مقدمة

يعتبر الغناء الدرزي من الأنماط الموسيقيّة المميزة في الإرث الموسيقي الأردني، إذ أنه يتمتّع بخصوصيّة في القوالب البنائيّة والألحان والمفردات الشعريّة الذي لبعضه شخصيته المستقلّة تجعل منه لونًا غنائيًا خاصًّا غير موجود في مواقع أخرى من الأردن، بينما تشترك أخرى مع غيرها من قوالب الإرث الموسيقي الأردني في التسمية والسمات الفنيّة والجذور التاريخيّة. وبني معروف، أو الدروز، هم من سكّان المناطق الشماليّة في الأردن، إذ انتشرت مضاربهم بجوار العديد من العشائر والقبائل البدوية الأردنية، وتداخلت مناطق نفوذهم مع العديد من القرى والمدن في الشّمال وحتى الوسط، وكان لهم إسهامات شتّى في الممارسات الغنائيّة الشعبيّة ساهمت، دون شك، في نشر وتطوير العديد من الألحان والقصائد التي يزخر بها إرثنا الموسيقي الذي تبلور خلال مئات السنوات من النشاط الحضاري القائم على الانفتاح والتفاعل بين مكوّنات المجتمع الأردني. نستعرض في هذا البحث ألوان الغناء الدرزي في الأردن، أو ما يُعرف بالقوالب الغنائيّة: الفن، الهوليّة، العتابا. ويُضاف إليها: الهجيني، الحداء، الشروقي، السحجة (السّامر)؛ التي سبق وأفردنا لها أبحاثًا خاصّة يمكنكم الإطلاع عليها.

الأزرق 1900 أردنيون من بني معروف ( الدروز) بلباسهم التقليدي الجميل يرتدونه بارتياح ما يدل على مجتمع أردني تتأصل به قيم الانفتاح والتنوع

الفن

يُعد اللون الغنائي المُسمّى “الفن” من أكثر القوالب الغنائية الدرزية شهرةً وانتشارًا بين القبائل الدرزية، وربما هو الأقرب إلى وجدانهم نظرًا لخصوصيّته التي يختص بها الدروز عن غيرهم من خلاله، وهو أيضًا من أكثر الألوان الغنائية سهولةً للاستيعاب والتوظيف شعرًا ولحنًا. ويعتقد أن تسميته جاءت من كثرة ما تفنّن الشعراء الدروز ببناء قصائد الفن شكلاً ومضمونًا، ولبراعتهم في التنويع على أساليب الفن الشعريّة والغنائيّة، حيث حمّلوه الكثير من المفردات والموضوعات والقوافي والألحان، سافرت جميعها بالشخصيّة الدرزيّة وفلسفتها الخاصة نحو الحياة والحب إلى آفاق إنسانيّة راقية. ويسمّي البعض الفن بالـ “الفن الدرّازي”، ولهذه التسمية تأويلان؛ أولهما أنه لون غنائي خاص بالدروز، أما الثاني فهو تشبيه نظم القصائد الفنية بعملية الدرز أو التطريز، وكلا التأويلين يعبّران عن امتلاك القبائل الدرزية لهذا اللون الغنائي واعتزازهم به وجدانيًا وثقافيًا.

وفيما يرى البعض أن الفن يشمل كافة الألوان الغنائية التي يغنيها الدروز، مشتملة على الهجيني والحداء والجوفية والشروقي وقصيدة الفن نفسها، إلا أن الأخيرة تتميّز بشكلها البنائي الخاص الذي يجعلها تختلف عن غيرها من الألوان الغنائية وإن كانت جميعها “فنون”.

تتشكّل قصائد الفنون من عدد غير محدد من المقاطع، تكاد تتشابه جميعها في البناء والنمط الشعريّ، وغالبًا ما يكون المقطع الأول ذا أهميّة بالغة لأنه مفتاح القصيدة وبابها، ولذلك فهو يختلف في تركيبته الشعرية عن باقي المقاطع، إذ تشترك الشطرات الأولى والثانية والرابعة فيه بنفس القافية التي تكون الأساسيّة للقصيدة كلها، وتنفرد الثالثة بقافية مختلفة لكسر الملل والرتابة ولترسيخ القافية الأساسية الواردة في بقيّة الشطرات. وعلى الرغم من وحـدة الموضوع والمضمون لكامل القصيدة، إلا أنه وفي بعض الأحيان تكون المقاطع الشعرية المكوّنة من بيتين في قصيدة الفن بمثابة وحدة فنيّة ذات مسار فرعيّ من الموضوع الرئيسيّ. من الأمثلة على الفنون قصيدة “زاد هم القلب زاد” التي يُلاحظ فيها ما تقدّم بيانُه فيما يتصّل بالبناء الشعريّ :

زاد هم القلب زاد .. عوّفني لذيذ الزّاد

سبب علّتي يا ناس .. غرٍّ نطحني ورّاد

غرٍّ نطحني بعيني .. طوله رمح لرديني

بسوى من هون للصيني .. وأيضاً قرايا بغداد

بسوى من الذهب مليون .. خدّه يا قمر كانون

ع فراقه سُحِت مجنون .. ذبحني حُمُر لخداد

ومن الأمثلة على قصائد الفن التي تظهر فيها التقنية الشعريّة عالية المستوى من خلال تكرار نهاية البيت السابق في مطلع البيت اللاحق، ما جاء في قصيدة “هلّي يا دموعي” :

هلّي يا دموعي هلّي .. تنبكي ع ولفٍ لي

على شوقٍ لاقيته .. مبارح من بعد الحَلِّه

على شوقٍ لاقيته .. يسوى كل اهل بيته

لولا الحيا حبّيته .. وهو على البير يملّي

ع البير يملّي جودُه .. يا مرحوم ابو جدودُه

ويلي من حُمر خدودُه .. رمّان على امّه مدَلّي

رمّان مدلّي اغصانه .. لسّا ما حل أوانه

لحرُث على فدّانُه .. واجعل هالعمر يولّي

الهوليّة

وهي رقصة غنائية شعبيّة يؤديها الرجال والنساء معًا في المجتمع الدرزي، يقف فيها المشاركون على شكل حلقة تتشابك فيها أيديهم على الأكتاف وتتحرّك دائريًا إلى اليمين على إيقاع غناء شعبيّ خاص بهذه الرقصة، وتدور الحلقة بعكس عقارب الساعة بنظام خطوتين لليمين وخطوة إلى اليسار، وبداخل الحلقة ينفرد راقصٌ وراقصةٌ بأداء منفرد، الأمر الذي يُشبه من حيث توزيع الأدوار إلى حدٍّ قريب رقصة السامر البدوية التي يقف فيها المشاركون صفًا واحدًا فيما تستعرض أمامهم الحاشي رقصتها الخاصة. والهوليّة، كالسّامر، تؤدّى في نهاية سهرة طويلة، ويشترك في أدائها الأقارب.

أما تسمية هذه الرقصة بالهولية فيعود للتهويل، والتهويل لغةً يعني المبالغة، واصطلاحًا في القاموس الشعبيّ وبخاصة عند الدروز فهو يعني النقوش والزينة والحلي التي تُظهرها المرأة للمبالغة في جمالها. وتُسمّى الهولية بهذا الاسم تشبيهًا لزينة المرأة الجميلة، فالأغاني الهوليّة مزخرفة بالكثير من المفردات والأبيات الشعريّة الجميلة التي ترافق الرقصة الرشيقة ذات الإيقاع النشط. وتشبه الهولية الزينة في عشوائيتها الجماليّة، فهي غير محكومة بنظامٍ غنائيّ محدد، لا سيّما وأن معظم الهوليّات متوارثة عبر الأجيال ولا يُعرَف قائلها، مما يسمح بالكثير من الإضافات والزخارف في الكلمة والنغمة، ويعطي مساحة للتنويعات الشعريّة الجديدة بحسب ما تقتضي طبيعة الحال والمزاج، وهو ما يؤدي بالنتيجة إلى ثراء كبير في مخزون الهوليّات الجماليّ، وفيما يلي نموذج لإحدى الهوليّات :

بظلّك يا شيخة لافرش وانام .. بظلّك يا شيخة يا هويدلو

بهوى المليحة ليش ولّعتوني .. بهوى المليحة يا هويدلو

بظلّ التفاحة لافرش وانام .. بظل التفاحة يا هويدلو

ما يشوف الراحة هاوي المزيونة .. ما يشوف الراحة يا هويدلو

العتابا

اشتُقّ اسم العتابا من العتب، والعتب كما يُقال “ع قدّ المحبّة”، فهو من الألوان الغنائية التي تنحاز أشعارها إلى الحديث عن الحب بكافّة أبعاده وزواياه، فمن الحنين إلى اللوم مرورًا بالوجد ووصولاً للغزل؛ تتنوّع وتتراكم أبيات العتابا التي تناقلتها الأجيال عبر مئات السنين. والعتابا غناء موّالي فرديّ غير جماعي، وغير موزون بإيقاع، أي غناء حرّ أقرب إلى الارتجال، ما يعطي للمغني مساحة أكبر للتعبير عن حالته المزاجيّة وعن انعكاس مضمون الأبيات الشعريّة التي يغنّيها على حالته الوجدانية.

يُعد العتابا ذروة من ذرى الاتقان الشعريّ واستعراض القدرة البشرية على التلاعب باللغة واظهار مكنوناتها الجماليّة، فتأليف أبياته يتطلّب براعة ودقّة لفظية كبيرة، ومخزون غنيّ من المفردات الشعبيّة الصالحة للتوظيف في قالب العتابا بحسب شروطه البنائية، حيث يتكوّن كل موّال عتابا من بيتين (أربع شطرات)، تنتهي بالضرورة الشطرات الأولى الثلاث بنفس الكلمة، في كلّ مرّة يجب أن يكون لنفس الكلمة معنى مختلف، فيما يجب أن تنتهي الشطرة الأخرى بكلمة تكون القافية فيها (آب) ككلمة (البواب، الجواب، الأحباب…إلخ). وبالرغم من صعوبة وتعقيد الشروط البنائيّة إلا أن الأمثلة كثيرة على العتابا، ومنها :

لوماهن ما انشهر الاحدب ولا انسال .. لوماهن ما انسلب ميزان جسم ولا انسال

لوماهن ما انهرق دم ولا انسال .. لوماهن ما انتصب ميزان الحساب

انسال الأولى : تعني انسلال السيف (الاحدب)، وانسال الثانية تعني : أن يصاب الجسم بمرض السّل، وانسال الثالثة تعني : أن يسيل الدم.

المضمون الشعري

تتسم الأشعار الغنائية الدرزية، كغيرها من أنماط الغناء في الأردن، بتنوّع المضامين واحتمالها لمختلف الموضوعات التي تعبّر عن الوظائف الاجتماعيّة والدوافع النفسية والحالة المزاجيّة العامّة لمختلف أفراد المجتمع، فمنها ما يعكس تنوّع المجتمع برمزيّات بسيطة كالحديث عن اختلاف لون البشرة، مثل :

بين السّمر والبيض مشروعيّة .. والكل منهن دوم يشكن ليِّه

إحنا يا البيض إحنا الحجر ألماس .. تاج الذهب مرفوع فوق الراس

والسّمر حديد للمحماس .. ولّا خلق صاجات للعزبيّة

ولم يكن مضمون الأغنية الدرزية ببعيدٍ عن النضال ضد المستعمر جنبًا إلى جنب مع بقية الأردنيين، فقد عبّرت عن قيم البطولة والحرية، خصوصًا وأن هذه القيم هي من أكثر ما تهتم به الأعراف الدرزية تاريخيًا، وتشير المصادر إلى أن العديد من الشعراء الذين صاغوا وكتبوا هذه الأغاني كانوا من بين المقاتلين في قوّات الثورة، وعند العودة لدراستها ومقارنتها بالأحداث التاريخية يجد الباحث أنها ساهمت بتوثيق التاريخ العسكري والسياسي للأحداث الجارية في حينه. ومن أمثلة الأغاني التي تضمنت الحديث عن النضال الدرزي ضد المحتل العثماني :

نمشي على الباغي بجد .. ما نختشي من حرابها

حنا على سن الرّمح .. تركيا لا ما نهابها

وبلادنا حصن منيع .. عيّت على طلابها

تفديها بغالي النجيع .. وتهوشِ عند بوابها

كما اشتملت الكثير من الأغاني الكثير من الحكم والمثل الإنسانيّة التي تمثّل فلسفة الإنسان الدرزي، ومن أمثلة ذلك :

إن جاد حظك باع لك واشترى لك .. ويحفظك من بالشان وتصير من ناس

وإن غاب حظك يكرهنّك رجالك .. ويعيب عرسك يا فتى الجود للساس

السمات الفنيّة

الشّعر : تتميّز الأشعار الغنائية الدرزية بإسهابها وسرديتها الطويلة للتفاصيل، فهي لا تقف عند بيتين أو ثلاثة، وانما تتابع الأبيات فيها لتكوّن قصيدة طويلة قادرة على حمل قصّة سرديّة أو صور وصفيّة أو حوارات غزليّة.

تحمل الأشعار الدرزية أنظمة قوافي متعددة، فمنها ما يعتمد على قافيتين ثابتتين للصدر والعجز طول القصيدة، ومنها ما يعتمد على قافية محددة تتكرر في نهاية كل بيتين من القصيدة، ومنها ما يكون أكثر تحرّرًا على سبيل التجديد والابتكار، ما يؤشر على رشاقة وصِبا الثقافة الشعريّة عند الدروز، واتساعها للتجارب الشعريّة الجديدة.

تمتاز الحالة الشعريّة الدرزية، كغيرها من الحالات في الإرث الموسيقي الأردني، بأرضيتها الحاضنة لنمطيّة اللغة “اللهجة” المحكيّة، بكل تغيّراتها وتطوّراتها المُحتملة التي تترافق مع تغيّر أنماط العيش ودخول مفردات جديدة أو تغيّر بعض الأنظمة اللغوية فيها. وتتسع القصيدة الغنائية الدرزية الواحـدة لمفردات قد تميل للبداوة أو المدنيّة في نفس الآن.

