عانت الأردن طيلة عهد الاحتلال العثماني بغياب الدولة عن شؤون الحكم والتنمية والأمن، فتبدّل الولاة والحكام على المنطقة وانتقلت تبعية الأراضي والجباية فيها ، بتبدّل الحكام والولاة، فكلّما انتصر والٍ عثماني جديد على آخر ووافق على دفع الضرائب للباب العالي في الأستانة وجمعها من الأهالي بالنيابة عنه ، انتقلت كل الأراضي والنيمارات والمالكانات إلى عهدته بالضرورة في حقبة كان عنوانها الأبرز ( حقبة حكم المزرعة).

وفي الفترة التي توسع فيها  حاكم عكا العثماني ظاهر العمر (1685-1775) بإمارته ونفوذه ليسيطر على لواء عجلون وما حوله، أرسل ابنه أحمد ظاهر العمر (1728-1775) ليكون حاكما بالنيابة . وقد بدأ ببناء قلعة ومسجد في تبنة، انتهى منهما حوالي 1770؛ ثمّ انتقل إلى الحصن. وعلى تلها بدأ ببناء قلعة.

في تلك الفترة ومنذ حوالي 1760 كان واحدٌ من أبرز شيوخ الحصن هو الشيخ ابراهيم بن مصطفى نصير ( شيخ عشيرة  النصيرات) ، وقد ولد الشيخ ابراهيم حوالي العام 1720 وتزوج من عشيرة الهزايمة. وقد رُزق بالعديد من الأولاد، وبما أنه لم توجد إدارة مباشرة للاحتلال العثماني على الأراضي الأردنية وكانت شؤون الحكم تدار بالوكالة من قبل الولاة والجباة، فقد كان الشيخ هو كل شيء: القائد والقاضي والشرطي.

 

مشانقٌ محليّة

استهل الحاكم العثماني الجديد لمنطقة حوران أحمد بن ظاهر العمر تعيينه بالنيابة عن أبيه بنصب ثلاثة مشانق لتكون علامة على طابع الحكم القادم لأهالي حوران الأردنيين وذلك بعد أن انتهى من بناء الطابق الأول من القلعة، وبناء السور الخاص بها، والواضح أنه أراد تقصير المسافة على الثوّار والأحرار من فرسان العشائر الأردنية، فبدلا من إرسالهم إلى سجون المحتل في الأستانة ودمشق وإعدامهم بالمشانق هناك، قرّر أن يجعل العقاب محليا ومباشرا وسريعا توفيرا للجهد والوقت بإعدام الأردنيين وقمع ثوراتهم.

لدينا مشانق جديدة ، فلنجرّبها !

وليكرّس عهد الحكم الجديد بالسطوة والقتل طلب أحمد ظاهر العمر من الشيخ ابراهيم النصيرات جلب ثلاثة أطفال من أبناء العائلات المسيحية الأردنية من عشائر الحصن وذلك لتجربة المشانق عليهم. حاول الشيخ ثنيه عن الجريمة ففاوضه بتجربة المشانق على الخراف ومن ثم على فرسه شخصياً، لكن الحاكم أبى وتعنّت ثم توعد الشيخ ابراهيم إن لم يجلب له الأطفال المسيحيين لشنقهم سيقوم هو ويختار من أبناء العشائر المسيحية الأردنية في الحصن بشكل عشوائي.

 وعاد الشيخ ابراهيم النصيرات إلى بيته مهموما، فسألته زوجته عن الأمر، فأخبرها بما حدث، فما كان منها إلاّ أن قالت : ( بالله لا تتقلد خطية أحد تأخذه من حضن أمه وأبوه، وبكرة إذا جاء هذا الظالم فليأخذ أحد أبنائنا، ويعوضنا الله خيراً) فآثرت التضحية بأبنائها على أن تخون حق الجيرة والدم لتقدّم أبناءها بدلاً من أبناء أشقائهم المسيحيين.

وتنفيذا لوعدها قامت زوجة الشيخ ابراهيم النصيرات بإطعام أطفالها ومن ثم قامت بتغسيلهم وإلباسهم أجمل ثيابهم بينما حافظت على هدوئها حتى لا تخيفهم، وهي تعدُّ اللحظات التي تفصل أبناءها عن تدوين أسمائهم في سجل الشرف والفداء .

مشهد للصورة المتخيلة في ذهن النشمية زوجة الشيخ البطل ابراهيم النصيرات لأبنائها وهم معلقين على المشانق العثمانية – لوحة للفنانة هند الجرمي

وفي منتصف تلك الليلة من عام 1774 م ، إذ بباب الشيخ ابراهيم النصيرات يُقرع بشدة وعنف شديدين، وكان الوالي العثماني أحمد بن ظاهر العمر هو القارع طالبا من الشيخ أن يفتح له الباب، وعندما فتح الباب أخبره الشيخ أن الموعد لم يحن بعد وأن الأولاد سيكونوا حاضرين في الصباح للإعدام على المشانق، فإذ بالوالي العثماني المخلوع يحتضن الشيخ ابراهيم النصيرات قائلا: أنا دخيل عليك يا ابن نصير، أنا طنيب عليك يا ابن نصير. فسأله الشيخ بصدمة عمّا حدث؟، فقال أحمد بن ظاهر العمر : لقد أرسل الوالي العثماني أحمد الجزار رجالا ليقتلوني. وذلك بعد أن دبّت الصراعات بين الولاة العثمانيين في المنطقة وأصبح أحمد بن ظاهر العمر والجزّار خصوماً في صراعات السلطة وتم اعلانه ملاحقاً ومطلوباً.

حدث هذا الأمر عندما أثار توسع نفوذ الأمير ظاهر العمر حنق الباب العالي العثماني، ما دفعه إلى إعلان الحرب عليه وعزله وأبنائه عن مناطق ولايتهم وتوجيه جيش بقيادة الوالي العثماني أحمد باشا الجزّار للقضاء عليه .

