مسجد جلعد أو جلعاد الأموي وفي المنتصف يظهر المحراب الذي تعلوه نصف دائرة بحسب الطراز المعماري الأموي . Mapio.net

على بعد 18 كلم شمال السلط تقع قرية جلعاد. وقد اكتسبت اسمها من مملكة جلعاد التي أقيمت على تلك الأرض. يؤرخ مسجدها إلى العهد الأموي لوجود كتابة كوفية على المحراب وعلى أحد الحجارة في جدار من جدران المسجد.

والبناء مستطيل الشكل مبني من حجارة منتظمة والأرضية مبلطة وناعمة. إلى شمال المسجد يوجد بئر وحوض حجري كمكان معد للوضوء وحول البئر عدد من الحجارة التي تحمل نقش الصليب يعتقد بأنها نقلت من مبنى آخر (الدرادكة: 1998)

مسجد جلعد أو جلعاد الأموي، يظهر يسار الصورة المحراب البارز إضافة للسقف المقنطر. Mapio.net 

المراجع:

  • الدرادكة، فتحي (1998) القصور والمساجد الأموية في الأردن، دراسة منشورة.

المساجد الأردنية القديمة: مسجد جلعاد

صورة جوية لخربة دوحلة – حقوق الصورة محفوظة – mapcarta.com

تقع خربة دوحلة في قرية النعيمة شمال مدينة أربد، وقد وجد بالموقع قطع فخارية تعود لعهد الامويين والمماليك من القرن الثامن حتى السادس عشر الميلادي، وقد تعرض مسجد دوحلة الواقع جنوب شرق مدينة إربد إلى تخريب كبير بفعل عمليات السرقة والبحث عن الكنوز ولم يتبق منه إلا أجزاء بسيطة حين تم اكتشافه عام 1990. ويعتقد بأن بناءه يعود للفترة الأموية بسبب المسوحات المجراة على الكسر والبقايا الفخارية والكتابة الكوفية على المحراب. (الدرادكة :1998)

المراجع:

  • الدرادكة، فتحي (1998) القصور والمساجد الأموية في الأردن، دراسة منشورة.

المساجد الأردنية القديمة: مسجد دوحلة

صورة جوية لقصر المشتى، موقع فليكر

إلى جنوب العاصمة عمان بحوالي 30 كلم يقع قصر المشتى.  أما المسجد الملحق بالقصر فهو بناء كبير نسبيا بواقع 38م ×13.40 م وبني المسجد من حجارة جديدة لا من أنقاض مبان أخرى على غرار بعض المساجد التي بنيت من حجارة آثار رومانية أو كنائس بيزنطية. جدران المسجد سميكة ولها واجهتين وأحد الجدران هو بالأصل جدار للقصر. للمسجد مدخل واحد بطول 1.3 م. وله محراب مرتفع عن باقي أرضية البناء.

المراجع:

  • الدرادكة، فتحي (1998) القصور والمساجد الأموية في الأردن، دراسة منشورة.

المساجد الأردنية القديمة: مسجد قصر المشتى

من ثالث درجات الدين الإسلامي “الإحسان” يأتينا التصوف بمنهجه الروحي القويم. إن مفهوم الإحسان الذي صبغ هذا المنهج جعله يصب اهتمامه على بناء شخصية الفرد الواحد. فالإنسان الذي لا يعي قيمة “الحب” لن يستطيع فهم ذاته ولا فهم العالم ولن يكون سوى أداة تستخدمها الأطراف المتنازعة في كل زمن لبث سمومها وأحقادها.

يركز التصوف في جميع طرقه –وإن تعددت-على هدف واحد؛ ربط الأدب والعلم والعمل. إنها مفاتيح التصوف الثلاثة. ويذكر في أدبيات الصوفية أنهم قالوا: والله ما فاز من فاز إلا بحسن الأدب وما سقط من سقط إلا بسوء الأدب. إن حسن الأدب تعبير عن كمالات النفس وعن انضباطها وعن التحكم في نزواتها، وذلك وحده علامة خير. بينما سوء الأدب علامة على أن النفس لا زالت متلطخة برعوناتها، عاجزة عن الانضباط في المسار الصحيح” كما يستخدم المتصوفون أساليب تربوية كالقصة والقدوة وتعاليم الانضباط الذاتي لتعليم الأخلاق الحميدة وقد جعلوا التدين الحق هو الأخلاقي بالضرورة؛ يقول الكتاني:”التصوف أخلاق، فمن زاد عليك بالأخلاق زاد عليك بالتصوف”

لطالما عُرف الأردن بطيبة أهله ورحابة صدورهم، إضافة لمنعتهم إزاء كل دعوات الكراهية والعنصرية ونبذ الآخر؛ ولكن الأمر الذي ظل دوما في كواليس هذه الصورة المشرقة هو تشرب أبناء المجتمع الأردني قديما بقيم الصوفية الداعية للتسامح والانفتاح على الآخر. إن قصة التصوف الأردني، بلا شك، تستحق أن تروى وتستعاد.

قصة التصوف الأردني: فصل عجلون والشمال

تنادي العجوز الأردنية في كل قيام وقعود “يا خظر الأخظر (خضر الأخضر)” وربما تقول في أحيان أخرى “يا مستريحي” وتؤرخ الحاجة دون أن تدري قصة التصوف الأردني الذي تجذر في صميم هوية المجتمع وذاكرة الأهالي.

مقام الخضر عليه السلام- حقوق الصورة محفوظة للباحث نادر عطية

تعود معالم قصة التصوف الأردني لما قبل تأسيس الدولة الأردنية الحديثة، أي إلى الأيام التي كان الأردن فيها واقعا فيها تحت جبروت الاحتلال العثماني، ورغم ممارسة العثمانيين لشتى صنوف التجهيل والتفقير ناهيك عن قمع الثورات الشعبية وزج الشباب في مطحنة التجنيد الإجباري إلا أن مناخ الأردن وطبيعة جغرافيته قد ساعد على نزوح الكثير من العائلات المتصوفة من فلسطين وتركيا وسورية والمغرب وقد وجدت هذه العائلات في الأردن ملاذا آمنا. في عجلون تتخذ القصة أبعاد اجتماعية وثقافية أكثر عمقا من أي مكان آخر.

عجلون سيدة جبال الأردن، المحافظة ذات الهواء النقي والأشجار الضاربة جذورها في الأرض، كانت مسرحا مهيبا للتصوف الأردني الأول. استقرت الكثير من العائلات المتصوفة في عجلون إبان الاحتلال العثماني، ولم تكن الجندرمة العثمانية ذات سيادة حقيقية على المنطقة الأردنية، إنما كانت تدار من قبل زعامات محلية قبلية وصوفية أو عبر الحكم بالوكالة لفرض الضرائب الباهضة وجمعها. ولم تكن الصوفية بالطبع على نزاع مع السلطة القبلية إنما كانت متمما روحيا لعناصر افتقدها المجتمع آنذاك؛ يقول الدكتور أيمن الشريدة في وصفه لمكانة الصوفي عند الأهالي ” الصوفي العارف في عجلون كان يمثل سلطة شرعية روحية للأهالي ويعتبر شخصية كارزمية كان وجودها ضروري كمرجع ديني في الأساس” وبهذا اتسمت الصوفية في الأردن بنزعة تصالحية مع الأهالي واندماج كامل في الشعب، فكانت من أهم الحركات المجتمعية والدينية الداعية لعدم العنصرية أو التحزب- حتى ولو للقبيلة- على حساب الحق.

ونظرا لغياب جهود التنمية والإعمار- من مدارس ومستشفيات – وانعدام الأمن عموما والتعامل مع الأردن والأردنيين بنظام حكم المزرعة الدارج في حقبة الاحتلال العثماني المظلمة، مثّل الولي الصوفي للأهالي ملاذا آمنا، فعدا عن دوره الروحي في الرقية والحجابة وغيرها، كان يعهد الفلاحون عند مقام الصوفي بعدتهم ومتاعهم فلا تتعرض للسرقة أو النهب. كان للصوفي أيضا بُعد اجتماعي مهم في رعاية الفقراء وتوزيع الصدقات وكفالات الأيتام. وبهذا الصدد، يتابع الدكتور الشريدة وصفه لمقام الصوفي في قلوب الأهالي ” في حضوره بالمرقد والقبر والشجرة والمغارة والمقام، وغياب المسجد والقراءة والكتابة .. نعني أن مرجعية المتصوفة كانت هي بحد ذاتها مرجعية الأهالي المعوزة” والجدير بالذكر أن تأثير تصوف العشائر الأردنية لم يقتصر على المساحة الجغرافية التي كانت تقيم عليها العشيرة، إنما امتدت حتى تصل سيرين وطرابلس وعكار وحصن الأكراد وجيزوق وخريبة الجندي والسويسة والبيرة والمجدل راسمة بذلك الخطوط العريضة لمرجعية روحية تتجاوز الحدود الجغرافية.

مقام سيدي العجمي في قضاء عكار في طرابلس لبنان مما يدل على انتشار سلطة الصوفي الأردني وتجاوزها للحدود الجغرافية- موقع تريبولي سكوب

مقامات للذكر وأشجار للأمنيات  

تتلهف الأمهات الأردنيات مسلمات ومسيحيات على جلب أولادهن المتعثرين بالكلام إلى مقام الشيخ، يعطين الصدقات ويدعون الله عند المقام بأن يكبر أولادهن على صحة جيدة. كان المقام مركزا يستقطب طالبي العون والراحة والشفاء، كما كان يحظى بمنزلة خاصة تجعل القسم الذي يتم فيها قسما لا رجعة فيه. داوم الأهالي على خدمة المقام وتنظيفه وإشعال البخور دوما فيه. وكانت حلقات الذكر دائمة في المقام أو في بيوت طينية ملحقة فيه غالبا ما تكون معزولة عن مراكز القرى لجعلها وسيلة للتحرر من وطأة الحياة اليومية.