اللحن : لا يمكن النظر إلى الخصائص اللحنيّة للغناء الدرزي بمعزلٍ عن الأخذ بعين الاعتبار الخصائص والسمات الشعريّة والبنيوية اللفظية والعروضيّة للقصائد الغنائية الدرزيّة، وعليه؛ فإن المتتبِّع والممعن في تحليل الألحان الغنائية الدرزية يجدها تحت ظلال القافية والمعنى بشكلٍ واضح، وهو ما يرسّخ فكرة الإبداع المتعدد الجوانب والمعتمد على العناصر الجمالية الأساسيّة الثلاثة : الكلمة، اللحن، الأداء.

تّتسم الألحان الدرزية عمومًا برشاقة بنيتها اللحنيّة وبساطتها باعتبارها غناءً شعبيًا، وبالرغم من بساطتها في الغالب، إلا أنها تحتوي في بعض الأحيان على قفزات لحنيّة بعيدة تعطيها الطابع الموسيقيّ الأكثر تعقيدًا دونًا عن النمطية الرتيبة للألحان الشعبيّة الشهيرة في مناطق أخرى، وتجعلها جذّابة للاستماع والأداء على حدٍّ سواء.

أما بالنسبة للمقامات الموسيقيّة المستخدمة في الأغاني الدرزية، فبحسب الدراسات والأبحاث السابقة، فإن مقام البياتي يحتل المرتبة الأولى في الألحان الغنائية، وهي سمة شائعة في الغناء الأردني عمومًا، يليه مقام السيكا فمقام الراست، بينما يأتي مقام الصبا والهزام في الآخر.

الإيقاع : تترافق معظم الأغاني الدرزية، ما عدا المواويل والعتابا، بالمرافقة الإيقاعيّة، سواء كانت باستخدام الآلات الإيقاعيّة أو من خلال الممارسات الإيقاعيّة غير الموسيقيّة كأصوات الدبكة والرقصات المختلفة، ومن الإيقاعات المستخدمة في الأغاني الدرزية : الأيوب، اللف، المقسوم، الفالس، الهجع.

الأداء : تتنوّع طرق الأداء الغنائي عند الدروز، ما يخلق تصنيفًا واضحًا للأغاني استنادًا لطريقة الغناء، فمنها ما تغنيه مرأة منفردة أو رجل منفرد، ومنها ما تغنيه مجموعة من النساء أو مجموعة من الرجال، ومنها ما تشترك فيه مجموعتان من الرجال والنساء في حوارٍ غنائيٍّ، والذي قد يكون أيضًا على شكل حوارٍ بين دور منفرد ومجموعة من الردّيدة كذلك النمط الأدائي الموجود في غناء السّامر. وتؤدى الأدوار الأدائية في الغناء بصورة تلقائيّة في المناسبات الاجتماعيّة.

ومن الملفت للنظر التنوّع الثري في الطرق الأدائية للغناء الدرزي، الرجالية والنسائية، الفردية منها والجماعية، التي تسمح بالأداء مع المرافقة العزفية أو بدونها في بعض الأحيان. أما فيما يتصل بالمرافقة العزفية فإن الآلات الموسيقية المنتشرة في المجتمع الدرزي هي الربابة والشبّابة وآلة العود.

ولقد برز على الساحة في العصر الحديث العديد من المؤدين الشعبيّين الذين انتزعوا مكانتهم وشهرتهم في الوسط الفنّي الشعبيّ، تميّزوا بأدائهم الرصين وحفاظهم على الإرث الموسيقي الدرزي، وتناولت الدراسات والأبحاث أعمالهم وأداءهم بالتحليل وساعد ذلك في فهمٍ أعمق للموسيقى الدرزية.

المراجع :

  • الغوانمة، محمد، الغناء الدرزي في الأردن (1)، 2017، مجلّة الفنون الشعبيّة، العدد 21، وزارة الثقافة الأردنيّة، عمّان، الأردن.
  • الغوانمة، محمد، الغناء الدرزي في الأردن (2)، 2017، مجلّة الفنون الشعبيّة، العدد 23، وزارة الثقافة الأردنيّة، عمّان، الأردن.

قوالب الغناء الدرزي

مقدمة

يعتبر العرس الأردني فرصة اجتماعية يتم استغلالها بأقصى ما يمكن لاستعراض وإعادة انتاج وتوريث العديد من العادات والتقاليد، وترسيخ الكثير من القيم المجتمعية التي توارثتها الأجيال على مر السنوات الطويلة، من الشخوص وأدوارهم التي يقومون بها خلال أيام العرس، مرورًا بالطقوس والإجراءات وكيفية تنفيذها، وصولاً إلى مظاهر الفرح التي يعبّر عنها الأردنيون بالكثير من الألوان الغنائية والرقصات المتنوّعة والمختلفة، ولا يوجد قالب غنائي معين للعرس الأردني، فقد جرت العادة أن تُغنّى مختلف الألوان الغنائية في الأعراس، كلٌّ بحسب منطقته.

ويمتاز العرس الأردني بتسلسل مراحله وامتدادها على أكثر من يوم واحد، لتصل مراسم العرس في بعض الاحيان إلى “سبعة أيام بلياليها”، ولكل يومٍ تحضيرات خاصّة، ومراسم خاصّة، ولكل من هذه التحضيرات والمراسم أغانٍ معيّنة، نستعرضها في هذا البحث بحسب موقعها من مراحل العرس.

تراويد وأغاني الحنا والفاردة

تنتشر طقوس الحنا في مختلف مناطق الأردن، وتمتاز بعض المناطق بطقوس الحنا للعريس أيضًا وليس فقط للعروس، وليلة الحنا هي الليلة التي تسبق الزفاف، وظلت هذه الليلة متواجدة في العرس الأردني حتى هذه الأيام وإن أخذت أسماء أخرى مثل “سهرة الوداع، سهرة الشباب”، فعلى الرغم من قلة استخدام الحنا في هذه الليلة حديثًا، إلا أنها احتفظت بطابعها الوداعي، بصفتها الليلة الاخيرة التي يقضي فيها العرسان آخر أوقات العزوبية في بيت العائلة.

لم تكن تجري مراسم تحناية العروس في بيت أهلها، بل في بيت أحد الأعمام أو الأخوال، وذلك تمهيدًا أو محاكاةً لخروجها من بيتها إلى بيت الزوجيّة. وتسمّى النساء المشاركات في ليلة الحنّا : الحنّايات، ولهن تراويد مشهورة يقلنها في أثناء سيرهن إلى البيت الذي ستجري فيه مراسم الحنا :

واحنا مشينا ليلتين وليلة .. واحنا خذينا من كبار العيلة

يارب يسلم من تريده عيني .. علي ومحمد يسلموا الاثنين

وأيضًا الترويدة الشهيرة التي تقال في هذه المناسبة وأيضًا في الفاردة :

يا بيي فلان وسّع الميدان .. والعز لك والفرح للصبيان

يا بيي فلان وكثّر الترحيبي .. واحنا البنات ما بينا الغريبة

وافرم اللحم واذبح الشاتين .. وفلان هدّى ع النسب الزّين

شاة النذل تمشي على رجليها .. شاة أبو فلان مقصّعات ايديها

يا بيي فلان يا ذهب ع صدري .. ذابح خروفه والنذل ما يدري

ويوجد لهذه الترويدة نسخة أخرى وهي الأكثر شهرة :

فرّش الديوان يا بيي فلان وفرّش الديوان

والفرحة للصبيان والعز لك والفرحة للصبيان

قهوتك عسلية يا بيي فلان قهوتك عسلية

دقة الصبحية رطلين الشامي دقة الصبحية

من طليت أشوفه بيتك يا فلان ومن طليت أشوف

والشباب تحوفه عمدانه صنوبر والشباب تحوف

نازلين الدرب هلك يا فلانة نازلين الدرب

يشلعون القلب اهل الصهاوي يشلعون القلب

صفلنا الكراسي يا بيي فلان صفلنا الكراسي

رافعات الراسي جنك الصبايا رافعات الراسي

وتقال التراويد السابقة في الفاردة أيضًا وليس فقط في مشوار الحنايات إلى ليلة الحنا، ويُطلق على مَن تغني هذه الأغاني “روّادة”، وتُسمّى أيضًا بالـ “فرّادة” وهو الفعل الذي تقوم به في المسير إلى بيت العروس لحنّاها أو لزفافها المُسمّى “فاردة” أو “تفورد”، وتغنيها النساء من طرف أهل العريس لأهل العروس الذين يستقبلون الفرّادات بالزغاريد والبارود، وتوزيع صرر الحناء على الجارات والقريبات والصديقات ممن حضرن اللحظة، وتتم دعوة كل من تصلها صرّة الحنّا للعشاء بالغناء :

فرّقوا حنّاها تحت الدوالي فرّقوا حنّاها

وابعدوا مشحاها يا بي فلانة وابعدوا مشحاها

وبعد العشاء يأتي دور الحنا، على وقع التراويد وأشهرها :

لمّي يا لمّي وحوشيلي مخدّاتي

طلعت من البيت وما ودعت خيّاتي

لمّي يا لمّي وحوشيلي قراميلي

طلعت من البيت وما ودّعت أنا جيلي

وهي من التراويد الحزينة التي تحمل العروس على البكاء واستحضار مشاعر الشوق المحتملة لأهلها خصوصًا بعد استشعارها لحقيقة لحظة مفارقة بيت أهلها الذي كبرت وترعرعت به. ومن تراويد ليلة الحنا أيضًا ما قد تروّد به إحدى النساء من أهل العروس معاتبة :

يا الاهل يا الاهل لا يبري لكم ذمة

وش هو الـ عماكو عن ابن الخال والعمّة

يا الاهل يا الاهل لا يبري لكم خاطر

وش هو الـ عماكو عن ابن العم هالشاطر

وهناك ما تروّده النساء بما يملأ القلب حسرة وألمًا، إذا ما شعرت الروادة أن العروس مقبلةٌ على عريس لا تريده :

يا حسرتي يا رويدة بختنا قصّر

والنذل ما نوخذ وع السبع نتحسّر

والبارحة يا رويدتي كنت أنا وانتي

والفلفك بحضني وانتحب وابكي

والبارحة يا رويدتي كنا بالحارة

واسمع حنينك مع العصفورة طيارة

ومن التراويد التي تعاتب بها العروس أهلها وأباها وتتمنى بقاءها في بيته حتى وان كانت سعيدة بزواجها :

ياريت ابوي يحلف عليّ الليلة

وانا العزيزة انام بين العيلة

ياريت ابوي يحلف عليّ أباتي

وانا العزيزة انام بين خيّاتي

قولوا لأبوي الله يخلي أخوتي

استعجل عليّ وطلّعني من عزوتي

وتغني بعض العرائس تراويد تعني استعجالها للخروج من بيت اهلها، وشوقها للحظة لقاء عريسها، ومن مثل هذا :

يا حنا ما اريدك تعقد على أديّا

غير تا ييجي فلان ويعطف عليّا

يا حنّا ما ريدك تعقد على راسي

غير تا ييجي فلان واعرف خلاصي

وفيما يلي نماذج مختلفة جُمعت من مناطق عديدة للتراويد التي تقال للعروس أو على لسان العروس، سواء في الفاردات أو في ليلة الحنا :

واتحملونا يا الاهل هالليلة

وبعد سويعة وبخاطرك يا ميمة

واتحملونا يا الاهل ثلاث ساعات

وبعدها بخاطركن يا خيّات

يا ليلة الحنا متى تنقضي

وارمي ثويباتي ع دار اهلي

يا ليلة الحنا متى تكملي

واشلح ثويب امي وابوي واخوتي

يا هلي ظللوني عند القايلة

وان عطيتوني لشويقي ماني سايلة

يا منقشة بالحنا والحنا ع دياتك

والليلة باتي عنا وبكرا عند حماتك

يا منقشة بالحنا والحنا ع قميصك

والليلة باتي عنا وبكرا عند عريسك

لا تطلعي ع الدرج ترى الدرج عالي

لا تنزلي للعزب ترى العزب غالي

لا تطلعي ع الدرج يا عليبة السكر

لا تأمني للعزب ترى العزب يسكر

لا تطلعي ع الدرج يا عليبة القهوة

لا تأمني للعزب ترى العزب يهوى

لا تطلعي ع الدرج يا عليبة الحليب

لا تأمني للعزب ترى العزب غريب

لا تطلعي ع الدرج يا عليبة المشمش

لا تأمني للعزب ترى العزب يكمش

لا تطلعي ع الدرج يا عليبة التفاح

لا تأمني للعزب ترى العزب بوّاح

لا تطلعي ع الدرج يا عليبة الحنّا

لا تأمنّي للعزب ترى العزب يهنا

لا تطلعي ع الدرج يا عليبة الراحة

لا تزعلي ع العزب ترى العزب راحة

زفاف العروس

في اليوم التالي لليلة الحنّا، تقوم النسوة بتجهيز العروس وتجميلها بالملابس والحِلي والمجوهرات، بعد غسل شعرها وتمشيطه وتجديله، جدلتين على الأغلب، وفي هذه الأثناء تكون الفاردة التي يسير بها أهل العريس متجهين لمقر إقامة العروس، تسير على وقع غناء الحدا، وعند وصولها يستأذن كبير الجاهة أو الفاردة من والد العروس، وعند إجابته الطلب تنطلق حناجر النساء من أهل العروس بالزغاريد والأغاني التي تعلن بداية لحظة زفاف العروس لعريسها، ومن هذه الأغاني ما يوجد فيها مفردات تدل على استخدامها حتى نهايات القرن العشرين :

قومي اركبي ع المهر يا شجيرة الحنّا .. عريسك مثل القمر بالبيت يتسنّى

قومي اركبي ع الفرس يا شمس الملاحي .. أهلك عليكي حرس بسيوف ورماحي

قومي اركبي يا “فلانة” تمامك عادي .. شعرك رطايب رابي ع شط هالوادي

قومي اركبي يا “فلانة” والتكسي ع باب الدار .. بيك أبو فلان وبرطيله زنّار

**

رحّبي بظيوف أبوكي يا عروس يا أم الاسوارة

يا هلا بظيوف أبوي لو كانوا ملات الحارة

رحّبي بظيوف أبوكي يا عروس يا ام الحلق

يا هلا بظيوف أبوي لو كانوا ملات البلد

وتشارك النسوة من أهل العريس بالغناء وبالذات المهاهاة، مطلقات المدائح الوصفية على شرف أهل العروس :