حينها استجدى الوالي المخلوع أحمد بن ظاهر العمر الشيخ ابراهيم النصيرات بأن يوصله بأمان إلى الأمير الغزاوي في الغور، وللوهلة الأولى أراد الشيخ ابراهيم النصيرات أن يفتك بالحاكم عقابا له وثأرا لكرامة الأطفال، لكن زوجته صرخت منبهة أنه دخيل بعُرف الأردنيين وتقاليدهم، وأن تقديم أولادهم بدلاً عن خيانة جيرانهم لا يزيد أهميةً بالمنظومة القيمية الأردنية عن إجارة الدخيل ولو كان قد ذبح الأولاد فعلياً.

فاستجمع الشيخ ابراهيم النصيرات قواه وضبط أعصابه وقام بترحيله مع مجموعة من الحرس إلى الغور مع ورقة تحمل ختمه، وطلب أن يختمها الأمير الغزاوي بعد وصول (الدخيل)، وأخذ منه مفاتيح منزل تل الحصن التي كان الطابق الأول منها قد أنجز، والعمل قائم على الطابق الثاني، وأحسَّ العمال الذين جلبهم الحاكم العثماني معه بعد زمن باختفاء الحاكم، فهربوا دون أن يكتمل بناء الطابق الثاني .

الغدر والثأر

وحسب الرواية الشفوية وقبل هروب الوالي العثماني أحمد بن ظاهر العمر وانقلاب العثمانيين على أبيه بأيام قليلة كان قد دعى الشيخ موسى الحمد الخصاونة في قرية تُبنة الى الغداء وبنيته الغدر به بعد أن خشي من خطرِ زعامة الخصاونة على ناحية بني عبيد ومناوئتهم للعثمانيين. وعند قدومه قام بغدره وأمر بضرب عنقه على سدر الطعام داخل بيته وأخفى الأمر ليتم التمثيل بجثته باليوم التالي،إذ علَقَ رأسَه على باب قلعته في بلدة تُبنه في الكورة التي كان يتخذها مقراً له وسجنَ العديدَ من رجالاتها، ولا تزال المعمرات من عشيرة الخصاونة يهزجن عن الشهيد البطل الشيخ موسى الحمد الخصاونة بالقول ”  موسى الحمد يا مطلع الجردة ….حملها رحلين ورواقها فردة “.

وعندما علم فرسان عشيرة الخصاونة ما حصل بشيخهم الشهيد البطل موسى الحمد الخصاونة قاموا ومعهم جمع من باقي فرسان الحصن بالذهاب إلى منزل الحاكم فلم يجدوه، فكسروا المشانق وأخذوا جميع الأسلحة والذخيرة التي وجدوها ووزعوها بين الفرسان وأرسلوا الى شيخ الغزاوية أن هذا الوالي المخلوع مطلوب لهذه الفعلة الشائنة وأن تسليمه للقاضي العشائري أمر لا يمكن تجاوزه أو التنازل عنه.

وكُسِرت المشنقة

وقبل ساعات من انفاذ قوانين القضاء العشائري الأردني المتجذر في التاريخ، كان أحمد ظاهر العمر قد خرج من الغور الى فلسطين وقد خرج من دخالة الأمير الغزاوي بحكم التقاليد بعد أن غادر ديرته، حيث لحق به بعض فرسان عشيرة الخصاونة فقتلوه وجنوده في الطريق وأحضروا بعض متعلقاته الشخصية وعلقوها فوق بيته السابق بالحصن.

بينما تشير روايات أخرى أنه حين سقطَ حُكم ظاهر العمر في عكا بعد انقلاب والي دمشق عليه، ثار العجلونيون على ابنه أحمد الظاهر، وطاردوه حتى قرية «لوبية» غربي طبريا.

خاتمة

ليس هذا الحدث برمزيته وعظمته ببعيد عن مسيرة كفاح الأردنيين نحو الاستقلال من الاحتلال العثماني، ولا هو بمختلف أو طارئ على سيرة الأردنيين ووئامهم، ولأجل هؤلاء العظام من أمثال أجدادنا وجداتنا الشيخ ابراهيم النصيرات وزوجته تستحق هذه المسيرة الوطنية أن تخلّد وتبقى في ذاكرة الأردنيين لا كقصة عابرة بل كنقش متوهج في صدورهم .

المراجع :

  1. نصير، د.عبدالمجيد، ورقة بحثية منشورة عن عشيرة النصيرات .
  2. كرد علي، محمد، خطط الشام، دمشق، 1925.
  3. الزركلي، خير الدين، موسوعة الأعلام، 1980.

مشانق الحصن

دور النشميات الأردنيات في الثورة

نشميات الحجايا

14329265_968038110007984_605238304_o

لم تغب شمس النشمية الأردنية عن تاريخ البطولة وكانت دوما المرأة الأردنية ركناً لا هامش في تاريخ التضحيات في سبيل استقلال الأردن وأساساً في التنمية في وقت الرخاء ومنذ القدم  وفي عهد الملك الأردني النبطي الحارث الرابع قام بتوثيق العملة الأردنية النبطية بنقش صورته جنباً الى جنب مع زوجته .

وفي العصر الحديث ضربت جداتنا أروع صور البطولة في مواجهة أربع مائة عام من الاحتلال التركي والتجهيل والفقر والسرقة تحت ستار الخلافة والتجارة بالدين  وسارت النشميات جنباً الى جنب مع فرسان العشائر الأردنية  حتى تحقق الحلم الأردني بالاستقلال وعودة الأردن الى مساره الطبيعي في  الحضارة .

ونحاول في هذا البحث المقتضب سرد أبرز المواقف البطولية التاريخية لنشميات الحجايا في رحلة تحرير الأردن من الاحتلال العثماني

تذكر الوثيقة التابعة لقوات الاحتلال العثماني المرقمة بـ 74 ، الملف : DH-SYS (3-3) 61 أثناء هية الكرك دور فرسان عشائر الحجايا في الذود عن حمى الأردن في تلك الثورة المجيدة التي ربطت بين الثورات الأردنية الصغرى ومهدت للثورة العربية الكبرى حيث تنص الوثيقة بمضونها على : (اصطدم جيش الاحتلال التركي مع فرسان عشيرة الحجايا على مسافة ساعتين شرقي محطة سواقة حيث استشهد فيها  (15) فارس من الحجايا وقتل عدد من العسكر الأتراك).

