13239155_1005060826251801_1316646856431759062_nبالتعاون مع إرث الأردن، شارك متحف الأردن بزاوية داخل متحف الأطفال ضمن احتفالات كرنفال الاستقلال تضمنت صور تاريخية للثورة العربية الكبرى وألعاب صممت من الصور لتتناسب مع الأطفال وتوصل قيم الثورة العربية الكبرى ونتائجها النهضوية.

13268420_1005060996251784_6542673479084247372_o 13254778_1005060959585121_9165252268662783359_o 13217112_1005060902918460_2339241937340691129_o 13240032_1005060842918466_7561657876678678874_n
لاقت الزاوية تفاعلاً متميزاً واستمتع الأطفال وذويهم بها بالاضافة لباقي الزوايا والأنشطة الموجودة في متحف الأطفال بحدائق الحسين.

زاوية متحف الأردن بكرنفال الاستقلال تلقى تفاعلاً متميزاً من الأطفال

برعاية رئيس الوزراء الاسبق الدكتور معروف البخيت وبدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية وبالتعاون مع الجامعة الأردنية

، تم افتتاح معرض الصور التاريخية للأردن الثلاثاء 10/5/2gallary016

وتخلل المعرض بعد السرد المتسلسل تاريخياً زوايا مخصصة لاظهار دور المرأة تاريخياً، والعمارة الخضراء المتناغمة مع المناخ الأردني تقليدياً، وبعض الاضائات على فنيات التصوير القديم والاثراء الجمالي الذي تحمله الصور. هذا وسيبقى المعرض اسهاماً ضئيلاً تحت تصرف الجامعة الأردنية الدائم فيكون شمعة أخرى تنير حضن أم الجامعات وأبنائها كما أرادها الحسين الخالد الذي نبجل بنائه جيلاً بعد جيل فنستذكر جيل وصفي وحابس ومن حلموا بها مشروعاً وطنياً ، وهذا أقل ما نستطيع لترجمة تطلعات القائد الأعلى للوطن الأردني العظيم جلالة الملك عبد الله المعظم بتشاركية مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الحكومية.

المعرض الذي تقيمه مؤسسة إرث الأردن والذي يستمرعرضه في مكتبة الجامعة الأردنية لثلاثة اشهر كان عنوانه معرض صور  « الأردن 1862-1946 « من مجموعة محمد هشام عطية ،اشتمل على مجموعة صورية نادرة تؤرخ للأرد ن في القرن التاسع عشر ومنتصف القرن العشرين وهي الحقب التي استهدفها مشروع   التوثيق التاريخي الذي قام عليه نخبة من الباحثين ليقدموا رواية صورية تاريخية للأردن

  المعرض يرحب ويستقبل زواره في الطابق الثالث بمكتبة الجامعة وعلى مدار ثلاثة شهور وأهلاً بالجميع

افتتاح معرض إرث الأردن للصور التاريخية (صور الأردن 1862-1946) في الجامعة الأردنية

مدفع هاوتزر (الصورة بمتحف الحرب الأسترالي)

اسم السلاح : مدفع هاوتزر

الصناعة : عدة دول

المصمم : كوفنتري للذخائر والأشغال

الشركة المصنعة: مصنع كوفنتري للذخائر والأشغال، الذخيرة الملكية، فيكرز، بيت لحم للصلب.
وقد صنع منها 3359 مدفع واستمر استخدام هذا السلاح من 1908-1940

مواصفات السلاح :

مزود بأسلاك و حبال للسحب وصناديق للأدوات ومعاول للغيار كما يوجد ماكينة للدك. يتكون من واقية مربعة ونظام للارتداد المحوري، كما يوجد عند زناد السلاح نظام للحماية. ويوجد على يسار المدفع من الأعلى دربيل بصري من أجل اطلاق القذائف بدقة.
المواصفات الخارجية للسلاح : خشب، برونز، فولاذ، نحاس .

الصورة من متحف الحرب الأسترالي

الوزن والطول والعرض :

وزن البرميل مع المؤخرة 441 كيلو غرام والوزن الكلي للمدفع 1370 كيلو غرام

طول البرميل 1.5متر والطول الكلي للمدفع 2.7 متر ( 9 اقدام )

العرض 2.03متر ( 6 اقدام )

عدد الطاقم ( الاشخاص ) الذين يستخدمون المدفع 6 أشخاص.

يبلغ ارتفاع المدفع من 5 درجات الى 45 درجة، كما تبلغ درجة التفاف المدفع على اليمين واليسار 3 درجات.

اطلاق القذائف:
يصل ارتفاع القذيفة عند اطلاقها الى 45 درجة، ويستخدم هذا السلاح في المناطق الجبلية، كما يصل معدل اطلاق القذائف في الدقيقة 4 قذائف، وزن القذائف التي يتم اطلاقها من هذا المدفع 16 كيلو غرام والتي يبلغ عيار طلقتها 114 مم، تصل سرعة القذيفة الى (310متر/بالثانية)، أما المسافة التي تبلغها القذيفة 6700 متر

وهذه صور تؤكد استخدام مدفع هاوتزر في الاراضي الاردنية

TURKISH GUNS CAPTURED AT AMMAN
مدفع هاوتزر في عمان تم استخدامه من قبل الاحتلال العثماني على جبال عمان
مدفع هاتوزر في يد العشائر الاردنية
صورة توضح الية استخدام مدفع هاوتزر وتعود هذه الصورة الى الاحتلال العثماني

