المملكة الأردنية العمونية – الملوك وانجازاتهم

مشهد عام لربة عمون، يظهر في الصورة بقايا آثار رومانية

مقدمة

بنى أجدادنا الأردنيون الأوائل ثلاثة دول ذات أنظمة سياسية ملكية في بداية العصر الحديدي الثاني (أدوم، مؤاب، عمون)، وكانت هذه الدول حصيلة تطور راكمه الأردنيون عبر آلاف السنين. إن هذه الأنظمة الملكية، كانت تتسم بطابع تشاوري مبني على القيم الاجتماعية الأردنية، حيث لا يمكن تجاوز البنى الاجتماعية للدولة، ولا يستطيع الملك أن يتفرد بالقرارات المصيرية وحده دون الرجوع إلى زعامات البُنى الاجتماعية المتنوعة من مدن وقرى وتجمعات فلاحية وقبائل، وهو الذي يستمد شرعية حكمه منهم، حيث نشأت الممالك بناء على توافقات القوى الاجتماعية التي شعرت بضرورة تأسيس دولة ذات نظام متطور وجهاز إداري وعسكري قادر على صون مصالحهم، وعلى الرغم من ذلك لابد أن يكون للملوك الدور البارز، حيث أن الملك هو من يصدر الأمر باسمه في نهاية المطاف، وهو أحد رموز الدولة المهمة.

وعلى هذا الأساس حاولنا في هذا البحث إيراد أسماء الملوك الأردنيين العمونيين، والظروف السياسية في ظل حكم كل ملك منهم، كما حاولنا إيراد أهم الانجازات لهؤلاء الملوك حيثما وجدناها، وقد اعتمدنا في هذا البحث على ثلاث مصادر رئيسية، وهي (المصادر التاريخية، السجلات الأشورية، النقوش العمونية).

صورة لتماثيل عمونية، متحف الآثار الأردني- جبل القلعة

الملك الأردني ناحاش

هو ملك أردني عموني، حكم حوالي (1020- 1000ق.م)، وكان ملكاً طموحاً، حيث أن فترة حكمه جاءت عقب تراجع أصاب الأردنيين العمونيين لفترة من الزمن، استطاع خلالها العبرانيون التقدم داخل الحدود العمونية الأردنية والسيطرة على جزء من الأراضي الأردنية.

قام الملك الأردني العموني ناحاش بإعادة تجهيز جيشه، وبث الروح المعنوية العالية بين الأردنيين العمونيين، الذين كانوا غاضبين من التواجد العبراني داخل أراضيهم، وبدأ بشن الهجمات على المناطق التي احتلها العبرانيون وبث الرعب في قلوبهم، حتى طلبوا منه إبرام معاهدة.

وكان رد الملك الأردني العموني ناحاش على طلبهم هذا بأن يكونوا بمنزلة اجتماعية متدنية، ويرضخون للحكم الأردني العموني بنظام عمل أشبه بالسخرة، حينذاك حاول العبرانيون التفاوض على شروط أقل حدة.

في ذلك الوقت وصلت ثقة الملك ناحاش بقوته حد الغرور، حيث منح العبرانيين مهلة من سبعة أيام للرد على شروطه، وكان يعي أن ذلك يعني أن العبرانيين المحاصرين داخل الحدود الأردنية العمونية سيقومون بطلب النجدة من أقاربهم خارج الحدود، ولم يأبه الملك الأردني العموني ناحاش بذلك أبدا، بل على العكس كان يعتقد أن بإمكانه بذلك استدراج بقية القبائل العبرانية والانتصار عليهم وكسر شوكتهم.

إلا أن الأمر المفاجئ، أن هذا التقدم الملحوظ في قوى الأردنيين العمونيين، جعلت العبرانيين يستشعرون الخطر، مما دفعهم لتوحيد رايتهم وتنصيب شاؤول ملكا على جميع العبرانيين، كي تتجمع قواهم ويستطيعوا دفع الخطر الأردني العموني، وكانت هذه أول مرة يُنشئ بها العبرانيون مملكة موحدة يحكمها ملك واحد، وقام شاؤول بوساطة رجال الدين بدفع كل رجل قادر على حمل السلاح للمشاركة في الحرب، حيث منحها صبغة الحرب المقدسة موظفاً الدين في هذه الحرب.

استطاع شاؤول أن يتغلب على الملك الأردني العموني ناحاش، ويوقف طموحاته بالتوسع بعد أن استنفر جميع من يستطيع حمل السلاح من العبرانيين، مستغلاً نشوة تأسيس المملكة الجديدة، واستهتار الملك الأردني العموني ناحاش بحجم قوة اعداءه.

الملك الأردني حانون

في نهايات حكم الملك الأردني العموني ناحاش حالف الملك داوود في مواجهة شاؤول، حتى استطاع داوود السيطرة على حكم مملكة اسرائيل، وعندما توفي الملك الأردني العموني ناحاش قام داوود تقديرا للخدمات التي قدمها له ناحاش في وقت ضعفه، بإرسال وفد لتعزية الملك الأردني العموني الجديد (حانون) بوفاة أبيه الملك ناحاش.