مقام سيدي بدر في عجلون – حقوق الصورة محفوظة للباحث نادر عطية

فمن مقام الشيخ الحاوي في برقش إلى مقام الشيخ مقدار ومقام الشيخ رباع ومقام الشيخ عبده ومقام أبو ذابلة تتوالى المقامات التي يصعب أحيانا حصرها. في منطقة كفر الما مقامان للشيخين عيسي الزعبي وأبو وتد. وفي منطقة زوبيا مقامان آخران للشيخين أبو العوف والخضر؛ في تبنة ثلاثة مقامات للشيخ العجمي والشيخ سعد والشيخ مسعود. في أزمال وسموع مقام الشيخ محمد القينوسي. في عنجرة، مقام الشيخ البعاج. أما أهالي ملكا وقرية شيخ البلد في إربد فكانوا يزورون مقام الشيخ العجمي ومقام الشيخ عمر. ويحضر مقام الشيخ أبو الطاهات والشيخ عيسى عند أهالي ناحية السرو. أما أهالي عنبة والمزار فكانوا يعنون بمقامين واحد للشيخ علي المساد العمري وآخر للشيخ محمد العمري. في جنين الصفا وحدها تتواجد خمسة مقامات للشيوخ أبو البركة وأبو طبلة وأبو قرنة ومغارة المستريحي وقبر صبيحة.

ويذكر أن مقام سيدي بدر في منطقة عنجرة هو مقام أو خانقاه يعود للعصر الأيوبي. وكان الخانقاه أشبه بمركز تعليمي و” فندق” إضافة لعمله كمركز لتجهيز الجيوش للحرب. أما في جنوب محافظة غرب جبال عجلون وبين أشجار السنديان يتربع مقام الحاجة أميرة. يحيط في المقام بعض أنصبة القبور ومسجد صغير يظهر منه محراب وجدران.

الله   الله   الله   الله   يا ولي                يا  أبا  ذابلة  يا    بحر   ممتلي

كالبحر لا هاجْ  بشهور الربيع               على   جزيرة  بها فواكه تحملي

(مقام  الشيخ رباع أبو ذابلة في كفر راكب والذي سميت باسمه عين ماء (حمة أبو ذابلة) في ذات المنطقة- حقوق الصورة محفوظة للباحث نادر عطية

يشير هذا التكثف الرهيب لمقامات الشيوخ في عجلون الشمال إلى التحام التصوف في نسيج المجتمع المحلي. لكن هذا الالتحام لم يقتصر على بناء مقامات مربعة المساحة بقباب خضراء على رؤوس الجبال لأغراض الخلوة والاعتكاف؛ إنما امتد لإشراك الطبيعة الخضراء لعجلون في سلسلة من الطقوس الروحانية التي شكلت أمنا وحصنا ضد خيبات الرجاء والآلام. في كل قرية من قرى عجلون، سنرى شجرة تسمى بشجرة العجمي (أي الولي القادم من بلاد العجم). وعلى الرغم من شيوع تقديس الأشجار في سفر التكوين وعند المسيحيين إلا أن أشجار عجلون اكتسبت أهمية خاصة من أهمية الشيخ المدفون تحتها أو حتى الشيخ الذي اعتاد على التظلل بظلها.

ينطلق أصحاب الحاجات والأمنيات إلى ظلال الأشجار “المباركة” كل خميس وإثنين ليعلقوا أمانيهم ورجاءهم على أغصانها ويصف الدكتور الشريدة هذا الطقس الذي كان مهيبا:

“يعقد الأهالي أمانيهم تحت ظلال هذه الأشجار ويحرقون البخور وعلى أطراف أغصانها يربطون الخرق والقماش الخضر مذكرين الولي بهم وبقدومهم وعند فيافي هذه الأشجار المقدسة تسكن خيبات الرجاء. جميع الأشجار المحيطة أو القريبة من هذه الأشجار المقدسة تعامل باحترام وتقدير من الأهالي وقد أخذت الشجرة قداستها ليس بسبب المكان بل من الولي الذي كرست له فلا يستطيع أحد تقطيع أغصانها أو إيصال الضرر بها تحت أي من الظروف”.

شجرة أم الشرايط في الوهادنة والتي كانت سابقا ممتلئة بالخرق لتحقيق الأمنيات- وكالة عجلون الإخبارية)

كذلك حظيت شجرة البركات والبصوص في كفر الما بأهمية مشابهة، إضافة لشجرة أبو مرسة في زوبيا وشجرة أبو شوشة والمستريحي وعامود الست في جنين الصفا وشجرة الفقير في كفر عوان. وفي عنبة كذلك، ثلاث شجراء بأسماء ثلاث أولياء: البلخي والفقير والعجمي.

موكب الأعياد، الأردنيون واحتفالات روحية من نوع خاص

لم تختلف الاحتفالات والحضرات الصوفية الأردنية عن مثيلاتها في منابع التصوف في قونية وبغداد. فمع احتوائها على التهجد والمناجاة والدعاء والتسبيح، أضفت طبيعة العشائر الأردنية لمسات خاصة على طبيعة الحضرة الصوفية.

القرع على الدفوف والكاسات والصنجات إضافة لنفخة في البرزان (بوق) تلك هي دعوة المتصوفة لأهالي القرية بالانضمام إلى الحضرة. وكان الإقبال على هذه الحضرات كبيرا فلا يخلو بيت من بيوت العشائر الأردنية من متصوف.

مع بعض الأدعية من قبيل ” يا هو[1].. يا حي..” ويشتد الوجد بالقائمين والداعين حتى يأتي الصباح. وكانت العادة أن البيت الذي يجتمع المتصوفة فيه يذبح صاحبه شاة للمدعوين.

تنوعت الاحتفالات الدينية، فكان الأهالي ينتظرون عاشوراء بفارغ الصبر. وكعادة العشائر الأردنية في المناسبات المهمة، يجتمع الأهالي في بيت العشيرة الكبير (المضافة) ويوزع على الأهالي والفقراء اللحم.

أما في العشر الأواخر من شهر رمضان، تغرق القرى جميعها بحالة من الروحانية. يتعالى صوت مقرئي القرآن ويتم عقد حلقات الذكر ويسير الناس مهللين ومسبحين حتى يطلع الفجر وقد اعتادوا القول في مثل هذه المناسبات:

هيا يسيادي هيا والحضرة قادرية

                يد الرسول انمدت للرفاعي هدية[2]      

ويذكر لنا الباحث الشريدة ما يفعله الأهالي من استكمال للطقوس الروحانية في أول أيام عيد الفطر وكانت تلك الطقوس تدار بواسطة الشيوخ المتصوفين من العشائر الأردنية:

“بعد تناول قطع من الخبز في صباح العيد ينطلق  موكب ومسير كبير يتقدمه كبار الصوفية يتبعهم أهالي القرية نساء وصبيان لزيارة مقامات  وقبور الموتى في ذلك اليوم، وترى القوم في حالة استعجال وربما هرولة سريعة الخطى، قسم ينادي الله.. الله.. وقسم يضرب بالدفوف وآخرون يحملون العلم الأخضر الكبير..”

بتوجيه من شيوخ كالشيخ عوض الخطيب أو محمد المصلح يسير الموكب نحو الشجر المبارك كزيتونة العجمي ومن ثم ينعطفون إلى مقام ولي من أولياء الله. وعند المقام تتعالي ضربات الدفوف ويصدح الجميع بالتهليل والتسبيح. تصل في آخر الموكب نساء أردنيات متصوفات كالحجة سكوت العبد والحاجة ثريا الخطيب. وبعدما يفرغ الجميع من زيارة القبر ينعطفون إلى المقبرة وقد يمرون بمزار المرحومة صبيحة العسولة أو شجرة العامود المباركة.

بهذا يختم الأهالي طقوسهم وروحانياتهم. الكل يعرف دوره في هذا الاحتفال الديني، والكل يجتمع بغض النظر عن فروق الطبقة الاجتماعية وبعيدا كل البعد عن أفكار نبذ الآخر.

العائلات الصوفية الأردنية

تتذكر العديد من المصادر أن أصل بعض العائلات الأردنية تعود لشيوخ متصوفين. فيعتز أبناء عشيرة المومني بأصولهم التي تمتد إلى شيخ متصوف يدعى “علي السائح الجنيدي” الملقب بالمؤمن أو “المومن” حسب اللهجة الشعبية. وكان الشيخ المؤمن قد ارتحل إلى عين جنا في شمال الأردن. في رواية أخرى يعود نسب هذه العشيرة إلى ” الجندي” الملقب بالقواريري وابنه محمد الملقب بالزجاج نظرا لاشتغالهم في بيع القوارير الزجاجية وأنهم في الأصل من نهاوند وارتحلوا إلى الأردن في القرن التاسع عشر ومنها انتشرت عشيرة المومني.

