قائمة الشرف لمن عرف من شهداء الأردن في سجن معان 1910

Maan 3

يعد سجن معان أهم الأوكار التي مارس فيه الاحتلال التركي ابشع جرائمه ابتداءً من أسر النساء الصلفات وليس انتهاء بالتصفية العرقية ضد الاردنيين ونتيجة لاحراق سجلات الاعدامات والضرائب الجائرة من سجن معان وغيره قبل الهروب أو الاستسلام فإن التوثيق من الأعلى (رواية السلطة) أضحى غير ممكن، لكن الناجين من المذابح البشعة قد تم توثيق وتطابق روايتهم وهم أحياء على يد المؤرخ محمد الخشمان عام 1987 والتي نشرت تفاصيلها “مجلة أفكار” الصادرة عام 1987[i] والتي قمنا بدورنا بالتأكد من مطابقتها من الجيلين الثاني والثالث. في عام 1910 لوحدها أقدم الاحتلال العثماني التركي على اعدام نحـــــو خمسة وعشرين رجلا من أحــــــرار الاردن بكل دم بارد وبدون أي محاكمة وبلا أي سبب غير رفضهم بأن يكونوا وشاة عند نظام يعتاش على الخِسة كما سنبين تباعاً مأساة ذبح شيوخ العشائر في منطقة وادي موسى والشراه والشوبك وهم مكبلين حول الأعناق في صف واحد داخل سجن عرف نتيجة هذه الأفعال ب”مسلخ معان، داخله مفقود ومغادره مولود”.

حيث كان الظلم هو الطابع الرسمي للاحتلال التركي وقد بدأ الوعي الوطني الاردني يدب في صفوف الناس بعد انتهاء اكبر حقبة تجارة بالدين أبيد فيها الحرث والزرع والانسان والحضارة في كل شبر . فاصطف الشباب الاردنيون بجانب أقاربهم ممن ثاروا بنفس العام بالكرك وأخذوا يغيرون على دوريـات الاحتلال التركية التي تحصل الضرائب الجائرة بلا أي مردود والتي كانت لا تعرف الا لغة البندقيــة والسوط. وكانوا يأبون و يقاومون دفع الضرائب نتيجة الفقــــــر المدقع الذى كان يعيش الناس فـي ظله بسبب سطوة الاحتلال و فساده . فيما يلجأ الثوار و المقاومون للدفع الى الجبال الوعرة المكسوة بالحراج مثل جبال الشراه فلا يستطيع الجنــــود الاتراك الوصول اليهم، فيتم القبض على الشيو خ والزعماء الاردنيين كرهائن لإجبارهم على أن يحضروا هؤلاء الابطال الذين كانوا يسمونهم ( الاشقياء ) بدفاتر الاحتلال التركي أو على الأقل أن يشيروا إلى مواقعهم.

يساق  الشيوخ  الاردنيون الابطال الى معان، فيعَرضون لكل وسائل التخويف في البداية ولكنهــم لا يخافون ثم يلجأ الاتراك الى المال لإغرائهم بالتعاون معهم وجلب النشامى الذين ثاروا على بغي الاحتلال التركي، ولكن الشيوخ الذين وضعت القبائل ثقتها فيهم يرفضون البوق وبيع ابناء وطنهم للمحتل الذي اشتهر بالقتل وحرق الرهائن وسرقة الارض والناس، ويستمر هؤلاء الشيوخ برفض كل الضغوط و الاغراءات والتحذيرات وأخيراً وبعد انعدام الحيل لدى المحتل التركي يصدر حكمه بالاعدام عليهم ويعدموا فعلا في اقذر الاماكن الذي شهد تصفية الأحرار الاردنيين من شتى مناطق الأردن فيه ” سجن معان” حتى أطلق عليه الأجداد الأردنيون “مسلخ معان”.

ومن أبرز هؤلاء الشهداء في وادي موسى في تلك الحقبة السوداء القاتمة كعتمة ايام المحتل التركي، والتي حصلت سنة (الهية) ويقصد بها العام الذي حدثت فيه ثورة الكرك اي عام 1910 م ولم توثق أساميهم، هم الشهداء : موســى الهلالي ، هارون سليمان الحسنات ، حميد بشير النوافلة . موسى النوافلة وموسى الحسنات.

ونترك منطقة سجن معان حيث كانت المجزرة لنعود اليها بعد قليل وبعد أن نطوف على القبائل لنعرف أسماء الشهداء الاخرين .

