جبل طرون كما يبدو من أحد بيوت ساكب

مقدمة

بخضرته الآسرة يطل جبل طرون من بين القمم المتجاورة لسلسلة جبال عجلون، يحتضن ساكب الجميلة ويرعى بعينيه ريمون الخضراء، يختصر الربيع في غصن سنديانة واثقة صادقت مهبّ الريح فلم تعد تخشى شيئاً، هكذا هي أشجار طرون، فكيف بحجارته العتيقة، خذ حظك من النظر، وثق أن هذا الجمال لن ينقص.

الموقع والتسمية  

يقع جبل طرون في جرش مقابل بلدة ساكب، التي تنتشر كثير من بيوتها على سفحه باطمئنان، ويصل ارتفاع هذا الجبل إلى 1117 م، ويطل على عدة جبال قريبة كجبل الأقرع من جهة وأم الدرج من جهة أخرى، ومن قمته المشرفة ترى كثيرا من التجمعات السكانية كالكثة والقرمية وغيرها من بلدات جرش، الجبل ذو طبيعة حرجية تنتشر فيها أشجار معمرة متنوعة، وفي سفحه تقع عين ماء عيصرة، وسمي بهذا الاسم نسبة إلى أحد الشيوخ الزهّاد واسمه طرون وله مسجد باسمه في المنطقة.

أشجار اللزاب في جبل طرون

البيئة والتنوع النباتي 

يشكل جبل طرون بأشجاره محمية طبيعية بغطاء كثيف من الأشجار الأصيلة التي تعتبر جزء من الإرث البيئية، وأكثر هذه الأشجار انتشاراً هو السنديان ومعظمه من الأشجار المعمرة القديمة، كما ينتشر في الجبل شجر القيقب المعروف لدى السكان باسم (عنب البوبو) لتشابه شكل ثمره الأخضر مع قطوف العنب، وتنتشر فيه أنواع كثير من الصنوبريات أشهرها وأكثرها عرضة للخطر اللزاب، فهو من الصنوبريات غضة الفروع سهلة القطع التي لا تنمو فروعها بعد القطع، ونرى في عدة أماكن أشجاراً عالية ومعمرة من الصنوبريات، كما تنتشر أصناف كثيرة من الشجيرات الشوكية الصغيرة.

وفي سبيل المحافظة على كنز طرون البيئي، لم تشقّ في الجبل أي طريق معبدة تساعد في وصول المركبات إلى قمته، وهذا يقلل من خطر التحطيب الجائر الذي تتعرض له الأحراش، ولكن لمنع حوادث الحرق واشتعال الأحراش التي تكثر في الصيف، تم شق طريق بسيط غير معبد يساعد على وصول فرق الإطفاء وتقليل خسائر الحرائق وإيقاف انتشارها.

الحشائش النامية في المساحات الفارغة نتيجة للحرائق في طرون

خربة طرون

في قمة الجبل منطقة تمتاز برجومها الحجرية، ويظهر فيها آثار لحفريات أجريت في وقت ما، وهذه الحجارة تعود إلى مقام بني على قمة الجبل للشيخ الزاهد طرون، ولا تزال موجودة هناك، وقد تعرض بعضها للطمر من جديد.

بقايا حجرية من خربة طرون

خاتمة

جبل طرون ورغم تعرضه لكثير من الأحداث الطبيعية والاعتداءات البشرية التي قللت من كثافته الشجرية، إلا أنه لا يزال جنة خضراء تستحق الجهد في الوصول إلى قمته، وتستحق اهتماما أكبر بالتعريف به، فهو ثروة بيئية وسياحية لا تقدر بثمن، كما تعتبر الأشجار الموجودة في الجبل من الأشجار ذات الأهمية على صعيد الحفاظ على الإرث الشجري.