وأعاد فرسان عشائر الحجايا الكرة يوم لبوا نداء الثورة العربية الكبرى وهذه المرة لم تترك النشمية من الحجايا الفرصة لترتقي شهيدة في سبيل تحرير الأردن من ابشع قرون تجارة الدين التي مارسها المحتل العثماني، وفي نهاية 1917 قام فرسان الحجايا بعملية نوعية ضد القوات العثمانية في محطة الفريفرة شمال الحسا بهدف قطع الإمداد عن قطعان الاحتلال المتكدسة في معسكر بعد القطرانة، وبعد نجاح فرسان عشائر الحجايا بضربتهم التكتيكية التي حاول المحتل الرد عليها في منطقة جرف الدراويش فأرسلت قطعان الاتراك عبر القطار قادمة من حامية معان للانتقام من أجدادنا فثبت أبطال الحجايا ونشمياتهم بوجه المحتل في معركة طاحنة ارتقين فيها شهيدات إلى جوار اشقائهم من شهداء فرسان الحجايا و عرف منهن :

مغيضة ام مفلح المراغية وابنتها، وزوجة علي الصواوية الحجايا، وكفاية الصواوية ، كما تم أسر عدد من حرائر جداتنا من الحجايا من بينهن مغيضة الرديسات التي بقيت لأيام في قلعة الحسا قبل أن يحررها فرسان العشائر الأردنية ويقضوا على حامية القلعة ثأرا لها.

14627834_10211330087748334_2018885857_n
أحد فرسان عشيرة الحجايا حاملا لجثة خطيبته بعد استشهادها على أيدي الغدر العثماني ، و تورد المرويات الشفوية أن أهلها لم يتمكنوا من دفنها لثلاثة أيام إلا بعد أن ترك الفارس جسد خطيبته منتحبا على فقدانها – لوحة للفنانة التشكيلية هند الجرمي

لم تكن لتمر هذه الفعلة الدنيئة من محتل اعتاد الغدر والقتل والحرق في تاريخه البغيض فتنادى فرسان العشائر الأردنية تحت راية الحجايا وأعادوا الكرة على المحتل التركي وساندتهم قوة نظامية من قوات الثورة العربية الكبرى فحملوا على الاتراك المغول حتى انبثقت ساعة النصر ورفعت راية الثورة العربية الكبرى على محطة جرف الدراويش لتكن لبنة جديدة في طريق الاستقلال الأردني الذي جبل بدم جداتنا وأجدادنا .

 

المراجع:

  1. المقتبس،ع615 (4 اذار 1911م) ، ص2
  2. سليمان حماد القوابعة، الثورة العربية الكبرى (معارك الطفيلة-صور من البطولة) ، أزمنة للنشر والتوزيع، ط1، 2008
  3. الثورة العربية الكبرى : الموسوعة التاريخية المصورة ، البحث التاريخي والإشراف الدكتور بكر خازر المجالي ، مركز أرض الأردن للدراسات والنشر،2011.
  4. الريس،منير الريس،الكتاب الذهبي للثورات الوطنية في المشرق العربي،ط1 1969

نساء الثورة – نشميات الحجايا

دور النشميات الأردنيات في الثورة

نشميات الشوبك

14329265_968038110007984_605238304_o

لم تغب شمس النشمية الأردنية عن تاريخ البطولة وكانت دوما المرأة الأردنية ركناً لا هامش في تاريخ التضحيات في سبيل استقلال الأردن وأساساً في التنمية في وقت الرخاء ومنذ القدم  وفي عهد الملك الأردني النبطي الحارث الرابع قام بتوثيق العملة الأردنية النبطية بنقش صورته جنباً الى جنب مع زوجته .

وفي العصر الحديث ضربت جداتنا أروع صور البطولة في مواجهة أربع مائة عام من الاحتلال التركي والتجهيل والفقر والسرقة تحت ستار الخلافة والتجارة بالدين  وسارت النشميات جنباً الى جنب مع فرسان العشائر الأردنية  حتى تحقق الحلم الأردني بالاستقلال وعودة الأردن الى مساره الطبيعي في  الحضارة .

ونحاول في هذا البحث المقتضب سرد أبرز المواقف البطولية التاريخية لنشميات الشوبك في رحلة تحرير الأردن من الاحتلال التركي:

محاولة استخدام النساء في السخرة كان مرة أخرى سبب إحدى الثورات التاريخية في الأردن ضد المحتل التركي البغيض وهي ثورة الشوبك

حيث كانت بداية الحكاية عندما حاول رجال الحامية التركية تسخير جداتنا والحرائر الأردنيات الشوبكيات لنقل الماء اليهم من الينابيع التي تجري في الوادي ، وقد أدت هذه المحاولة إلى إثارة رجال الشوبك الأحرار الذين يترفعون عن انحطاط توظيف المرأة في سياق فقه الحرملك التركي فهاجموا الجنود وطردوهم من القلعة ثم تحصنوا داخل اسوارها المنيعة للدفاع عن انفسهم .

يقول سليمان الموسى في كتابه المشترك مع منيب الماضي (الاردن في القرن العشرين) ما يلي:

»على أن رجال الحكومة أنفسهم كانوا كثيرا ما يلحقون الأذى بالأهلين ويوقعون بهم شتى المظالم فيستفزونهم للخروج عن الطاعة وحمل راية العصيان ومن المعروف أن الموظفين والحكام والمسؤولين الذين كانت تعينهم الحكومة لإدارة البلاد لم يكونوا دائما ممن يحسنون الإدارة ويهتمون بمصلحة الاهليين العامة ويقدرون المسؤولية حق قدرها ويراعون عادات البلاد وتقاليدها، ومن أمثلة سوء تصرف مأموري الدولة ان رجال حامية الشوبك حاولوا سنة 1905م، تسخير نساء البلدة لنقل الماء اليهم من الينابيع التي تجري من الوادي وقد أدت هذه المحاولة إلى إثارة رجال البلدة فهاجموا الجنود وطردوهم من القلعة، ثم تحصنوا داخل أسوارها المنيعة للدفاع عن أنفسهم «.