الى الشمال الشرقي من وادي موسى حيث تقطن عشائر المراعية الذين يستقرون فــي بلدة (المنشية) الواقعة في السفوح الشرقية لجبال الشراه، حيث عرف شهداء تلك المرحلة بشهداء سنة كركعة[1] الكرك ( الهية ) وهم النشامى الشهداء: شتيان بن فريج ، نصار بن سلامة المراعية، حمد بن سليمان المراعية.

وكان من ضمن المجموعة عبدالله ابن صويوين المراعية الذي نجا من الموت بأعجوبة و استشهد بعد ذلك في عين كارم قرب القدس سنة ١٩٤٨م مع عدد من المناضلين الاردنيين من بينهم نائل بن حمد الجازي هو ابن شيخ مشايخ الجازي من الحويطات في جنوب الاردن.

وبالتوجه إلى عشائر النعيمات التي تقطن إلى الجنوب من المراعية ومنازلها كل من “بسطة وايل وبير أبو دنه والصدقة والقناع”، كان الشيخ نهار السبوع محكوما بالإعدام مع أولئك الشهداء، وكان في العشرينات من عمره آنذاك وقد نجا من الموت فــي اللحظات الاخيرة حيث توسط لــه اخواله ويبدو أنه كان لهم نفوذ عند الحاكم التركي في معان.

وفي سفح شرقي من سفوح جبال الشراه حيث كانت عرب الشيخ  نهار تنزل نجا بطل اخر هو سليمان ابراهيم العجامي حيث كان ضمن المجموعة الذين قيدوا وأطلــق عليهم الرصاص لكن الرصاص اخطأه وأصاب جاره عن يساره وجاره عن يمينه وسقط الجميع. وتضرج سليمان بدم جاريه وظن الجلادون أن الجميع قد قتلوا ونجا سليمان العجامي،  وحين قامت الثورة العربية الكبرى أراد استكمال مسيرة الاستقلال الوطني وانضم إلى جيش الأمير فيصل بن الحسين طيب الله ثراه وفي معركة (أبا الجرذان) أصيب في رقبته من رصاص جنود الاحتلال التركي اصابة بالغة لكنه نجا هذه المرة ايضا.

أما اسماء الشهداء من قبيلة النعيمات في مجزرة سجن معان فهم:  محمد سلامة السبوع، سالم سليمان النعيمات ، محمد سليمان النعيمات ، عبد ربه سليم النعيمات ، حمد أبو خضرة النعيمات ، عبدربه علي النعيمات ، سالم سليم النعيمات : محمد بن سلامة أبو دنه النعيمات ، محمد بن علي النعيمات ، سليمــان بن خلف النعيمات ، فرحان بن خلف النعيمات.

وفي تتمة تتبع سلسلة درب الدم الأردني الذي دفع ثمنا لإنارة شعلة الاستقلال نصل الى جنوب الشوبك في منطقة ( الهيشة )[2] حيث عشائـر ” العمارين ” وقد فقدوا في جريمة سجن معان على يد المحتل التركي كل من: الشيخ جريبيع أبو شوشة العمارين، والشيخ غضيان أبو كبيرة العمارين.

ويروي الناجون من المجزرة البشعة ان الرهائن رُبطوا قبل استشهادهم  بحبل في رقابهم وصفوا بجانب بعضهم، و قد وصلت الينا كلمات موسى الهلالي وكان في نحو الخامسة والعشرين من عمره عبر من نجا من الاعدام بدم بارد،  ونورد تلك الكلمات كما قيلت :

(الصُّماد[3] ، الصُّماد  ،  يـا نشامى[4]  ، هذا اليوم يومنا ، و أنا أخوكِ يا طرفه[5] ) .

وتعد هذه الكلمات من أصدق المواقف البطولية لأنها لم تقل للدعاية والاعلان، فليس هناك مراسلون صحفيون ولا مصورو سينما وتلفزيون، ولا رجال اذاعة، ولم يدر الشهيد موسى أن أحدا مـــن الرجال سينجو ليخبر الناس بتلك اللحظات الاخيرة من حياتهم.

وانطلق الرصاص في لحظة واحدة وجاءت احدى الطلقات في عروة الحبل الملتف على رقبة أحدهم فنجا. وأخطأت الطلقة آخر وهو سليمــان العجامي ـ المار ذكره – واصابت جاره و سقط الجميع وكانت النتيجة أن نجا البطلان لينقلوا كيف وقف النشامى من أهل الشوبك مع اخوانهم في هية الكرك ومع أبنائهم بمناطقهم وأبوا أن يكونوا ضمن صفوف البوَاقين.

كان هدف الاحتلال التركي  مــن وراء اعدامه لهؤلاء الشيوخ هو اخافة الناس وارهابهم واماتة الـروح الثورية في الناس الداعية للتخلص من الاحتلال التركي ولكن النتائج كانت على عكس ما ظنه الاتراك.