تذكر مصادر أخرى بأن عائلة المومنية تمتلك حجة نسب بتاريخ 1329 هجري منسوخة عن أخرى تعود لتاريخ 380 هجري تنسب فيها عشيرة المومني إلى سبط الرسول الحسين رضي الله عنه. ويرجح أن هذه الحجة حفظت لدى جنيد بن محمد الجنيدي. ويؤكد تلك الرواية المؤرخ الأردني روكس بن زائد العزيزي في كتابه “معلمة للتراث الأردني” إضافة لعدة كتب أخرى تتناول أصول القبائل العربية والأردنية ككتاب ” موسوعة القبائل العربية لمؤلفه عبد الحكيم الوائلي” وكتاب “عشائر شمالي الأردن لمؤلفه الدكتور محمود المهيدات” وغيرها.

اليوم، يسمى جبل في عجلون “جبل المومني” كما يسمى أحد أكبر أحياء المحافظة باسم “الجنيد” وتحوي منطقة عين جنا على مقام الجد الشيخ علي المومني. ويعقد هذا المقام حلقات لتدريس الدين وتحفيظ القرآن الكريم. ويعاد ترميم هذا المقام من حين لآخر من قبل أبناء عشيرة المومني.

مقام ومركز الشيخ علي المومني القرآني- عجلون (المصدر: وكالة سنديان الإخبارية)

أما بالنسبة لعشيرة الربابعة فهي عشيرة أردنية ذات تاريخ طويل في التصوف. إن جد هذه العائلة والمسمى “الشيخ رباع” كان متصوفا زاهدا ومنه انتقل التصوف وتجذر في نفس هذه العشيرة. أما عشيرة المستريحي، فقد وجدت أربع عشرة لفة خضراء (اللفة الخضراء هي العمة التي كان يرتديها المتصوفون والدروايش) وأغلبهم ينحدرون من جد واحد هو محمد عبد القادر الزاهد الملقب بالمستريحي. (الشريدة: 2010)

التصوف الأردني في العصر الحديث: الطرق والزوايا 

من السلط كانت البداية، ففي القرن التاسع عشر استقر الشيخ مصطفى الكيلاني في السلط وكان قاضيا ومفتيا وحتى وفاته 1891 ترك الشيخ الكيلاني عددا من التلامذة. تابع عبد الحليم الكيلاني مسيرة والده الشيخ وأخذ الطريقة عن الشيخ نعمة الله النقشبندي. بعده استقر الصوفي الموريتاني محمد القذف عام 1910. وتعد الطريقة الشاذلية القذفية القادرية من أقدم الطرق الصوفية في الأردن ويعود الفضل بانتشارها إلى الشيخ محمد أمين بن زين القلقمي الذي نشر الطريقة في زوايا متعددة بين عمان والطفيلة عام 1920.

كما قدم الشيخ عايش الحويان الطريقة المغربية إلى الأردن، وبحلول عشرينات القرن الماضي كان هنالك العديد من الشيوخ الذين تابعوا نشر الطريقة في الأردن كالشيخ سالم ثلجي وخالد أبو زيتون.  أما عم 1930 فقد دخلت الطريقة الشاذلية اليشرطية إلى زوايا عمان وتبعتها الطريقة الخلوتية والتي دخلت الأردن بفضل الشيخ خير الدين عبد الرحمن الشريف الذي طرده البريطانيون من الخليل إلى الكرك. استكمل الشيخ حسان الشريف نشر الطريقة الخلوتية وكان له زاوية في وادي السير في عمان وتبعه ابنه حسني الشريف ومن ثم الشيخ عبد الحي القاسمي الذي كان له زوايا في شمال ووسط الأردن. أما اليوم فالشيخ عبد الرؤوف القاسمي هو المسؤول عن الطريقة الخلوتية.

اليوم تشكل الطريقة الشاذلية الدرقوية الهاشمية الفيلالية الطريقة الأكثر انتشارا في الأردن وقد بدأت مع الشيخ محمد الهاشم التلمساني وبعد تلامذته الشيخ عبد القادر والشيخ عيسى الحلبي الذي استقر في الأردن في الثمانينات ومن بعدهما الشيخ عبد الهادي سمورة وحازم أبو غزالة.

ويعد الشيخ محمد سعيد الكردي الذي استقر في الأردن في أربعينيات القرن الماضي من أهم شيوخ المتصوفة في الأردن. كان الشيخ الكردي شيخا للطريقة الشاذلية الدرقوية الفيلالية وكانت زواياه التي بدأها عام 1950 منتشرة في محافظة إربد في البارحة والصريح وبيت راس. تعاقب الشيوخ الصوفية على زوايا الشاذلية في إربد فبعد موت الشيخ الكردي عام 1972 جاء الشيخ عبد الرحمن الشاغوري ومن بعده الشيخ عبد الكريم المومني ومن بعده الشيخ عبد الكريم عرابي الذي أقام زوايا في حكما ومادبا والطفيلة وعمان.

أما في منتصف الخمسينات فقد استقر مصطفى عبد السلام الفيلالي في الأردن؛ وهو شيخ يتبع الطريقة الشاذلية الفيلالية وقد أسس زاوية للطريقة في الجامع الحسيني ومن بعده أتى الشيخ شحادة الطبيري والشيخ أحمد حسن شحادة الردايدة في إربد، ومن بعده الشيخ والدكتور محمد الفيلالي في زاوية في الزرقاء والشيخ إبراهيم الفالوجي في منطقة شفا بدران والشيخ عبد القادر علي دار الشيخ في حي الجندويل.

أما الطرق الأقل انتشارا في الأردن كالطريقة القادرية فقد أسسها طلاب الشيخ محمد هاشم البغدادي وتنتشر زواياها في الزرقاء وعمان ويعد الشيخ عبد الحليم القادري في الشونة الجنوبية من أهم شيوخها وابنه الشيخ محمد في منطقة الهاشمي في عمان.  والطريقة الكزكزانية التي قدم منتسبوها من العراق عقب سقوط بغداد وسكنوا منطقة ماركا الشمالية (أبو هنية: 2012).

الصوفية الآن واليوم: مجتمع العلم والعمل

ينخرط المتصوفون في نسيج المجتمع الأردني منذ القرن العشرين تقريبا.  ولقد أفرزت الحركات الصوفية والزوايا جيلا يعي أن الدين لا يحصر فقط في المسجد والشعائر، فيؤكد السيد خلدون شكري أحد متبعي الطريقة الخلوتية في الأردن ذلك ويقول ” إن الدين غير محصور في مسجد طقوس شكلية، إن جوهر الدين هو إصلاح الفرد وبالتالي خلق جو فاعل لبناء الوطن ونفع المجتمع”[3] على أن الصورة النمطية للتصوف تقف بالمرصاد دوما  وبهذا الصدد يقول السيد شكري ” إن الصورة النمطية السيئة للصوفية تكاد تكون مشوهة في مجتمعنا وهي غير مبنية على مشاهدات وتجارب فعلية إنما على أقوال وشائعات ومواد إعلامية وتلفزيونية مضللة” لقد ارتبطت صورة المتصوف في ذهن الكثير بالقعود عن العمل ولكن التاريخ يخبرنا بعكس ذلك تماما، فقد كان الصوفيون دوما أهل علم سواء علم شرعي من فقه وحديث أو علم طبيعي، فالطبيب المتصوف رشيد الدين علي بن خليفة كان طبيبا كبيرا للعيون  كذلك الكثير من المتصوفة أصحاب الحرف والمهن.

السيد خلدون شكري، خطيب وإمام مسجد، عضو مجلس إدارة مؤسسات دار الإيمان كما يعمل مدققا للحسابات في القطاع الخاص.

 لم يكن المتصوفة بمعزل عن مجتمعاتهم إنما كانوا في صميم همومها، فبدءا من صلاح الدين الأيوبي والعز بن عبد السلام وصولا إلى الشيخ عمر المختار، قاوم المتصوفون جنبا إلى جنب محاولات احتلال بلادهم ونزلوا إلى ساحات القتال. يتابع السيد شكري وصفه للمتصوفة “إنهم قوم علم وعمل، لأن أساس التصوف هو تزكية النفس ومن تزكت نفسه انصلح عمله وخلقه”

ويمكننا السؤال هنا عن حاضر الصوفية في هوية المجتمع الأردني وعن دورها في تشكيل درع يقي الشباب الأردني من الانجراف مع تيار الأفكار الإرهابية التي تحيط بوطننا الأردن من كل الجهات. وقد حدثنا السيد شكري عن علاقة الصوفية بالشباب الأردني حسب مشاهداته ” لقد شهدت الصوفية بلا شك إقبالا كبيرا من الشباب. إننا نعيش في منطقة ملتهبة، والشباب يتساءل على الدوام: هل تمثل هذه الحركات الإرهابية الدموية الدين؟ هل ما يفعلونه هو باسم الله ومن أجل الله؟ هل الدين يحث حقا على مثل هذه الأفعال؟ ولقد وجدوا في الصوفية صدرا رحبا للإجابة عن تساؤلاتهم بينما قابلت جهات أخرى هذه التساؤلات المشروعة بعين التشكيك والذم. إن الصوفية تهدف إلى نشر الثقافة الدينية الواعية والمتسامحة”

صورة لرحلة إلى مركز الخلايا الجذعية من مدارس الدرة التابعة لمؤسسات الطريقة الخلوتية في الأردن