 

المصادر والمراجع

العدوان، مفلح(2008)، بوح القرى، ج2، مركز الرأي للدراسات

حريق غابة طرون – جريدة الدستور– تم النشر في 17-9-2003 تم الاطلاع عليه في 21-8-2019

زيارة ميدانية

 

جبل طرون

مقدمة

تستلقي على مدّ البصر بثيابها السوداء التي تفيض سؤدداً ومجداً، تلك البادية التي كانت حاضنة للتاريخ، وكتاباً اسودّت صفحاته بنقوشات تركها أجدادنا الأردنيون كعلامات تهدينا إليهم، وحجارة حفظت الأمانة فخبأت نقوشاتهم حتى وصلتنا رسائلهم الساحرة بخطوط قديمة رغم أننا لم نعتدها، إلا أنها حقا تشبهنا، في الحرّة الأردنية لا تدع سحر المنظر يأخذك بعيدا عن سحر الحضارة التي حفظتها في نقوشها ورسوماتها، ارفع بصرك عن حجارتها السوداء لتلتقي عيناك جبل قرمة، الذي احتضن ما يزيد على 5000 نقش قديم محمّل برسائل أجدادنا الأردنيين.

الموقع والتسمية

يقع جبل قرمة على بعد 30 كم شرق مدينة الأزرق في حرة راجب، والحرة هي صخور بازلتية سوداء قديمة جداً، تكونت نتيجة نشاط بركاني في المنطقة، وعدة اندفاعات بركانية، وتشير الدراسات الجيولوجية إلى أن المنطقة تشكلت إثر ستة اندفاعات جيولوجية، كونت في أحد أطوارها معظم الصخور البازلتية في شرق الأردن، باندفاع بازلتي يبلغ سمكه 25 متراً أو أكثر، ويرجع إلى الفترة ما بين الميوسين – البلايستوسين.

وترجع تسمية جبل قرمة إلى شبهه بقرمية الحطب، أي الحطب الثخين الذي يستخدم للتدفئة، ولأنه يظهر من مسافات بعيدة، ثم عمم ذلك ليطلق على جميع الجبال المحيطة به فسميت جبال قرمة.

جبل قرمة والحرة الأردنية – مشروع جبل قرمة

البيئة والمناخ

يمتاز مناخ الحرة الأردنية وجبل قرمة، بأنه جافّ بنسبة هطول قليلة جدا، ولكن الطبيعة البازلتية للمنطقة تحولها إلى مخازن جوفية ممتازة للمياه، فتنبثق حول جبل قرمة العيون المائية في الوادي المجاور له، وادي راجل الذي يمتاز بعمقه ويحتوي كثيرا من الغدران التي كانت تحفظ المياه من فصل الشتاء لغاية الفصل الثاني من العام.

تشير كثير من الدراسات الآثارية إلى أن منطقة الحرة الأردنية كانت منطقة خصبة، مليئة بالتنوعات الحيوانية والنباتية وهذا يدل على أن أجدادنا الأردنيين القدماء تمكنوا من استغلال الصحراء بمناخها القاسي، وتحويلها إلى بيئة منتجة.

ورغم المناخ السائد وطبقة الصخور البازلتية التي تغطي أرض الحرة، إلا أنها تحتوي على كثير من الأعشاب العطرية والرعوية والنباتات البرية التي تمتاز بفوائدها العلاجية كالحنظل والكراث والمحروت (الجزر البري) والبابونج والجعدة والصبر والخبيزة.

مقابر حجرية قديمة

اكتشفت المسوحات الأثرية التي أجريت ضمن “مشروع المناطق الأثرية في جبل قرمة” مقابر حجرية يرجع تاريخها إلى أكثر من 4000 عام، وهي حوالي 50 مجموعة من الركام الصخري والمدافن، التي تشير بشكل واضح إلى أن المنطقة كانت مأهولة بالسكان قديما، وإن كانت وعورتها حالياً لا تسمح لأعداد كثيرة من السكان بالاستقرار فيها.

تغطى كثير من المقابر بأكوام من الحجارة تدعي “كيرنز”، وتظهر في المواقع المجاورة للجبل بعض المقابر البرجية التي كان يعتقد في البداية أنها تدل على المكانة العالية، لكن كثرتها وانتشارها ينفي هذه الفرضية، ويلاحظ أن بعض القبور قد بنيت بحجارة تزن أكثر من 300 كلغ، يعتقد أنها عائدة في تاريخها إلى أواخر الألفية الأولى قبل الميلاد.