يخلف على “بو فلان” يخلف عليه خلفتين .. طلبناه النسب واعطانا بناته الثنتين

قومي اطلعي قومي اطلعي من دارك .. واحنا حطينا هدوم أبوكي وخالِك

قومي اطلعي قومي اطلعي ولا يهمّك .. واحنا حطينا هدوم خوالك وعمّك

وعند خروج العروس يُقال :

مشّوها ع مهلها .. عزيزة ع أهلها

وعلى مهلها مشّوها .. عزيزة على أبوها

مشّوها براحتها .. عزيزة ع أخوتها

ولمواساة والدها الذي يكون متأثّرًا في الغالب لخروج ابنته من بيته، كما هو معروف عن الآباء الأردنيين شدّة تعلّقهم ببناتهم، فإن النساء تغني له الأغنية التالية وهي من مشتقات لحن “وسّع الميدان” :

لا تنام غضبان يا بيّ فلان لا تنام غضبان

فزعتك صبيان والحمدلله فزعتك صبيان

يا ولد نخيتك واعلى بظهرها يا ولد نخيت

يا كريم ببيتك والشيخة لك يا كريم ببيت

وقد تغني النساء في الفاردة على لسان العروس في حال كانت غريبة ولم تتزوج من نفس القرية أو العشيرة :

قولوا لبوي الله يخلّي ولاده .. استعجل عليّ وطلّعني من بلاده

قولوا لبوي الله يخلي اخوتي .. استعجل عليّ وطلّعني من عزوتي

ومن جملة ما تغنيه النساء عمومًا في الفاردة التي ركبت بها العروس :

واحنا مشينا ليلتين بيوم .. واحنا خذينا من كبار القوم

علّية أبو فلان بالثريا دومي .. فراشة قطايف والبسط مرقوم

يا بيي فلان شنشل الدبّوس .. خش المحاكم واطلِع المحبوس

وأيضًا :

ومن وادي لوادي واحنا مشينا من وادي لوادي

بنات الاجواد واحنا خذينا بنات الاجواد

من حارة لحارة واحنا مشينا من حارة لحارة

بنات الأمارة واحنا خذينا بنات الأمارة

من صيرة لصيرة واحنا مشينا من صيرة لصيرة

والبنت الأصيلة احنا خذينا البنت الأصيلة

ومن الصبح للعصر احنا مشينا من الصبح للعصر

طيّبات الأصل احنا خذينا طيّبات الأصل

وأيضًا :

حنا نوينا واتكلنا على الله .. يارب تسلم من قصد باب الله

يا خظر الأخظر وافتح البوّابة .. “فلان” دخيل ع النبي وصحابه

وعند وصول العروس لبيت العريس تقول النساء :

خش الفرح دارنا يا مين يهنينا .. واللي فرح لينا يجي ويهنينا

واللي فرح لينا يجي لنص الدار .. إلا إنت يا صويحبي ما جيت ولا مشوار

واللي فرح لينا يجي لنص البيت .. إلا إنت يا صويحبي ما جيت ولا هنّيت

حمام العريس وزفّته

كان الأردنيون في السابق يأخذون العريس إلى أحد عيون الماء أو الغدران التي في الجوار، للقيام بطقوس حمام العريس وإلباسه الملابس الجديدة الخاصة بالزفاف والعودة به إلى مقر الفرح حيث تكون مجموعة من النساء تنتظر موكب حمام العريس وتستقبله بالأهازيج والأغاني التي منها :

يا نويعمة الريّانة يا نويعمة الريّانة “فلان” عريس وميمته فرحانة

قولولها لام العريس قولولها ترى العريس بالحمام عريان

وديتله ميتين بدلة مخيطة يلبس ويلبِّس من حدا عريان

قولولها لأم العريس قولولها ترى العريس بالحمام حفيان

وديتله ثمان كنادر مبنّدة يلبس ويلبِّس من حدا حفيان

وأيضًا:

بالورق يا ناشد لف الحلاوة بالورق يا ناشد

للعدا جاهد واحنا انتصرنا للعدا جاهد

بالورق يا توفي لف الحلاوة بالورق يا توفي

والعدو يشوفي واحنا انتصرنا والعدو يشوفي

بالورق يا ملبّس لف الحلاوة بالورق يا ملبّس

والعدو يتيبّس واحنا انتصرنا والعدو يتيبّس

أما الأغاني التي يغنيها الشباب للعريس فمنها :

طلع الزين من الحمام الله واسم الله عليه

مبارك حمام العريس بهالساعة الرحمانية

ان شاء الله تسلم وتدوم وانت ميّة عينيّا

وانت الملك يا عريس واحنا عندك رعيّة

طلع طلع هالعريس حلو وملبّس تلبيس

زغرتي يا ام العريس جبنالك ذهب بالكيس

جبنا الورد غمار غمار ونثرناه بقاع الدار

يا ما شاء الله على طوله طوله يا مطرق ريحان

يا ما شاء الله على عيونه عيونه يا وسع الفنجان

يا ما شاء الله على سنونه سنونه يا حب الرّمان

يا ما شاء الله على جبينه جبينه يا كهرب عمّان

شطبنا اسم العريس من دفتر العزوبية

ومن أغاني النساء في هذه اللحظات :

يا راشق حنّا على عروق الشجر .. والحمدلله توّه قليبي انجبر

بالله اطلعوا “فلان” وبارونه .. يا كحل عينه من بغداد يشرونه

وفي هذه الأثناء يكون العريس قد خرج من الحمام وفي طريقه إلى إحدى الأماكن المتعارف عليها في البلدة كالمقامات المباركة أو إحدى الأشجار الشهيرة أو في ساحة معيّنة، وتتبرّع إحدى قريباته برش الملح وحبات الملبّس والتوفي وأحياناً النقود المعدنية، خوفًا عليه من عيون الحاسدين، وتسير وراءه مجموعة من النساء تعلو حناجرهن بالأغاني التي من أشهرها :

وين أزفّك وين “فلان” يا عريس .. قاعد بالحمام تلبس بالقميص

وين أزفّك وين “فلان” يا مدلّل .. قاعد بالحمام والشّعر مبلّل

وين أزفك وين يابو عيون السّود .. ع الخظر الاخظر والنبي داوود

ويغني الرجال في زفة العريس من ألوان الحداء الأردني :

حنا رجال الحرايب ضرب الموازر يلبق لنا

يا طير يلّي بالسما بلّغ سلامي لاهلنا

واحنا ان نوينا ع الحرب بالسيف ناخذ ثارنا

دارٍ دعتنا للفرح واجب علينا نزورها

ومن أغاني زفّة العريس الشهيرة التي يغنيها الرجال :

تلولحي يا دالية يا ام غصون العالية .. تلولحي عرضين وطول تلولحي ما اقدر أطول

تلولحي ع دارنا وعلى دار جارنا .. يا ام ثويبٍ طرّزتيه وحطيتي البلاوي فيه

يا ام ثويبٍ زم بزم زمّيني وانا بنزم .. هون واربط باب الحوش بيضا والفستان كلوش

شامم ريحة حندقوق وشلعت قلبي هاللي فوق .. شامم ريحة زنزلخت واخذت عقلي هاللي تحت

وتغني النساء للعريس أيضًا :

غنن لفلان يا بنات خالاته .. زفن فلان وخيّطن بدلاته

غنن لفلان يا قرابة أمه .. زفّن فلان والورد ع كمّه

وأيضًا :

طلوا النشامى من ورا التلّين .. كلهم نشامى مبرشمين الخيلِ

يا فرحتي وان كان فلان معهم .. وان كان فلان قايد الصفّين

طلّي يا فلانة من العلالي وزغردي .. وقولي هظول اخواني واهلي وعزوتي

أغاني الصمدة

عند وصول موكب الزفاف إلى موقع الاحتفال، الذي تقول الأسطورة أنه كلما توقف الموكب مرات متكررة يكون ذلك فال خير يتعلق بعدد مرّات الإنجاب، وتجلس العروس على المصمد (اللوج لاحقًا) الذي يكون مرتفعًا ليراها الجميع ولا يتسع إلا للعروسين. وتختلف أغاني الصمدة عن بقية أغاني العرس حيث يرافقها الإيقاعات على الطبلة “الدربكّة” والدفوف وغيرها من أدوات الايقاع، ذلك لسهولة استخدامها في مكان مغلق، بعكس أغاني الزفة والحنا التي يكون فيها الجهد مركّز على شؤون أخرى، ومن أغاني الصمدة :

جينا نهني ونغني عشان أمه .. ورشينا العطر الغالي على كمّه

جينا نغني ونهنّي عشان أخته .. ورشينا العطر الغالي على تخته

“فلان” حقه علينا علينا .. “فلان” ما هو غريب منّا وفينا

“فلان” حقّه عليكِ يا ام سوارة .. “فلان” ما هو غريب ابن الأمارة

**

ع عرق الدالية ترعى بغنمها ع عرق الدالية ع العالي يلا

حلوة وغالية عروسك “يا فلان” حلوة وغالية قولوا ما شاء الله

ع عرق التفاحة ترعى بغنمها ع عرق التفاحة ع العالي يلا

حلوة وفلاحة عروسك “يا فلان” حلوة وفلاحة قولوا ما شاء الله

ع عرق البندورة ترعى بغنمها ع عرق البندورة ع العالي يلا

حلوة وغندورة عروسك “يا فلان” حلوة وغندورة قولوا ما شاء الله

**

مية اسم الله يا عروس مية اسم الله

عريسك قمر وسلافك ما شاء الله

مية اسم الله يا عروس يا ام سوارة

عريسك قمر وسلافك أمارة

مية اسم الله يا عروس يا ام الخاتم

عريسك جدع وسلافك أوادم

**

غنن له يا بنات عمّه .. يا “فلان” ترى زال همّه

غنن له يا بنات الناس .. يا “فلان” ترى رافع الناس

غنن له يا بنات أخته .. يا “فلان” ترى اليوم بخته

**

بالورد والحنا رشوا العرايس بالورد والحنا .. توخذ وتتهنا يا شب “فلان” توخذ وتتهنّا

بالورد والهيلِ رشوا العرايس بالورد والهيلِ .. من كبار العيلة واحنا خذينا من كبار العيلة

بالورد والزعتر رشوا العرايس بالورد والزعتر .. يطلب يتأمر قولوا “لفلان” يطلب ويتأمّر

بالورد والريحة رشوا العرايس بالورد والريحة .. وأخذ المليحة يا شب “فلان” وأخذ المليحة

أغاني يوم الِقِرى

الِقِرى هو اسم الطعام الذي يقدّمه العريس للمعازيم الذين يحضرون الفرح، وهو بطبيعة الحال طبق المنسف الأصيل الذي يقدّمه الأردنيون في مختلف مناسباتهم، وتعكس مكوّناته الكثير من القيم الغذائية والاجتماعية. وتكون وجائب الضيافة عملاً جماعيًا يسمّيه الأردنيون بالـ “عونة” أو “الفزعة”، إذ يهب الجميع لمساعدة أهل المناسبة بتأدية واجب الضيافة للضيوف، وهي من الأدوار المقدّسة التي لا يرغب أي أردني بتأديتها على غير صفة الكمال والدقّة والمبالغة في بعض الأحيان. وتعكس بعض أغاني يوم الِقِرى قيم العونة والفزعة الجماعية :

يا مين يعاونّا ويا مين يعينّا

ع جر المناسف يا مين يعينّا

يا مين يردّ الحمل لا صار مايل

وفلان يردّ الحمل لا صار مايل

**

ذبحنا الذبايح ع المرج الاخضر .. واللي مكذّبنا يجي اليوم يحضر

**

يا علا واطلع المنسف مليان .. يا علا رز ولحم خرفان

والمنسف يدرج يدرج على الطار .. منسف أبو فلان صدّر الخطّار

والمنسف يدرج يدرج على هونه .. منسف ابو فلان خيّر يذكرونه

وفيما يلي مجموعة مختارة من أغاني العرس الأردني، قام الفنان الأردني عمر العبدللات بإعادة أدائها حديثًا للحفاظ عليها وإفساح المجال لحضورها اليوم بعد انتقال الأعراس إلى الصالات الحديثة :

المراجع

  • الزعبي، أحمد شريف، الأغاني الشعبيّة الأردنيّة، 2015، وزارة الثقافة الأردنية، عمّان، الأردن.
  • النصيرات، نضال محمود، الأغاني الشعبيّة الأردنية في العرس الأردني، دراسة، 2016، مجلّة الفنون الشعبيّة، عدد 21، وزارة الثقافة الأردنيّة، عمّان، الأردن.
  • الزعبي، أحمد شريف، أغاني الزفّة الشعبيّة الأردنية، دراسة، 2016، مجلّة الفنون الشعبيّة، عدد 21، وزارة الثقافة الأردنيّة، عمّان، الأردن.

أغاني العرس الأردني

مقدمة

تعتبرُ الجوفية من الألوان الغنائية التي لاقت انتشارًا في مختلف مناطق الأردن، من شماله لجنوبه، وهي من الألحان النشطة وذات الطابع الذكوريّ، ويرافقُ أداءها رقصة خاصّة تُعرَفُ بنفس الاسم دون مرافقة الآلات الموسيقيّة الشعبيّة، وبالرغم من الإشارة إلى الجوفيّة أحيانًا على أنّها من ألوان الغناء البدويّ، إلا أن واقع انتشارها يؤكد انتشارها أيضا في مجتمعات ريفيّة ومدنيّة.

التسمية

تشير المراجع والأبحاث إلى أن تسمية الجوفيّة ترتبط بمنطقة الجوف الواقعة الى الجنوب من الأردن، وهي من المناطق التي كانت تعتبر سكنًا شتويًا – أراضي التشريق – للكثير من القبائل الأردنيّة لفترات طويلة، ومن الجوف إلى كافة مناطق الأردن مرورًا بالأقاليم الوسطى وصولاً للمناطق الشماليّة، انتشرت الجوفيّة لاسيّما في القرن العشرين حيث ساهمت قوات الثورة العربية الكبرى والتي كانت خطوط سيرها تنطلق من الجنوب نحو الشمال، بنقل الكثير من الجوفيّات ونشرها بين الناس، خصوصًا وأن الجوفيّة من الألوان الغنائية الاكثر حماسيّة والأقرب لأجواء الحروب والمعارك.