مدفع هاوتزر

13140531_10154029248950211_1533711072_n
من أقوال توماس ادوارد لورانس

تمهيد

قدم الباحثان الدكتور بكر خازر المجالي وقاسم الدروع في كتابهما “التاريخ العسكري للثورة العربية الكبرى فوق الأرض الأردنية “[1] ملخصاً عاماً عن لورنس وحقيقة دوره في معارك الثورة بالاستناد إلى مذكرات قادة الثورة والضباط العرب المشاركين في عملياتها من أمثال الراحل صبحي العمري، و بالاعتماد على كتاب المؤرخ الأردني الأستاذ سليمان الموسى (لورنس وجهة نظر عربية) الذي يعد واحداً من أفضل الكتب التي تناولت شخصية لورنس بشكل تفصيلي وموضوعي حيث استطاع الوقوف على كل مغالطة ومبالغة وتناقض أورده لورنس خلال مذكراته ويعود هذا بالدرجة الأولى لسعة إطلاع الأستاذ الموسى على المراجع الإنجليزية المختلفة ولقدرته الفذة على فهم شخصية لورنس وجوانبها النفسية المختلفة. ومن الجوانب الهامة التي أبرزها مؤرخنا الفاضل في كتابه هي صورة التباين الواضح بين ما كتب لورنس من تقارير عسكرية أرسلت لقيادته العسكرية وبين ما كتب هو لنفسه بمذكراته عن نفس الموقف ونفس الحدث وهذا كان جلياً واضحاً في معظم كتاباته حيث كان له أسلوبان في الكتابة أثناء تناوله للحدث الواحد أسلوب واقعي عسكري وآخر خيالي شاعري إنشائي تشوبه المبالغة والتهويل.

في هذا الجزء نقدم استعراضاً عاماً لمجموعة من المفاصل والتوضيحات التي تكشف زيف الرواية البطولية التي تم تأليفها للورنس ودوره في الثورة، و يتبعها في الأجزاء البحثية القادمة مزيد من التفاصيل التي تكشف الكذبة السينمائية التي ارتبطت بعمليات الثورة العربية الكبرى وساهم بها مؤلفون و مسرحيون وكتاب غربيون و على رأسهم لورنس نفسه بخياله الواسع، فعرفت لجمهور المتنورين بــ كذبة لورنس .

مقدمة

شهدت الأرض الأردنية ما يزيد على عشرين معركة توزعت معظمها على صحراء البادية النبطية استشهد خلالها العديد من رجالات الثورة وفرسان العشائر الأردنية وقد بلغت قوات الثورة العربية المشاركة عشرات الآلاف من الجنود النظاميين والمتطوعين من أبناء العشائر، حيث شارك عدد من الضباط العرب الذين التحقوا بالثورة وقد كان هؤلاء الضباط على مستوى عال من التدريب والإعداد والمعرفة بشؤون الحرب والقتال خاصة وأنهم من خريجي الكليات العسكرية .

وفي هذا الوقت من الحرب كانت القيادة البريطانية قد أرسلت ( لورنس ) وبرفقته ( ستورس ) على أساس أنهما يستطيعان معاً الحصول علي تقييم جيد للوضع في منطقة عمليات الثورة وفي هذه المناسبة يقول لورنس: “ولكني التمست العذر لنفسي بدافع من ثقتي بنجاح الثورة العربية إذا قدمت المشورة الملائمة، لقد كنت عاملاً “محركاً” على بدئها وكانت أمالي تتركز عليها” [2] هذا على الرغم من قوله في كتابه أعمدة الحكمة السبعة : (كانت الثورة حرباً عربية، خاض العرب غمارها لتحقيق هدف عربي في بلاد العرب. كان دوري الحقيقي في الثورة دورا صغيراً، ولكن نتيجة لقلم سيال وذهن ناشط، فإننى أخذت، لنفسى دوراً رئيسياً مصطنعاً، ألم أفقد شرفي عندما أكدت للعرب أن إنجلترا تحافظ على عهودها؟ لا أدري إذا كانت عظمة جميع المشاهير بنيت على التزييف مثلما بنيت شهرتى؟!”،  أي أن لورنس يعترف بنفسه أنه لم تكن له علاقه بالثوره عند إبتدائها،  وهذا بالطبع من أشد التناقضات التي وقع بها لورنس على شاكلة التناقضات الكثيرة التي سسنلط عليها الضوء في هذا البحث، ذلك أن لورنس ومن خلال أسلوبه هذا نال إهتماماً بالغاً من الكتاب لم ينله غيره من العاملين من الضباط البريطانيين في قوات الحلفاء. وفي هذا الصدد يقول المؤرخ العراقي عبد المنعم مصطفى: “لم ينل شخص في تاريخ الشرق الأدنى الحديث من الشهرة والصيت ما ناله لورنس الذي أحاطت به هالة من الأساطير والأقوال وقد تشابكت القصص التي تروى عنه في حقيقتها وخيالها حتى لم يعد للإنسان القدرة في التفريق بين الإدعاء والصدق، ولقد بلغ من شدة تأثيره في أحداث الشرق أن لا فتته تنشب أو أزمة تحدث أو ثورة تقوم إلا ويقال أن لورنس له يدٌ فيها؛ وهذا ما حدث فعلا بعد نشوب ثورة العرب الكبرى ضد الحكم التركي إبان الحرب العالمية الأولى وهذا ما فكر به حتى أصحاب الرأي حيث نشبت ثوره الأكراد في تركيا وامتدت إلى العراق سنة ١٩٢٩ فقالوا أن لورنس هو الذي أشعل فتيلها لينال من تركيا ويفتح ثغره لتغلغل الإنجليز فيها )[3] .

وهكذا تناولت الكتب شخصية لورنس بالكثير من المبالغة والتهويل لم ينلها أحد من العاملين معه في ذلك الوقت، فأشادت به الكتب الأجنبية كثيراً، مديحاً وإطراءً مسرفاً حيث البسوه هالة عظيمة أكبر بكثير من حجمه كضابط تنسيق وارتباط وخبير متفجرات يعمل مع جيش الثورة العربية منتدباً من الجيش البريطاني. قد تكون المبالغة والتهويل في مذكراته بالدرجة الأولى وذلك لاعتماده على أسلوبه الإنشائي الخيالي المصطنع الذي انتهجه في معظم كتاباته ومذكراته الشخصية، وعلى هذا النحو تناولت الكتب الأجنبية شخصية لورنس تهويلاً ومبالغة درامية فبهر الناس بهذه الشخصية التي عاشت في صحراء العرب وأدارت معارك الثورة حسب زعمها حتى بلغ في أحد المحاضرين البريطانيين أنه جمع عشرات الآلاف من الجنيهات لقاء إعطائه محاضرات تاريخية حول دور لورنس في معارك الثورة.