مقابر حجرية – غدي نيوز

النقوش الصفوية

من أثمن الكشوفات الأثرية وأكثرها قيمة اكتشاف النقوش الصفوية، وهي نقوش قديمة ترجع إلى أحد فروع اللغة العربية الشمالية القديمة التي تشير الدراسات انها كتبت بنسخة متأخرة من الخط النبطي ويرجح أن تكون تطورت عن النطبية، وتنتشر هذه النقوش في البادية الشمالية الأردنية بكثرة كون معظمها يعود لفترة الأردنيين الغساسنة، وتقدم معطيات وملامح حضارتهم، وتسمى بالكتابات الصفوية نسبة إلى منطقة الصفا وهي منطقة تمتد من البادية الشمالية الأردنية إلى حوران الأردنية وصولاًُ لدمشق التي كانت لفترات متقطعة جزء من امتداد الممالك والحضارات الأردنية القديمة.

وقد بدأ الاهتمام بهذه النقوش منذ عام 1858 حيث لفت الرحالة البريطاني جراهام الأنظار إلى بعض النقوش التي نسخها ونشرها في كتابه الذي يصف فيه رحلته، وتتابعت الرحلات الاستكشافية بعدها، وبدأت العملية الاستكشافية تصبح أكثر تنظيما في ثمانينات القرن الماضي، حتى وصل عدد النقوش المكتشفة في جبل قرمة حتى الآن إلى ما يقارب 5000 نقش.

تتضمن معظم هذه النقوش وصف يوميات الأردنيين القدماء في تلك المنطقة، كما أن هناك بعض الرسومات لحيوانات أليفة كثيرة كالغزلان والخيول، وفي ذلك إشارة إلى الكائنات التي كانت تعيش في البادية الشمالية قديما، وتحتوي هذه النقوشات على ذكر لكثير من الأعلام التي لا يزال الأردنيون يتسمون بها حتى الآن دون وعي لانتقال هذه الأسماء إلينا عبر تراكمية متوارثة من أجدادنا الأوائل.

وتضعنا هذه النقوش أمام مسارات جديدة وتحولات كبيرة في المعرفة المتوارثة التي تفيد بأن اللغة العربية قد بدأت وانتشرت من الحجاز، فنرى النقوش الصفوية غيرت هذه الوجهة فأعادت أصل اللغة العربية إلى القرن الرابع أو الثاني قبل الميلاد، كما أرجعت أصلها المكاني إلى البادية الشمالية الأردنية التي كانت منطلق اللغة إلى الحجاز وشبه الجزيرة العربية.

نقوشات صفوية – مشروع جبل قرمة

خاتمة

ما تزال البادية الشمالية الأردنية تفيض بنقوشها ورسوماتها التي تحمل الكثير من الحقائق الغائبة والمجهولة لمدة طويلة، وما يزال الأردنيون يمتلكون كنزاً مكوناً من آلاف النقوش التي احتضنها جبل قرمة، بإمكانها أن تغير تصور العالم عن الماضي، وأن ترسم بالتأكيد شكلاً آخر مشرقاً للمستقبل الأردني.

المصادر والمراجع

 حسن، يحيى (1987): كتابات صفوية في جبل قرمة، دراسات المجلد 14 العدد 10، الجامعة الأردنية

الروسان، عاطف (2007): الحرة الأردنية الصفاوي، وزارة الثقافة

عابد، عبد القادر (2000): جيولوجية الأردن وبيئته ومناخه، منشورات نقابة الجيولوجيين الأردنيين.

بحث إرث الأردن : من النبطية إلى العربية

غدي نيوز  اكتشاف مقابر حجرية أثرية  تم نشره في 16 تموز 2017 تم الاطلاع عليه في 3 آب 2019  

جبل قرمة

مقدمة

من بين أشجار الزيتون المعمرة، والسنديانات العتيقة المتراصة كتفاً إلى كتف كما كان الأردنيون دوماً، تطل جبال الشمال كراية شامخة، تقف في وجه الريح بلا وجل، جبال كانت على مرّ العصور حصناً منيعاً لمن لاذ بها، ومنطلقاً للأردنيين المدافعين عن أرضهم في كل حين، ومن سوف الجرشية يخطف جبل المنارة بصر الناظرين بعلوّه وخضرته وربيعه الأبدي الذي تضفيه عليه أشجار الزيتون، فتجعله أسطورة من الجمال الساحر.