ربما لا يعود إقبال الشباب الأردني على الحركات الصوفية ردا على تلك التساؤلات فحسب. إن الصوفية الأردنية تطرح أمثلة منيرة في العمل المجتمعي الفاعل تجعلها تستقطب الأفراد وتدفعهم لتعزيز تيار التنمية المجتمعية الفاعلة. فقد أخذنا السيد شكري في جولة سريعة على مؤسسات الطريقة الخلوتية الرحمانية الجامعة والتي أسسها الشيخ حسني الشريف. فمن تكية دار الإيمان ومشاريع كفالة الأيتام والأسر المحتاجة إلى سكن طلابي ومركز لغات حديثة ومدارس. ولم تغفل الطريقة عن إدراج البحث العلمي ضمن مشاريعها. “إننا نطمح بالانطلاق أكثر بالنشاطات الخدمية، فهنالك العديد من الخطط المستقبلية المختصة بدعم ورعاية الأيتام حتى بعد انتهاء مدة الكفالة، لإيماننا بضرورة تمكينهم في المجتمع وتسليحهم بالعلم وفرص العمل. إن هدفنا الرئيس هو ألا نحصر الصوفية في زاوية في مسجد فحسب ونتمنى أن نحصل على دعم منظم في المستقبل القريب “وقد لخص لنا السيد شكري الهدف الأساسي من كل هذه المؤسسات بقوله ” إن إنسانا لا يمتلك توازنا روحيا وسلاما نفسيا ولا يشعر بأنه يعيش في مجتمع يدافع عنه ويحميه إنسان لا يستطيع أن يخدم وطنه بالطريقة المطلوبة”

الصوفية: المحبة والانسجام في المجتمع الأردني

بعد إعادة تأريخ قصة التصوف في الأردن تقابلنا قصة أكثر جمالا وهي قصة المجتمع الأردني نفسه. شهد مجتمعنا تحولات كثيرة، فمن “هية الكرك” و “ثورة الكورة” والهبات الشعبية ضد الاحتلال العثماني وصولا إلى منافسة الأردن كبرى الدول في شتى المجالات العلمية.  رافق هذا المسار المشرف لوطننا تغيرات في ديموغرافية المجتمع نفسه أي في نسيجه.

إن المجتمع الأردني مجتمع ثري للغاية. وإن أفضل ما يمكن أن نشبه به مجتمعنا هو لوحة الفسيفساء. إن كل حجر في اللوحة يحمل قيمة ولون مختلف عن الآخر ولكن كل الأحجار مرصوصة بطريقة تشكل فيها لوحة مميزة. بهذه الطريقة يمكن للمرء أن يعرف كيف يعيش البدو والفلاحون والأكراد والشيشان واللاجئون جنبا إلى جنب حاملين هوية واحدة هي تلك الصورة الفسيفسائية الكبيرة التي تمثل كل واحد منهم.

من هذا الغنى تحديدا، نلمس عمق الأثر الذي تركته الصوفية الأردنية في المجتمع المحلي. ومن هنا ندرك أن قيم التسامح والقبول والمحبة هي قيم أصيلة لدى الأردنيين كانت الصوفية وتدًا من الأوتاد التي رسختها وعمّقت وجودها وجعلتها جزءا من حاضر الهوية الأردنية التي تنبذ الإرهاب والكراهية وتحض على السماحة والمحبة وتمثل مؤشرا مهما على فطرة الأردني الوسطية منذ العصور.

المراجع:

  • الشريدة، أيمن (2010) الفكر الصوفي في الأردن: دراسة في التاريخ الاجتماعي الديني. سلسلة من تاريخ شرقي الأردن: عمان.
  • حوى، سعيد (1999) تربيتنا الروحية (ط6)، القاهرة: دار السلام
  • للوه، عمر (2009) المضامين التربوية للفكر الصوفي في الإسلام، رسالة دكتوراة، جامعة عمان العربية، عمان، الأردن.
  • الرواشدة، محمد. الحالة الدينية في الأردن، الصوفية أنموذجا. المنتدى العالمي للوسطية.
  • عبيدات، علي(2015) الصوفية، لماذا وكيف عادت؟ الأردن أنموذجا. موقع ثقافات.
  • أبو هنية، حسن. (2012) الطرق الصوفية في الأردن، عمان: مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية.
  • موقع الطريقة الخلوتية الجامعة الرحمانية http://www.khalwatiya.com/
  • مقابلة هاتفية مع السيد خلدون شكري عضو مجلس إدارة مؤسسات دار الإيمان.
  • عشيرة آل المومنية- حسن المومني (2009) موقع المدينة الإخبارية.
  • الصوفية في الأردن: بؤرة الروحانية. موقع قنطرة https://ar.qantara.de/node/12018
  • زهران، مصطفى. (2011) العايدي: التصوف الأردني تراجع مثل التصوف العالمي، موقع إسلام أون لاين.
  • عمراوي، خالد. حاجة المجتمع المعاصر للتربية الصوفية، موقع مركز الإمام الجنيد للدراسات والبحوث الصوفية المتخصصة.
  • القضاة، عليّ (2016) مقام الشيخ المومني في عين جنا منارة للعلم وتعلم القرآن الكريم، صحيفة الدستور.
  • محمود الشريدة، ذاكرة المكان.. شجرة أم الشرايط، وكالة عجلون الإخبارية.
  • القضاة، أحمد. المساجد والمقامات في محافظة عجلون، بحث منشور. موقع وزارة الثقافة الأردنية

[1] يشير المتصوفة في أدبياتهم إلى الله بالضمير “هو”

[2] يسيادي : أسيادي، حيث اعتاد الصوفية على القول “سيدي” بمعنى الشيخ. الحضرة: حلقة الذكر. قادرية: نسبة للطريقة القادرية في التصوف. الرفاعي: الشيخ أحمد بن علي الرفاعي مؤسس الطريقة الرفاعية في الأردن.

[3] من مقابلة هاتفية مسجلة عن السيد خلدون شكري عضو مجلس إدارة دار الإيمان التابعة للطريقة الخلوتية الرحمانية الجامعة

يا خظر الأخظر.. فصول في التصوف الأردني – الجزء الأول

مقدمة

إن اللغة هي الواجهة الحضارية للأمم، وإن كانت الحضارة الأردنية النبطية على هذا القدر العالي من التعقيد والتطور مقارنة بغيرها من الحضارات في ذات الفترة فلا بد أن اللغة التي استخدمها أجدادنا عكست عبر خصائصها هذا التطور.

الأردنيون الأنباط، أو كما سموا أنفسهم “نبتو nbtw” نقلوا اللغة والكتابة في المنطقة نقلة نوعية أشاد بها الكثير من الباحثين والمستشرقين. كان الأردنيون الأنباط يسجلون معاملاتهم التجارية كافة إضافة لأمورهم الدينية وقد أدى هذا لتطور الكتابة السريع. في هذا البحث سنناقش كيف مهد الخط (الأبجدية) الأردنية النبطية لظهور الخط العربي الكوفي الذي دونت فيه أولى المخطوطات الإسلامية وكيف أن النقوش النبطية والعربية أظهرت التغيرات والتطورات التي طرأت على أحرف النبطية. كما سنستعرض أهم النقوش الصفوية التي تؤرخ لمراحل هذا التطور والتي أرجعت تاريخ اللغة العربية ثمانية قرون على الأقل.

الكتابة واللغة المحكية

لقد تناولنا في بحث منفصل عن اللغة النبطية الأردنية القديمة موقع اللغة النبطية من خريطة اللغات السامية، وكيف أنها، أي اللغة المحكية النبطية كانت لهجة طورها أجدادنا الأردنيون الأنباط  نتيجة مخالطتهم بالشعوب التي تنطق الآرامية والعربية واليونانية. أما الأبجدية والكتابة النبطية فهي التي تعد ثورة في تلك البقعة من العالم. لقد أدى التراكم الحضاري الرائع الذي صنعه الأردنيون الأنباط إلى تطور اللغة والكتابة بشكل لا يصدق. دعت الحاجات الدينية والدنيوية في ذلك الوقت للتركيز على الأبجدية وابتداع طرق وأساليب جديدة في الكتابة سنأتي عليها بشيء من التفصيل في هذا البحث.

الخط النبطي هو خط آرامي في الأصل ولكن مع الكثير من التحسينات والتطورات في شكل الحروف وتباين مواقعها واستخدامها في الكلمة. ورغم أن النقوش والكتابات النبطية تعد قليلة مقارنة بغيرها إلا أنها أعطتنا معلومات كثيرة. فكان يستدل من النقش على المدفن كل من اسم الميت ومهنته وزمن الوفاة وملكية المدفن، كما تعرف الباحثون على أسماء الآلهة التي عبدت آنذاك والملوك والملكات وغيرها من الأمور التي تتعلق بملامح الحياة الاجتماعية عامة (المحيسن:2009). يرجع العلماء هذا النقص في المصادر النقشية إلى حملات السلب والنهب التي تعرضت لها المدن الأردنية النبطية منذ انهيار النظام الملكي فيها على يد الرومان عام 106 ميلادي.

بالعودة إلى الخط النبطي فهو خط يميل للشكل المربع وتتشابه فيه بعض الأحرف مثل الباء والياء والتاء وتستخدم النقاط للتفرقة (كانتينو: 2016).

الصف الأول: الكتابة النبطية ويظهر استخدام الأنباط للنقاط للتفريق بين الراء والزاي.
الصف الثاني: استخدام السريانية للتنقيط للتفريق بين الراء والزاي.