ومن هنا سنمر مروراً عابرا وسريعاً على أبرز الأحداث خلال معارك الثورة لتظهر بشكل جلي مواقف الإدعاء والإنتحال في شخصية لورنس لبعض المواقف العسكرية والتعبوية التي طالما أظهر لورنس نفسه من خلالها وكأنه غرفة العمليات المتنقلة لمعارك الثورة وحروبها المختلفة وأكثر من ذلك بأنه ينبوع الأفكار والتنظير للمعارك المختلفه، طامساً بذات الوقت بطولات أدوار العشرات من الثوار الأردنيين والعرب ومن هنا جاءت أهمية هذه الوقفه مع كذبة لورنس.

لورنس يسرق بطولات رجال الثورة

وقد يكون لهذه القصة التالية كبير الأثر في ضرورة تناول شخصية لورنس خلال هذا الجزء من البحث، خاصة ما ترمي إليه هذه الحادثه من دلالات، وقد ورد ذكرها في مذكرات صبحي العمري وملخصها أن صبحي العمري كان قائداً لإحدى سرايا معركة الطفيلة، وقد تمكن صبحي العمري بسريته من دحر قوة عثمانية محتلة شمال مدينة الطفيلة عند ( رجم كركا ) [4] وتمكن في ذلك اليوم من تحرير بعض الأسلحة والعتاد الألمانية والنمساوية والمدافع فلما انتهت المعركة جاء لورنس وطلب من صبحي العمري أن يأخذ له صورة تذكارية مع الغنائم، وبالفعل أخذ له صورة ثم طلب لورنس من أحد مرافقيه بأن يأخذ ماكنة التصوير ليلتقط صوره مشتركة للورنس وصبحي العمري، ويضيف صبحي العمري قائلاً عن هذه الحادثة ( وبعد مدة أراني لورنس مجلة إنجليزية وفيها تلك الصورة التي كان فيها بجانبي واعتذر عن عدم إمكانه إعطائها لي بسبب عدم وجود غيرها لديه إنما وعدني بأن يأتيني بواحدة ولكنه لم يف بوعده، ولم أقرأ ما كتب تحت تلك الصورة لعدم معرفتي باللغة الإنجليزية في ذلك الوقت، ولكن بعد أن مرت السنوات وقرأت ما كتبه لورنس عن موقعة الطفيلة وعن أنه كان بطلها وقائدها، وعن مكافأته بأكبر وسام عسكري إنجليزي وبرتبة كولونيل؛ أقول عند ذلك خطرت لذهني تلك الصورة وما كان يمكن أن يكون كتبه لورنس لتلك المجلة عن أنه هو الذي غنم هذه الرشاشات وأن الشخص الذي بجانبه تابعه ) [5]

صبحي العمري : لورنس كان متفرجا في معركة الطفيلة

 وعلى هذا الموقف يعلق صبحي العمري بعد أن اطلع على البطولات الصورية التي كان ينسبها لورنس لنفسه في كتابه فيقول العمري: “أما فيما يتعلق بلورنس وقد قرأت فيما بعد ما كتبه عن الدور الذي لعبه في هذه الموقعة وعن أنه نظم خططها ورتب أمورها وقاد صفحاتها وكان أثناء القتال يكر ويفر ويصدر الأوامر إلخ، فكل ذلك كذب واختلاق من أساسه وليس له أي مقدار ولو قليل من الصحة، لقد كان لورنس متفرجاً في بداية المعركة إلى نهايتها ولم يكن بإمكانه أن يكون خلاف ذلك، ولو أنه تدخل بأي أمر أو حاول ذلك ولو بأتفه الأعمال لوجد صدا وإهانة ( وهنا يبدو حجمه الطبيعي )، ولهذا السبب فإن لورنس وأي إنجليزي آخر لا يجرؤ على الظهور بأي مظهر يستشف منه المداخلة وهم يعلمون ذلك حق العلم فيتجنبونه كل التجنب أما لورنس الذي يعرف ذلك أكثر من الآخرين فإنه اتبع قاعدة عدم الظهور أكثر من غيره ولكنه يختلف بأنه كان ضابط مخابرات مطلوب منه تقارير عن جميع الأمور والوقائع وهذا ما يجعله يهرع إلى كل مكان يشتم منه رائحة معركة ليكتب إلى رؤسائه بأنه حضر الموقعة وفعل ” كيت وكيت ” وينسب لنفسه كل شيء من خطط وفكر وقيادة وليس هناك من يكذبه أويصحح ما كتب وكان يكتب بالجرائد الإنجليزية ما يشاء وعلى أسلوب ألف ليله وليلة )[6]