%d8%a3%d8%ae%d9%88-%d8%ae%d8%b6%d8%b1%d8%a9
نشميات الشوبك يشعلن النخوة و الحميّة في نفوس فرسان الشوبك لتخليصهن من السخرة للعثمانيين – لوحة للفنانة هند الجرمي

رفضت الإدارة التركية الممثلة باللجنة التي بعثها متصرف الكرك الى الشوبك شرط زعماء الثورة المتمثل بوقف سياسات القمع تحت قوة جنود الاحتلال التركي من منطلق أن الحكومة لم ولن ترغب أن يفرض الاهلون شروطا عليها « فأرسل متصرف اللواء مئة جندي من الفرسان ومعهم رشاشات للقضاء على الثورة وإلقاء القبض على زعامتها وعسكرت هذه القوة على الجبال المقابلة للبلدة قصد الإرهاب وحمل الثوار على الاذعان، ولكن ثوار الشوبك صمموا على الدفاع وانضم اليهم عدد من البدو المجاورين، وهدد قائد القوة بتدمير القلعة على من في داخلها من الثوار، واشترط المحتل التركي المطالب التالية:

  • اخلاء القلعة من الثوار.
  • تسليم الثوار لأنفسهم دون قيد او شرط
  • عودة رجال البدو إلى مضاربهم قبل حلول الليل
  • عودة الأهالي إلى منازلهم وعدم التجمع بالقرب من القلعة إلى حين استدعائهم للقصاص منهم
  • يرفع زعماء ووجهاء الشوبك الاعتذار الخطي الى الحاكم الاداري.

تدارس زعماء الشوبك مطالب قائد القوة المهاجمة فوافقوا على بعض الشروط خاصة في ظل عدم تساوي موازين القوى مقابل أن توافق الحكومة على مطالبهم، وتلخصت مطالب اهالي الشوبك في :

  • أن تحسن الحكومة اختيار الموظفين والحكام الذي الذين يديرون شؤون الادارة في المنطقة، وأن يكونوا على دراية بعادات وتقاليد أهل المنطقة.
  • معاقبة ومحاسبة قوى الدرك ورجال الحامية الذين اساءوا لنساء بلدة الشوبك ونقلهم من الشوبك نهائيا.
  • منع الجنود من دخول احياء الشوبك إلا في الحالات الامنية الضرورية.
  • يعتبر أهالي الشوبك- رجالا ونساء- غير ملزمين بجلب المياه من الينابيع إلى الحامية وجنودها، وإلى منازل الغرباء مهما كانت صفاتهم ورتبهم
  • اختيار العناصر العسكرية والأمنية وجباة الضرائب من ابناء الشوبك او من ابناء القرى الشوبكية المجاورة.
  • عدم تعرض الثوار إلى المساءلة أو الاعتقال أو الملاحقة الامنية

فهدّد قائد قوات الاحتلال التركي ثوار الشوبك بالإبادة ردا على مطالبهم ، فقرر أهالي الشوبك مقابلة التحدي بالتحدي، فما كان من القوة إلا أن هجمت على البلدة وفتكت بعدد كبير من رجالها، واحتلت القلعة وأخضعت أهل البلدة بأشد ضروب التعسف والتنكيل وشردت الأهالي وصادرت الأموال والممتلكات لتخضع الشوبك إلى فصل طويل من فصول الارهاب الذي مارسه الاحتلال التركي العثماني على مدى قرون، وأقدمت على اعتقال زعماء الثورة وساقتهم الى الكرك ثم نقلتهم الى دمشق للمحاكمة العسكرية بتهمة الخيانة والتمرد والقتل وهم:

  • مصلح الهباهبة
  • مطلق حسن البدور
  • أحمد خلف الغنميين

واستشهد مطلق حسن البدور واحمد الغنميين في السجن بينما أنهى مصلح الهباهبة مدة السجن وهكذا انتهت الثورة ولكن الشوبك سجلت من جديد أروع معاني البطولة في رسم طريق الاردن الشاق نحو الاستقلال وكانت كرامة المرأة الأردنية عنوان الثورة .

المراجع:

  1. طه الهباهبة، الشوبك في التاريخ والوجدان الشعبي،الجزء الاول،ص75.
  2. تاريخ الشوبك 1983-1946م ، فواز عودة الرشايدة.

نساء الثورة – نشميات الشوبك

دور النشميات الأردنيات في الثورة

نشميات بني عطية والحويطات

14329265_968038110007984_605238304_o

لم تغب شمس النشمية الأردنية عن تاريخ البطولة وكانت دوما المرأة الأردنية ركناً لا هامش في تاريخ التضحيات في سبيل استقلال الأردن وأساساً في التنمية في وقت الرخاء ومنذ القدم  وفي عهد الملك الأردني النبطي الحارث الرابع قام بتوثيق العملة الأردنية النبطية بنقش صورته جنباً الى جنب مع زوجته .

وفي العصر الحديث ضربت جداتنا أروع صور البطولة في مواجهة أربع مائة عام من الاحتلال التركي والتجهيل والفقر والسرقة تحت ستار الخلافة والتجارة بالدين  وسارت النشميات جنباً الى جنب مع فرسان العشائر الأردنية  حتى تحقق الحلم الأردني بالاستقلال وعودة الأردن الى مساره الطبيعي في  الحضارة .

