا العرس الفلكلوري الجميل، على أمل العودة في العام التالي.

أحب الصياد (العقباوي) النخلة فهي أنيسته في سفره، ففي رحلة صيده تكون البداية من تحتها، يترك جزءا من طعامه ومتاعه تحتها، يحمل بعضه الآخر من تمر وحبال وسلال، وهي آخر ما يودعه من أهله عند ذهابه لرحلة صيده، حيث يجلس تحتها فيجمع متاعه وشباكه استعدادا للصيد، وإذا ما انطلق بسفينته كانت بوصلته في عرض البحر، وإذا ما عاد من صيده، ينزل تحتها متخففا من أعباء، رحلة صيد طويلة.

ولأهالي العقبة مواقف وقصص تراثية مع النخلة يتوارثونها عبر أجيالهم، ومن هذه التراثيات أن تجد (العقباوي) يحدث نخله أو يداعبه، خصوصا عندما يحرث الأرض أو يسقي الزرع، فتراه يغني ويتغزل بنخلته كأنها فتاة أحلامه، ومن أطرف ما روي في تراث أهالي العقبة عن ذلك أنه عندما لا تثمر النخلة لسنوات متوالية يقوم صاحب النخلة بالاتفاق مع أقرانه بتخويف نخلته وحثها على الإثمار بطريقة طريفة حيث يجتمع أقرانه حول النخلة فيأتي صاحبها من بعيد يحمل في يده سيفا فيشهره وينطلق مسرعا نحو النخلة وهو يصيح بصوت عال ويقول “سأقطع هذه النخلة ولن أبقي لها قلبا ولا سعفا ولا جذرا”، فيتراكض أقرانه نحوه ويبعدونه عن النخلة ويدفعونه عنها ويسألونه: لماذا تريد قطع نخلتك؟ فيقول: إنها لم تثمر منذ كذا وكذا ثم يندفع نحوها من جديد وهو يتوعدها ويهددها ويقول “ذروني أقطعها وأتخلص منها”، فيمنعه أقرانه ويقف أحدهم فيقول بصوت عال: أنا أكفلها لك وأتعهد لك عنها بأنها ستثمر في العام القادم وإن لم تثمر فاقطعها وارمها في البحر، فيسكن غضب صاحبها ويتركها. ليأتي في العام التالي وقد أثمرت.

نخيل العقبة: قصص وذكريات محملة بعبق التراث وجودة الثمار

11080925_1617714448461987_3260181625963533590_n

تعتبر الأفلام إحدى أهم القنوات لإيصال تفسير الإرث (Heritage Interpretation Channels). من منحى علم اجتماع, بعض الأفلام قد يكون بأهمية كبرى بتشكيل الوعي الجمعي لقضية معينة فعلى سبيل المثال, هتلر استخدم الأفلام لغسيل الأدمغة, بينما استطاع فيلم القلب الشجاع (Brave Heart) أن يسيطر على وعي جيل بأكمله باسكتلندا أدى بنهاية المطاف الى تصويت أغلبية الجيل لصالح الانفصال عن بريطانيا (الانفصال لم يتم لأن نسبة هذا الجيل المشكل وعيه من الفيلم تقل عن الأكبر عمراً كما خلصت دراسة نشرتها البي بي سي).

اليوم أول يوم يعرض به فيلم “ذيب” الذي حاز على أكثر من 10 جوائز عالمية بينها جائزة أفضل مخرج بمهرجان البندقية السينمائي والذي يعد من أهم ثلاث مهرجانات بالعالم مع كان والأوسكار. 

اننا نعرف الجهود التي بذلت على مدار 4 سنوات لاخراج عمل يكون أقرب ما يكون للأردن بعام 1916 في منطقة وادي رم. نجح فريق عمل “ّذيب” مثلاً بالوصول لشكل السماء ونجومها بعام 1916 ووضعوها كما هي في لقطات الفيلم باستخدام مؤثرات تقنية. وفي مثال آخر فقد عاد فريق عمل “ذيب” الى صور من المنطقة لمطابقة اللباس وقصة الشعر والطعام وغيرها. وجلسوا قرابة السنة مع معمرين من المنطقة لمطابقة اللهجة والعادات.