دراسات على أصل اللغة العربية وعلاقتها بالنبطية

الخط العربي: سرياني أم نبطي

لقد دار الجدل منذ القرن التاسع عشر حول أصل الخط العربي الكوفي، وكان أول من أرجعه للنبطية هو المستشرق الألماني نولدكه وبعد نصف قرن، تبنى الباحث ج. ستاركي نظرية أخرى تفيد بأن أصل الخط الكوفي هو الخط السرياني النسخي وقد اعتمد على مظهر الحروف النبطية وعدم استنادها على السطر بل تدليها منه. وقد اعتمد أيضا على رواية البلاذري التي تقول بأن ثلاثة رجال من قبيلة طيء التقوا في منطقة بقّه قرب الحيرة عاصمة اللخميين[1] واتفقوا على الخط العربي (جرندلر: 2004) تفتقر هذه النظرية للإثباتات والنقوش  وبهذا ظلت النظرية التي وضعها نولدكه بأن الخط العربي ذو أصل نبطي هي الأكثر قبولا في المجتمع العلمي.

النقوش الصفاوية وإعادة كتابة تاريخ اللغة العربية

لقد أرخ العلماء اللغة العربية إلى القرن الرابع ميلادي بالاستناد إلى نقشيين رئيسيين: نقش (فهرو) أو كما يسمى (نقش أم الجمال الأول) وهو نقش وجده الباحث ليتمان في مدينة أم الجمال التي كانت إحدى مراكز المملكة الأردنية النبطية واستعان ليتمان بنقش إغريقي وجد بالقرب منها وكان ترجمة للنقش النبطي. وتكمن أهمية هذا النقش في كونه استخدم الخط النبطي المتأخر ويرجح أن يكون عائدا إلى 250-270 م.

نقش أم الجمال الأول: الترجمة الأولى على اليمين وهي تعتمد على النقش الإغريقي لتفسير النقش. بينما الترجمة الحديثة على اليسار وفيها يوضح الباحث سعد الدين استخدام العربية الفصحى في كلمة “مملك” واستخدام كلمة “نفس” بمعنى قبر كما هو الحال لدى الوثائق اللغوية المكتوبة بالمسند- وكيبيديا

والثاني هو نقش نمارة المؤرخ لعام 328م. يعرف النقش باسم نقش امرؤ القيس وقد قرأه المستشرق دوسو على أنه شاهد لقبر ملك من ملوك الحيرة؛ على أن دراسات الباحث سعد الدين أبو الحَب أفادت بان ذكر امرؤ القيس كان على سبيل التعظيم لا أكثر وأن النقش يتناول سيرة حياة مقاتل اسمه عكدي.[2]

صورة عالية الجودة لحجر نقش النمارة معلق على جدران متحف اللوفر الفرنسي في باريس   © Marie-Lan Nguyen / Wikimedia Commons

وبعد نقش نمارة بسنين، أفادت دراسات الباحث أحمد الجلاد التي أجراها على نقوش الصفاوي والتي توجد حصرا في المنطقة الواقعة شمال البادية الأردنية إلى أن أصل اللغة العربية يعود إلى القرن الثاني أو الرابع قبل الميلاد. وبهذا أعيد تأريخ اللغة العربية ثمانية قرون على الأقل وأكدت أبحاثه على فكرة أن اللغة العربية لم تنطلق من شبه الجزيرة العربية وتمتد إلى الشمال إنما انطلقت من البادية الأردنية وامتدت إلى الجنوب باتجاه الحجاز وشبه الجزيرة العربية.

نقش صفوي من بادية الأردن الشمالية الشرقية

إن نقوش الصفاوي تعد ثورة هائلة أعادت ترتيب الخارطة الزمنية والمكانية لنشأة اللغة العربية.  فالنقوش عربية وتقرأ قراءة عربية إلا أنها مكتوبة بالخط النبطي. وقد واجهت الباحث أحمد الجلاد عدة صعوبات تتعلق بقراءة هذه النقوش فالعربية تمتاز بأصوات العلة القصيرة (الحركات) والتي لا تكتب في النبطية وقد استعان بالنقوش النبطية المكتوبة باليونانية والتي تُكتب فيها هذه الأصوات وبهذا خرج الباحث الجلاد بقراءة عربية للنقوش الصفاوية.

لقد أشارت الباحثة إنعام الور، إحدى أهم الباحثات في اللهجات المحلية على مستوى العالم، إلى أن القراءة العربية للنقوش الصفاوية أفضت إلى استنتاج مدى التقارب بين اللغة المستخدمة في النقوش واللهجة الأردنية المحلية. وقد ساقت على ذلك عدة أمثلة نذكر منها الفعل “يخربش” والذي يستعمل إلى الآن في لهجتنا المحلية، والفعل “يشتّي” والذي لا زال مستخدما أيضا . فمن كان يتصور أن ما نقوله اليوم في أحاديثنا اليومية يمتد للقرن الثاني-الرابع قبل الميلاد وقد خلّده أجدادنا الأردنيون الأنباط في نقوشهم وباستخدام أبجديتهم. [3]

والجدير بالذكر أن النقوش الصفائية قد تجاوزت العشرين ألف نقش مؤرخ. وتتابع الاكتشافات لهذه النقوش ففي عام 2013 اكتشف الباحثان الأردنيان الدكتور سلطان المعاني والدكتور مهدي الزعبي أكثر من 2000 نقش صفوي جديد في منطقة الحرة الأردنية في بعثة علمية ممولة من قبل الجامعة الهاشمية.

الدكتور عبد القادر الحصان مع النقش الصفاوي النادر المكتشف عام 2017 – المصدر: جراسا نيوز

 أما في عام 2017 فقد اكتشف الباحث الدكتور عبد القادر الحصان نقشا صفاويا جديدا يعود للعقد الرابع من القرن الأول ميلادي في منطقة وادي علي، الصفاوي في البادية الأردنية الشرقية. ويقول الدكتور واصفا النقش وأهميته ” أن أهمية النقش تكمن في تاريخ صاحب النقش حيث نقشه بحادثة هامة وتاريخية حدثت آنذاك للملك الأردني النبطي الحارث الرابع والذي حكم من العام 9 ق.م.-40 م ونجاته من مؤامرات حاكم الجليل اليهودي هيرود أنتيباس والحرب التي شنها عليه في العام 34 م في موقعة جملة شمال نهر اليرموك. وذكر أنه تم الانتصار في تلك الواقعة على اليهود ودحرهم نحو شمال فلسطين كم أنه نجا من محاولة أخرى من قبل اليهود بالتعاون مع الرومان بقيادة القائد الروماني فتيليوس بأمر من الحاكم الروماني وبوشاية من هيرود طيباريوس ولكن موت الحاكم في نفس السنة أدى إلى إلغاء الحملة العسكرية لقتل الملك الأردني النبطي وتدمير ملكه”

رحلة النبطية إلى العربية

امتازت الكتابة النبطية كما أسلفنا بشيء من التعقيد، فقد كانت تتباين أساليب الكتابة بحسب المناسبة والموقف فللنقوش القبورية أسلوب مختلف عن النقوش والكتابات المتعلقة بالتجارة والمعاملات. يلخص الباحث جرندلر التغيرات التي مهدت الكتابة النبطية لتفضي إلى العربية بما يلي:

  • “الفوارق بين الحروف في المواقع المختلفة (اختلاف رسم الحرف الواحد)
  • ارتباط الحروف
  • مزج اللام ألف (لا)
  • قوام الخط القاعدي (أن تكون للحروف قاعدة استنادية)
  • اندماج الحروف
  • اختلاف العلامات الصوتية المميزة للحروف المتجانسة رسما” (جرندلر: 2004)

الجدير بالذكر أن هنالك نوعين من أنواع الخط النبطي الأول هو النقشي أي المستخدم في النقوش التذكارية والنُصُب والثاني هو النسخي المكتوب على اللفائف والصحف. والمشكلة بأن النوع الثاني، أي النسخي، غير متوافر بسبب تلف المواد المستخدمة للكتابة فيه فلا يسع العلماء إلاّ أن يعتمدوا على الخط النقشي (جرندلر:2004) وهذا قد يبرز تساؤلا مهما: ماذا إذا كان الخط النسخي قد سبق الخط النقشي في تحوله للخط العربي؟

إلى اليمين الأبجدية العربية وفي الوسط النبطية وأخيرا الآرامية. ونلاحظ مدى تشابه العربية والنبطية[4]

يورد الباحث تيسير خلف في  سياق أحدث النقوش المكتشفة في الأردن اكتشاف نقوش نبطية شديدة التأخر في العقبة. وتسد هذه النقوش سلسلة انتقال الخط الأردني النبطي إلى العربي الكوفي وتقدم لنا مادة علمية غنية تؤكد لنا هذه الرحلة. فتؤرخ هذه النقوش التي تعود لأواخر القرن الخامس الميلادي (450م تقريبا) إلى أسماء ملوك الأردنيين الغساسنة الذين امتد حكمهم من البلقاء شاملا ما يعرف اليوم بسوريا ولبنان وأجزاء واسعة من السعودية. يسمى الخط النبطي في تطوره خط “الجزم” وهو الخط الذي أهداه إلينا أجدادنا الأنباط.

النقوش المكتشفة في العقبة جنوب الأردن وتؤرخ لمرحلة متأخرة من تطور الخط الأردني النبطي

ومن هنا يمكن القول بثقة أنه رغم انهيار النظام الملكي في المملكة الأردنية النبطية والتحول نحو النظام القبلي مجددا وعبر الحكم الذاتي في المناطق التي احتلها الرومان إلاّ أن الشعب والثقافة متمثلة باللغة والدين استمرا في التوغل والانتشار في المنطقة. قد تمخض ذلك عن ولادة الخط العربي الكوفي الذي استخدم من فترة ما قبل الإسلام وصولا إلى جعله الخط الرسمي للدولة الأموية في عهد مروان بن عبد الملك، حيث استخدم بالدواوين والمعاملات واستخدم أيضا لإعلان المواقف السياسية (جرندلر: 2004).