ونحاول في هذا البحث المقتضب تقديم سرد موجز للموقف البطولي التاريخي لنشميات بني عطية والحويطات في رحلة تحرير الأردن من الاحتلال التركي:

حينما علم الشيخ الفارس كريم بن زعل بن عبيد العطيات (شيخ قبيلة بني عطيّة) ونخوته بين فرسان بني عطية ” أخو بخيتة ” بأمر الأردنيات السجينات بندر ومشخص المجالي زوجات أخويه  زعماء ثورة الكرك على المحتل التركي رفيفان وقدر المجالي وكيف تم القاء القبض عليهن نظرا لدعمهن للثورة و حضهن لرجال و فرسان الكرك عليها ومن ثم زجهن في سجن معان دون اعتبار للقيم و الأخلاق الإنسانية و الحالة الصحية التي تمر بها النشمية بندر المجالي حيث كانت الراحلة النشمية بندر المجالي حاملاً بحابس ابن الشيخ رفيفان المجالي (رئيس هيئة الأركان في الجيش العربي الأردني  وبطل معارك باب الواد واللطرون في القدس وقاد الجيش الأردني فيما بعد في أدق الظروف السياسية التي أحاطت بالأردن) ،  شاور الشيخ كريّم العطياّت  والدته (رياء بنت قاسم ابو تايه) ابنة عم الشيخ  عودة ابو تايه فقالت له : ( يا وليدي بناتنا وبناتهن واحد وعرضهن عرضنا والثورة في الكرك ثورتنا، لوماي حيلي مهدود كان جاورتهن في سجن البوق بمعان و ما تِوخّر ).

14657713_10211330088908363_1777864017_n
نشميات بني عطية و الحويطات أثناء مساعدتهن في توليد النشمية بندر المجالي في سجن معان – لوحة للفنانة التشكيلية هند الجرمي

 فتوجه رحمه الله على فوره إلى سجن معان وقام  بإعطاء المسؤولين في سجن معان المال لقاء أن يسجنوا زوجته واخواته معهن ، حتى لا تبقى بندر ومشخص امرأتين وحيدتين في السجن يتناوب حراستهما الرجال، وقامت نساء بني عطية و الحويطات بدورهن بالإشراف على ولادة البطل حابس المجالي اذ ساهمن بتخفيف ألم الولادة على الشيخة بندر المجالي وهذه البادرة النبيلة غير مسبوقه إلا في الأردن سطرتها النشميات من بني عطية بحضور الفرسان ونخوتهم للنشميات الأردنيات.

المراجع

  1. عدد من المقابلات البحثية لفريق ارث الأردن مع عدد من شيوخ و وجهاء و مؤرخي قبيلة الحويطات آب و أيلول 2016
  2. محمود الزيودي ،كركيات”1″،صحيفة الدستور الأردنية 28 ايار 2009، العدد رقم 17494 السنة 50
  3. مقابلة من فريق ارث الأردن مع عاطف عطوي المجالي ومقابلة مع رايق عياد المجالي في تاريخ 4/6/2016،الكرك-الربة
  4. بحث منشور للمؤرخ محمود سعد عبيدات، تاريخ 2008
  1. الكاتب و الأديب هزاع البراري مقالة بعنوان ( بندر ومشخص- رائدات العمل النضالي )

 

نساء الثورة – نشميات بني عطية والحويطات

دور النشميات الأردنيات في الثورة

نشميات النعيمات

لم تغب شمس النشمية الأردنية عن تاريخ البطولة وكانت دوما المرأة الأردنية ركناً لا هامش في تاريخ التضحيات في سبيل استقلال الأردن وأساساً في التنمية في وقت الرخاء ومنذ القدم  وفي عهد الملك الأردني النبطي الحارث الرابع قام بتوثيق العملة الأردنية النبطية بنقش صورته جنباً الى جنب مع زوجته .

وفي العصر الحديث ضربت جداتنا أروع صور البطولة في مواجهة أربع مائة عام من الاحتلال التركي العثماني والتجهيل والفقر والسرقة تحت ستار الخلافة والتجارة بالدين  وسارت النشميات جنباً الى جنب مع فرسان العشائر الأردنية  حتى تحقق الحلم الأردني بالاستقلال وعودة الأردن الى مساره الطبيعي في  الحضارة .

ونحاول في هذا البحث المقتضب تقديم سرد موجز للموقف التاريخي البطولي  لنشميات عشيرة النعيمي  في رحلة تحرير الأردن من الاحتلال التركي العثماني :

عندما ثار الشريف الحسين بن علي طيب الله ثراه على ظلم واستبداد طغاة الاحتلال العثماني تنادت له رجالات وقادات العرب وكان المجاهد «عبد الحميد النعيمي» من أوائل الملبين  للنداء ونظراً لقلة العدة والعتاد والأسلحة المتوفرة لدى قوات الثورة تنادت جداتنا من نشميات النعيمات وقمن بتقديم ذهبهن ومصاغهن لبيعه وشراء السلاح بثمنه ومدفع لمقاتلة المحتل العثماني التركي.

14627780_10211330088868362_1601278293_n
نشميات النعيمات يجمعن الذهب و الحلي و الصيغ اللاتي يمتلكنها لشراء السلاح و العتاد و المدفع لفرسان و مقاتلي الثورة – صورة للفنانة التشكيلية هند الجرمي

وظل ذالك المدفع – الذي يذكر إلى الآن فخراً لهن و للعشيرة، بعد أن اشتراه الشيخ عبدالحميد النعيمي من ذهب وحلي بنات النعيم – موجودا على باب قصر رغدان العامر حتى يومنا هذا لكي يبقى شاهدًا على عظمة فعل النشميات البدويات من بنات النعيم وبذلهن حليهن وذهبهن رخيصاً في سبيل رفعة وطنهن وعزة قومهن.

 

13081625_1015125495232867_318578152_n-225x400
صورة عن مادة صحفية منشورة عن مدفع نشميات النعيمات أمام قصر رغدان

كان الشيخ البطل عبد الحميد يفخر أن المدفع الموجود أمام قصر رغدان العامر اشتراه من مصاغ نساء عشيرته لذلك قال له الملك المؤسس عبدالله : ” هذا المدفع يا عبد الحميد يساوي عندي ذهب الدنيا ، ونساء عشيرتك سيفخر التاريخ بهن، لقد خسرن مصاغهن وربحن الذكرى الطيبة”.

