أربعة أمور تحدث عندما تموت لغة

 

مقال لـ : كات إيشنر.

ترجمة: عائشة أحمد الصمادي.

يصادف يوم الحادي و العشرين من شباط ، اليوم العالمي لـ اللغة الأم، لتتعمق أكثر في معرفة الأسباب التي تدفع جميع الأعراق لبذل كافة جهودها للحفاظ على لغتها و لِم يجب عليها ذلك، إليك –عزيزي القارئ- هذا المقال:

17141000_1246462875449538_1448195857_n
صورة تعبيرية لليوم العالمي للغات الأم

اللغات حول العالم تنقرض بشكل سريع، الحادي و العشرين من شباط هو اليوم العالمي الذي نظمته اليونيسكو للاحتفاء بالاختلاف اللغوي لدى جميع شعوب العالم.

و من المتوقع أن تختفي ما نسبته 90% من لغات العالم مع انتهاء القرن الحالي، بيد أن الأمر لا يبدو بهذه الأهمية أثناء ممارستنا لحياتنا اليومية دون أن نلحظ التغيرات التي تطرأ على لغتنا المحكيّة؛ إلا أنها ذات تأثير كبير على المدى البعيد وقد تؤدي لأن نخسر اللغة وهذا بالطبع أمر يتحتم عليه عواقبه، خسارة اللغة أمر بالغ الخطورة إليك أبرز أربعة أمور تحدث عندما نخسر لغة معينة :

  1. نفقد الرؤية الفريدة للتعبير عن الذات و عن مفهوم أن تكون إنساناً:

هذا ما صرّح به الأكاديميّ ( دايفيد كريستال) لـ(باروما باسو) في مجلة (ناشيونال جيوغرافيك) عام 2009، (باسو) كانت تكتب عن الهند، هذه البلد التي تضم على الأقل سبع عوائل لغوية مختلفة ومئات من اللغات الفريدة بالإضافة لخسارة سريعة للعديد من لغات هذه البلد.

إن تبعيات خسارة لغة ما قد تكون مدمرة من ناحية ثقافية، هذا كان ما أسهبت به (باسو) خلال كتابتها ونقتبس منها ” إن كل لغة هي مفتاح فهمنا للمعرفة والتصورات التي امتلكها أهلها عن الأسرار العلاجية، طرق تدبير أمورهم البيئة، الأنماط المناخية و الجوية، السلوكات الروحانية والفنية إضافة لأساطيرهم التاريخية”. و تابعت (باسو) :

” أهمية اللغة كانت دائماً تتراوح بين ارتفاعٍ و انخفاض على مر التاريخ، المختلف في حالة الحديث عن الهند هو معدل اختفاء اللغات و عددها المتزايد “.

  1. نسيان تاريخ العالم القديم و ثقافاته المختلفة:

و علّقت (كايت يودر) لمجلة (غريست) ” أن اللغة الرسمية لـ (غرينلاند) مذهلة و استثنائية، حيث تتكون هذه اللغة من جمل طويلة يمكنها أن تُلائم أي مناسبة، و تحتوي أيضاً على كلمات توازيها في اللغة الإنجليزية جُمل بدلاً منها؛ و شرحت (لينور غروبل) أحد اللغويين المختصين بلغة (غرينلاند) لـ (يودر) أن العديد من كلمات هذه اللغة في طريقها للاختفاء كالمفردات الخاصة بأنواع الرياح المختلفة، و تلاشي مثل هذه الكلمات قبل أن تسنح الفرصة للغويين باكتشافها، الأمر الذي يؤدي إلى تبعيات تُصعّب من فهمنا لكيفية معالجة العقل البشري للغات؛ و تُضيف (غروبل) : ” هناك الكثير الذي نجهله عن هذا الأمر، وعن آلية عمل الدماغ خلال هذه العملية”.

17124988_1246462918782867_561690672_n
احتفال اليوم العالمي للغات الأم في سيدني استراليا

يطرح البحث الذي أعدته (يودر) أثر المُناخ و تأثيره على خسارة اللغة، باختصار: ” فإن سوء المناخ في منطقة جغرافية معينة يؤدي إلى تسريع عملية خسارة اللغة حيث يعطي سكان المنطقة دافعاً للهجرة بحثاً عن مناطق مركزية، و عن أرض أكثر أماناً بعيداً عن العواصف الرعدية و ارتفاع منسوب البحر، الجفاف والعديد من العوامل الأخرى التي يتسبب بها سوء المناخ. و علّقت (يودر) : ” عندما يستقر شعب ما في مكان جديد فإنه يبدأ حياة جديدة و بالتالي مُحيط جديد كليّاً، عادات جديدة و بالطبع سيستخدمون لغة جديدة”.