وحين وصول الوفد الذي بعثه داوود إلى القصر الملكي في ربة عمون، شكَّ مستشارو الملك الجديد حانون بأن هذا الوفد جاء كي يستكشف المدينة تمهيداً لغزو من قبل مملكة اسرائيل، فأشارت الحاشية على الملك حانون بإهانة الوفد وطرده، وهذا ما تم، وحين عاد الوفد إلى داوود اعتبر داوود هذا التصرف بمثابة إعلان حرب عليه من قبل الملك الأردني العموني حانون، وقام بتجهيز جيشه للهجوم على المملكة الأردنية العمونية، ووقعت الحرب التي انتهت ولم يستطع الملك حانون الانتصار بها.

الملك الأردني بعشا

ورد اسم الملك الأردني العموني بعشا في إحدى السجلات الأشورية ضمن أسماء مجموعة من الملوك الذين كونوا حلفاً سياسياً عسكريا في مواجهة شلمنصر الثالث ملك آشور، وقد كان الملك الأردني العموني جزء مهماُ من هذا الحلف الذي كونه عدد من ملوك الدول المحاذية لآشور من جهة الغرب، لمواجهة مساعي شلمنصر الثالث في اخضاع هذه المنطقة والسيطرة عليها، وقد تواجه هذا الحلف مع قوات شلمنصر ثلاثة مرات لم يستطع خلالها الأشوريون من تحقيق أهدافهم رغم الخسارات العسكرية التي لحقت بالأردنيين العمونيين وحلفائهم.

الملك الأردني سانيبو

هو أحد الملوك الأردنيين العمونيين، الذين ورد اسمهم في حوليات تجلات بلاسر الثالث، من ضمن الملوك الذين قدموا الهدايا للملك الأشوري حينها.

الملك الأردني بودو ايل

ملك أردني عموني ورد اسمه في السجلات الأشورية في زمن الملك الأشوري سنحاريب، حيث كان من ضمن الملوك الذين قدموا الهدايا للملك سنحاريب.

الملك الأردني عمي ندب (الأول)

ورد اسم الملك الأردني العموني عمي ندب في السجلات الأشورية في فترة حكم الملك الأشوري آشوربانيبال، ويعتبر عمي ندب الأول لأنه تم ذكر ملك أردني عموني آخر يحمل ذات الاسم في فترة لاحقة على نقوش عمونية.

الملوك الأردنيون العمونيون الذين وردت أسماؤهم في النقوش العمونية

تمثال عازر، من جبل القلعة، عمون.
The art of Jordan, treasures from an ancient land,edited by Piotr Bienkowski, alan sutton publishing.

وجدت الحفريات الأثرية عدة قطع أثرية تحتوي على نقوش عمونية، وورد في بعضها أسماء لبعض الملوك الأردنيين العمونيين لكن دون ذكر تفاصيل واضحة حولهم لذلك سنورد أسماءهم وما ذكر عنهم في هذه النقوش .

  • الملك الأردني زاكور

هو ملك أردني عموني ورد اسمه في تمثال عمان (تمثال وجد في حفريات في جبل القلعة – ربة عمون – ويحمل نقشا على قاعدته) والملك زاكور هو ابن الملك شانيب الذي ورد اسمه بنقش تمثال عمان كما ورد اسمه في السجلات الأشورية أيضا  وأبو الملك يرح عزر.

  • الملك الأردني يرح عزر

وجد اسم الملك الأردني العموني يرح عزر أيضا في نقش تمثال عمان، إلى جانب اسم والده الملك زاكور، وجده الملك شانيب.

  • الملك الأردني عمي ندب الثاني
قارورة تل سيران

ورد اسم الملك عمي ندب في نقش قارورة تل سيران مرتان، حيث كتب في نقش تل سيران، “أعمال عمي ندب، ملك بني عمون، بن هصال ايل، ملك بني عمون، بن عمي ندب ملك بني عمون…”،  ويستدل من هذا النقش وبعد تحليل المدد الزمنية، أن عمي ندب الجد الذي ورد اسمه في القارورة هو ذاته الملك عمي ندب الذي ورد اسمه في السجلات الأشورية سابقاً، وأن الملك عمي ندب الحفيد يصبح بذلك الملك عمي ندب الثاني.

  • الملك الأردني هصال إيل

ورد اسم الملك الأردني العموني هصال إيل أيضا في نقش قارورة تل سيران، إلى جانب اسم أبيه وابنه الملوك الأردنيين العمونيين، عمي ندب الأول وعمي ندب الثاني.

المراجع

  1. كفافي ، د. زيدان عبد الكافي (2006 )، تاريخ الأردن وآثاره في العصور القديمة ( العصور البرونزية والحديدية) ، دار ورد ، عمان .
  2. أبحاث إرث الأردن،مدخل عام إلى عصر الممالك الأردنية القديمة
  3. العبادي، د. أحمد عويدي (2018)، التاريخ السياسي للممالك الأردنية القديمة، دار مجدلاوي للنشر والتوزيع، عمان.
  4. كفوف، نجاة ثلجي سعد(1995)، ملوك بني عمون،  رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة اليرموك، اربد، الأردن.

Scroll to top