الرقصة

تؤدّى الجوفيّة مع رقصتها الخاصة والتي صفتها أن تتقابل مجموعتان من الرجال تفصل بينهما مسافة معقولة تسمح لكل مجموعة أن يخرج منها رجلٌ حاملٌ للسيف أو العصا يمارسان الاستعراض الحربيّ في التقاء وانفصال متكرر بين الراقصين، وتبدأ المجموعتان بالغناء وترديد أبيات الشعر الغنائيّة الخاصة بالجوفيّة والسير بخطىً متزنة ضمن حلقة دائريّة يستمر فيها الدوران حتى نهاية الأغنية. وتتميّز رقصة الجوفية بالحركات الأدائية التي إذا ما أمعنّا في تحليلها نجدها تجمع بين الرقص الريفي “الدبكات” والرقص البدوي “السحجة” في آنٍ معًا وتشكّل مزيجًا بينهما بصورة لا تدع مجال للشك أن ذلك ساهم أكثر بانتشارها في مختلف المجتمعات.

ويجدر التسؤل هنا؛ أيهما نشأ قبل الآخر؟ الغناء أم الرقص؟ وهو ما يقود المتأمّل بتسمية هذا الفن إلى استنتاج ضمنيّ مفاده أن الرقصة هي التي نشأت في الأساس وأعطيت اسم “الجوفيّة”، والتصق بأدائها مجموعة من الألحان التي تناسبت مع إيقاع الرقصة، ولو كان الاسم مرتبط بالغناء أكثر من الرقصة لكان اسمه “جوفيّ”، كالهجيني والشروقي.

السمات الفنية والأدائيّة

لحنيًا : تتنوّع وتتعدّد ألحان الجوفيّات المنتشرة في الأردن والجوار، ولكنها جميعًا تتميّز بالقوّة والسياقات اللحنيّة التي تعبّر عن حالةٍ احتفاليّة طاغية، وهذا ما يجعلها في وقتنا الحاضر الرقصة الأكثر شهرةً بين طلبة الجامعات الأردنيّة في حالات الاحتفال التي تعقب التخرّج والفوز في الانتخابات الطلابية. وتؤدّى الألحان بالتكرار والترديد ما يجعلها أقرب إلى الهتاف الملحّن.

إيقاعيًا : بالرغم من عدم استخدام أي آلات موسيقية أثناء أدائها، إلا أن الجوفيات تعتبرُ من الأغاني الموزونة إيقاعيًا بعكس بعض ألحان الهجيني وجرّات الربابة التي تكون غير موزونة وأقرب إلى الموّال، ويكون الإيقاع الذي يرافقها صادر عن ضربات أقدام الراقصين، وهذا مثال واضح على الممارسات الإيقاعيّة التي سبق وأن قدمناها في بحثٍ سابق – بحث الممارسات الإيقاعيّة في الأردن – ، والتي تُستخدمُ فيها أساليب غير موسيقيّة لإصدار أصوات إيقاعيّة توضّح الوزن الموسيقي للغناء وتضبطه.

شعريًا : ككل الألوان الغنائيّة الأردنيّة، تتنوّع المواضيع والأشعار والأوزان الشعريّة تبعًا للمناسبة، وقد أبدى الإنسان الأردني عبر التاريخ سلوكًا فطريًا قلّ نظيره؛ وهو تطويع الأوزان الشعريّة والألحان بحسب المناسبة والوقت المعاصر، وهذا ما انعكس على الجوفيات تنوّعًا في المواضيع التي تتناولها أشعارها الغنائيّة. ومن خلال تحليل نماذج مختلفة من الجوفيات الشهيرة نجد في مفرداتها تنوّعاً يعكس انتشارها في مختلف المجتمعات البدوية والريفية والمدنية في الأردن، مع الأخذ بعين الاعتبار التداخل الكبير بين الأنماط الاجتماعيّة الثلاثة في الأردن. فتارة نجد تشبيهات مأخوذة من بساتين الرمّان والمشمش والتفّاح، وتارة نجد مفردات غزليّة تُبرز جماليّات اللباس البدوي.

نماذج

من الجوفيات الغزليّة التي انتشرت واشتهرت في الأردن، جاءت على شكل حوارٍ بين عاشقين، فتقول الفتاة :

يا نجم يلي بالسما واسمك سهيل .. بالله وان شفت الولف دلّه عليّا

قلّه المفتاح بطاقة البيت .. وان ما لقى المفتاح ينده عليّا

فيجيب الشاب :

ظلّيت أنادي وأطرق الباب بالسيف .. عيّوا يا باب هلك لا يفتحولي

وتسألني من هو اللي بالباب قلت ضيف .. ضيف يريد القرب لو تسمحولي

فتجيبه الفتاة :

يا من يقول لهلي عندنا ضيف .. ضيف يدوّر كحيلات العين

والله لافتح للواقف ورا الباب .. والله ولافتحو لو هلي قطّعوني

وبعد هذا الحوار يقوم الشاب بوصفها لصديقه قائلاً المقاطع الغنائية التالية الشهيرة :

وعيونها يا خوي وتقول تفّاح .. تفاحة على أمها مستوية

وعيونها يا خوي وتقول فنجان .. فنجان من القهاوي ممتليّة

ونهودها يا خوي وتقول رمّان .. رمّانة على أمها مستويّة

وقرونها يا خوي وتقول حنشان .. بأرض الفلا كن هاشن عليّا

كحل الغوا يا طير مسحون بالهاون .. مازون بالميزان ربع الوقيّة

ومن الجوفيات ذات الطابع الحواري ما جاء فيها نصيحة المجتمع للفتاة العزباء :

يا طايحة تغسّلي في اقصيبة الغليون .. لا تأمنّي للعزب ترى العزب مجنون

يا طايحة تغسّلي في اقصيبة المشمش .. لا تأمّني للعزب ترى العزب يكمش

فيعاتب الشاب الفتاة قبل أن تلقي بالها للنصيحة قائلاً :

والله لعاتبك ما انا عليك جاحد .. قلبي وقلبك سوا مفتاحهن واحد

يامن لقى محرمة بالسوق مرمية .. شريتها بأربعة وبرطيلها ميّة

فتصرفه الفتاة قائلة :

يا قويعدٍ ع الرّجم هيلك ينادونك .. قلبي يحبّك واهلي ما يريدونك

وش جيّب العبد يرقد بمنام سيده .. يستاهل الذبح وفوق الذبح قطع ايده

يا قويعدٍ ع الرجم تحتك نهر يجري .. انت سبب علّتي والناس ما تدري

ومن الجوفيات الغزلية ما جاء على لسان العسكريّ الأردني مخاطبًا صديقه ويبث له شكواه من الحب :

راكبٍ اللي كنّها رف القطاة .. شالت العدّات والعدّة قويّة

يابو فلان يا زبون الملزماة .. من يقولن للخوي خلّي خويّه؟

قاعدن بالدار لشوف البنات .. ما ركبت مدرّعة بأول سريّة

وان كان خِلّي صدّني يا كثر البنات .. مير عذر القلب والعلّة خفيّة

ومن الجوفيات التي يُعتقد انها قيلت في أواسط القرن الماضي، يتغزّل بها الشاعر في محبوبته التي من مدينة الفدين (المفرق لاحقًا) :

عيني ظبية ربّعت بأرض الفدين .. قادت الغزلان والرّيم تلتها

لي عشير ساكنٍ بأرض الفدين .. يا هنوه من هو ع الخيل طلبها

لي وصفة بعشيري شامتين .. ترفع العصبة والقذلة طرّفتها

ومن الجوفيات ما هو في مدح نسب وأصل الفتاة :

والشق اللي انبنى رنّت فناجيلو .. شيخٍ بلا عزوته قلّت مراجيلو

يا بنت شيخ العرب يا ام العبا الزرقا .. وأبوكِ شيخ العرب حاكم على البلقا

يا بنت شيخ العرب يا واردة الميّة .. وأبوكِ شيخ العرب حاكم على ميّة

ومن الجوفيات الحديثة التي يُلاحظ في مفرداتها تغيّر الوزن الشعري ودخول مفردات وتسميات لأزياء حديثة مثل “المكسي”، وفيها ما هو من الطرافة والفكاهة المعهودة عندما تتحدث الزوجة عن حماتها :

بالمكسي البنّي خشّي حارتنا بالمكسي البنّي

رايحة تجنّني أمك يا محمد رايحة تجنّني

بالمكسي الزيتي خشّي حارتنا بالمكسي الزيتي

خرّبتلي بيتي أمك يا محمد خرّبتلي بيتي

وهذا الوزن الشعري هو امتداد لجوفيّة قديمة تقول كلماتها :

ع الحجر برّا هيه يلّي قاعد ع الحجر برّا

والعيشة مرّة من بعد فراقك والعيشة مرّة

مشبوك بدبّوس طيرٍ بالسّما مشبوك بدبّوس

مبروك العروس يا بيّي “فلان” مبروك العروس

المراجع :

  • حجاب، نمر حسن، الأغنية الشعبيّة في عمّان، 2003، موسوعة عمّان التراثيّة (5)، منشورات أمانة عمّان الكبرى، عمّان، الأردن.
  • الزّعبي، أحمد شريف، الأغاني الشعبيّة الأردنيّة، 2015، وزارة الثقافة، عمّان، الأردن.

الجوفيّة

مقدمة

تعتبر الجفرا من الألوان الغنائية المنتشرة في الأردن وتحديدًا في شماله، ضمن انتشارها في المناطق المجاورة بصفة عامّة، وكغيرها من الأنماط الغنائية الشعبيّة فإن الأمثلة عليها كثيرة ومتنوّعة بما يعكس اختلاف وكثرة المواضيع والمناسبات والمزاجات الإنسانيّة التي يخضع لها الشعر الغنائي الشعبيّ.

التسمية

لتفسير اسم جفرا روايات متعددة تختلف من منطقة لأخرى، ولكن المصادر البحثيّة تشير إلى أن الجفرا هي الشاه الصغيرة “السْخَلَة،الصْخَلَة”، التي تمتاز بقامتها المشدودة وحركتها الرشيقة وسلوكها الوادع والودود، وتبدأ أغلب الجفراويات بالحديث عن الجفرا “السْخَلَة” كنوعٍ من تشبيه الحبيبة بصفاتها، وعليه؛ فإن مبدأ الجفرا من حيث الأساس هو الغزل والحب، وإن تنوّعت موضوعاتها لاحقًا أسوةً ببقيّة أنماط الغناء الشعبيّ.

السمات الأدائية

تؤدى الجفراويات، ككثيرٍ من أنماط الغناء الشعبيّ على رأسها الدلعونا، كأغانٍ مرافقة للرقصات، ويُعتبر إيقاع وروح الجفرا أقرب إلى الدبكات من الرقصات الأخرى، وعلى تنوّع ألحانها تتنوّع أنماط الدبكات التي ترافقها الجفرا بالغناء والعزف على إحدى الآلات النفخية المتوفّرة، كاليرغول أو المجوز.

تشترك معظم أبيات الجفرا في الوزن الموسيقي مع لحن “ع اليادي اليادي”، وهو ما يفسّر الكثير من تشابه الأبيات رغم اختلاف الألحان بين النمطين الغنائيين. ويتكون البناء الشعري للجفرا من بيتين رئيسيين، في كل بيت شطرتان – الصدر والعجز -، تنتهي الشطرات الثلاث الأولى بنفس القافية، فيما تختلف الأخيرة عن سابقاتها الثلاث، وهو ما يشبه إلى حدٍّ بعيدٍ الدلعونا والعتابا، ولتوضيح ذلك نورد المثال التالي :

جفرا وهيه يا الربع  وطلعت ع السطوحي .. والشعر على الكتف من الهوا يلوحي

أنا حلّفتك بالله وبسرّي لا تبوحي .. احنا اللي ربينا سوا بالحارة الغربيّة

وتشتهر الجفراويات بافتتاحيات معيّنة منها :

جفرا وهيه يا الربع :

جفرا وهيه يا الربع وتصيح دِلّوني .. غشيمة بنوم الحظن يا ناس دِلّوني

وان كان عليّي ذنب بالبير دَلّوني .. واقطعوا بيّا الحبل ما هو جزا ليّا

يا ريمتن :

يا ريمتن تحدرت من فوق الجبالِ .. والعين سودا كحلة من جرّ الميالي

ما اريد منه شغل بس يقعد قبالي .. بايدي لاجيبله الخبز واجيبله الميّة

يما مويل الهوا :

يُما مويل الهوا يُما مواليّي .. جسر الحديد انقطع من دوس رجليّي

مشوار مشيتو الصبح ومشيتو عصرية .. يا حباب لا ترحلوا ظلّوا حواليّي

فيما من الممكن أن تبدأ جفراويات أخرى بمطالع غير محددة، مثل :

من يوم غاب الولف تبدّلت أحوالي .. صار الربيع خريف يا طويل الليالي

تهيألي الشتا بالصيف مدري شو جرالي .. حتى طيور الفلا تترحّم عليّا

https://www.youtube.com/watch?v=4QH7ynTzo1Q

الجفرا في الأغاني الأردنية المعاصرة

اشتهرت في القرن العشرين حركة استعادة الألحان الشعبيّة وإعادة تقديمها في قوالب وموضوعات مختلفة، ضمن توازيع موسيقيّة حديثة بوجود الآلات الموسيقيّة والإشراف التقني من المختصين، وقاد هذه الحركة نخبة من رجالات الوطن على رأسهم الشهيد وصفي التل والمشير حابس المجالي، ومعهم لفيف من الشعراء والملحنين والمغنيين الروّاد الأوائل الذين التقت تطلعاتهم بالإرادة السياسيّة ووجهة نظر الدولة العميقة للفنون ودورها في شحذ الهمم وتكوين الهوية الوطنية الجامعة، فأبدعوا في انتاج العديد من الأعمال الإذاعية والتلفزيونية التي سافرت من استديوهات عمّان إلى أصقاع الدنيا على أنها التعريف الجمالي لكل ما هو أردني في القرن العشرين.