  1. نفقد المصادر المحلية التي نستمد منها طرق لمواجهة التحديّات البيئية:

و صرّحت (نانسي رايفينبيرغ) لمؤتمر رابطة مُترجمي المؤتمرات الدولية : ” أن ما يحدث في عصرنا الحالي بخصوص خسارة اللغة يختلف تماماً عمّا كان يحدث سابقاً، حيث كانت اللغات في السابق تختفي إلا أنها كانت تُولَد من جديد؛ في حالةٍ يُطلق عليها اللغويين ” حالة توازن لغوي”، أما في الخمسة قرون الفائتة فإن التوازن الذي شكّل أبرز ملامح التاريخ البشري قد ضاع، الأمر الذي أدى إلى توّسع اللغات المهيمنة أو كما يطلق عليها لغات العواصم على حساب اللغات الهامشية أو “اللغات المحلية “، هذه اللغات الهامشية لا يتم استبدالها “.

و طبقاً لمصادر موثوقة فيُقدّر أنه ومن بين سبعة آلاف هناك فقط 100 لغة محكية عالمياً، مما يعني أن الضرر لم يُحصر فقط على فهمنا لآلية تعامل الدماغ البشري مع استخدام اللغة، ففي العديد من الأماكن؛ اللهجات المحلية و المتحدثين بها يُعَدون مصادر غنية للمعلومات عن البيئة المحيطة بهم من نباتات وحيوانات وعن المنطقة التي يسكنون بها بشكل عام، في عصرٍ تنقرض به اللغات بشكلٍ سريع تُعتبر هذه المعلومات قيّمة للغاية، العلوم الطبية تخسر علاجات مُحتملة، مخططو الموارد والحكومات الوطنية يفقدون المعرفة المتعلقة بكيفية إدارة الموارد البرية والبحرية و النظم البيئية الهشة.

  1. بعض الأشخاص قد يخسروا لغتهم الأم

المأساة الفعلية لجميع ما سلف أن العديد من الأشخاص سيجدون أنفسهم غير قادرين على التحدُّث بلُغتهم الأولى، اللغة التي تعلموا أن يصفوا العالم باستخدام مفرداتها، بينما يجد البعض أنفسهم من الفئة القليلة أو الوحيدين الذين يستطيعون التحدث بلغتهم الأم و هو – بالطبع- ما لا يُحسدوا عليه، كالعديد من سُكّان (كندا) الأصليين يشعرون بأن لغتهم المحلية مهددة بالإنقراض كنتيجة للحملة التي تشنها الحكومة للقضاء على ثقافتهم.

هذه الخسارة تفوق جميع الخسارات الأخرى اختلافاً، هذا ما تحدث به (جون ليبسكي) مع (ليزا دوتشين) في حوار لـ (بين ستيت نيوز) الإخبارية: ” تخيلي أن يقول لك أحدهم أنه لا يمكنك استخدام لغتك وأنك ستفهمين معنى كلمة “المزيد” التي لن تتمكني من التعريف عنها”.

بالطبع جميع ما سلف يدفعك للتساؤل “و أنا مالذي بوسعي أن أفعله ؟ “ ،عليك أن تُثّقِف نفسك، كخطوة أولى اطلع على مشاريع مثل (مهرجان سميثسونيان السنوي للاحتفال باليوم العالمي للغة الأم) الذي يقام في شهر شباط  في (واشنطن دي.سي)، و مشروع (ناشيونال جيوغرافيك أصوات دائمة) الذي يُعد مكاناً مناسباً للتعلم عن اللغات المهددة بالانقراض و المتحدثين بها، بالإضافة لموقع (اليونسكو) الرسمي يعتبر أيضاً مصدراً آخر للمعلومات حول هذه القضية، إن تمعنت جيداً ستدرك أن هناك بصيص أمل لنجاة هذه اللغات إن انتبهنا قليلاً لها.

 

17160361_1246466805449145_277013839_n
لوحة ساكنة مأخوذة من فيلم ” أول شروق شمس”،  تُروى أحداثه بلغة الـ (ويتشول)، لغة السكان المكسيكيين الأصليين و التي بحسب منظمة (اليونيسكو) تُصنّف  من ضمن اللغات المعرّضة للخطر. هذا الفيلم تم عرضه ضمن ( مهرجان سميثسونيان حول اللغات المعرّضة للفقد).

 

المصدر:

http://www.smithsonianmag.com/smart-news/four-things-happen-when-language-dies-and-one-thing-you-can-do-help-180962188/

Scroll to top