لورنس المنتحل

إن الأمثلة على مبالغات لورنس وتناقضاته أكثر من أن يحاط بها أو يأتي على آخرها باحث بهدف إحصائها والوقوف عليها مما يدفعنا لأن نذكر بعضاً منها على وجه الخصوص. و من هذه المواقف انتحال لورنس فكرة القائد العسكري عزيز المصري وادعائه أن الفكرة كانت له وقد فضح هذا الإدعاء نوري السعيد في مذكراته عندما أكد أن فكرة تقسيم الجيش إلى قسمين تعود في الأصل إلى عزيز المصري وليس كما يدعي لورنس، وقد تلخصت هذه الفكرة بأن يقسم الجيش إلي قسمين قسم يحارب بصوره اعتيادية والآخر يبقى بأسلحته الخفيفة بحيث تتركز واجباته على الحركة خلف خطوط الأتراك بهدف إثارة الرعب وزعزعة الروح المعنوية لدى الاحتلال التركي تاعثماني وحلفائه الألمان والنمساويين ليكون هذا الجيش قادراً على التحرك وضرب مؤخرة القوات والعودة إلى قواعده وأماكن تزويده واستراحته بسهولة. وقد لاقت هذه الفكرة إستحسان الأمير فيصل، وهكذا تعكس فكرة الإنتحال هذه الضعف الذي عليه لورنس كي يدعي مثل هذا الأمر، علماً بأن مستوى لورنس العسكري أمام عزيز المصري لا يساوي شيء، ذلك أن عزيز المصري خريج كلية عسكرية وقائد عسكري مشهود له بالكفاءة والإقتدار، وبإمكان الباحث المتمعن في ثنايا كتاب لورنس ” أعمدة الحكمة السبعة ” أن يقع بصره في كثير من الأحيان على بعض العبارات التي تعطي الحكم الحقيقي لطبيعة مسؤوليات لورنس كضابط إرتباط. ونستنتج ذلك من خلال سؤال الأمير فيصل للورنس عن معركة ( سمنه ) وماذا يعرف عنها وعن جعفر العسكري، فيرد عليه لورنس بما قاله نوري السعيد حول المعركة ويستمر في حديثه في كتاب أعمدة الحكمة السبعة ص 326 بقوله: “وأمضيت الأيام التالية أراقب العمليات مع ” مينارد “[7]  فقد إستولى بنو تايه بقيادة ( عودة )[8] على مركزين أماميين للعدو في الجهة الشرقية من المحطة، بينما سيطر صالح بن شفيع[9] على حاجز دفاعي مهم مع رجاله العشرين ورشاشه الوحيد وأتاح لنا هذا الكسب أن ننتقل الآن بحرية أكثر حول معان، وفي اليوم الثالث ركز جعفر العسكري مدفعيته على القمة الجنوبية فيما كان نوري السعيد يغير على مخازن المحطة ومستودعاتها وبما أنه قد نجح في الوصول إليها فقد توقفت المدافع الفرنسية عن القصف وكنا نحن في سيارة فورد نحاول إقتفاء آثار قواتنا )[10] ، وهكذا نلحظ في هذا المقتضب السريع من الكلام أن القادة الفعليين الميدانيين هم من شيوخ العشائر الأردنية والضباط العرب وكما ذكرهم لورنس نفسه وهو يردد أسماءهم “عودة أبو تايه، صالح بن شفيع، جعفر العسكري ونوري السعيد ” ويخلص لورنس نفسه إلى حقيقة مفادها أن قادة الثورة علي قدر كبير من الشجاعة والضراوة والحنكة ويأنهم قادرون على القتال دونما مساعدة الإنجليز، ويستطرد لورنس: “هكذا أثبتت لنا معركة معان أن العرب يمكنهم أن يقاتلوا بشجاعة ويحاربوا بضراوة وحنكه دون مساعدة الإنجليز” [11] .

ولقد زعم لورنس في كتابه بأن القائد مصطفى كمال وقع أسيراً في أيدي العرب أثناء إنسحابه من درعا باتجاه دمشق حيث قام العرب بإطلاق سراحه بغية بناء علاقات ودية وحميمة مع الأتراك في المستقبل، غير أنه لم يشير إلى هذا الكلام أحد من المؤرخين العرب ولو كان هذا الإدعاء صحيح  لما غفل عنه نوري السعيد وأمين سعيد ممن كتبوا عن الثورة العربية .

ومن الأدله الدامغة التي يوردها المؤرخ سليمان الموسى رداً على إدعاءات لورنس بأنه كان يخطط للحملات العسكرية في جيش الثورة العربية الكبرى قوله: “وهكذا عاد لورنس إلى العقبه في ٢٨ تموز بعد غيبة استمرت حوالي خمسين يوماً قضاها في مصر وفلسطين وفي الرحله إلى جدة، ومن هذا نرى أن الدعوة القائله أنه كان يقود العرب لا تمت إلى الحقيقه بصلة فقد تغيب عن ميدان الجيش العربي حوالي ثلاثة أشهر من أصل التسعه أشهر الأولى من عام ١٩١٨ ومن المؤسف أن الكتاب الإنجليز حاولوا إستغلال كل الطرق للتدليل على أهمية وجهود لورنس مع العرب فهذا الكابتن ” ليدل هارت ” يقول أن المدة التي غاب فيها لورنس عن الجيش الشمالي كانت فترة ركود، وهذا غير صحيح لأن قوات الثورة تلقت خلالها عدة ضربات أهمها عدم الاستيلاء على الجردونة في حينه وهذا الكاتب يعزو فشل العرب في تحرير معان إلى عدم أخذهم برأي لورنس وقد نجد شيئاً من العزاء في أن هذا الكاتب وأمثاله عزوا كذلك فشل الجيش البريطاني في الإحتفاظ بالسلط إلى عدم إستشارة لورنس !” [12]

وهكذا أيضا يمكن القول عن الجسور التي ادعى لورنس بأنه دمرها جميعاً حيث بلغ عددها تسعة وسبعون جسراً، فماذا يبقى لجيش الثورة ولضباط الثورة ممن تدربوا على قصف الجسور في العقبة؟ .