أما الأعمق فإن صلب رواية فيلم “ذيب” هي عن مفهوم الدخالة عندنا فهو يتحدث عن دخيل أتى بطلب يساعده من دخل عليهم في الوصول له في مجريات مغامراتية شيقة. هنا يجدر الاشارة أن مبدأ كمبدأ الدخالة المهدد بالانقراض من الوعي الجمعي تم استحضاره كتفسير إرثي من خلال القناة التسويقية السينمائية وعلى هذا العمق من الادراك نرى أنه من واجبنا الترويج لهكذا جهد قيم مع تنويهنا بأننا لم نحضر الفيلم بعد مع الاشارة أنه يعد بأن يكون بمستوى عالمي سينمائياً بعيداً عن الأهمية الأكاديمية.

فيلم ذيب وتفسير الإرث

ابراهيم غرايبة - نهائي

ابراهيم غرايبة

وردت هذه الصلاة في كتاب الفلاحة النبطية الذي وضعه قثامى الكسداني في القرن الثاني الميلادي ويجمع فيه تراث وحكمة الآراميين الى امتداد يصل الى عشرين ألف سنة.

“التمجيد منا والتعظيم والصلاة والعبادة ونحن قيام على ارجلنا منتصبين لإلهنا الحي القديم الذي لم يزل ولا يزال المتوحد بالربوبية لجميع الأشياء كلها،الإله الكبير، لا إله الا الله وحده لا شريك له، الكبير الدائم في سمائه النافذ في قدرته، المنفرد بالجبروت والكبرياء والعظمة، المحيط بالكل، القادر على الكل، والذي له ما يرى وما لا يرى، وله ما في الأرض والأعلى، والذي أمد الأرض من حياته فاحياها، فبقيت ببقائه، وأمد الماء بقدرته وقوته فابقاه فدام بدوامه، وثبت الأرض فتثبتت إلى الابد ابدا، وأجرى الماء كجريانه فجرى حيا كحياته، باردا لعظم سلطانه على البرد، وثقلت الأرض مع بقائها لثقل حركته، ولو شاء لجعل كل شيء على غير ما هو عليه، لكنه حكيم فاعل بقوته الحكيمة، عليم نافذ العلم في الكل.

تباركت يا رب السماء وغيرها،وتقدست أسماؤك الكريمة الحسنى، نعبدك ونصلي لقدمك وكرمك، ونسألك بأسمائك وقدمك وبكرمك أن تثبت عقولنا،ما دمنا أحياء على سبيلها، وترفق بأجسادنا بعد مفارقة الحياة لها في البلى، وتطرد الدود عن لحومنا لأنك رب غفور رحيمقديم لا ترحم لقسوتك وانت عسوف لا تندم، وطويل الباع غير بطء النفوذ في الافعال، وانتت الرب الذي من اعطيته لا مانع يقدر على اعطائه، وانت الرب المنفرد بالربوبية المتوحد في سلطانك بالسلطانية، رب الكواكب والنجوم الدائرة السائرة في دوائر وهي تفزعمن صوت حركتك وتفق من خشيتك.

نسألك أن تؤمنا غضبك وتدفع عنا سطوتك وترجمنا من عظيم شركك، اللهم انا ندفع عنا سطوتك باسمائك ا لحسنى التي من توسل بها الى رحمتك رحمته، فارجمنا بقدرتك وباسمك العالي الرفيع العظيم، يا عالي رفيع عظيم، الكريم عليك، وحياتي نسألك ان ترحمنا. آمين”

صلاة آرامية

ابراهيم غرايبة - نهائي

إبراهيم غرايبة

متفائل كثيرا أن يكون مشروع إرث الأردن إنجازا جميلا وبالغ الأهمية والعمق في الإصلاح والتقدم، وأدرج هنا على نحو تذكري عجول مجموعة من الأسباب والمعطيات التي تجعلني متفائلا..