خاتمة

يكشف لنا العلم والتاريخ دوما بأن هذه الأرض عظيمة وبأن هذا الشعب وهذه الأمة ليست وليدة الصدفة إنما سليلة تاريخ يمتد لملايين السنين. إننا وما نكتب وما نقول نتيجة تراكم حضاري رائع أبهر به أجدادنا الأردنيون الأوائل العالم أجمع.

المراجع:

  • المحيسن، ز.، الحضارة النبطية، 2009 عمان: الأردن، منشورات وزارة الثقافة
  • جون كانتينو، اللغة النبطية، مهدي الزعبي، 2016، سلسلة دراسات
  • بأي لغة تكلم أجدادنا الأنباط؟، أبحاث إرث الأردن سلسلة الأردنيون عبر التاريخ
  • النقوش الصفاوية واللهجة الأردنية، محاضرة الدكتور إنعام الور على موقع إرث الأردن
  • المعاني، س.، العجلوني، ف.، تاريخ الخطوط والكتابة العربية من الانباط إلى بدايات الإسلام، جرندلر 2004، عمان: الأردن، مشروع بيت الأنباط للتأليف والنشر
  • اكتشاف نقش أثري نادر في الصفاوي، موقع جراسا نيوز 2017
  • 2000 نقش صفوي في الحرة الأردنية الشمالية الشرقية، صحيفة الرأي 2013

[1] المناذرة أو اللخميون، وهي سلالة عربية من قبيلة لخم من تنوخ وقد حكموا العراق قبل الإسلام.  المصدر: وكيبديا

[2] لمزيد من التفصيل انظر: بحث “ماذا تكلم أجدادنا الأنباط؟” المنشور على موقع مؤسسة إرث الأردن

[3] للمزيد انظر محاضرة الدكتورة إنعام الور حول اللهجات الأردنية والنقوش الصفوية المنشورة على موقع مؤسسة إرث الأردن

[4] للمزيد انظر https://en.wikipedia.org/wiki/Nabataean_alphabet

من النبطية إلى العربية: رحلة تطور الكتابة في البادية الأردنية

مقدمة تاريخية: اللغات السامية واللهجة النبطية

تتباين اللهجات المستخدمة اليوم في الأردن. وللزمن تأثير واضح على ما ينطق به الأردني من كلام. ومن المثير أن نعرف أن أجدادنا الأردنيين الأنباط كانوا ذوي نصيب كبير في عملية قولبة لهجة خاصة بهم إضافة لابتكارهم خطا خاصا بهم وهو الخط الذي بفضله نحن نكتب الآن وأنتم تقرؤون. لقد ساهمت تجارتهم المنفتحة على العالم وحرصهم على تأريخ حروبهم وتوسعهم إضافة إلى معتقداتهم الدينية على زيادة اهتمامهم بالتدوين. ولكن، ما هي اللغة التي كان يتكلم بها أجدادنا الأردنيين الأنباط ؟ وهل نتحدث لغة قريبة ومطورة عن تلك التي تحدثها أجدادنا؟

في الوقت الذي بزغت فيه المملكة النبطية الأردنية، كانت اللغة السائدة هي اللغة الآرامية وينطق بها اليوم حوالي 2 مليون فرد. والآرامية إحدى اللغات السامية التي انتشرت انتشارا كبيرا فيما قبل الميلاد وصولا إلى المراحل المبكرة في الإسلام. وقد نسب العلماء اللغات السامية لابن النبي نوح سام وهو الإبن الذي سكن هذه المنطقة حسب الروايات الدينية. تقسم اللغات السامية إلى شرقية (اللغة البابلية الآشورية) وغربية (اللغة الكنعانية والآرامية والعبرية) وجنوبية (العربية بجميع لهجاتها واللهجات الحبشية).  (ولفنسون:1929)

أما شعب “الآرام” الذين تنسب إليهم اللغة فلم يحدد العلماء على وجه الدقة أصلهم، ولكنهم زاحموا البابليين والآشوريين وأقاموا العديد من الدويلات في وسط المشرق ورافقت هذه التغيرات السياسية في المنطقة تغيرات في اللغة القومية فتارة تكون البابلية وتارة الآرامية وتارة السريانية ولكن الحال استقر على الآرامية بعد هزيمة الآشوريين في القرن الخامس قبل الميلاد وصارت اللغة الرسمية وهي لغة المسيح والتلمود ومخطوطات قمران وغيرها الكثير من الوثائق. (ولفنسون:1929)

عبر التجارة اختلط الأردنيون الأنباط مع القبائل العربية المرتحلة جنوبا ومع الكنعانيين واليهود غربا وأهل العراق وصولا إلى تواصلهم مع الرومان وقد أدى ولا بد إلى تأثر لغتهم وإثرائها وبالتالي زيادة قوتها. ورغم هذا الانفتاح، صاغ الأردنيون الأنباط مع الوقت لهجة خاصة بهم يمكن اعتبارها خليطا من العربية والآرامية وقد سميت “رطانة الأنباط”.

ورد ذكر اللهجة النبطية في عدة مصادر عربية فقال الجاحظ في كتابه البيان والتبيين أن النبطي القُح يجعل حرف الزاي سين فيقول بدل زورق: سورق. كما يقلب العين همزة ويفتح المكسور. (ولفنسون: 1929) وهذا يدلنا على أن الأردنيين الأنباط لم ينطقوا بالعربية التي ننطق بها الآن إنما كانوا ينطقون بالآرامية وقد تصبغوا بالعربية نتيجة احتكاكهم بالقبائل العربية المرتحلة ونرى نتيجة هذا الاحتكاك في النقوش التي تتضمن بعض الكلام العربي. من تلك النقوش نستنتج أن الخط الذي طوره الأردنيون الأنباط  وسمي لاحقا “الخط النبطي” ما هو إلا الصورة الأولى الأصلية للخط العربي بشكله الحالي. فالقبائل العربية المرتحلة لم تعرف الكتابة والتدوين ولم تملك خطا أو أبجدية مكتوبة إنما اقتبست الخط النبطي وطورته لتغطي الحاجة للتدوين التي انبثقت من تأسيس الدولة في الحقبة الإسلامية الأولى لاحقا. وسنتناول في تفصيل أكبر الخط النبطي وأثره على القلم العربي.

اللغة النبطية الأردنية : إطلالة على الأبجدية والقواعد

الأبجدية

تمتاز اللغات السامية بعدة مميزات تجعلها مميزة عن غيرها. فهي تعتمد على الحروف الساكنة لا الأصوات ولهذا زادت حروف اللغات السامية عن اللغات الآرية (لغات أوروبية).  كما أن أغلب الكلمات ترجع لأصل ثلاثي- عادة فعل- كما الحال عند العربية. فإذا أردت البحث عن معنى كلمة “إرث” ستعود للمادة المعجمية “ورث”. وليس في اللغات السامية كلمات مركبة كما أن معظم الكلمات المؤلفة من حرفين مثل أب وأم ويد هي كلمات مشتركة بين اللغات السامية المتعددة. واللغة النبطية بوصفها لغة سامية أو لهجة سامية على الأقل تمتلك هذه الصفات.

إلى اليمين الأبجدية العربية وفي الوسط النبطية وأخيرا الآرامية. ونلاحظ مدى تشابه العربية والنبطية[1]

الأبجدية النبطية الأردنية هي حروف آرامية استقلت وبدأت رحلة تطور خاصة. فقد مالت الحروف النبطية الأردنية للرسم المربع مما أدى لتشابه الكثير من الحروف مثل (ب، ي، ن) و (ق، ف، ه) وهنا صعدت مشكلة التنقيط والقدرة على التفريق بين الحروف ولم تغب هذه المشكلة عن الأردنيين الأنباط  فاستخدموا بعض الأحيان النقاط للتفريق بين الحروف خصوصا الراء والدال (كانتينو: 2016). والجدير بالذكر أن الكتابة العربية غابت عنها مشكلة التنقيط حتى جاء أبو الأسود الدؤلي عام 643 م ونقّط الحروف.

الصف الأول: الكتابة النبطية ويظهر استخدام الأردنيين الأنباط للنقاط للتفريق بين الراء والزاي. الصف الثاني: استخدام السريانية للتنقيط للتفريق بين الراء والزاي.