13084091_1015136341898449_103508025_n-299x400
البطل عبدالحميد النعيمي

المراجع :

  • مقابلة بحثية لفريق الأبحاث في ارث الأردن مع أبناء و أحفاد البطل في منزله في المفرق ، أيلول 2016
  • نص مقابلة البطل عبدالحميد النعيمي مع مجلة الأقصى العسكرية بتاريخ 15/ ايلول /1971، أجراها معه الرئيس كايد حجازي، من كتاب التاريخ العسكري للثورة العربية الكبرى فوق الأرض الأردنية، بكر خازر المجالي، قاسم محمد الدروع،ص398-402، مطابع القوات المسلحة الأردنية 1995.
  • صحيفة الدستور، الشيخ المجاهد عبد الحميد النعيمي اسم في ذاكرة التاريخ، محمد الفاعوري،بتاريخ 22-12-2015.
  • صحيفة الرأي ، ملحق أبواب ، عبد الحميد النعيمي: مناضل من زمن الثورة والبناء، هزاع البراري .
  • وكالة عمون الأخبارية، المجاهد الشيخ عبد الحميد النعيمي من مؤسسي الجيش العربي الأردني، د.محمد المناصير،بتاريخ 15-4-2014.
  • وكالة جراسا الأخبارية، ذكرى الـ (38) لوفاة المجاهد الشيخ عبدالحميد النعيمي، بتاريخ 4-1-2012.

نساء الثورة – نشميات النعيمات

دور النشميات الأردنيات في الثورة

خضرة المدادحة

14329265_968038110007984_605238304_o

لم تغب شمس النشمية الأردنية عن تاريخ البطولة وكانت دوما المرأة الأردنية ركناً لا هامش في تاريخ التضحيات في سبيل استقلال الأردن وأساساً في التنمية في وقت الرخاء ومنذ القدم  نرى صورتها جنباً الى جنب مع شريكها الأردني كما بعملة الملك الحارث الرابع وزوجته شقيلات.

وفي العصر الحديث ضربت جداتنا أروع صور البطولة في مواجهة أربع مائة عام من الاحتلال التركي والتجهيل والفقر والسرقة تحت ستار الخلافة والتجارة بالدين  وسارت النشميات جنباً الى جنب مع فرسان العشائر الأردنية  حتى تحقق الحلم الأردني بالاستقلال وعودة الأردن الى مساره الطبيعي في  الاسهام والتفاعل الحضاري.

ونحاول في هذا البحث المقتضب سرد الموقف التاريخي البطولي للنشمية خضرة المدادحة إبان الثورات الصغرى في رحلة تحرير الأردن من الاحتلال التركي العثماني:

 

خضرة المدادحة هي النشمية الأردنية التي تعود نخوة عشيرة المجالي الأكارم لفزعتهم لها حيث لم ترض الحرة خضرة المدادحة أن تصبح الأردنيات خادمات لحريم السلطان والمحتل التركي فانتخت بالفارس اسماعيل الشوفي  وهو الشيخ إسماعيل المجالي الملقب بـ “الشوفي ” والشوفي لقب و يعني الطليعة او من يترأس الفرسان ، وتتلخص مجريات الحادثة عام 1828 من خلال واقعة حدثت بالقرب من عين ماء في الكرك يطلق عليها عين سارة ، عندما اعترضت النشمية الكركية السيدة خضرة المدادحة  طريق الشيخ إسماعيل الشوفي في منطقة سيل الكرك ” عين سارة ” وكن آنذاك يتجمعن لملئ قراب الماء ومن ثم يقمن بنقلها إلى قلعة الكرك إجبارا على خدمة نساء حاشية القلعة من الأتراك ، وأثناء مرور اسماعيل وبصحبته عدد من الفرسان جهرت خضرة بصوتها لتسمع “الشوفي” و من معه وقالت له :

“ما تشوف ألمي تسيل من على ظهورنا يا إسماعيل ” وتقصد بذلك الظلم والإجبار الواقع على بنات الكرك”.

 

%d8%a3%d8%ae%d9%88-%d8%ae%d8%b6%d8%b1%d8%a9
النشمية خضرة المدادحة تستنجد بالشيخ اسماعيل الشوفي لرفع الظلم عن نساء الكرك من العثمانيين – لوحة للفنانة التشكيلية هند الجرمي

 

عندها صاح الشوفي بأعلى صوته قائلا ” أبشري وأنا اخوكي يا خضرة ” و عاد أدراجه إلى الكرك وقام بحشد الجمع من عشائر الكرك ومهاجمة حامية الخليل التابعة للجيش التركي والقضاء عليها وبعد تلك الحادثة قام الحاكم المحلي بطلب الصلح من الشيخ إسماعيل وكان من أول بنود هذا الصلح عدم إجبار بنات الكرك على نقل المياه أو خدمة نساء الحاشية التركية .

وكان الشيخ الشوفي قد أُعدم في عام 1834 انتقاما على يد السلطة العثمانية في سوق البتراء في القدس  ومعه صالح عبدالقادر المجالي”  بعد مشاركته بتهريب قاسم الأحمد الفار من نابلس والدخيل لدى والد الذبيحين الشيخ ابراهيم الضمور .

انهم اجداد بذلوا أرواحهم في حفظ كرامة المرأة الأردنية وأردنيات أورثن تاريخ من الشموخ والفخر ورفض الذل والانكسار للمحتل المغولي

 

المراجع:

 

  1. كتاب شيخ القلعة ،احمد جميل الضمور .
  2. معلمة التراث الأردني، الباحث روكس بن زائد العزيزي.
  3. مجلة الدفاع ،النار ولا العار،16/5/1936 .
  4.  د.سعد ابو دية ، ثورة الكرك 1910”  الهية
  5. مذكرات عودة باشا القسوس

نساء الثورة – خضرة المدادحة

دور النشميات الأردنيات في الثورة

عليا الضمور

14329265_968038110007984_605238304_o

لم تغب شمس النشمية الأردنية عن تاريخ البطولة وكانت دوما المرأة الأردنية ركناً لا هامش في تاريخ التضحيات في سبيل استقلال الأردن وأساساً في التنمية في وقت الرخاء ومنذ القدم  نرى صورتها جنباً الى جنب مع شريكها الأردني كما بعملة الملك الحارث الرابع وزوجته شقيلات.