 وبعد أن يعدد الأستاذ سليمان الموسى الجسور التي دمرها لورنس والبالغ عددها سبعة جسور مضافاً إليها جسر من نوع العبارة يتساءل وبأسلوب إستفهامي إستنكاري: “أين هي الجسور الأخرى وهل تستطيع قياساً على هذا أن تسقط من أقوال لورنس تسعة أعشارها ؟!”[13]

 يتضح لنا أنه هكذا كان ديدن لورنس في كل حركاته وسكناته قادراً على مخادعة بني قومه الإنجليز نظراً لأنه يعمل خارج دائرتهم وبعيداً عن رقابتهم ولا نتصور أن لورنس نفسه قد إقتنع بأنه قادر على خداع العرب كل الوقت، وهنا يقول صبحي العمري في مذكراته “وأني متأكد أن لورنس لخبرته بالعرب خلال وجوده معهم قبل الحرب في الحفريات الأثرية، ثم أثناء الثورة فإنه يعرف حق المعرفة أنهم أذكى من أن تخذلهم المظاهر الكاذبة ولكنه يقصد قبل ذلك أن يخدع قومه الإنكليز فيظهر أمامهم بمظهر البطل المغامر الأسطوري الذي عرف العرب حتى صار واحداً منهم، وفهمهم حتى قادهم وسيرهم في مصلحة بريطانيا” [14]

وما يفاجأ به الباحث المدقق في أقوال لورنس يجده أثناء حديثه عن إستدعاء الجنرال اللنبي له إلى مصر حيث أعلمه بأنه أي اللنبي يعد العدة للقيام بهجوم جديد على خط الدفاع التركي من غزة إلى بئر السبع وذلك بعد فشل الجيش التركي بالهجومين اللذين قام بهما ضد الجيش البريطانى سابقاً وفي معرض حديثه حول النصح الذي قدمه للجنرال اللنبي في أهمية إبقاء سكة الحديد عامله بشكل جزئي خشية إيقاف الإمدادات عن الجيش التركي في المدينة يقول لورنس: “أوضحت له أننا لا نريد تعطيل ذلك الخط كلياً بل إلى الحد الذي تتمكن قوات فخري من الحصول على الحد الأدنى من وسائل العيش لأن بقاءها في المدينة يكلفنا نفقات أقل مما يمكن أن نتكلف عليها إذا جئنا بها إلى معسكرات الأسرى في القاهرة”! [15].

لورنس رجل النصائح المجانية

كثيراً ما أظهر لورنس قدرته على تقديم المشورة والنصح رغم عدم طلب مشورته حتى إلى اللنبي نفسه فهو يورد أثناء حديثه عن خطة اللنبي للهجوم في تشرين الثاني قوله: “كنا – هو يعني العرب هنا – أعرف من اللنبي بخواء العدو وضعفه، وأننا يجب أن نستعد للمساهمة عندما تحين اللحظة الحاسمة. وكانت النقطة الملائمة في نظري بالنسبة للجبهات التركية، خاصة لأنها المنطقة التي يوجد بها عدد كبير من المقاتلين الذين دعمهم فيصل وسلّحهم من العقبة. وحيث يمكن أن نستعمل هنا خدمات فرسان الرولة والسردية والخريشا، بالإضافة إلى أهل حوران وجبل الدروز وفكرت بعض الوقت فيما إذا كان يجب أن ندعو كل هؤلاء الأنصار لتدمير المواصلات التركية. وكان من المؤكد أننا نستطيع جمع ١٢ ألف مقاتل وهو عدد كاف لإحتلال درعا، وتحطيم كل الخطوط الحديدية، بل لأخذ دمشق على حين غره، ولا بد أن أي عمل من من هذه الأعمال كان سيجعل موقف جيش بئر السبع حرجاً ولم تكن تلك المره الأولى والأخيرة التي أشعر فيها بالإنزعاج من خدمة سيدين، كنت ضابطاً موثوقاً عند اللنبي، وكنت مستشار فيصل الذي كان بدوره يثق بي وبكفاءة مشاورتي، كان أهل البلاد يحثوننا على القدوم، وأرسل طلال الحريذين زعيم القرى المحيطة بدرعا رسائل متكررة يقول أن باستطاعته أن يسلمنا درعا إذا أرسلنا عدداً قليلاً من رجالنا كدليل على معاضدتنا له. ولكن إحتفاظنا بالبلاد كان مشكوكاً فيه، والفلاحون يستطيعون الثورة مرة واحدة فقط فإذا تراجعنا قضى عليهم الأتراك، ووزنت الجيش البريطاني في ذهني، ولم أكن بالحقيقة واثقاً من قدرته، وأخيرا صممت على تأجيل المجازفة من أجل خاطر العرب ” .

وفي هذا الصدد نستعرض رداً قوياً على إدعاءات لورنس هذه في ” كتاب لورنس وجهة نظر عربية ” حيث يقول المؤرخ سليمان الموسى: “الجيش التركي لم يكن خاوياً نخراً كما يدعي لورنس، وهو الجيش الذي رد البريطانيين مرتين عن أبواب غزة بخسائر فادحة رغم تفوقهم بالعدد والعدة،  وإذا كان الترك كما يظنهم لورنس، فلماذا لم يسحقهم الإنجليز وعدد جنودهم المقاتلين يومذاك 92 ألفاً مقابل 21  ألف جندي مقاتل من الترك؟”

 لورنس يقوي مركزه الشخصي

كان لورنس يكثر التنقل والسفر بين القيادة الإنجليزية والعربية بهدف التنسيق واطلاع الحلفاء على إنجازات العمليات العسكرية في قيادة الجيش العربي ويعد أن شاهد العمليات العسكرية التي قام بها رجال الثورة على خط سكة حديد القطار العسكري بين معان والمدورة سافر إلى السويس لبحث الخطط المقبلة مع القائد البريطاني اللنبي وفي هذه الأثناء فوجئ لورنس بأنباء زحف قوات الحلفاء إلى عمّان والسلط، وفي هذا الصدد يقول المؤرخ الأردني سليمان الموسى في كتابه لورنس وجهة نظر عربية: “ولا يخفي لورنس شماتته بالقادة البريطانيين الذين صدقوا هذه الأقوال وزحفوا إلى السلط وعمان فلم يجدوا شخصاً واحداً يساعدهم وكانت النتيجة أن الترك أرغموهم على التراجع. وشماتة لورنس هنا ناتجة عن إتصال القادة البريطانيين مع رجال القبائل دون إستشارته والرجوع إليه وهو يعتبر نفسه المرجع الموثوق فيما يتعلق بالقبائل وأنه لو استشير لما وقع الإنجليز ضحية لهذا المقلب ولما تكبدوا أية خسائر، وقد أفاد لورنس من إخفاق الإنجليز في هجومهم على السلط وعمان فعمل علي تقوية مركزه الشخصي إذ اقتنع رجال القيادة البريطانية أن حروب النظاميين تختلف عن حروب غير النظاميين.