1- فكرة المشروع سامية وجامعة فهي تستحضر وعينا بوجودنا منذ آلاف السنين وكيف استطاع الإنسان أن يعزز وجوده هذا بموارد إبداعية لم تكن معروفة من قبل ساعدته على البقاء ثم الوفرة والتحضر، مثل الصناعات الغذائية وتخزين الأغذية والمقايضة والكتابة والطرق والقوافل والمدن والمحطات القائمة على هذه العمليات والسفن والابحار وأنظمة الري والزراعة والنقل البري والبحري والفلسفة والموسيىقى والشعر…

2- تتجاوز الفكرة الروابط والداوفع الضيقة والعاجزة حتى مع صوابها وعدالتها ولكنها لا تصلح للإنتاج والعمل وبناء هوية جامعة للمدن والناس…

3- الفكرة ليست شوفينية أو منحازة ولكنها تعبر عن مشاركتنا للعالم وانتمائنا إليه وتقبلنا في الاتجاهين أن نقبل العالم ويتقبلنا..

4- إرث الأردن قائم على العولمة والجوار والضيافة والشجاعة ليس باعتبارها ايقونات جميلة ولكنها قيم ومبادئ منظمة للموارد والرفاه والامن والاستقرار. 

5- إرث الأردن الراسخ الممتد والماثل في اللغة والكتابة والشعر والموسيقى والمدن والبلدات والاطمعة واللباس والقصص والأساطير والقلاع والبروج والزراعة والري يعلمنا أكثر مما يبدو للوهلة الأولى ويدفعنا إلى قيم عظيمة تناقض الانحياز والعصبية والعزلة… فقد تعلمنا أن إنجازنا هذا والمحافظة عليه قرونا طويلة لم يكن بالقوة العسكرية والجيوش ولكن بالقدرة على التعاون والصداقة وتبادل المصالح والخدمات وفي قيم الضيافة والكرم والشجاعة التي حافظت على وجودنا ومنجزاتنا…

6- في إرث الأردن نتعلم كيف ننشئ وجودنا وكيف نشارك في العالم وكيف نتقبله ويتقبلنا… وأعلم أنها مقولة أو ادعاء يحتاج إلى توضيح وجدل وأدلة، وربما يكون يتاح لنا مثل ذلك في فضاء إرث الأردن 

تحية للشباب الرواد والمبدعين الذين يسيرون على خطى تراثهم الآرامي العميق الراسخ في صناعة الحياة .. والقدر أيضا.

إرث الأردن ووعي الوجود

SAMSUNG CSC

تمام خصاونة

“أنا والمجد، والتاريخ والعلياء والظفر… رفاق منذ كان البدءُ والإنسان والعصرُ”….. أنا الأردن…
أنا مليونا عامٍ من الوجود… وعشرة آلاف عام من الحضارة والإبداع…. أنا الأردن

إن من يملك هذه الجذور الضاربة قدماً في الحضارة الإنسانية، يحمل على عاتقه مسؤولية الحفاظ عليها وحمايتها، وعدم التهاون في حقه تجاهها، وكل أردني هو امتداد لهذه الجذور، ولهذه الحضارة التي لا يختلف اثنان في العالم على أصالتها وإبداعها، وعلى حجم المساهمة الكبير الذي قدمه سكان الأردن على مر العصور للحضارة الإنسانية.

إننا نملك إرثاً كبيراً من واجبنا الحفاظ عليه، وعلى كل أردني أن يبذل كل ما بوسعه لحمايته وضمان ديمومته وانتقاله للأجيال القادمة، فالتهاون في هذه المسألة خطير جداً. وكأردني معتدٍّ بتاريخه لا أقبل أن يُتَهاون في تاريخي، ولا أسمح بضياعه مهما كلف الأمر. فمسألة التهاون بالحفاظ على إرثنا الحضاري يجب أن تنتهي وعلى كل أردني حرٍّ عزيز يفتخر بأردنّه؛ أن يطالب بصون إرثه وأن يكون له كلمة في وجه من يعبثون بإرثنا وبتاريخنا.

تعتبر حماية الإرث الحضاري والحفاظ عليه، من أهم الأدوار التي تؤديها المتاحف، وإذا ما نظرنا لمتاحفنا، فإننا لا نحتاج لمتخصص لنعلم أننا مقصرون بهذا الدور المهم، فلن يختلف اثنان على أن متاحفنا تفتقر لأدنى وسائل الحماية، سواء حماية المقتنيات من التلف أو من الضياع أو السرقة. وليس المقصود من هذا الكلام انتقاد جهة معينة أو مؤسسة ما، بل المقصود الآلية التي نتعامل بها مع المتاحف، فالمسؤولية تقع على عاتق الحكومة والشعب؛ فواجب الحكومة أن تدرك أهمية المتاحف وتوفر لها كل السبل الممكنة لتأدية دورها في الحفاظ على المقتنيات، وواجب الشعب أن يحافظ على إرثه وأن يعظمه ويعين الحكومة في الحفاظ عليه.