ومن الجيل الثاني الذين عاصروا هذه التجربة، الشاعر حبيب الزيودي، الذي وعندما أراد استذكار الشهيد وصفي التل في مطلع القرن الواحد والعشرين، كتب قصيدته الشهيرة التي جاءت على نمط الجفرا ولحنها المعروف، وهي :

رفّن رفوف الحجل رفٍّ ورا رفي .. خيلٍ أصايل لفن صفٍّ ورا صفّي

وأقول يا صويحبي يكفي عتب يكفي .. يا مهدّبات الهدب غنّن على وصفي

المراجع

  • الزعبي، احمد شريف، الأغاني الشعبيّة الأردنيّة، 2015، منشورات وزارة الثقافة، عمّان، الأردن.
  • حجاب، نمر حسن، الأغنية الشعبيّة في عمّان، 2003، موسوعة عمّان التراثية (5)، منشورات أمانة عمّان الكبرى، عمّان، الأردن.

قالب الجفرا الغنائي

مقدمة

اهتم الأردنيّون منذ فجر تاريخهم بالزراعة وطقوسها، فعلى أرضهم ظهر أول منجلٍ في التاريخ قبل عشرة آلاف سنة قبل الميلاد، وهو رمز الحصاد ومحاصيل الخير التي تجود بها الأرض، وفي البادية الشماليّة الشرقيّة عثر الباحثون على بقايا خبز قمح تعود لأربعة عشر ألف عام قبل الميلاد. وظلت التقاليد الزراعيّة وطقوسها تنتقل من جيل إلى جيل عبر أجيالٍ من الأردنيين الذين حافظوا على هذه التقاليد واهتمّوا بها اهتمامًا جعل لها حيّزًا في المرويات والأمثال والقصص الشعبيّة، بالإضافة إلى حيّزٍ فنيٍّ وجماليٍّ في إرثهم الموسيقي.

طقوس استجلاب المطر (الغيث)

تبدأ السنة الزراعيّة بانتظار موسم المطر، الذي يحيّي الأرض ويوفّر أهم العناصر للشروع بكامل مراحل الزراعة، وعليه؛ فإن طقس “أم الغيث” هو من أبرز الطقوس الإيمانيّة التي استنّها الأردنيّون لاستجلاب المطر والخير من السماء، و”أم الغيث” هي شخصية معنوية يؤمن الأردنيون بأنها ترمز للمطر والغيث، لذا فهم يغنّون لها طلبًا للمطر. وتختلف طقوس الغيث من منطقة لأخرى اختلافاتٍ طفيفةٍ، إلا أنها عامل مشترك بين جميع الأردنيين تاريخيًا. ويُقال لمن يغنّين لأم الغيث أو يقمن بطقوسها “الغيّاثات”، ومن جملة الأغاني التي تُقال لها :

يمّ الغيث غيثينا .. ملّي الجرة واسقينا

يمّ الغيث غيثينا .. خبز وزيت طعمينا

راعينا حسن الاقرع .. طول الليل وهو يزرع

يزرع قمحنا القصري .. تـ نملّي خوابينا

يمّ الغيث غيثينا .. بلّي شويشة راعينا

راعينا شرد عنّا .. وبدّو جدايل حنّا

يمّ الغيث يا حدرج .. تخلّي سيلها يدرج

يمّ الغيث غيثينا .. ومن ميّاتك اسقينا

يمّ الغيث غيثينا .. واسقي حلال راعينا

يمّ الغيث غيثينا .. بلّي زريع راعينا

راعينا أكل الجلّة .. وحسبها خبز ملّة

يمّ الغيث يا دايم .. بلّي زريعنا النايم

 بلّي زريع أبو جابر .. هاللّي ع الكرم دايم

يمّ الغيث غيثينا .. بلّي زريع راعينا

راعينا حسن الأقرع .. ما يشبع ولا يقنع

يا الله الغيث يا الله الغيث .. واحرقتنا شمس الصيف

يا الله الغيث يا ربّي .. تسقي زريعنا الغربي

يا الله مطر يا الله رشاش .. يا الله عرايس ببلاش

يا الله الغيث يا رحمن .. تسقي زريعنا العطشان

يا الله الغيث يا ربي .. خبز يقرقد في عبّي

شتّي وزيدي بيتنا حديدي .. عمنا عطالله ورزقنا على الله

أما طقوس أم الغيث، فهي أن تقوم نساء القرية بحمل عصاة عليها ثوب إمرأة، ويرفعونها ويطوفون فيها داخل الأزقة والأحياء، ويغنّون أغاني أم الغيث، وتكون صفة الطواف أن يبدأ موكب أم الغيث من الشرق إلى الغرب، ثم إلى الشمال، ثم إلى الجنوب، على أن ينتهي الطواف عند بيت رجلٍ كريمٍ أو “صاحب بخت”، استبشارًا بحظّه بأن يُستجاب لطلبهم، فيستقبلهن صاحب البيت بإطلاق البارود ترحيبًا بأم الغيث، ثم يذبح ذبيحة لها، وتقول المرويات الشفهية أنه ساعة “ما يفجّ الدم” من الذبيحة، تكون ساعة مباركة وفي أغلب الأحيان يهطل الشتاء ولفترات طويلة. وفي بعض الأحيان يقوم بطقوس أم الغيث مجموعة من الأطفال، يجمعون من كل البيوت مواد غذائيّة ويعطونها لصاحب البيت الذي تقع عنده أم الغيث بعد رميها عشوائيًا، فيقوم بعمل وليمة جماعية لكل الأهالي في بيته. وخلال جمع المواد الغذائية للوليمة يغني الأطفال لسيدات البيوت :

أم “فلان” يا أميرة .. يا لابسة التقصيرة

بحياة عيسى وموسى .. لا تبخلي علينا

كانت هذه الطقوس تقام في معظم البوادي والقرى والمدن الأردنية، وفي بعضها يُطاف بأم الغيث حتى تصل إلى مقام مبارك، كمقام الخضر في السلط أو ماحص أو الكرك (شفيع البوادي الأردنيّة) أو مقام أبي الدرداء في قرية سوم/إربد، فعلى سبيل المثال كانت النساء السلطيات يغنين :

يا الخظر جيتك زايرة .. وأنا بأموري حايرة

كل القرايا فلّحت .. وقريتنا ظلّت بايرة

مجموعة من نساء قرية السماكيّة في الكرك يقمن طقوس استسقاء شبيهة بطقوس أم الغيث عام 2014، المصدر : موقع أبونا

وفي بعض المناطق الشمالية كانت النساء تضع قطعة قماش على عود قصب، ويُسمّى “الشرشوح”، وتحمله إحداهن وتسير في مقدمة مجموعتين تقومان بترديد المغايثة على شكل حوار :

ياربنا يا ربنا واحنا صغار شو ذنبنا

طلبنا خبز من امنا ضربتنا على يدنا

ياربي تبل الشرشوح واحنا تحتك وين نروح؟

ويستمر الموكب بمسيره، وعند مروره بكل بيت فعلى أصحابه أن يرشوا على الشرشوح قليلاً من الماء، وينتهي الموكب في ساحة المسجد الذي يكون ممتلئًا بالعجائز اللاتي يطحنّ الرحى طحنًا وهميًا دون حبوب، ويستقبلن الموكب بالغناء لأم الغيث :

راحت أم الغيث تجيب رعود .. ما اجت وان الزرع طول القاعود

راحت أم الغيث تجيب امطار .. ما اجت وان الزرع طول الاشجار

وعندما تمطر يغنّي الأردنيون عمومًا :

نقّطت نقّطت .. عين الراعي دوّدت

والرّاعي بده عشب .. قاعد صافن ع الدرب

التنبؤات الجوية

طوّر الأردنيون عبر تاريخهم الحضاري الطويل والمتسلسل غير المنقطع، تجربتهم في معرفة أحوال الطقس والمناخ، والتنبؤ بالأوضاع الجوية وانعكاسها على الزراعة، من خلال عدة مؤشرات انتبهوا لها وحفظوها وراقبوها وتأكدوا من دقّتها، ولتسهيل نقل هذه المعارف الطبيعية والخبرات التي حصدها الانسان الاردني نتيجة احتكاكه وتفاعله مع الطبيعة على مدى آلاف السنوات بشكل مباشر، فقد حوّلها إلى أمثال وأغانٍ سهلة الحفظ والترديد.

كان الأردنيون يعرفون مسبقًا طبيعة الموسم المطري من مراقبة سلوك الطيور، ومن أقوالهم التي تلخّص حالات مختلفة :

  • بسنة الشنّير احفر البير : أي في السنة التي يظهر فيها طائر الشنّير، يمكن للشخص أن يحفر بيره استعدادًا لاستقبال موسمٍ مطريٍّ مبشّر.
  • بسنة الزرزور احرث البور : أي في السنة التي يظهر فيها طائر الزرزور، فإن الأرض البور يمكن حراثتها والاستفادة منها.
  • بسنة الحمام تغطّى ونام : أي في السنة التي يظهر فيها الحمام بكثرة، فإن المقولة الشعبية تنصح المزراع بأن لا يفارق فراشه، لأنه لا فائدة من الموسم.
  • بسنة القطا بيع الوطا : أي في السنة التي يظهر فيها طير القطا، يُنصح ببيع “الوطاة” أي الأرض، لعدم جدوى الزراعة فيها.

أغاني الحراثة

تعتبر الحراثة من المهن الشاقة، وهي تتم من خلال الاستعانة بالحيوانات، كثورين أو حمارين أو بغلٍ. ومن أغاني الحراثة ما يغنيه الحرّاث على بغله داعيًا إياه للحذر في الحراثة من الدخول في أراضي الجيران، من باب الأمانة، مع بعض الغزل الذي يحتل مساحته في غناء الأردنيين الشعبيّ، بصفة شبه دائمة، وهي من قالب الدلعونا :

أقطع بالحدّ وأقطع بالحدّي .. خطبت الحلوة وما حدا قدّي

بالله يا بنيّة تيجي لعندي .. سلطة بندورة وملح الليمونا

ومن أغاني الحراثين أيضًا :

كل الحراثين حلّت .. عيني على فدّانه

يا سكته من فضّة .. غزلان بثيران

**

قوّمني من سروة ليل .. من الصبح مع نجم سهيل

ويلي من الصقعة يا ويل .. يا ويلي من الحورة

مرّة أعبي ومرة أبذر .. وأبذر ورا البقرة

أغاني الحصاد

تعتبر الحصيدة ذروة النشاط الزراعي اجتماعيًا في الأردن، فهي اللحظة التي ينتظرها الناس منذ الشتاء، ويشارك فيها كل شخص مقتدر، وهي مرحلة شديدة القسوة، إذ تكون خلال فترات الحر، لذا فإن السلوك الإنساني في استخدام الأغاني للتخفيف من وطأة العمل، نجده في فترات الحصيدة في أوجه. ومن أغاني الحصادين الشهيرة ما قيل في المنجل، أداة الحصاد ورفيقه :

منجلي يا من جلاه .. رايح للصايغ جلاه

ما جلاه إلا بعلبة .. ريت هالعلبة عزاه

منجلي يابو الخراخش .. منجلي بالزرع طافش

أحصد وألوّي عليه .. وانده الجمّال ليه

منجلي بولاد رن .. ما بقي لك غير سن

من بعد الأربع سنون .. ما بقي لك غير سن

ومن أغاني الحصادين أيضًا :

زرع شيخة وما عليه .. وادمجه وألوي عليه

زرع شيخة ما يبات .. يا ولاد النايمات

يوم اسمعت الزغاريت .. كنت عيان وبريت

يا بنية يلي بالبيت .. شوفيني كنّي ذليت

جابوها واجت تنجرّ .. جابوها بشوب وحرّ

زرعنا للحلوة شكارة .. والرقم ثلاث صاعات

راح الطلال يطل .. لاقاهن قذل بنات

حصدناهن وغمرناهن .. سوّن ثلاث تلّات

درسناهن وذرّيناهن .. وعبّيناهن بشوالات

جبنا جمال الحوارنة .. مع جمال الحويطات

أولهن خش المدينة .. وتاليهن ع البيدر بات

**

تلولح بالمنجل ودوّر .. وارمي للزينات غمور

هات مروّة هات مروّة .. والعزيمة بدها قوّة

بدها ساعد بدها قوّة .. سبعك يل ما بيك مروّة

ومن الأغاني التي يغنيها الحصادون لمعاودة شحذ الهمم وتجديد النشاط بعد الدخول في حالة التعب والكسل :

لاحصد في أيديّ الثنتين .. من خوف الغلا والدّين

لاحصد في أيديّ العشرة .. من خوف أبيع البقرة

حنتوري يم الدربين .. يا خي خذلي مكاتيبي

وسلم سلم ع الغالي .. مع جيرة الجنايبي

يا شباب ارموا المطوح .. العنب والتين روّح

والشباب اللي تراهم .. وافتح القادم وراهم

ومن الحوارات الغنائية الجميلة والظريفة بين الحصادين وكبيرهم “المعلّم” :

الحصادين : يا معلّم لا تخاف .. حصيدة ع بو نظاف

المعلم : والنبي صلّوا عليه .. ألف صلى الله عليه

الحصادين : يا معلم حلّنا .. لـ انقيقب كلنا

المعلم : لن قيقبتوا كلكوا .. والعصاة بتلمّكوا

والعصاة عصاة لوز .. كل هواة بتحوز حوز

وفي الحوارية السابقة نجد روح الفكاهة والمزاح بين الحصادين والمسؤول عنهم، ما يشير إلى روح المساواة وإقصاء قيم العبودية والاستغلال، أو الطبقية التي تمنع صغار العمّال أن يمازحوا كبيرهم.