المراجع :

[1]  التاريخ العسكري للثورة العربية الكبرى فوق الأرض الأردنية، بكر المجالي و قاسم الدروع ، مطابع القوات المسلحة الأردنية، 1995.

 [2]  لورنس وجهه نظر عربية ، سليمان الموسى ، ص 50 .

[3]  لورنس ” حياته ، د .  عبد المنعم مصطفى ، ص 7 .

[4]  رجم كركا : مكان يقع إلى الشمال من الطفيلة ب 10 كم ، وهوتل أثري شهد العديد من معارك الثورة.

[5]  المعارك الأولى ، صبحي العمري،  ص ١٧٤.

[6]  المعارك الأولى ، صبحي العمري ، ص 180.

[7]  مينارد : أحد ضباط البعثة البريطانية

[8] عوده أبو تايه أحد فرسان قبيلة الحويطات جنوب المملكة الأردنية الهاشمية وقد كان فارساً شجاعاً وزعيماً لقبيلة الحويطات ورغم أنه كان يقارب السبعين من العمر غير أن بنيته كانت قرية حيث إمتاز بالذكاء البدوي الفطري وقدرته على قيادته الرجال

[9]  صالح بن شفيع : أحد رجال قبيلة الحويطات

[10]  أعمدة الحكمه السبعة،  لورنس،  ص 326.

[11] المرجع السابق ص327

[12]  لورنس وجهة نظر عربية / سليمان الموسى ص ( 55 )

[13]  لورنس وجهة نظر عربية ، سليمان الموسى ص ( ٢١٨ )

[14]  المعارك الأولى ، صبحي العقري ص ( 158)

[15]  لورنس وجهة نظر عربية، سليمان الموسى ص 123 .

كذبة لورنس: الجزء الأول…أكاذيب متفرقة واثباتها

"فرس السلطية المشهورة"
“فرس السلطية المشهورة”

لوحة لرسام الحرب العالمية الأولى المرافق لجيش الآنزاك، الأسترالي جورج لامبيرت خلال مجريات الحرب العالمية الأولى بالسلط 1918.

اللوحة بعنوان “الفرس العربي، السلط (فرس السلطية المشهورة)” وبالانجليزية “”Arab Mare: Es Salt (The Famous Mare of Es Salt)””
وهي لوحة زيتية بمقاس أصلي 18.6 سم * 24.2 سم ومعروضة الآن بمتحف الحرب الأسترالي.

لوحة لرسام الجيش الأسترالي خلال الحرب العالمية الأولى بالسلط 1918

مجموعة من ضباط و مقاتلي قوات الثورة في معسكر القويرة
مجموعة من ضباط و مقاتلي قوات الثورة في معسكر القويرة

معسكر الأردن ( القويرة ) – الطفيلة
تحدثنا في المسار الثاني لعمليات التحرير عن استراتيجية التنظيم العسكري لقوات الثورة وأهميتها وكيف كانت مدينة الطفيلة واحدة من الأهداف التي يحرص الاحتلال التركي وحليفاه الألماني والنمساوي على الحفاظ عليها ويعتبرونها منطقة تقع ضمن الخط الاحمر بالنسبة لهم وكيف تم تجهيز الرتل الأول بقيادة الشريف مستور يعاونه فرسان العشائر الأردنية من عشيرة الجازي من قبيلة الحويطات الأردنية بقيادة الشيخ حمد بن جازي من أجل اتمام عملية دخول وتحرير الطفيلة.

لم تتوقع القيادة التركية وحلفائها أن تدخل قوات الثورة إلى الطفيلة بسهولة تامة في ظل وجود حامية عثمانية تتكون مما يفوق المئتي جندي، و باعتقادهم أنها ستتلقى اسناداً من عشائر الطفيلة، لكن ما حدث كان العكس تماماً، فإذا علمنا أن قائد الحامية التركية الرئيس ” العربي ” زكي الحلبي كان على اتصال سري مع الأمير فيصل المتواجد في القويرة، كما أن الشيخ ذياب العوران كان بدوره قد استبق الأحداث وأرسل ابنه عبدالسلام بشكل سري-نظرا لأن جواسيس الاحتلال العثماني كانت تراقب الطريق بكثب- أيضا لدعوة الأمير فيصل للتقدم بقوات الثورة وفرسان العشائر إلى الطفيلة؛ ومن هنا ندرك سبب سهولة الدخول الأول لقوات الثورة إلى الطفيلة، و هكذا فقد رفعت الحامية التركية في الطفيلة الرايات البيضاء ووقفت عشائر الطفيلة تستقبل بالأهازيج قوات الشريف ناصر بن علي القادمة من الشرق وقوات الشريف مستور القادمة من الغرب، و رفعت راية الثورة العربية الكبرى فوق قلعة الطفيلة يوم 15 كانون الثاني 1918 .

لاحقا لإعلان خبر دخول قوات الثورة للطفيلة، اضطربت قيادة الاحتلال التركي العثماني لتحريرها، و خشيت أن يؤدي تحريرها إلى تحرير المزيد من المواقع من قبل قوات الثورة، فقررت اعادة احتلالها ودفع فرسان العشائر الأردنية إلى الوراء، وسنستعرض هذه المعارك بالطفيلة ومحاولة الاستيلاء عليها من قبل قوات الاحتلال التركي في المسار القادم من معارك التحرير/ ارث الاستقلال .