إن ما يملكه الأردن من إرث حضاري يستحق منّا أكثر بكثير مما نقوم به، ويستحق أن نوفر كل ما أمكن لحمايته والحفاظ عليه. ومن هنا، فقد آن الأوان لأن نعيد حساباتنا بإيلاء المتاحف مزيداً من الاهتمام وتفعيل دورها وانتشالها مما تعانيه من نقص في الإمكانات، وعدم توفر وسائل الأمن والحماية اللازمة.

إن حادثة السرقة التي حصلت في متحف الآثار الأردني في جبل القلعة قد آلمت كل الأردنيين، ولا يمكن أن نجمّل ما حدث بكلمات تلطيفية، كما لا يمكن اعتبار ما حدث أنه مسألة بسيطة سنتجاوزها، ومن حق كل أردني أن يغضب وأن يطالب بالعمل الجاد لإرجاع ما سرق منّا… إنه إرثنا الذي لا تهاون فيه، وتاريخنا العميق الذي لن نسمح بضياعه.

كأردني يحرص على إرثه الذي يفخر، وكمتخصص في مجال المتاحف، أعتقد أنه آن الأوان ليعاد النظر بالآلية التي يدار بها إرثنا وتدار بها متاحفنا…. كما أنه آن الأوان لنعترف بتقصيرنا تجاه متاحفنا كثيراً…

فعلى من تقع المسؤولية؟؟؟ سؤال كبير وجوابه مؤلمٌ، ولكن لا بد من الاعتراف بمواطن الخلل.. والأفضل أن نعترف بالخطأ دون مكابرةٍ، فالمسؤولية تقع على الصغير قبل الكبير وهي في المقام الأول تقع على عاتق الحكومة التي مازالت تتعامل مع المتاحف على أنها مجرد مكمل للجولة السياحية، في الوقت الذي يقاس تقدم وتطور الأمم من خلال متاحفها وما ترويه من قصص عن حضاراتها وإنسانها. فعلى الحكومة إيلاء اهتمام أكبر لقطاع المتاحف ودعمه ما أمكن، والوصول به إلى مكانة تليق بما يملكه الأردن من إرث حضاري ثمين جداً. وإذا ما أردنا أن نحدد أكثر، فإن أولى خطوات الحل تكمن في إنشاء مجلس أعلى للمتاحف يكون هو الموجه والمنظم والراعي لهذا القطاع لا أن تكون المتاحف متناثرةً بين خاص وتابع لقسم في دائرة أو مؤسسه أو وزارة، وهذا حال كل الدول المهتمة بتاريخها. فعلى ضوء ما حصل من سرقات، صار لزاماً علينا أن نتبع المعايير الدولية في الحفاظ على إرثنا وأن نؤسس لمنظومة متحفيةٍ متكاملةٍ تعنى بالشأن المتحفي وتوليه الاهتمام الذي يستحق.

لا بد لنا أن نعترف بتقصيرنا دونما تحيز لأي جهة أو “مكابرة” على حساب واجباتنا، وبأننا –ورغم شح الإمكانات- نستطيع توفير مستلزمات الأمن والحماية لإرثنا ومقتنياتنا، فهذا حقي وحق كل الأردنيين، ويجب ألّا تمرَّ حادثة سرقة المسكوكات على أنها حادثة سرقة عادية… إنها سرقةٌ لتاريخنا ولإرثنا ولمستقبلنا أيضاً وعلى كل أردني أن يطالب بمعرفة الحقيقة والعمل على إعادة ما سرق منّا مهما كلف الأمر، كما على كل أردني أن يطالب بمحاسبة المسؤول عن هذه الجريمة بحق الأردن وتاريخه.