أغاني الرّجاد

تأتي عملية الرّجاد بعد الحصيدة فورًا، ويقوم بها الأطفال أو الشباب الصغار، وتشمل تحميل القش (المحصول) على ظهور الجمال بواسطة الشبكات، أو على ظهور البغال والحمير بواسطة القادم، ولا يقل الشقاء في هذه العملية عن غيرها من عمليات الحصاد والحراث، ومن أغاني الرّجاد :

وانت يا جمّالنا .. يا شيّال حمالنا

وانت يا جمّال وانت .. يلي عينك عين البنت

لا تخلّي غمورنا .. وانقلها لدورنا

وشاركنا بسرورنا .. قوم يا شوق البنات

أغاني الدراس

يقوم بعملية الدراس غالبًا من قام بالرجاد، وتشمل عملية الدراس دق غمور القمح التي تم جمعها وجرزها على شكل ربطات مضغوطة، يتم طحنها بواسطة أداة ثقيلة، حتى يتسنى لحبوب القمح الخروج من السنابل، ومن أغاني الدراسين :

هب الهوا يا ياسين .. يا عذاب الدراسين

يا عذابي انا معهم .. ما للقوم تطالعهم

تطالعهم وتباريهم .. وتشلّع طواقيهم

ويردد الدراسون أثناء عملية الدراس :

لا كاب الدور لموه .. لمه ما هو علي

لمه ع الشواعبية .. والشواعبية ثلاثة

واحد روح على الدار .. تاني قيل بالفية

ثالث قرصته حية .. قرصته حية ومات

وابكن عليه يا بنات .. ابحشوا له وغمقوا له

وبعده عيونه مبحلقات

وعندما يقوم الدراسين بعملية التذرية، وهي أن يقوم الشواعبي (الذي يستخدم الشاعوب)، بتذرية (نثر) الكوم المدروس عاليًا بواسطة الشاعوب، آخذًا بعين الاعتبار اتجاه الهواء، ومع تكرار نثر الكوم في الهواء ينفصل إلى كومين، حيث تترسب حبوب القمح في الأسفل بسبب وزنها الأثقل من وزن القش الفارغ الذي يحمله الهواء ليكوّن كوم آخر يتم استخدامه كتبن، ويقال عند عملية التذرية :

يا مذارية صفوا النية .. الواحد منكو يسوى مية

هب الهوا يا ذاري .. كيلة بلا مصاري

هب الهوا يا ذاري .. يا عذاب المكاري

هب الهوا يا ياسين .. يا عذاب الدرّاسين

المراجع

  • العمد، هاني، أغانينا الشعبيّة في الضفّة الشرقيّة من الأردن، 1968، دائرة الثقافة والفنون، وزارة الثقافة والإعلام، عمّان، الأردن.
  • الزعبي، أحمد شريف، الأغاني الشعبيّة الأردنيّة، 2015، وزارة الثقافة الأردنية، عمّان، الأردن.
  • مقابلات ميدانيّة مع السيّدة آمنة محمد مناور أبو الغنم أجراها فريق عمل إرث الأردن، 2017، عمّان، الأردن.

الطقوس الزراعيّة في الإرث الموسيقي الأردني

مقدمة

يُعدّ المهباش أحد أهم مقتنيات البيت الأردني في كافة المناطق الأردنيّة، وهو الأداة التي تُستخدم لطحن حبوب البُن بعد حمسها (تحميصها) استعدادًا لطبخها وتحضير القهوة الأردنيّة؛ التي لها مكانة مرموقة في قيم الضيافة الأردنيّة تتخطّى كونها مشروبًا للضيافة وترتبط بما حمّله الأردنيّون للقهوة تاريخيًا من المعاني والدلالات والقواعد التي تحكم إعدادها وتقديمها وشربها، حتى باتت القهوة الأردنية “مفتاح السلام والكلام” وميزانًا لتقدير المواقف ولغةً تختصر الكثير من الشرح والتوضيح لإيصال الكثير من الرسائل في الفرح والحزن والسّلم والحرب.

والمهباش هو كتلة خشبيّة أسطوانيّة الشّكل في ثلاثة أرباعها السفليّة وقطرها 30 سم، ومخروطيّة الشّكل في ربعها العلويّ الذي ينتهي بفتحة قطرها حوالي  8 إلى 10 سم، وتمتد هذه الفتحة في عمقها إلى داخل الكتلة الخشبيّة بما يساوي ثلثي ارتفاعها الذي يكون بمجمله حوالي 35 سم. وللمهباش يدٌ خشبيّة على شكل أسطوانة رفيعة قطرها أقل من قطر فوهة المهباش بما يسمح لها بالدخول إلى عمقه، وطولها حوالي 80 سم. ويُطلق على المهباش تسميات عدّة منها : الجرن، النجر، الهاون، المدق. أما يد المهباش فتُسمّى بالأردنية “إيد المهباش”، أو “إيد الجرن”.

التسمية

جميع تسميات المهباش الأخرى (الجرن، المدق، النجر، الهاون)؛ تفضي إلى معنىً واحدٍ وهو طحن وتفتيت الحبوب التي توضع بداخله لهذه الغاية. لكن تسمية مهباش؛ وهي لفظة تعني في اللغة النحوية (جَمَعَ)، وعليه فإن المهباش هو الوسيلة التي يُجمَع بها الناس وتتم دعوتهم من خلالها لأمرٍ ما، كما أن الرواية الشفوية تقول أن شيخ إحدى العشائر كان لديه خادمً اسمه مهباش، كلما أراد أن يجمع أفراد عشيرته أرسل مهباش لينادي بهم، وبعد موت مهباش استعان الشيخُ بأخيه، فلم يكن يجيدُ ما كان يقوم به أخوه، فأشار عليه الناس للضرب بالجُرن والاستعانة بها كوسيلة للفت انتباه الناس إلى بيت الشيخ ودعوتهم إليه، وحصل أن سُمّي الجرن آنذاك بالمهباش، تكريمًا وتخليدًا لمرسال الشيخ.

الاستخدامات

للمهباش عدة استعمالات نشأت وتطوّرت حسب الحاجة من عدمها وخضعت لتبدّلات وتغيّرات النمط الاقتصادي والاجتماعي في الأردن، وهي كما يلي :

الاستخدام النفعي : وهو الغرض الأساسي الذي استخدم الأردنيون من أجله المهباش، لطحن حبوب القهوة بعد حمسها بالمحماسة. ولهذه الغاية؛ اقتنى الأردنيون المهابيش في بيوتهم، وبنوعٍ خاصٍّ في المضافات وبيوت الشيوخ، ووضعوه في الزاوية المخصصة لإعداد القهوة، وتاريخيًا؛ فإن هذه المهمّة يقوم بها الرجال حصرًا لما فيها من مشقّة إشعال النار وطحن القهوة قبل طبخها وتقديمها للضيوف. ويُدعى الشخص الذي يقوم بإعداد القهوة “القهوجي” أو “الفداوي”، وهو بالضرورة يتقن دق المهباش بحرفية ومهارة عالية إلى جانب تميّزه بإعداد القهوة بالمقادير والمعايير الدقيقة التي يحرص الأردنيون على تطبيقها للوصول إلى أفضل نكهةٍ يمكن تقديمها للضيوف، وعلى الرّغم من أهميّة المهباش ومكانته إلا أن الفداوي الذي يتسبب بكسره خلال النجر يحصل على مكافأة خاصّة وهي عبارة عن رداء يُسمى “لبسة الجرن”، وذلك لأن كسره دليلٌ على كرم صاحب البيت الذي لا تنطفئ ناره ولا تهدأ مهابيش بيته عن طحن القهوة خلال تحضيرها المتواصل إكرامًا للضيوف.

الاستخدام الجمالي : ويُقصد به الموسيقى الايقاعيّة التي يُشكّلها ويرتجلها الفداوي خلال طحنه للقهوة بالمهباش، وهو سلوكٌ طوّره الإنسان الأردني على مرّ الزمن لتحويل العمل الروتيني (طحن القهوة يوميًا) إلى مساحة جماليّة يستخدم خلالها ضربات المهباش بالتعبير الجميل عن استمتاعه بإعداد القهوة للضيوف الذين لهم ولضيافتهم قدسية فائقة في الناموس الأردني.

الاستخدام الديكوري : مع تفوّق الماكينة الكهربائيّة وتطوّر المعدّات التي سارع الأردنيون لاستخدامها لتحضير القهوة في سياق تفاعلهم الإيجابي مع تطوّرات العصر وتمسّكهم بتقاليد ضيافة القهوة، لم يكونوا ليتخلّوا عن المهباش؛ فتحوّل الأخير إلى تحفة جماليّة يتم عرضها في المضافات على اعتبار أنها ترمز لهذه الأداة التي رافقت أجيال الأردنيين في حياتهم اليوميّة واهتمامهم بإكرام الضيف وحفاظهم على تقاليد القهوة الأردنية المتوارثة، فأصبح المهباش تحفة يتم تزيينها بالزخارف التراثيّة وترصيعها بالأحجار الكريمة وتلبسيها بالفضّة والذهب، كما أن المهابيش القديمة التي ورثها الأردنيّون في القرن العشرين والقرن الحادي والعشرين من أجدادهم المباشرين أصبحت تُعرَض كتحفة تذكارية وتاريخيّة بالنظر إلى عمرها وارتباطها بذكرى الجد أو الأب.

صناعة المهباش

تُصنع المهابيش من الخشب الخام الذي يؤخذ من جذوع الأشجار الحرجيّة، وتتباين أنواع الأخشاب بحسب التنوّع البيئي في الأردن مما يجعل لبعض أنواعها أفضليّة أكثر من غيرها نظرًا لجودتها ومزاياها التي تتناسب مع معايير صنع المهباش وكيفيّة استخدامه :

  • البطم : يُعتبر خشب البطم الذي ينمو في مناطق مختلفة في شمال وجنوب الأردن، أفضل الأنواع التي تُستخدم لصنع المهباش وذلك بسبب صلابة الطبقة السوداء التي في داخل الساق أو الجذع، وهذه الصلابة هي سرّ الصوت الرنّان الذي ينتج عن عملية الطرق. كما أن خشب البطم لا توجد فيه الكثير من الشقوق التي تسرّع من اختراقه بالسوس والحشرات، إلى جانب أنه يحتمل عمليات الزخرفة والحفر وقلّما يتأثّر بمتغيّرات الطقس من الحرارة والبرودة على مرّ الزمن.
  • البلّوط : يمتلك خشب البلوط المميزات التي تجعله من الأخشاب الشائعة في صناعة المهباش وغيره من الأدوات الخشبيّة، فهو منتشر بكثرة في الأردن، وقادر على أن يكون مثاليًا كالبطم كمادة خام لصناعة المهباش الذي يتم طحن القهوة به لمرّات عديدة في اليوم، ما يتطلب الصلابة وقدرة التحمّل كالتي يتمتّع بها خشب البلّوط.
  • الزان : يُعد خشب الزان من الأنواع ذات الجودة نظرًا لصلابته وعمره الطويل وقدرته العالية على تحمّل مختلف العوامل التي تؤدي بالعادة إلى تلف الخشب أو تكسّره، وهو خشب مقاوم للتسوّس.
  • الخرّوب : يتم استخدام خشب الخرّوب في صناعة المهباش كبديلٍ عن البطم في حال عدم توفّره، وتنمو أشجار الخرّوب في وسط وشمال الأردن، ويحتاج إلى سنة من التجفيف والتخزين ليصبح صالحًا لصناعة المهابيش منه، ويتميّز بلونه الأحمر ومقاومته النسبيّة لعوامل الطقس المختلفة والتشقّق.
  • السّدر : وهو خشب صلب لونه أحمر ويتواجد في مناطق مثل العقبة والأغوار.
  • السنديان : يُعتبر السنديان أقل صلابة من البطم، لذا فهو يُستخدم أكثر في صناعة يد المهباش على اعتبار أنه لا يؤذي المهباش خلال طحن القهوة بداخله، ويتمتّع خشب السنديان بمتانة تجعل منه أكثر ملائمة لاستخدامه في صناعة يد المهباش واحتمال تكرار الطرق والطحن.
  • المشمش : بالرغم من عيوب خشب المشمش المتمثّلة بسرعان تلفه وقابليّته للتسوّس والتشقّق، إلا أنه ذو منظرٍ جميلٍ وينتج عن استخدامه في صناعة المهباش تحسين نوعيّة صوت الطرق وجعله رنّانًا أكثر من خشب البطم.
  • الكينا : تنمو أشجار الكينا في مناطق مختلفة من الأردن، ويمتاز بطبقة حمراء بداخله وبمرونته التي تمنع تسوّسه وتشقّقه، وهو من أرخص أنواع الأخشاب نظرًا لخفّته وانعدام قوّته، واستعماله مقصور على الأغراض التجارية.
  • التوت : يعتبر خشب التوت من أكثر الخيارات التجاريّة رواجًا، لأنه خفيف وسريع الكسر، ولا يُستخدم في صناعة المهابيش المخصّصة لإعداد القهوة، وإنما لأغراض الزينة فقط.

تجدر الإشارة إلى تعرّض الثروة الحرجيّة في الأردن مطلع القرن العشرين إلى الكثير من الاعتداءات الهمجية التي قام بها جنود الاحتلال العثماني لصالح مد سكّة حديد القطار العسكريّ، وذلك بالضرورة ترك أثرًا سلبيًا على توفّر الأخشاب اللازمة للعديد من الصناعات ومن ضمنها المهباش، وهذا ربما ما يدلّ عليه لجوء بعض الأردنيين إلى استخدام بقايا ذخائر المدفعية ( الفشك والقنابل ) التي كان الاحتلال العثماني يُلقي بها على المدن والقرى الأردنيّة، وتحويلها إلى جرن حديدي كبديلٍ مؤقتٍ عن المهابيش، وهو ما يؤشر بالضرورة إلى سلوك الأردنيين في سرعة تكيّفهم مع صعوبة الظروف وحفاظهم على تقليد طحن القهوة حتى في ظل عدم توفّر الأدوات التقليديّة لهذه الغاية.