وما يميز الكتابة النبطية هو الحروف المتصلة التي فرقتها عن باقي أخواتها من الكتابات الآرامية. ومن الواضح أن شدة النشاط الكتابي خصوصا ذلك الذي اتصل بالتجارة أدى إلى تطوير تقنيات كتابية تمتاز بالسهولة فالحروف المتصلة أسهل وأسرع في الكتابة من الحروف المنفصلة. كما أبقت الكتابة النبطية على الحروف (ز، ر، و، ا) غير متصلة من اليسار وهو أمر لا زلنا نقوم به الآن في كتابتنا العربية. وكما ذكرنا آنفا، فاللغات السامية جميعا تعتمد على الحروف الصامتة ولا تكتب أو تدون حروف العلة (كانتينو: 2016)

القواعد العامة

استخدم الأردني النبطي  ضمير الغائب ( ه و/ ه وا) للمذكر و الضمير (ه ي) للمؤنث والضمير ( ه م) للجمع وهي مطابقة لما نستخدمه اليوم في العربية. ولم تزودنا النقوش بضمائر المتكلم والمخاطب، وغالبا ما استخدمت هذه الضمائر ولكن بوصفها اسما للإشارة أو اسما موصولا. واستخدم الأردنيون الأنباط  ( ن ا) للدلالة على الملكية فيقولون ( م ر ا ن ا فلان) أي سيدنا فلان وهو استخدام قليل عند الأنباط ويرجح أنه راجع للتأثر بالسريانية. واستخدم الأردنيون الأنباط  الضمائر ( ه ي – ه و – و- ه ) فيقولون  ( أ ب و ه – بمعنى أبيه) و ( أ ح و ه- بمعنى أخيه). (كانتينو: 2016)

وفي النبطية أكثر الأفعال أفعال بسيطة ثلاثية غالبا ما تأتي بصيغة الماضي مثل الفعل (ع ب د) بمعنى عمل؛ أو المضارع (ي ك ت ب) بمعنى يكتب. كما يظهر استخدام فعل سببي مثل (ه ق ي م) بمعنى أقام ل.

أما الأسماء في النبطية فكانت متعددة الأنواع وقد حصرها الباحثون حسب المقاطع الصوتية وحسب الحرف الأول والحرف الأخير. وقد فرقت اللغة بين المؤنث والمذكر والتعريف والتنكير والإضافة والبناء والجمع والإفراد. وكان فيها إعراب وجمل اسمية وفعلية ولم تهمل أدوات الربط بين الجمل كحروف الجر والعطف والتعجب والوصل وغيرها. (كانتينو: 2016) ونستدل من كل ذلك على مدى تعقيد هذه اللغة لتتناسب مع الحضارة التي وصل إليها الأردنيون الأنباط .

الأرقام

استخدم الأردنيون الأنباط  ستة أرقام وهي: 1 ،4، 10، 5، 20، 100 كما عرفوا تدوين العمليات الحسابية كالجمع والضرب وفق رموز معينة. من الصعب تحديد تاريخ هذه الرموز فبعضها كرقمي 4 و5 قد يكون حديثا أما استخدام الشرطة للدلالة على رقم 1 فهو قديم للغاية وموجود بشكل واضح في النقوش السومرية البابلية كذلك الأرقام 10 و 20 و100 فهي مأخوذة من الرسم الفينقي. (كانتينو: 2016)

(الأرقام النبطية والعمليات الحسابية كالجمع والضرب . المصدر: كانتينو (2016) ص. 63)

كما عرف الأردنيون الأنباط  كتابة الأرقام فكانت أرقامهم المكتوبة تصل للثلاثة آلاف وهو رقم كبير يتناسب مع قوة نشاطهم التجاري. ونلاحظ مدى التشابه بين الأرقام التي استخدمها أجدادنا والتي نستخدمها نحن ونذكر على سبيل المثال لا الحصر بعض الأرقام بحسب الكتابة النبطية التي اكتشفت على نقوش المباني (كانتينو: 2016):

1: ح د                               7: ش ب ع  
3: ت ل ت   8: ت م ن و ا ي  
4: ا رب ع   9: ت ش ع  
5: ح م ش   10: ع ش ر  
6: ش ت   11: ع ش ر ة ح د ه  
20: ع ش ر ي ن   24: ع ش ري ن و ا رب ع

الخط النبطي وتطور الخط العربي

طور أجدادنا الأردنيون الأنباط خطا عرف بالخط النبطي وهو خط مربع مشتق عن الخط الآرامي الذي اشتق في الأصل من الخط الكنعاني. وقد ظهرت العديد من الخطوط المحلية المشتقة عن الخط الآرامي إلا أن الخط النبطي كان من أقواها وأكثرها انتشارا وهو ما ساعده على البقاء والتطور سريعا ليفضي أخيرا إلى الخط العربي الحالي. (كانتينو: 2016)

لقد ساعدتنا النقوش النبطية المكتشفة في مراكز المملكة الأردنية النبطية على صياغة فهم أكبر وأشمل للغة النبطية. ويؤرخ أقدم النقوش المكتشفة إلى 33 ق.م. أما أحدثها فقد نُقش بعد انهيار المملكة النبطية على يد الرومان عام 106 م. ومن ناحية أخرى، تزودنا هذه النقوش بوثائق لغوية أقدم من النقوش التدمرية كما تساعد المعلومات التاريخية في النقوش على القيام بموازنة المعلومات التاريخية الواردة في التوراة لأن النقوش لم تعرض للتزوير أو التشويه. (كانتينو:2016)

قد وجدت العديد من النقوش النبطية كشواهد قبور بل تكاد تكون جميعها شواهدا لقبور. وتتمركز هذه النقوش في أم الجمال والحجر وبُصرى.

وصل العلماء في نهاية بحثهم لمجمل النقوش في المنطقة إلى أن الخط النبطي المتأخر هو بداية الخط العربي. فالخط الاردني النبطي في فترته المبكرة كان يكتب الحروف منفصلة  – كأغلب الخطوط السامية القديمة – بينما يرسمها الخط النبطي المتأخر متصلة كحال الخط العربي المستخدم اليوم. هذا إضافة لعدة خصائص أخرى كالتاء المربوطة وتعدد رسم الحرف الواحد فيكون رسمه في منتصف الكلمة مختلفا عن رسمه نهاية الكلمة. (ولفنسون: 1929)

(جدول مقارنة بين الخط النبطي المتأخر والخط العربي القديم، العمود 1 حروف نبطية مستخلصة من البترا والحجر تعود للقرنين الأول والثاني والثالث م. العمود 2 حروف نقش نمارة من القرن الرابع م.  عمود 3 حروف نقوش زبد وحران تعود للقرن السادس م. عمود 4 حروف عربية من نقوش تعود للقرن الأول للهجرة.  ونلاحظ تطور رسم الحروف تدريجيا لتصل إلى الخط العربي. المصدر: ولفنسون (1929) تاريخ اللغات السامية. ص. 200)

أما أهم هذه النقوش فهو نقش (فهرو) أو كما يسمى (نقش أم الجمال الأول) وهو نقش وجده الباحث ليتمان في مدينة أم الجمال التي كانت إحدى مراكز المملكة الأردنية النبطية واستعان ليتمان بنقش اغريقي وجد بالقرب منه وكان ترجمة للنقش النبطي. وتكمن أهمية هذا النقش في كونه استخدم الخط النبطي المتأخر ويرجح أن يكون عائدا إلى 250-270 م.  كحال النقش المهم الآخر (نقش نمارة) المؤرخ لعام 328 م وسنستعرض النقشين وأهميتهما تاليا.

نقش أم الجمال الأول

“هذا قبر فهر (فرو)

ابن سلى مربي جديمة

ملك تنوخ[2]

هذه الترجمة العربية لنقش أم الجمال الأول والنص عبارة عن شاهد لقبر فهر بن سلى وهو المربي والمعلم للملك “جديمة” أول ملك تنوخي[3] في الحيرة[4]. وقد حدد الباحثون عدة خصائص للخط النبطي وقارنوها بالخط الكوفي العربي ووجدوا تشابها كبيرا فرسم حرفي الحاء والجيم شبيهين برسمهما في الخط الكوفي. كما لاحظ الباحثون عدة خصائص أخرى كرسم حرف الشين والياء بشكل منفصل إضافة للكتابة المتصلة والتي لم تعرفها بقية اللغات السامية (ولفنسون: 1929)

نقش أم الجمال الأول: الترجمة الأولى على اليمين وهي تعتمد على النقش الإغريقي لتفسير النقش. بينما الترجمة الحديثة على اليسار وفيها يوضح الباحث سعد الدين استخدام العربي الفصحى في كلمة “مملك” واستخدام كلمة “نفس” بمعنى قبر كما هو الحال لدى الوثائق اللغوية المكتوبة بالمسند- ويكيبيديا

دار جدل واسع بخصوص الأسماء العلم في هذا النقش. فاقترح المستشرق ليتمان أنها عربية ولكن صيغت بقالب آرامي عبر إضافة حرف الواو للتعريف وهي صيغة آرامية في التعامل مع الأسماء. ولكن ذهب باحثون آخرون إلى أن اسم “سلى” غير مشتق من العربية بل هو آرامي أصيل. أما اسم الملك “جديمة” فقد ذهب ليتمان أنه مؤسس مملكة تنوخ في الحيرة بسبب اعتياد الحضارات القديمة على تخليد أسماء المؤسسين في النقوش. (ولفنسون: 1929)

وتكمن المشكلة في هذا النقش في اعتماد المستشرقين على الترجمة الإغريقية التي وجدت منقوشة بالقرب من النقش النبطي. وبهذا الصدد، يقترح الباحث الأمريكي العراقي سعد الدين أبو الحَب فرضية جديدة بخصوص الترجمة العربية. فالاستخدام النبطي لحرفين ميم “مملك” هو استخدام عربي فصيح. أما تاريخيا فقد أثبتت هذه القراءة أن جديمة هو أول ملوك تنوخ في الحيرة كما جاء الباحث بقراءة جديدة معتمدا على العربية الفصيحة. فكلمة “دنه” هي أدناه، وكلمه “نفشو” هي “نفسه” لا نصب.[5] ومن هنا استنتج قراءة جديدة لهذا النقش “ادناه نفسو(هو نفسه) قبر فرُء بن سالّي ربُّ (مُربّي) جُذيمة مُمَلَّكُ (مؤسس مملكة)  تنّوخ”

 

نقش نمارة ( نقش امرؤ القيس )

يعد نقش نمارة من أهم النقوش التي ساعدت الباحثين في فهم المرحلة السابقة للكتابة بالخط العربي وذلك لقربه الشديد من العربية الفصيحة. وهو مؤرخ للعام 328 ميلادي. وقد قدم الباحث دوسو ترجمة للنقش بوصفه شاهد قبر لملك من ملوك الحيرة يدعى امرؤ القيس وهو ثاني ملك لمملكة الحيرة (المناذرة) بعد عمرو بن عدي.