فعلى اثر تلك المجزرة البشعة وبعد سلسلة من مجازر بشعة عبر قرون الاحتلال، تشكل وفد ذهب الى مكة لمقابلة الشريف الحسين بن علي وإعلامه بما فعله الاتراك وضم الوفد كل من : خليل الهلالي ـ شقيق الشهيد موسى هلالي – و محمد الحسنات ، اسماعيل بن فلاح،  بشير السلامين،  معمر بشير النواملة ، ضيف اللـه ابو فرج. هذا وكما عادة الهاشميين، فقد استقبلهم الشريف الحسين طيب الله ثراه وحاول بكل انسانية أن يخفف من هول ما حل بهم ولربما كانت هذه احدى النقاط المؤثرة باتضاح انعدام الحل مع الاحتلال المتستر بالدين.

تدمير عربات القطار العسكري الذي كان ينقل أحرار الأردن للسجون بلا رجعة
تدمير عربات القطار العسكري الذي كان ينقل أحرار الأردن للسجون بلا رجعة

ولزيادة المأساة، عندما عاد الوفد تربصت به قوات الاتراك واخذوا اعضاءه الى سجن دمشـق عبر القطار العسكري واخذوا معهم أيضا عددا من الشيوخ الذين لم يذهبوا معهم الى مكــــــة ومنهم : علي النصرات، عيسى العوينات، حسن سالم المشاعلة، سالم حمـــــــدان الهلالات، ابراهيم بن عيسى الحسنات وخليل الحسنات وموسى هلال الهلالى، وقد كانت سجون دمشق تضم بالإضافة الى هــؤلاء عددا كبيرا من أحرار جوار الأردن خصوصاً والعرب بشكل عام. وهم الذين حاول الامـير فيصل ــ الملك بعد ذلك ـــ التوسط لاخراجهم من السجن . لكن آذان الاتراك كانت غير صاغية لوساطات أشراف مكة وأبت الا التلذذ بجر الشرفاء وهم مقيدين ليفتكوا بهم بدم بارد. كانت هـذه الاحداث والثورات الصغرى عبر القرون ورمزية المقت الذي أورثه سجن معان في نفوس الاردنيين ضد المحتل التركي مقدمة وايذانا بانطلاق الثورة العربية الكبرى عام 1916 الذي دعى الأردنيون الأحرار لها قبل عقود وساندوها من أول يوم وحتى الاستقلال الأولي عام 1918 وانتهاءً بالاستقلال النهائي عام 1946.

قائمة الشرف لمن عرف من شهداء الاردن في سجن معان 1910

المكان والتاريخ الــــــــشـــــهـــيـــد الرقم
سجن معان 1910 مــوســى الــهــلالـي 1
سجن معان 1910 هارون سليمان الحسنات 2
سجن معان 1910 حميد بشير النوافلة 3
سجن معان 1910 موســى الـنـوافـلـة 4
سجن معان 1910 مـوسى الـحسـنـات 5
سجن معان 1910 شتيان بن فريج المراعية 6
سجن معان 1910 نصار بن سلامة المراعية 7
سجن معان 1910 حمد بن سليمان المراعية 8
سجن معان 1910 محمد سلامة السبوع 9
سجن معان 1910 سالم سليمان النعيمات 10
سجن معان 1910 محمد سليمان النعيمات 11
سجن معان 1910 عبد ربه سليم النعيمات 12
سجن معان 1910 حمد أبو خضرة النعيمات 13
سجن معان 1910 عبدربه علي النعيمات 14
سجن معان 1910 سالم سليم النعيمات 15
سجن معان 1910 محمد بن سلامة أبو دنه النعيمات 16
سجن معان 1910 محمد بن علي النعيمات 17
سجن معان 1910 سليمــان بن خلف النعيمات 18
سجن معان 1910 فرحان بن خلف النعيمات 19
سجن معان 1910 الشيخ جريبيع أبو شوشة العمارين 20
سجن معان 1910 الشيخ غضيان أبو كبيرة العمارين 21

 

[1]  ثورة : يسميها السكان المحليون كركعة.

[2]  اي الاشجار الملتفة المتشابكة.

[3]  الصماد ” بضم الصاد ” : أي الصمود وعدم الاستسلام أو الضعف.

[4]  النشامى : أي الشجعان و الرجال ذوو المروءة و الشهامة .

[5]  تسمى هذه الجملة بالنخوة و تقال فخرا بالأخت، واستثارةً للعزيمة.

[i] محمد الخشمان ، مجلة أفكار ؛ مجلة ثقافية فصلية ، العدد 42 ، كانون الأول 1987.

 

Scroll to top