أجزاء المهباش

يتكوّن المهباش من قطعتين رئيسيتيّن لا يُلحق بهما غيرهما، هما : بدن المهباش (الجرن)، ويد المهباش (العصا أو إيد المهباش)، وفيما يلي وصفاً تفصيليًا للأجزاء الداخليّة لكل قطعة :

البدن

  1. قاع المهباش : وهي القاعدة ذات الشكل الدائري في أسفل البدن والتي توضع على الأرض.
  2. الطوق السفلي : حلقة دائريّة تعلو القاع.
  3. صحن المهباش : تجويف داخلي يُحفر في بدن المهباش من الجوانب، ولكل مهباش أربعة تجاويف لها أغراض جمالية إلى جانب أنها تساهم بالتخفيف من وزنه عند الحمل.
  4. عمود المهباش : توجد في بدن المهباش أربعة أعمدة تتباين في ارتفاعها من المهباش إلى الآخر بما يتناسب مع حجمه.
  5. الكرش : وهو الجزء النافر من وسط البدن، ووظيفته أنه يُعطي للمهباش شكله الكمّثري.
  6. الخصر : يوجد الخصر أعلى الكرش، ويعطي للبدن شكلاً جميلاً ويساهم بالتخفيف من وزنه.
  7. الطوق العلوي.
  8. الوجه : هي المساحة التي تفصل بين الطوق العلوي والفوهة أو الفتحة التي تدخل فيها يد المهباش.
  9. الفوهة : وهي فتحة المهباش، عبارة عن فتحة دائرية قطرها 7 سم، ومنها تدخل يد المهباش إلى الداخل لطحن حبوب القهوة.
  10. صفرة المهباش : تُضاف رقائق الألمنيوم أو النحاس، أو الفضّة والذهب في بعض الحالات الترفيّة، تُحفر عليها الزخارف للزينة.
أنواع الزخارف التي تُنقش على المهباش

11. يد المهباش : وهي العصا الخشبية التي تُستخدم لطحن الحبوب التي توضع داخل تجويف البدن، وتجدر الإشارة إلى أن يد المهباش لا تُصنع عادة من نفس الخشب الذي يُصنع منه البدن وذلك كي لا يؤثر ذلك على قاعدة المهباش بفعل تكرار الطرق وشدّته، لذا يُفضّل أن تُصنع من خشب خفيف وليّن وأقل جودة من خشب البدن، حتى وإن أدّى ذلك لتلف اليد بشكلٍ أسرعٍ؛ فإن صناعة اليد أقل كلفةً وجهدًا من صناعة البدن نفسه. ومكوّنات يد المهباش هي :

  1. المدقّة : وهي المسافة التي أسفل عصا المهباش بطول 25 إلى 30 سم، وهي الجزء من اليد الذي يدخل بالكامل إلى فوهة المهباش ويقوم بسحق وطحن حبوب القهوة.
  2. الجوزتان السفليّة والعلويّة : وتكون المسافة بينهما بما يعادل قبضة اليد التي تُمسك العصا، ووظيفة الجوزتان هي منع يد الإنسان من التحرّك للأسفل والأعلى خلال عمليّة الطحن. وعليه فيمكن القول أن المنطقة التي بين الجوزتين هي ممسك يد المهباش.
  3. الأسوارتان السفليّة والعلويّة : وما بينهما كرشة اليد لحفظ توازن الشخص الذي يدق، ولها وظيفة جماليّة.
  4. القمبور : شكل أسطواني في أعلى يد المهباش.

المهباش، فلسفة وموسيقى

طوّر الإنسان الأردني عبر السنين روتين تحضير القهوة وطحنها بالمهباش، إلى موسيقى إيقاعيّة خالصة، ومع مرور الوقت، أصبح “دقّ القهوة بالمهباش” مساحة يوميّة من الإبداع الجمالي وبث الأصوات الإيقاعيّة في فضاء المكان الأردني الهادئ والمفتوح، دائمًا، للضيوف والتعاليل على أنغام الربابة وغناء السّامر والهجيني.

يُشكِّلُ الإيقاع، إلى جانب اللحن، العنصرين الأساسيّين التي تعتمد عليها الموسيقى بالمجمل، وحين ننظر إلى الإيقاعات التي تصدر من المهباش والتي إن أمعنّا فيها السّمع بصفة التّحليل والتأمل نجد أنّها إعادة تدوير عفويّ لنبض “مطاردة الخيل” في بعض الأحيان، نجدها نظامًا إيقاعيًا متكامل الأصوات، وعلى اعتبار أن الألحان تتكوّن من مزيج يخلط بين الصوت والصّمت، فإن صمت البوادي والأرياف الأردنيّة في الزّمان، مع أصوات غليان السوائل في الدلال، إلى جانب البيئة الصوتيّة المزدحمة بعبارات الترحيب ونبرة الأنس والموالفة بين الناس الذين تجمعهم المودّة؛ كلّها تشكّل مع إيقاعات المهباش موسيقى من نوعٍ خاصٍ، لها سحرها ووقعها وفلسفتها الخاصّة التي تعبّر عن ذروة من ذرى الارتياح السلوكيّ والذي يؤشّر على النزعة نحو أزلية التجذّر المتأتّية من إدراك هذا الإنسان الأردني للتراكم الحضاريّ الذي يشعر به ولم يقرؤه في كتبٍ عن التاريخ، وإنما يجده في فطرته السليمة.

والمهباش كآلة موسيقيّة، هو صوت النداء الجميل والإعلان مساحة الضيافة المفتوحة للجميع، وهي مساحة ثابتة وهامّة في كل بيت أردنيّ، وتجدر الإشارة إلى أن المهباش يعكس صورة من صور التعبير الفردي عن الجمال في الأردن، لذا فإن الناس يميّزون أسلوب دقّاقي المهابيش عن بعضهم البعض، خصوصًا أولئك المحترفين في تنويع الإيقاعات وزخرفتها، ويُعتبر الذين يُعرف عزفهم بالمهارة التي تخلو من الخطأ وخصوصًا التي تشتمل على حركات جريئة ودقيقة جدًا، بمثابة فنّاني استعراض يقدّمون عروضهم الممتعة يوميًا خلال تحضير القهوة.

عندما نستعرض مكوّنات المهباش كآلة موسيقيّة، فإنه ومن المثير للإعجاب، أن القهوة تعتبر إحدى مكوّناتها إلى جانب بدن المهباش ويده، وذلك يُعزى إلى أن المهباش لا يُدَق بغير حبوب القهوة المحموسة أو لغير هذه الغاية، كما أن القهوة هي التي تعطي المهباش الطابع الصوتي الخاص به وتميّزه. لذا وكنتيجة؛ يمكننا القول أن مكوّنات المهباش كآلة موسيقية هي : بدن المهباش، يده، والقهوة.

اهتم الفنانون الأردنيّون بصوت المهباش، فاستخدموه رمزًا للموسيقى الشعبيّة كمؤثرٍ صوتيٍّ في العديد من الأعمال الفنيّة، على رأسها سيمفونيّة بترا التي كتبها المؤلف الأردني المايسترو هيثم سكّريّة مطلع القرن الواحد والعشرين، واستخدم فيها المهباش كآلة موسيقيّة، وكانت هذه المرّة الأولى التي ترافق فيها آلةٌ موسيقيّة شعبيّة الأوركسترا السّيمفوني في عملٍ فنّي ذي طابعٍ عالميّ.

المراجع

  • طبازة، خليل، دراسة ميدانيّة لحرفة صناعة (المهباش) التقليدي الأردني، 1997، مجلّة البلقاء، العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة، المجلّد (7)، العدد 1، 2000، البلقاء، الأردن.
  • سليمان، وليد، لنشرب القهوة المرّة، 2017، جريدة الرأي، عمّان، الأردن.
  • المهباش، الموقع الإلكتروني لمديرية التراث غير المادي، وزارة الثقافة، عمّان، الأردن.
  • بحث آداب القهوة، موقع إرث الأردن.

المهباش

مقدّمة

توجد في الأردن تاريخيًا العديد من الآلات الموسيقيّة الشعبيّة، منها الوتري والنفخي والإيقاعي، ويُعدّ الإيقاع في الموسيقى الشعبيّة الأردنية عنصرًا جوهريًا وأساسيًا وذلك بالنظر إلى طبيعة الغناء الشعبي الذي يحوي أغلبه العديد من الضغوط الإيقاعيّة الحيويّة والرشيقة، خصوصًا وأن في الإرث الموسيقي قوالب غنائيّة استُلهِمَت من إيقاع سير الإبل وحركتها، مما يؤكد العلاقة الإيقاعيّة المتبادلة بين الإنسان الأردني وبيئته. وتعتبر الآلات الإيقاعيّة الأردنية قديمة تاريخيًا، إذ ظهر نموذج لآلة الخرخاشة الإيقاعيّة تعزف عليها إمرأة أردنية نبطية في التمثال الذي يجسّد أول فرقة موسيقيّة أردنيّة، وإذا لم يكن اليوم نموذجًا مشابهًا لهذه الآلة، فإن الروح الإيقاعيّة حملت أجيالاً من الأردنيين على تطوير ممارساتٍ إيقاعيّةٍ تُستخدمُ خلالها أدوات غير موسيقيّة بالأصل لغاية عزف الإيقاع في المناسبات المختلفة.

رسم توضيحي لتمثال نبطي يمثّل أول فرقة موسيقيّة أردنيّة تظهر فيها إلى اليمين آلة إيقاعيّة تُسمّى الخرخاشة

أواني الطعام

جرت العادة أن تستخدم النساء في الأردن خلال حفلات الزفاف والسهرات التي تسبق الفاردة، مجموعة مختلفة من أواني الطعام لمرافقة الغناء الجماعي بالإيقاع، ومن جملة ما تستخدمه النساء لهذه الغاية ( القِدِر ) أو ( الطنجرة ) المعدنيّة وضربها بالملاعق أو أية مطرقة أخرى، كما تم استخدام الوعاء البلاستيكي ( الطشت ) والصحون الكبيرة ( السدورة – جمع سدر) لذات الغاية. وهذه من جملة الممارسات الإيقاعيّة المرتبطة بالنساء حصرًا، إلى جانب الرقص باستخدام كاسات الشاي، بحيث تمسك إحدى السيّدات كاسين مقلوبين في كل يد وتقوم بطرقهما ببعضهما البعض خلال الرقص، مما يُعطي تأثيرًا نقريًا مميزًا للإيقاع المعزوف.

صوت الدبكة

تعتبر الدبكات في الأردن من أهم وأكثر الرقصات انتشارًا وأهميّة، وبمعزل عن كونها رقصة أدائيّة ترافقها الموسيقى أصلاً، فإن أصوات خبطات أقدام “الدبّيكة” يمكن اعتبارها نمطًا إيقاعيًا مستقلاً قادرًا على إضافة تنويعات على الإيقاع الأصلي لموسيقى الدبكة، وفي هذا السياق فإن الدبكة المعانيّة أو “التسعاوية” هي مثال واضح لهذه الممارسة الإيقاعيّة.

التصفيق

يُعدُّ التصفيق سلوكًا شائعًا في مختلف المجتمعات البشريّة، ويأخذ التصفيق أنماطًا وأشكالاً متنوّعة، وفي الأردن يُرافقُ التصفيق معظم أشكال الأداء الغنائي الموزون حتى بوجود آلات إيقاعيّة أخرى، على اعتبار أن التصفيق هو إضافة فرعيّة يشعر من خلالها الفرد بمشاركته الماديّة في الاحتفال الموسيقي والتفاعل مع الغناء بالتصفيق. وفي بعض الحالات يكون التصفيق رئيسيًا وضابطًا إيقاعيًا منفردًا، كحالة الغناء في طقس السّامر على سبيل المثال، كما أن الغناء في الساحل يتطلب تصفيقًا جماعيًا بأسلوب منسّق يَنتج عنه أنماطًا متداخلة وغير رتيبة من الصفقات الجميلة.

المراجع

الخشمان، مصطفى، الأغاني الأردنيّة في الجنوب، دراسة، 2016، منشورات العقبة مدينة الثقافة الأردنية، وزارة الثقافة الأردنية، عمّان، الأردن.

الممارسات الإيقاعية في الأردن

مقدمة

تُعرَّفُ آلات النفخ الموسيقية على أنها الآلات التي يصدر منها الصوت عبر مرور الهواء من خلال أجزائها، وتعتبر الآلات النفخية أوّل الآلات الموسيقيّة التي عرفها الإنسان في التاريخ، إذ كانت الرياح التي تمر بين ثقوب خشب الأشجار والصخور والعظام تصدر صفيرًا لَفَت سمع الإنسان وجعله لاحقًا يستفيد منه في صنع نماذج بدائية لآلات نفخية أحاديّة الصوت يستخدمها لمحاكاة أصوات الطبيعة، ثم اهتدى لاحقاً إلى فكرة إحداث الثقوب في الأنابيب لإخراج عدة أصوات من الأنبوب الواحد، ومع مرور الزمن وتطوّر الحضارة الإنسانيّة ظلت هذه النماذج تتطوّر حتى أفضت إلى ابتكار آلات موسيقيّة نفخية مازالت حتى يومنا هذا تُستخدم في أداء الموسيقى.

عرف الإنسان الأردني، منذ أزمانٍ بعيدةْ، الآلات الموسيقيّة، صُنعًا وتطويرًا وأداءً، ودلّت الآثار التاريخيّة على أهميّة الموسيقى في الحضارات الأردنيّة القديمة، وكنا قد تناولنا في أبحاث سابقة الموسيقى عند الأردنيين الأنباط ودور المرأة النبطية في الحياة الموسيقيّة آنذاك. فيما نتناول في هذا البحث الآلات النفخية الأردنيّة التي عرفها الأردنيون قديمًا ولازالت تُستخدم لمرافقة الغناء والرقصات الشعبيّة والعروض الرسميّة، وهي : الشبّابة، المجوز، اليرغول، والقربة.

الشبابة

أو الشُّبّيبة، وهي آلة نفخية تمتاز بصوت الصفير العذب، موجودة منذ حضارة الأردنيين الأنباط، إذ ظهرت في لوحة يعزف عليها طفلٌ مُجنَّح يُعتقد أنه الإله بان، ويرى باحثون أنها الآلة التي تطوّرت عنها نماذج أدّت إلى ظهور آلة الناي و Flute الشهيرتين في الشرق والغرب.

لوحة نبطية يُعتقد أنها للإله بان

تُصنعُ الشبّابة من القصب (القُصّيب)، وتتكون من قصبة واحدة مستقيمة وجوفاء، مفتوحة الطرفين، ويتم ثقبها في خمس أو ست مواضع على ظهرها، وتكون الثقوب متساوية الاتساع وتفصل بينها أبعادٌ محدّدة. وبالرغم من نضوب مجاري المياه الطبيعيّة في الأردن وندرة القصب الذي ينبت على حوافّ الأنهار والسيول، لم يخفت اهتمام الأردنيين بهذه الآلة، بل لجؤوا لصناعتها من مواد صناعيّة بلاستيكيّة أو معدنية للحفاظ على وجودها بين الآلات الموسيقيّة الشعبيّة.

تُعتبرُ آلة الشبّابة الأكثر انتشارًا في الأردن، إذ أنها حاضرة وبقوّة في الأرياف والبوادي على حدٍّ سواء، فهي في الرّيف من الآلات التي ترافق الدبكات، في حين أنها في البادية ونيسة الراعي ورفيقة دربه في المنحدرات والأودية وفضاءات الرّعي الواسعة.