جبل المنارة – صورة من صحيفة الدستور

الموقع والتسمية

يقع جبل المنارة في جرش وتقوم على سفحه مدينة سوف العريقة، وهو من أعلى جبال المنطقة إذ يتراوح ارتفاعه ما بين 1184 و1230 م، ويروى أن تسميته جاءت من ارتفاعه الشاهق الذي كان الأردنيون السوفيون يستفيدون منه، فيوقدون النار على قمته، إعلاما لأهالي دمشق وحوران والضفة الغربية ببدء موسم العنب والزبيب والقطين، تلك المحاصيل التي كانت سوف تنتجها بوفرة، بالإضافة إلى الزيتون واللوزيات.

البيئة والمناخ

يتمتع جبل المنارة بمناخ البحر الأبيض المتوسط، الذي يكون ماطراً شتاء بنسب عالية للمطر تؤدي إلى اعتماد السكان في كثير من الأحيان على الزراعة البعلية في المناطق العالية من الجبل تحديداً، ويكون المناخ جافاً صيفاً ولكن وجود الأشجار وانتشار الأحراش في الجبل تخفف من حدة هذا الجفاف.

ويعد جبل المنارة من المناطق الخضراء التي تتميز بتنوع بيئي هائل، فتنتشر فيه الغابات وأشجار السنديان والقيقب والصنوبريات بأنواعها، مما يجعله موئلاً لعدد كبير من الطيور التي تبني في أحراشه أعشاشها.

بلدة سوف

تتربع بلدة سوف على سفح جبل المنارة، ويتضح من الاطلاع على تاريخها أنها بلدة قديمة يعود تاريخ بنائها إلى القرن الثالث قبل الميلاد، إذ نجد فيها خربة قديمة تسمى خربة سوف، تعود في آثارها إلى العهدين اليوناني والروماني، وفيها آثار أرضيات فسيفسائية، وآثار كنيسة عليها نقوش دينية، تم تحويلها إلى مسجد في عهد عمر بن عبد العزيز كما هو موضح في الكتابات الموجودة هناك.

ومن الطبيعي وجود مثل هذه الآثار في منطقة سوف، فهي منطقة جاذبة بطبيعتها، تحوي الكثير من الينابيع والعيون كعين الفوار وعين القرفة وعين المغاسل التي كان الأردنيون السوفيون يغسلون عندها أصواف الأغنام.

محمية المأوى

تعلو محمية المأوى قمة جبل المنارة وقد انطلق مركزها في 2010 ثم توسعت شيئا فشيئاً، وهي المحمية الأولى من نوعها في الشرق الأوسط التي توفر العناية للحيوانات التي تعيش ظروفاً صعبة، وتحاول هذه المحمية إعادة الحياة البرية إلى طبيعتها، فهي تؤوي كافة الحيوانات البرية التي يتم صيدها أو العثور عليها من قبل الصيادين ومنها الضباع والسباع وأنواع الثعالب البرية، كما ترعى الحيوانات المهددة في بعض البلاد المجاورة التي تعيش حالة من الصراع والحروب، وتضم  المحمية سبعة عشر أسدا ونمرين وأربعة دببة تم جلب بعضها من بلدان مجاورة، وضبط بعضها في محاولات تهريب وتجارة غير مشروعة، وتشكل المحمية بيئة مناسبة لحياة هذه الكائنات إذ يعتقد أنها كانت تعيش في هذه المناطق قديما.

أسد في محمية المأوى -الرأي

  المصادر والمراجع

البحيري، صلاح الدين (1998)، الأردن: دراسة جغرافية، ط2، منشورات لجنة تاريخ الأردن

حتاملة، محمد (2010)، موسوعة الديار الأردنية ج2

الزقرطي، إبراهيم (2004)، موسوعة محافظة جرش، منشور بدعم وزارة التخطيط

العدوان، مفلح(2008 )، بوح القرى، ج2، مركز الرأي للدراسات

جبل المنارة في جرش نشر في 1 نيسان 2016 ، تم الاطلاع عليه في 30 تموز 2019

محمية المأوى نشر في 12 إبريل 2019 تم الاطلاع عليه في 30 تموز 2019

 

جبل المنارة

Scroll to top