الحياة العائلية عند بدو الأردن

الحياة العائلية

يعيش الرجال والنساء مع عائلاتهم حتى يتزوجوا. وبعد الزواج، يكون للرجل بيت الشعر الخاص به وبعائلته ويعيش فيه مع زوجته وأطفاله. في بعض الحالات كأن تكون الزوجة غير قادرة على الإنجاب، يتزوج الرجل مرة أخرى ويكون له بذلك أكثر من زوجة. كما يعتمد الزواج بأكثر من امرأة على الحالة المادية للرجل. لا يزال تعدد الزوجات ممكنا اليوم ولكنه غير شائع.

في هذا الفصل سنناقش عدة محاور في الحياة العائلية البدوية كعادات الزواج ومراحل اختيار العروس وتجهيزات العروس للزواج ووصف احتفالات الزواج والإنجاب وتربية الأطفال وحتى قصص ما قبل النوم.

المرأة والزواج

عامة، كانت الزيجات ولا زالت تتم بين أولاد العمومة مع تفضيل أولاد العمومة من جهة الأب ونادرا ما كان  يتزوج رجل وامرأة من قبائل مختلفة. ونادرا أيضا ما رغب الشاب بالزواج من ابنة عمه ورفضت هي ذلك. في هذه الحالة، يذهب الشاب لعائلتها ويخبرهم بنيته للزواج منها. ومن ثم يلاحقها مثلا عندما تذهب لجلب المياه وبعدها يحاول قص خصلة من شعرها. وإن نجح في ذلك، يعلم جميع من في القبيلة وتجبر الفتاة على منحه موافقتها للزواج منه. تسمى هذه العادة “يصيحاها؟” (وحرفيا تعني: اجعلها تصرخ)

تتبع أغلب الزيجات في المجتمع البدوي لنمط خاص. تذهب مجموعة من الرجال تسمى “الجاهة” لوالد العروس ليحصلوا على موافقته لزواج العريس من ابنته. إن كان والدها متوفى فأخوها الأكبر من سيقرر منحهم الموافقة أو الرفض. وبعد الموافقة، تبدأ ترتيبات الزفاف. يحدد ميعاد معين ومقدار المهر. كان المهر في السابق بسيطا جدا فربما يكون قطيع خراف أو ماعز ونادرا ما يكون جمالا. أحيانا يكون مالا كدينار ذهبي واحد. لقد ظلت عادة المهر سائدة حتى يومنا هذا ولكن مقداره يختلف بحسب الحالة المادية لعائلة العريس.

صندوق العروس

في خضم التحضيرات للزفاف، تحضر المرأة البدوية الغنية صندوقا معدنيا أو خشبيا تضع فيه ممتلكاتها الثمينة بشكل مشابه لصندوق الزواج Hope chest  في أوروبا والولايات المتحدة. أما المرأة البدوية الأفقر حالا فكانت تصنع يدويا حقيبة ملونة تسمى “مذهبة”. وتأخذ العروس صندوقها أو حقيبتها معها إلى بيتها الجديد. يحوي الصندوق عدة أشياء خصوصا الأشياء التالية: فستانان وقميصان وكانت ألوان القمصان المفضلة هي الأحمر والوردي والأزرق وكانت النساء ترتدي القميص تحت الفستان. كما يحوي الصندوق على زوج من الأحذية الجلدية إضافة لمعطف يسمى “الدامر” والذي قد يأتي باللون الأحمر أو الأزرق أو الأسود. وتجلب العروس في صندوقها قارورة من الكحل ومرطب معطر يدوي الصنع يسمى “معشق” وعطرا ومرآة ومشط وبعض الحلي وأغطية الرأس التي تسمى “معصب والرفيفة” هنالك ثلاثة أنواع لأغطية الرأس التي كانت ترتديها النساء البدويات الأردنيات: 1- وشاح على الرأس للفتيات اللواتي لم يتزوجن بعد. ويسمي البدو الفتاة التي تلبس هذا الوشاح “عقادة aqada ”  الشنبار وهو شال أحمر داخلي مع 15 أو 10 قطع فضية مربوطة فيه بحسب الحالة المادية للفتاة. 3- المعصب وتلبسه عادة المرأة الشابة التي تجاوزت العشرين ويتكون  المعصب من طبقتين المعصب وهو الطبقة الخارجية  والملفي؟ وهو الطبقة الداخلية. وأخيرا، يمكن للمرأة البدوية أن تضيف لصندوقها أو حقيبتها بعض المأكولات الخفيفة أو حتى المكسرات. بالإضافة إلى الصندوق أو الحقيبة قد تأخذ العروس بعض الأثاث المسمى “الوهد” الذي يتكون من “فرشة” وأغطية ” اللحاف” المصنوع من صوف الخراف.