الراعي الفتى يعزف على شبّابته أثناء الرعي في ربوع الأغوار الأردنية عام 1914

هناك العديد من الألوان الغنائية الأردنيّة مثل الدلعونا والزجل والعتابا وظريف الطول ويا علّا .. وغيرها من الألوان الغنائية التي يزدحم بها الإرث الموسيقيّ الأردني، يرتبط غناؤها بمرافقة آلة الشبابة حصرًا دونًا عن الآلات النغمية الأخرى، وبالذات في شمال الأردن، كما أننا نجد الشبّابة حاضرة وبقوّة مع الدبكات الأردنية، ولعل الدبكة التسعاوية الشهيرة في محافظة معان جنوب الأردن نموذجٌ حيٌّ على مرافقة الشبّابة للدبكات.

يكون العزف على الشبّابة بواحدةٍ من الطريقتين التقليديتين المتعارف عليهما في الأردن، الأولى أن يضع العازف الفتحة العلوية للشبّابة على الشفّة السفلى لفمه وينفث الهواء بشكلٍ جانبيٍّ، وهي طريقةٌ شبيهة بآلية العزف وإخراج الصوت من آلة Flute التي تعتبر من أهم آلات النفخ في الأوركسترا السّيمفوني. أما الطريقة الثانية فتكون بأن يضع العازف الفتحة العلوية لأنبوب الشبّابة على نابه العلوي، وهذه الطريقة مريحة أكثر للعازف بحيث لا تتسبّب بإجهاد شفتيه أو تعرّضهما للإصابات خصوصًا عند العزف لفترات طويلة وبشكل متواصل. ينحصر المدى الصوتي لآلة الشبّابة بين ست وسبع نغمات موسيقيّة بالكاد تمثّل سلّمًا موسيقيًا كامل الدرجات، ويمكن الوصول إلى عدد نغمات أكبر من ذلك بحسب مدى براعة العازف واحترافيّته وقدرته على مضاعفة قوّة النفخ وشدّ الشفاه للحصول على نغمات عالية تُدعى بالـ “جوابات”. وكمثل آلة الربابة التي يصنعها عازفها بنفسه، فإن ثمة علاقة خاصة بين عازف الشبّابة وشبّابته تنعكس على أدائه الموسيقي عليها، لذا فإنه يصعب عليه إعارتها لغيره، أو العزف على شبّابة أخرى، ويعود ذلك للثقة الآتية من الاعتياد على مقاسات الآلة وطبيعة صوتها التي تعتمد على الاختلاف البسيط في المقاسات والتفاصيل وجودة الخشب من شبّابة لأخرى.

المجوز

تعتبر آلة المجوز في المرتبة الثانية بعد الشبّابة من حيث مدى انتشارها، ويرتبط أداؤها بالدبكات والرقصات الريفيّة، ويكاد لا يكون لها وجودٌ في البادية. والمجوز هي آلة نفخية تمتاز بصوتها القوي والصادح، وتُصنَع قديمًا من القصب وعظام النّسر، وحديثًا من المواد الصناعية مثل المعدن والبلاستيك.

تدل الآثار المُكتشفة عن حضارة الأردنيين الأنباط على وجود آلة المجوز منذ ذلك الزمن وحتى يومنا هذا، إذ ظهرت هذه الآلة في التمثال الشهير الذي يمثّل أول فرقة موسيقية أردنية مكتشفة في التاريخ، يعزف عليها أحد العازفين الذكور وعلى جانبيه إمرأتان موسيقيتان تعزفان على القيثارة والخرخاشة، ويُعرف المجوز في المراجع والكتب المتخصصة في الآثار والتي تشرح تفاصيل هذا التمثال على أنه “الناي المزدوج”، في إشارة واضحة لأصول تسمية المجوز الذي نعرفه اليوم.

رسم توضيحي لتمثال نبطي يمثّل أول فرقة موسيقيّة أردنيّة يظهر فيها المجوز ويُعرف بالناي المزدوج

يصنعُ آلة المجوز عادةً عازفُها بنفسه، وتتكوّن بشكل رئيسي من أنبوبتين متساويتي الطّول، ملتصقتان ببعضهما البعض بواسطة شمع العسل الذي يُذاب ويُستخدم كمادة لاصقة، وتتكون آلة المجوز من مكوّنات فرعية هي كما يلي :

  • البنيّات : وهما قصبتان رفيعتان مكونتان من عقلتين صغيرتين من قصب الغاب (البوص)، طول الواحدة منها حوالي 5 سم وقطرها 1 سم، تكونا مفتوحتين من أحد الطرفين ومغلقتين من الطرف الآخر، لكنّهما مشقوقتان طوليًا عند الطرف العلوي المُغلق، ووظيفة هذا الشق هو إصدار الصوت ذات الطابع التزميري، فتصبح هاتان البنيّتان بمثابة الزمّارة (الزمّيرة)، أو الجزء المصوّت الذي يصدر منه صوت المجوز الأساسي. وبمعنى آخر فإنه من الممكن اعتبار البنيّات على أنها (Mouth Piece ) في المجوز.
  • العرايس : وهما قصبتان من خشب الغاب (البوص)، وتمثلان حلقة الوصل بين البنيّات واللعّابات، تدخل كل عروسة في واحدة من البنيّات من طرفها العلوي، وبإحدى اللعّابتين من الطرف السفلي.
  • اللعّابات : وهما قصبتان ملتصقتان طول الواحدة منهما تقريبًا 30 سم، واللعابة هي الأنبوب الذي يصل إليها الصوت الصادر من البنيّات عبر العرايس، ويتضخم فيهما عبر ارتجاجه في الجدار الداخلي لكلّ لعّابة. وعلى الوجه العلوي لللعّابتين خمس أو ست فتحات متساويات في القطر وفي الأبعاد التي تفصل بينها.

يكون المدى الصوتي لآلة المجوز بالعادة بين 5 إلى 6 نغمات، بعدد الثقوب الموجودة على ظهر اللعابتين، مضافًا إليها نغمة أخرى هي الصادرة من خلال الفتحتين الرئيسيتين السفليتين لهما. ويصدر الصوت من آلة المجوز عبر اصطدام الهواء الذي ينفخه العازف ويدفع به عبر البنيّات، والتي سبق وأن وضحنا في أعلاه أنهما الجزء المصوّت في آلة المجوز، وينتج عن اهتزاز الهواء في البنيّات صوت الزمير الذي ينتقل عبر العرايس إلى اللعّابات ليتم تضخيمه فيهما، وعندئذٍ تكون النغمة الصادرة هي النغمة الأساس للآلة، يتم تغييرها من خلال سد وفتح الثقوب الموجودة على ظهر اللعابتين بواسطة أصابع العازف. وتتميّز آلة المجوز بأنها تُصدر صوتًا مكررًا من الأنبوبتين معًا في نفس اللحظة  (Unison)، وهذا هو السر الصوتي لآلة المجوز والتي يميّزها عن الشبّابة. يتطلب العزف على آلة المجوز استخدام تقنية تدوير الهواء من قِبَل العازف، وهي تقنية ليست بالسهلة، إذ يقوم العازف بتزويد رئتيه بالهواء عبر الأنف في الوقت نفسه الذي يقوم به بنفخ الهواء عبر فمه، ويمكن تحقيق ذلك من خلال جعل الفم مخزن للهواء المدفوع بقوّة عضلات الوجه لحين انتهاء عملية الشهيق من الأنف.

اليرغول

آلة اليرغول هي الآلة الأقل انتشارًا بالمقارنة مع الشبّابة والمجوز، وعلى الرغم من ذلك فهي مشهورة ومعروفة في المناطق الشمالية والوسطى وبنوعٍ خاصٍ في الأغوار الأردنية، ويمكن القول أن اليرغول قد تكون آلة تطوّرت مع الزمن عن آلة المجوز، وذلك بالنظر إلى شبه التطابق الكلّي في المكوّنات الرئيسية وأسلوب العزف عليها والتشابه الكبير في الصّوت الناتج عن الآلتين، وأيضًا؛ فإن اليرغول كالمجوز، آلة يتم العزف عليها لمرافقة الأغاني والأهازيج والدبكات والرقصات التي تؤدّى في مناطق انتشارها.

تُصنع آلة اليرغول من ذات المكوّنات التي تُصنع منها آلة المجوز، وتتكوّن من ذات الأجزاء الرئيسيّة التي في المجوز، من البنيّات، العرايس. إلا أن ما يميّز اليرغول هو وجود لعّابة واحدة فقط، وبجانبها لعّابة طويلة أخرى تُدعى الدوّاية، وسبب تسميتها بهذا الاسم لأنها تحافظ على دوي صوت ثابت طيلة العزف، بينما تقوم اللعّابة بنفس الدور الذي تؤديه في المجوز، ويكون طول اللعّابة في اليرغول كما في المجوز، إلا أن الدوّاية يتجاوز طولها 30 سم ولا يتم ثقبها بأية ثقوب، وتكون صفة الصوت الصادر من الدوّاية أنه صوت غليظ مستمرّ لا يتغيّر يُعطي نغمة القرار (3) للمقام الموسيقي الذي تؤدّى عليه المعزوفة أو اللحن.

القربة

في السياق الذي يتصل بتميّز السلوك الموسيقي الأردني بصفة الانفتاح والتفاعل الإيجابي مع الحضارات الأخرى منذ عهد الأردنيين الأنباط الذين أخذوا نماذج موسيقيّة من حضارات أخرى وتبنّوها وصارت جزءًا من ثقافتهم الموسيقيّة، فإن آلة القربة نموذج معاصر على هذا السلوك المتجذّر في الشخصيّة الأردنية.

دخلت آلة القربة إلى عائلة الآلات النفخية الأردنية واشتهرت من خلال فرقة موسيقات القوّات المسلّحة الأردنيّة، والتي تشكّلت أولى أنويتها مع طلائع جيش التحرير الذي قاد معارك الثورة العربيّة الكبرى للتخلّص من نير الاحتلال العثماني، وقد أخذتها الفرق العسكرية الأردنية الأولى عن الجيش البريطاني الذي كان حليفا لقوات الثورة، ولاحقاً بموجب الانتداب كان يُشرف على تدريب نواة القوات المسلحة الأردنية. وآلة القربة أو Bagpipes هي آلة نفخية رئيسية في موسيقات الجيش البريطاني، إلا أنها في الأردن ومع مرور الزمن تزيّن صوتها بأداء الألحان التراثية والمارشات العسكريّة الأردنية، حتى بات طابعها الصوتيّ في فرق وأوركسترا موسيقات الجيش الأردني متميّز عن نظيرتها البريطانيّة في الرّوح الأدائيّة والإيقاعيّة للألحان التي تُعزَف عليها.

تتكوّن آلة القربة من المكوّنات التالية :

  • أنبوب الهواء : يضعه العازف على فمه ليقوم بتزويد القربة بالهواء.
  • القربة : وهي مخزن الهواء الذي يقوم بتوزيعه على مخارج الآلة التي تصدر منها الأصوات.
  • اللعّابة : وتُسمّى باللغة الإنجليزية Chanter، وهي أنبوب يحتوي على عدد من الثقوب، ويتصل بأسفل القربة، يضع عليه العازف أصابع يديه ليقوم بتنغيم الصوت الصادر عن اهتزاز ريشة العزف Reed Chanter ومروره بالأنبوب.
  • الدوّايات : وبالإنجليزية تُسمّى Drones، وهي أنابيب طويلة تخرج من أعلى القربة، وتُصدر أصواتًا ثابتة طيلة العزف، وتشبه بدورها ما تقوم به الدوّاية في آلة اليرغول. وفي الوقت الذي تمتلك فيه القربة الإنجليزية التراثية دوّاية واحدة، فإن القربة الأردنية والمأخوذة عن الاسكُتلندية فإنها تمتلك عدّة دوّايات.
فريق الموسيقى النسائي في سلاح موسيقات القوات المسلّحة الأردنية

تمثّل القربة اليوم آلة نفخية مهمّة في موسيقات القوّات المسلّحة الأردنيّة، وهي تعزف ألحانًا هامة في البرنامج الموسيقيّ العسكري، الذي تمثّل ألحانه طقوسًا ومراسم عسكرية متنوّعة في الاستعراضات الاحتفالية والجنائز العسكريّة وغيرها. كما أن أجيالاً من المتقاعدين العسكريين من سلاح الموسيقات ساهموا بنقلها إلى الحياة المدنيّة، من خلال تشكيل فرق الاحتفالات الشعبيّة التي ترتبط بمناسبات الزفاف والتخرّج. كما أن القربة باتت اليوم الآلة الموسيقية الرئيسية في فرق الكشّافة والشبيبة الكنسية، وتؤدّى عليها العديد من الألحان الوطنية والشعبيّة في الاحتفالات الكنسية واستقبال رجال الدين المسيحي رفيعي المستوى خلال زياراتهم الرعوية للأردن.

تعريف مفردات البحث

  • Mouth Piece : أي قطعة الفم، وهي إحدى أجزاء الآلات النفخية (الخشبيّة والنحاسية) التي يتم تركيبها عند أعلى الآلة ليضعها العازف على فمه ويتمكّن من نفخ الهواء عبرها لتصدر الصوت منها وينتقل إلى تجويف جسد الآلة النفخية ويتضخّم فيه.
  • Unison : عزف أو غناء نغمتين بنفس الدرجة الصوتية في آنٍ معًا.
  • نغمة القرار : النغمة الأساس في المقام والسلّم الموسيقي، وتُسمّى أيضًا بدرجة الرّكوز.

المراجع

  • غوانمة، محمّد، آلات النفخ الموسيقيّة الشعبيّة في الأردن، جامعة اليرموك، إربد، الأردن.
  • حجاب، نمر حسن، الأغنية الشعبيّة في عمّان، 2003، موسوعة عمّان التراثيّة (5)، منشورات أمانة عمّان الكبرى، عمّان، الأردن.
  • الخشمان، مصطفى، الأغاني الأردنيّة في الجنوب، 2016، وزارة الثقافة الأردنيّة، عمّان، الأردن.
  • الزّعبي، أحمد شريف، الأغاني الشعبيّة الأردنيّة، 2015، وزارة الثقافة الأردنيّة، عمّان، الأردن.

آلات النفخ الموسيقيّة الأردنية

Scroll to top