وفي العصر الحديث ضربت جداتنا أروع صور البطولة في مواجهة أربع مائة عام من الاحتلال العثماني والتجهيل والفقر والسرقة تحت ستار الخلافة والتجارة بالدين  وسارت النشميات جنباً الى جنب مع فرسان العشائر الأردنية  حتى تحقق الحلم الأردني بالاستقلال وعودة الأردن الى مساره الطبيعي في  الاسهام والتفاعل الحضاري.

ونحاول في هذا البحث المقتضب سرد الموقف التاريخي البطولي للنشمية عليا الضمور إبان الثورات الصغرى في رحلة تحرير الأردن من الاحتلال العثماني :

وهي عليا الضمور زوجة الشيخ البطل إبراهيم الضمور شيخ محافظة الكرك في زمانه وأحد كبار مشائخ الأردن والتي قدمت ابنائها الاثنين شهيدين في سبيل الأردن.

وتتلخص الحادثة بهروب الشيخ قاسم الأحمد من فلسطين بعد أن بطش به جيش ابراهيم باشا فلجأ الى الاردن دخيلاً لدى الشيخ ابراهيم الضمور في عام  1834 م فلحق به جيش ابراهيم باشا  إلى الكرك وأرسل إلى الشيخ إبراهيم باشا الضمور الذي أجار القاسم في بيته يُـخيِّـره بين تسليم دخيله القاسم أو احراق ولديه (علي وسيد) الذين أسرهما عسكره خارج أسوار الكرك، ويسجل هنا دور زوجة الشيخ ابراهيم الحرة عليا أم البطلين ،حيث صاحت أمام هذا التهديد بحرق أولادها :

الراحلة عليا الضمور و نساء الكرك في وداع الشهيدين علي و سيد – لوحة للفنانة التشكيلية هند الجرمي .

(النار ولا العار يا إبراهيم، الأولاد يعوِّضنا الله عنهم، ولكن العار لا يزول)، فنادى الشيخ ابراهيم الضمور بالحاضرين بعد سماعه لموقف زوجته البطولي وطلب : ( أن يجمعوا له رزمة من حطب وأرسلوها إلى ابراهيم باشا  الذي لايعرف أن الوفاء بالعهد من شيم الرجال واقذفوا بها بين يديه وقولوا له: ليس إبراهيم الضمور من يُسلـِّـم الدخيل )، اشتعل الحقد في قلب ابراهيم باشا فأوقد نارا وقذف بها الشقيقين علي ثمَّ سيِّـد على مرأى من الوالدين المفجوعين بفلذتي الكبد، لكن الأردنيين لم يرضخوا لوحشية سلطة الاحتلال بل استمروا في مقاومتها عبر سيل طويل من الثورات الصغرى التي تكللت بالتحرير عبر الثورة العربية الكبرى.

للاطلاع على قصة جلحد العرود الحباشنة او ما يعرف بـ(دلة جلحد) انقر هنا.

وقد توفيت عليا يونس العقول الضمور والدة الشهيدين علي و السيد بعد حادثة حرقهما بأقل من عام.

%d8%a7%d8%a8%d8%b1%d8%a7%d9%87%d9%8a%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%b6%d9%85%d9%88%d8%b1
الراحلة عليا الضمور و الشيخ ابراهيم الضمور في وداع ولديهم الشهيدين علي و سيد – لوحة للفنانة التشكيلية هند الجرمي .

المراجع:

  1. كتاب شيخ القلعة ،احمد جميل الضمور .
  2. مجلة الدفاع ،النار ولا العار،16/5/1936 .
  3. معلمة التراث الأردني، الباحث روكس بن زائد العزيزي.

نساء الثورة – عليا الضمور

دور النشميات الأردنيات في الثورة

 نشميات الطفيلة

لم تغب شمس النشمية الأردنية عن تاريخ البطولة وكانت دوما المرأة الأردنية ركناً لا هامش في تاريخ التضحيات في سبيل استقلال الأردن وأساساً في التنمية في وقت الرخاء ومنذ القدم  نرى صورتها جنباً الى جنب مع شريكها الأردني كما بعملة الملك الحارث الرابع وزوجته شقيلات.

وفي العصر الحديث ضربت جداتنا أروع صور البطولة في مواجهة أربع مائة عام من الاحتلال التركي والتجهيل والفقر والسرقة تحت ستار الخلافة والتجارة بالدين  وسارت النشميات جنباً الى جنب مع فرسان العشائر الأردنية  حتى تحقق الحلم الأردني بالاستقلال وعودة الأردن الى مساره الطبيعي في  الاسهام والتفاعل الحضاري.

ونحاول في هذا البحث المقتضب سرد المواقف التاريخية البطولية لنشميات الطفيلة في رحلة تحرير الأردن من الاحتلال التركي العثماني:

تعتبر معارك الطفيلة أثناء تحريرها من الاحتلال التركي العثماني وحلفائه الألمان والنمساويين مفصلاً مهما في استقلال الأردن أثناء الثورة العربية الكبرى، وكان دور المرأة الأردنية في معارك الطفيلة التي عرفت بحد الدقيق أسطورياً فلم يكتفين بتقديم العون المعنوي والتعبئة النفسية بل تعدين ذلك الى تقديم كوكبة من الجريحات والشهيدات على درب الاستقلال الأردني من أعتى سنين الظلام والجهل والتهميش في حقبة الاحتلال باسم الدين. فكان طرد قطعان الأتراك والنمساويين والألمان المتحالفين في حينها لن يتم بلا الدماء الطاهرة والزكية التي بذلتها حرائر الطفيلة.