وتاليا نقدم لكم سرداً كاملاً لأبرز تفاصيل المسار الثالث:

1.معسكر الاردن ( القويرة )

استعرض الأمير فيصل قوات الثورة العربية الكبرى في القويرة وأعاد تنظيم هذه القوات إضافة الى اجراء مزيد من التدريب للفرسان والمتطوعين وكانت فترة الإقامة في معسكر القويرة كافية لالتحاق المتطوعين الجدد من فرسان الأردنيين، إضافة للاتصال مع المزيد من شيوخ القبائل الأردنية.

  1. الطفيلة

تتميز مدينة الطفيلة بموقعها الهام والاستراتيجي وتوفر الحماية الطبيعية الجغرافية له ويلاحظ أن الحماية هذه قد عززت بمواقع أخرى خارج منطقة قلعة الطفيلة وهذه المواقع التي هي آثار وخرائب حاليا شاهدة على الحضارات الأصلية والفعالة التي استمر وجودها في المنطقة، وهذه الخرائب  تحيط بالطفيلة ” إحاطة السوار بالمعصم ” وهي :

من الشمال : خرائب نوخه ومجادل وكركا والقرن وبطينة والسبع .

من الشرق : خرائب العيص والنصرانية ، وخانق اللوز والخضراء وأم الحرمل.

من الغرب : خرائب أم الشعير ورويم وصنفحة .

من الجنوب : خربة المياسر وقصرالدير

و الطفيلة منطقة جبلية صعبة لا توجد فيها مساحات واسعة منبسطة الا في المنطقة الشمالية باتجاه وادي الحسا حيث يتوفر سهل منبسط ضيق بطول حالي 9 كم وبعرض حوالي 4 كم فقط اما في الجهات الشرقية فطبيعة المنطقة متموجة تكثر فيها الأودية المتفاوتة فى العمق والطول، وتصعب التضاريس جنوبا لكنها حادة وشاهقة وصعبة جدا عندما تتجه غربا حيث تشرف المنطقة على وادي عربة.

وعورة المنطقة وخصبها وكثافة المياه فيها، ووجود خامات معدنية متعددة منها النحاس والمنغنيز والفوسفات والاسمنت أكسبها أهمية خاصة جعلها موطناً لحضارات عديدة متعاقبة، فهي لم تخل مطلقا من الانسان على مر التاريخ فقد كانت منطقة الطفيلة مصدرا للنحاس والحديد لمنطقة المشيرفة في الكرك حيث كانت تصنع السيوف المشرفية. وقد كانت مقالع النحاس بالطفيلة وما حولها هدف غزوة حضارات ما بين النهرين عليها بالماضي البعيد. أما الطفيلي فحافظ على فطنته الهندسية الفطرية واكتشف بطريقة مبهرة كيفية تصنيع أفضل أنواع ملح البارود والذي اشتهر به بين الأردنيين وجعله مصدراً استراتيجياً يجب السيطرة عليه من قبل الاحتلال العثماني الذي كان يتخوف من وصول مصدر ذخيرة لا ينضب من أهالي الطفيلة لأهلهم بقوات الثورة فحولوا تحصيناتهم وأتوا بالألمان والنمساويين من غزة ووضعوها بالطفيلة.

تأتي هذه التوطئة للتوثيق بالطفيلة تاريخياً وجغرافياً والتي اكتسبت أهمية خاصة على مر العصور، وشهدت أحداثا مهمة في مطلع هذا القرن وكانت هدفا ” استراتيحيا ” لقوات الثورة العربية فقد اعتبرها قادة الثورة العربية الكبرى على درجة من الأهمية الاستراتيجية السياسية والعسكرية والاجتماعية وتجلت الطفيلة بأبهى صورها في وقفة عشائرها إلى جانب الى مسيرة الاستقلال والتحرر من الاحتلال العثماني التي قادتها قوات الثورة العربية الكبرى وفرسان العشائر الأردنية.

الطريق الى الطفيلة قبل احدى معارك تحريرها
الطريق ال الطفيلة قبل احدى معارك تحريرها

الدخول الأول لقوات الثورة الى الطفيلة

شرعت قوات الثورة  في عملياتها العسكرية من معسكر القويرة بدءا من النصف الاول من شهر كانون الثاني 1918، وتمكنت قوات الثورة  بقيادة الشريف ناصر بن علي في 12 كانون الثاني 1918 من تحرير جرف الدراويش ( والتي سنطلعكم على معركتها في المنشورات القادمة من سلسلة ارث الاستقلال / معارك التحرير ) .

وتقدمت القوات باتجاه الغرب نحو الطفيلة لتلتقي مع قوات الشريف مستور التي قدمت من الغرب عن طريق وادي عربة، وعندما علم الحاكم التركي ” زكي الحلبي ” بقدوم القوات العربية اتجهت بوصلته نحو درب الشرف التحرري تلقائياً واتخذ قراره بالانضمام إلى قوات الثورة العربية مما دفع بسمو الأمير زيد بن الحسين أن يعينه حاكما على الطفيلة لاحقاً، وقد جاءت ظروف الاستسلام واتخاذ قرار الانضمام لقوات الثورة للأسباب التالية :

ادراك جنود الاحتلال التركي وحلفائهم وقادتهم من ألمان ونمساويين أنهم جسم غريب ظالم سعى الأردنيين للتحرر منه عبر قرون وقد أتت القيادة ذات النجاعة العسكرية والقدرة التوحيدية لتكليله بالنجاح.