يأخذ الزفاف في الماضي مدة من الزمن تتراوح بين ثلاثة أيام وتسعة أيام متضمنا عدة احتفالات. ولكن الحدث الأهم في الزفاف هو الزفة أي القيام بأخذ العروس من بيت عائلتها إلى بيت زوجها. وتقام عدة احتفالات في الأيام ما قبل الزفة كليلة الحناء والتي تقام قبل الزفة بيوم حيث تجتمع العروس وصديقاتها ويزيّن أياديهن برسوم الحنا بينما تغني صديقاتها الأغاني.

وفي الحقيقة، كانت حفلات الزفاف ولا زالت إحدى أهم السياقات التي ترد فيها أنماط متعددة من الأغاني والرقصات. فيقوم الرجال بتأدية رقصاتهم وأغانيهم خارجا بينما تقوم النساء بها في الداخل بعيدا عن الرجال. تشكل أغاني الزفاف قسما كبيرا من مجمل أغاني النساء البدويات والتي تتضمن أغاني الفواريد (مفردها فاردة) وهي الأغاني التي تغنى في الزفة. والفواريد أغاني (تجاوبية) بمعنى أن كل مرأة تغنى مقطعها الخاص وترد عليها المرأة الأخرى بمقطع آخر وبهذا تغني النساء بالتناوب.

النساء البدويات والأطفال

بسبب نمط المعيشة الترحالي، كانت الصحة الجسدية للمرأة البدوية جيدة للحد الذي لا تضطر فيه لطلب المساعدة عندما يواتيها المخاض. فتذهب لمكان بعيد عن خيمتها وتنجب طفلها بنفسها. وكانت تتولى عملية الإنجاب بتمكن وتقطع الحبل السري لطفلها بحجر. وفي بعض الحالات إن تعسرت عملية الإنجاب كانت المرأة البدوية تطلب المساعدة من ممرضة تدعى “الداية” في تلك الأيام، قامت الداية بدور الطبيبة النسائية.

كان إنجاب الطفل مدعاة للاحتفال، فتذبح العائلة خروفا أو جملا بحسب حالتهم المادية. يختار الأب اسم الطفل ويكون الاختيار تبعا للظروف. فعلى سبيل المثال، إن كان لدى العائلة ضيف قد يمنح الأب اسم الضيف لطفله كدلالة على الاحترام والكرم. وبعض الأسماء تمنح للأطفال بحسب الظروف الجوية السائدة وقت ولادتهم. فمثلا قد يسمي الأب مولودته “ثلجية” أو مولوده “ثليج” إن ولدا في أوقات الثلج. وإن كان الموسم جافا فقد يسمى الطفل “عطش” والفتاة “عطشة”. قد تسمى الفتيات على اسم امرأة جميلة تعيش في ذات الفترة وقد يسمى الأولاد الذكور على اسم شخص مات في نفس السنة لتذكره.

وتتم عملية ختان الذكور في أي وقت بين سن الشهر والعشر سنوات بحسب ظروف عدة كتوافر شخص يعرف كيف يختن الذكور. يسمى الختان “الطهور” ويعقد البدو احتفالا كبيرا بأغان خاصة.

 تقدم العائلة في حفل الطهور حلويات خاصة وغن كانت حالتهم المادية تسمح فإنهم يذبحون شاة. كما يزينون خيمتهم ليعلنوا للناس عن هذا الاحتفال.

كانت المرأة البدوية حريصة على غذائها لتضمن أن ترضع طفلها أو طفلتها رضاعة صحية ومغذية. وإن كانت حالة الأم الصحية سيئة ولم تقو على إرضاع الطفل قد تتطوع امرأة أخرى لإرضاعه. وهذا التصرف مظهر آخر من مظاهر التعاون والعمل الجماعي الذي ميز الحياة البدوية. وعندما يحبن وقت الفطام، تضع الأم “راحة” وهي نوع الحلويات وتربطها في طرف غطاء الرأس. وبهذه الطريق يظل الطفل يمص الراحة وينسى الرضاعة.

كانت الأم البدوية حريصة أشد الحرص على تحضير الغذاء المناسب لأطفالها وعلى إبقائهم دافئين شتاء والعناية بهم وقت مرضهم. كما كانت تغني لهم التهويدات (أغان تغنى للأطفال وقت النوم) كما كانت الأم البدوية المصدر الذي يتعلم منه الأطفال تقاليد وعادات وثقافة البدو.

المصدر:

Aloun, G., Hood, K., The Bedouin beauty of my grandmother (2017) the Hashemite fund for development of Jordan Badia and Ministry of culture p18-24

Scroll to top