للاطلاع على البحث الكامل لمعارك الطفيلة اضغط هنا 

يقول الضابط صبحي العمري في أوراقه عن المعركة : “ودب الصوت بين أهل البلدة، و ( دب الصوت ) يعني أنهم صرخوا بأعلى أصواتهم يحثون الرجال للذهاب للقتال، ويكرره كل من يسمعه من رجال ونساء، وينتقل من جماعة لأخرى، ويسيرون نحو المكان المقصود جماعة، بل كل واحد ممن يسمع الصوت يتناول سلاحه، و يأخذ أولا شيئا مما تعطيه له أمه أو زوجته من الزاد ويتوجه فورا،  واذا كان المكان غير بعيد فإن النساء يتعقبن الرجال بالماء“.

وتتطرق مذكرات قادة وأبطال معارك الطفيلة لفعل النساء أيضاً في المعركة: “وكنا نشاهد امرأة هنا تعبر الطريق ذاهبة وأخرى قادمة في مهمة، وكل واحدة تشد مدرقتها بحزام، تعين جريحا أو تنقل جثّة قريب لها، إن دور النساء أملته الضرورة والأهمية لوجودهن، فكل رجال البلد في حومة الحدث، وكل من رأيت يشدّ وسطه وصدره بالرصاص”.

قوات الثورة العربية الكبرى على إحدى مرتفعات الطفيلة أثناء عمليات تطهيرها من الاحتلال التركي و تظهر الدخان المتصاعد من البيوت جراء قصف المدفعية الألماني و النمساوي
قوات الثورة العربية الكبرى على إحدى مرتفعات الطفيلة أثناء عمليات تطهيرها من الاحتلال التركي و تظهر الدخان المتصاعد من البيوت جراء قصف المدفعية الألماني و النمساوي

ويشير البطل صبحي العمري لمثل ذلك في أوراقه وهو مع الأمير زيد بن الحسين وجعفر العسكري ومن معهم، وهم يتوجهون للوصول إلى الإقامة في مخيمهم في خربة نوخه  ” وأثناء الطريق مرت بنا امرأة تسوق حمارا يحمل جثتين ملفوفتين بعباءتين، تسوق الحمار وهي تئن بصوت مختنق، ولما سألت النساء الأخريات قلن : – إنهما جثتا زوجها وأخيها قتلتهما قنبلة مدفع تركي “. وإذا استشهد مقاتلون في المعركة أو جرحوا فإن النساء المتواجدات في المعارك قد أصابهن ذلك أيضا كما سننوه له في قوائم الشهداء والجرحى.
وكما فعلت النشميات الكركيات في ثورة الكرك ( الهية ) كانت النشميات الطفيليات أثناء عمليات القتال توجهن الفرسان لميادين الالتحام في حدّ الدقيق ويقدِمن على وضع رماد النار في علائق خيول فرسان الطفيلة بدلاً من مادة الشعير لإشعال صدور الخيول بالحرارة والهيجان.

و يمكن تلخيص دور نشميات الطفيلة في معارك تحرير الطفيلة كما باقي نشميات الثورة بمجموعة هامة من الأدوار الرئيسية في الثورة نذكر منها :

  1. تزويد المقاتلين بالمال و الصيغ و الحلي لشراء السلاح  قبل بدء المعارك التحرير
  2. تزويد المقاتلين بالمؤن  في معارك التحرير.
  3. رفع الروح المعنوية لفرسان الثورة من عشائر الطفيلة و دفعهم للقتال .
  4. المشاركة الفعلية في العمليات العسكرية في ميدان معركة حد الدقيق .
  5. القيام بعمليات الاسعاف و الطبابة للجرحى من المقاتلين.
  6. ارسال الرسائل بين فرسان الثورة و شيوخ عشائر الطفيلة و القيام بعمليات التمويه.
140
قطعان الأسرى الاتراك يقودها ضباط جيش الثورة و فرسان العشائر الأردنية بعد معركة حد الدقيق و تطهير الطفيلة من الاحتلال التركي

ونورد فيما يلي أسماء الجريحات من جداتنا في الطفيلة واللاتي ارتقى منهن شهيدات متأثرات بجراحهن :

أسماء الجريحات ومن ارتقى منهن فيما بعد شهيدات متأثرات بجراحهن في معركة حد الدقيق لاستقلال الأردن
1.     ثريا خميس الدلابيح
2.     حسنة عبدالغني الشباطات
3.     شيخة القليلات الزيدانيين
4.     صبحية الحجاج البحرات
5.     صبحية العمايرة
6.     فاطمة ضيف الله العمايرة
7.     فضية عبدالرحمن الجرابعة

وتزدان ساحة دوار العيص بقرب البوابة الرئيسية لجامعة الطفيلة التقنية بنصب تذكاري نقش عليه اسماء الشهيدات من جداتنا من حرائر الطفيلة اللاتي دفعن مهر حريتنا من دمائهن.

%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%8a%d8%b5-%d9%85%d9%8a%d8%af%d8%a7%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%ab%d9%88%d8%b1%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b1%d8%a8%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%83%d8%a8%d8%b1%d9%89-4

%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%8a%d8%b5-%d8%b5%d8%b1%d8%ad-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d9%87%d8%af%d8%a7%d8%a1-3

المراجع :

  1. الثورة العربية الكبرة ( معارك الطفيلة – صور من البطولة ) ، سليمان حمّاد القوابعة ، أزمنة للنشر و التوزيع ، الطبعة الأولى، 2008 .
  2. الثورة العربية الكبرى : الحرب في الأردن 1917-1918 : مذكرات الأمير زيد بن الحسين / سليمان الموسى، دائرة الثقافة والفنون.
  3. المعارك الأولى : الطريق إلى دمشق، صبحي العمري، أوراق الثورة العربية؛ رياض الريس للكتب والنشر، لندن، بريطانيا ؛ ليماسول، قبرص ، 1991، ط. 1.
  4. الثورة العربية الكبرى : الموسوعة التاريخية المصورة ، البحث التاريخي والإشراف الدكتور بكر خازر المجالي ؛ فريق العمل خولة ياسين الزغلوان ، و فريق الفرس الشقراء ، مركز أرض الأردن للدراسات والنشر،2011.
  5. ذكرياتي عن الثورة العربية الكبرى، محمد علي العجلوني، مكتبة الحرية ،عمّان ، 1956 .

نساء الثورة – نشميات الطفيلة

Scroll to top