أن خدع البروبوجاندا الألمانية بالقيادة العثمانية بامتطاء الدين والمتاجرة به لن تنطلي على أهل الطفيلة الذين حسموا موقفهم بالوقوف مع أهلهم من الأردنيين بثورات .صغرى سابقة

عدد حامية الطفيلة قليل نسبياً أثناء تنفيذ عملية التحرير فهو لم يتجاوزالمائتين والخمسين حسب معظم الروايات ووجود قابلية لاستهداف أي امدادات للحامية من قبل أهل الطفيلة الذين يعلمون جغرافيا الطفيلة وكيفية استهداف أي أرتال امداد خلالها وهذا جعل الحامية ضعيفة أمام هجمات قوات الثورة الكثيفة ومن الاتجاهين.

تأثرت الحامية بانتصار قوات الثورة السريع في جرف الدراويش والتي وصلتهم أنباؤه ومعرفتهم بزحف قوات الثورة يوم ١٢ / ٧ / ١٩١٨ من الجفر باتجاه الغرب على الطفيلة والذي دمر معنويات قوات الاحتلال وجعلها وهنة.

ان الوضع العام داخل الطفيلة يؤثر على سلوك الحامية وقرار قائدها فقد كان للاتصالات من قبل مشايخ الطفيلة ودعمهم للثورة منذ انطلاق عملياتها أثرها في سرعة اتخاذ هذا القرار.

تواجد جالية أرمنية في داخل الطفيلة وهي التي هاجرت  من وطنها الأم بسبب البطش والاحتلال التركي لأراضيها، وقد احتموا في الطفيلة واصبحوا مواطنين فيها واستجاروا بعشائر الطفيلة الأبية، وقد ناصرهم أهلها واستمروا في موقفهم الداعم لقوات الثورة في الطفيلة كذلك.

تبعا لهذه الأسباب وغيرها كان من السهل على قوات الثورة الدخول إلى الطفيلة، فدخلتها ورفعت راية الثورة فيها يوم 15 كانون الثاني 1918 و كان القائد حينها الشريف ناصر بن علي، وبعد بضعة أيام – كما يروي كل من المؤرخ الوطني سليمان الموسى والبطل محمد علي العجلوني- دخلها الأمير زيد بن الحسين ومعه 100 جندي نظامي ومدفعان جبليان، وأسندت للأمير زيد قيادة المواقع التي تشرف على البحر الميت وكان يرافقه راسم سردست وصبحي العمري، وكان لورنس كالعادة في كل معركة نظراً لعدم وجود مهمات عسكرية له وتفرغه للكتابة وتأليف القصص يسجل الظواهر الشاذة مهما كانت تافهة ويبنى أحكامه المستشرقة الخاصة عليها وينسب لنفسه البطولات الواهية.

نوري السعيد بالعقبة
نوري السعيد بالعقبة

إجراءات قوات الثورة بعد دخول الطفيلة

أصبح ميدان العمليات واسعاً وامتد لمسافات جديدة بعد دخول الطفيلة وتحرير محطة جرف الدراويش ومحطة الشوبك وكانت كل هذه النتائج العسكرية تتطلب إعادة النظر في أسلوب العمل لمواجهة الظروف الجديدة، خاصة وأن قادة الثورة كانوا يدركون أن الاتراك وحلفائهم سيقومون بهجمات معاكسة بهدف اعادة احتلال المواقع التي طردوا منها نظرا لأهميتها، ولمواجهة الظروف الجديدة والطارئة فقد اتخذ الامير زيد بن الحسين الاجراءات التالية:

  • تنظيم القادرين على حمل السلاح من شباب الطفيلة وتدريبهم وتسجيلهم كمتطوعين في قوات الثورة .
  • ارسال قوات مراقبة أمامية بقيادة الشريف مستور الى منطقة سيل الحسا لمراقبة الوضع هناك ورصد تحركات القوات التركية وتألفت هذه القوة من عدد من الخيالة.
  • ارسال عدة رسائل الى شيوخ العشائر يخبرهم فيها بالوضع العام والعمليات العسكرية القادمة داعياً اياهم لتعجيل دعم قوات الثورة في عملياتها.
  • .توزيع المكافآت المالية على الفرسان والجنود نظير تحرير الأسلحة والذخير من الطرف العدو والممرصود شرائها
  • إعادة نوري السعيد الى معسكر العقبة ليبدأ بتأليف وتنظيم فرقة مشاه نظامية خاصة بعد ملاحظة قدرة الجنود النظاميين على التعامل مع تحصينات الاحتلال التركي بطريقة  أفضل من المتطوعين الجدد.
  • تنظيم الأرمن لمن يرغب منهم في التطوع والقتال في صفوف قوات الثورة وقد جرى تدريب شبابهم على السلاح وتم تنظيم مجموعة منهم على شكل فريق عمليات خاصة قامت بعمليات ناجحة ضد قوات الاحتلال التركي العثماني وضباطهم الألمان والنمساويين.

المراجع :

الثورة العربية الكبرى : الموسوعة التاريخية المصورة ، البحث التاريخي والإشراف الدكتور بكر خازر المجالي ؛ فريق العمل خولة ياسين الزغلوان ، و فريق الفرس الشقراء ، مركز أرض الأردن للدراسات والنشر،2011 ، ص 145-148 .

التاريخ العسكري للثورة العربية الكبرى فوق الأرض الأردنية / بكر خازر المجالي، قاسم محمد الدروع 1995 .

الثورة العربية الكبرى : الحرب في الأردن 1917-1918 : مذكرات الأمير زيد / سليمان موسى، دائرة الثقافة والفنون.

المراسلات التاريخية 1914-1918 : الثورة العربية الكبرى. المجلد الأول / أعدها وحققها وكتب حواشيها وترجم بعضها سليمان الموسى، 1973.

ذكرياتي عن الثورة العربية الكبرى، محمد علي العجلوني، مكتبة الحرية ،عمّان ، 1956 .

المعارك الأولى : الطريق إلى دمشق، صبحي العمري، أوراق الثورة العربية؛ رياض الريس للكتب والنشر، لندن، بريطانيا ؛ ليماسول، قبرص ، 1991،  ط. 1.

المسار الثالث لمعارك التحرير

Scroll to top