إرثنا في متاحفنا… إلى أين

[fullwidth background_color=”” background_image=”https://www.jordanheritage.jo/wp-content/uploads/2015/09/11889691_1675447812688650_1093101915771532804_n.jpg” background_parallax=”fixed” enable_mobile=”no” parallax_speed=”0.3″ background_repeat=”no-repeat” background_position=”center top” video_url=”” video_aspect_ratio=”16:9″ video_webm=”” video_mp4=”” video_ogv=”” video_preview_image=”” overlay_color=”” overlay_opacity=”0.5″ video_mute=”yes” video_loop=”yes” fade=”no” border_size=”0px” border_color=”” border_style=”solid” padding_top=”250″ padding_bottom=”250″ padding_left=”0″ padding_right=”0″ hundred_percent=”no” equal_height_columns=”no” hide_on_mobile=”no” menu_anchor=”” class=”” id=””][/fullwidth][fullwidth background_color=”” background_image=”” background_parallax=”none” enable_mobile=”no” parallax_speed=”0.3″ background_repeat=”no-repeat” background_position=”left top” video_url=”” video_aspect_ratio=”16:9″ video_webm=”” video_mp4=”” video_ogv=”” video_preview_image=”” overlay_color=”” overlay_opacity=”0.5″ video_mute=”yes” video_loop=”yes” fade=”no” border_size=”0px” border_color=”” border_style=”” padding_top=”20″ padding_bottom=”20″ padding_left=”0″ padding_right=”0″ hundred_percent=”no” equal_height_columns=”no” hide_on_mobile=”no” menu_anchor=”” class=”” id=””][fusion_text]

كمؤسسة شبابية نتشرف بالمشاركة بالمنتدى العالمي للشباب والسلام والأمن بقيادة سمو ولي العهد الأمير حسين بن عبدالله الثاني، وبدورنا نسعى لتوصيل رسالة وحقيقة وجود إرث أردني راسخ من قيم التعددية والانفتاح وهي أعمدة صنع السلام والأمن المجتمعي.

[/fusion_text][/fullwidth]

المشاركة بالمنتدى العالمي للشباب والسلام والأمن

2015814223RN620

عثر عدد من طلبة قسم الاثار بالجامعة الاردنية و بادارة الدكتورة ميسون النهار على مجموعة من الجماجم الادمية و التي تعود لفترة العصر الحجري الحديث ما قبل الفخاري ب (حولي 9000 عام من الان) بحسب ما صرح به رئيس الجامعة الأردنية الدكتور اخليف الطراونة على صفحته على الفيس بوك.

وقال الطراونة” في الموسم السادس لتنقيبات موقع تل ابو الصوان من قبل طلبة قسم الاثار بالجامعة الاردنية و بادارة الدكتورة ميسون النهار، عثر في الموقع على مجموعة من الجماجم الادمية و التي تعود لفترة العصر الحجري الحديث ما قبل الفخاري ب (حولي 9000 عام من الان) و يعتبر هذا الاكتشاف الثاني من نوعه في الاردن و قد كان الاكتشاف الاول في الثمانينات من القرن الماضي وقد تم في موقع عين غزال . هذه الجماجم هي من دلالات عادات الدفن التي كانت سائدة في المجتمعات الزراعية الاولى و التي فسرها بعض العلماء بانها عادة تتمثل الغاية منها المحافظة على بقاء بركة الاجداد الاوائل في المجتمع”.

وأضاف”وعادة ما يغطى وجه الجمجمة بالجبس لإعادة تشكيل الوجه عليها و ذلك كنوع للمحافظة على بقاء و استمرارية الاجداد”.

وتابع “وقد قامت الجامعة الاردنية بتمويل المشروع و تقديم كل الامكانيات المتاحة مما ساهم في انجاح عملية التنقيبات و الوصول الى هذا الاكتشاف الجديد . ونشكر معالي وزير السياحة و الاثار و عطوفة مدير عام داثرة الاثار العامة وعدد من المختصين الذين قاموا بزيارة الموقع يوم الخميس الموافق 13/8/ 2015 ليؤكدوا على اهمية هذا الاكتشاف الهام بالنسبة للاردن و الذي يقدم معلومات جديدة تثري المعرفة بقصة الانسان على الارض، و ليؤكدوا على اهمية انجازات كلية الاثار و السياحة في الجامعة الاردنية و دعمهم المتواصل لها”.

المصدر موقع “عمون نيوز”

العثور على جماجم تعود للعصر الحجري في جرش

Scroll to top