صورة عالية الجودة لحجر نقش النمارة معلق على جدران متحف اللوفر الفرنسي في باريس   © Marie-Lan Nguyen / Wikimedia Commons

 

أعاد الباحث سعد الدين أبو الحَب قراءة هذا النقش وقد كشفت أبحاثه عن تناقض صارخ في قراءة المستشرق دوسو. فقراءة دوسو تقول بأن النقش هو شاهد لملك يدعى امرؤ القيس. بينما تطرح أبحاث أبو الحب قراءة أخرى مبنية على اللغة العربية الفصحى إضافة للتوافق التاريخي مع الحروب وموت امرؤ القيس الذي كان قبل النقش بعدة سنين. وتقول قراءته بأن ذكر امرؤ القيس كان على سبيل التعظيم فقد عرفت الحضارات القديمة البدء باسم القائد أو الملك أو الإله على غرار التسمية باسم الله. أما المتن فكان في مدح قائد عسكري أو أحد سادات القبائل ويسمى ((عكدي)) وهو غير معروف تاريخيا. (أبو الحب: 2011)

صورة لقراءة دوسو الأولى والحركات المضافة. (أبو الحب: 2011)

وقد قدم الباحث أبو الحب قراءة نهائية عربية فصيحة لهذا النقش وكان متنه كالتالي: تَيا (قَسماً يا ؛ يا) نَفسُ (روحُ ؛ دَمُ) امرؤ القيس بن عَمْرو، مَلِكُ العَرَبِ كُلُّها، ذو أسَد التاج (كُنية)، ومَلِكُ الأسَديين (قبائل أسد في نَجْدْ) ونَزارٍ (بنو نَزار في الحجاز) وملُوكَهُمُ. (لقد) هَرَّبَ مِذْحِج (قبيلة يمانية) عكْدي (اسم علم)، وجاء (اي عكْدي) يزُجُّها (يُقاتلها بضراوة) في رُتِجِ (أزقة ؛ طُرُقْ ضَيّقة) نَجران، مدينة شِمرْ (الملك شِمرْ يَرعشْ)، مَلِكُ مَعَدٍ (بنو مَعَدْ)، وبَيّنَ (مَيّزَ بَيْنَ) بنيها الشعوب (فروع قبيلة مِذْحج)، ووكَّلَهُنَّ (وَضَعَهُنَّ تحت حماية) فُرْسانُ الروم، فَلمْ يبلغْ مَلِكٌ (اي حتى مَلِكٌ) مَبلَغَه (ما بَلَغَهُ عكدي). عكْدي هَلَكَ (مات ؛ قُتِلَ) سَنَة 223 (328م)، يَومْ 7 بكسلولْ (كانون الأول)، يالِسَعْدِ (يالسعادةِ) ذو (الذي) وَلَدَه (أَنْجَبَهْ).

بهذا نرى أن اللغة النبطية المتأخرة والخط النبطي المتأخر شكلا الجذر الأساس للخط العربي. ويمكننا أن نلاحظ مدى فعالية قراءة النقوش النبطية المتأخرة قراءة عربية وذلك للتأثر الشديد بالقبائل العربية المرتحلة إضافة لانتشار الأردنيين الأنباط بين تلك القبائل عقب انهيار مملكتهم في القرن الأول ميلادي وعودة الحكم القبلي بينهم.

الشعر النبطي الأردني

مشتقا من الشعور، يظل الشعر أداة إنسانية متفردة للتعبير عن الذات. كتب الإنسان الشعر منذ القدم للآلهة وللمحبوبة وللتأمل وللحرب. والشعر للإنسان حالة وجد في المقام الأول والشعوب الفقيرة روحيا لا تنتج شعرا. تغنى الصحراء الروح وتجبل نفس البدوي على الصبر والشجاعة والأصالة والحرية وفي البادية ينشد الشاعر محمد فناطل الحجايا:

البادية ما هي قصيدة وربابة

ومسلسلات فارغات وتنّعاب

البادية نخوة وطيب وصلابة

والبادية بيت الأصالة والأحسّاب

والبادية عز وشموخ ومهابة

إنتاجها فرسان وسيوف وحراب[6]

يعرف الشعر النبطي بأنه الشعر البدوي ويعتقد أنه رافق الحضارة النبطية في نشوئها وازدهارها وبقي حتى انهيار المملكة وانتشار قبائلها في الصحراء ومن ثم تمازجهم مع بعض القبائل العربية في شبه الجزيرة العربية. وكما ذكرنا آنفا أن الأردنيين الأنباط  -في وقت متأخر من حضارتهم- عرفت لكنتهم باللكنة أو الرطانة النبطية وهي عبارة عن آرامية مطعمة بالعربية وقد ذهب بعض الباحثين للقول بأن اللغة الآرامية المحكية قد انسحبت تماما وحلت العربية مكانها ولكن مع اللكنة النبطية الخاصة.

الشعر النبطي شعر عربي بدوي وهو أقرب الأنماط الأدبية الشعبية قربا للغة الفصيحة. وبسبب اللكنة التي عدت لهجة عامية عربية اعتبر شعراء العرب أن الشعر النبطي خارج عن القواعد العربية. فالشعر النبطي هو شعر ملتزم بالوزن والقافية وكذلك المضامين الشعرية المعتادة كالمدح والرثاء والغزل. إلا أن الشعر النبطي تحرر من البحور الخليلية[7] والإعراب واستحدث بحورا شعرية أخرى بعضها مشتق من البحور الخليلية (الدعجة: 2013)

اعتمد الشعر النبطي الأردني على بحور شعرية خاصة به وقد توارثتها الأجيال بعفوية دون كتابة ويعرفها الشاعر بسليقته الشعرية. تقسم هذه البحور إلى بحور أصلية وبحور مبتكرة فمن الأصلية :

  • الهلالي وهو البحر الشعري الأقدم.
  • الصخري وهو بحر قديم ينسب إلى قبيلة بني صخر وله لحن حزين.
  • الحداء وهو بحر بدوي قصير ينشد للإبل.
  • والمروبع وهو بحر جديد له طريقة وزن خاصة.

أما البحور المبتكرة فهي:

  • المسحوب وهو منشق عن البحر الهلالي وهو أسهل البحور وأكثرها شيوعا.
  • البحر الهجيني وهو بحر يلتقي مع بحر المتدارك العربي وسمي نسبة لطريقة سير الهجن والجمال.
  • البحر السامري وهو مشتق عن الهجيني ويستعمل للسمر والسهر.
  • بحر الفنون وهو مشتق عن السامري.
  • بحر العرضة ويقول البعض أنه مشتق من الحداء.
  • البحر الزهيري وغيره من البحور كالمديد والجناس والطويل والقلطة

الشعر النبطي له قواعده التي تحكمه فرغم عفويته وشعبيته إلا أنه مقسم بحسب القافية وللقصيدة عدة عناصر وموضوعات. كما تترافق القصيدة بما يعرف (جرة الربابة) وهي أنواع متعددة بحسب الموقف فلشعر الخصام جرة وللرثاء جرة وللتسامر جرة وغيرها. (الدعجة: 2013)

كان للأردنيين باع طويل في الشعر النبطي كيف لا وهم أحفاد الأردنيين الأنباط وورثة حضارتهم الذين ينسب لهم هذا النوع من الفنون. فمن نمر بن عدوان (1735م.)  صاحب جرة الربابة المسماة باسمه وصولا إلى غيره الكثير من الشعراء والشاعرات، ينشد الأردنيون شعرا نابعا من روح الصحراء الأردنية النبطية. ولقد عملت وزارة الثقافة على جمع سير الشعراء الأردنيين فأصدرت كتابا تحت عنوان “مختارات أردنية من الشعر النبطي الأردني ورواده في الأردن” للكاتب طارق كساب الدعجة ويحوي الكتاب على مقدمة مفصلة عن الشعر النبطي وكل ما يتصل به إضافة لسير الشعراء الأردنيين ومختارات من شعرهم. واليوم، يحتفي الأردنيون بأصالة شعرهم فتقام المسابقات الدورية لهذا الشعر في المدارس والجامعات لغرس حب هذا الفن في قلوب أبناء الأردن.

خاتمة: اللغة والهوية

اللغة هي الواجهة الحضارية التي تقابل بها الشعوب الشعوبَ الأخرى. رغم استخدام الأردنيين الأنباط للغة الآرامية والعربية في وقت متأخر إلا أنهم قدموا إسهامات حضارية جليلة لكلا اللغتين. لقد وظفوا اللغة الآرامية لخدمة تجارتهم واتساع مملكتهم، كتبوا نقوشا لتخليد ذكر ملوكهم وانتصاراتهم، وكتبوا لآلهتهم ومقدساتهم. طوروا وأضافوا ولم يكونوا عنصرا مستقبلا خاملا. لقد كتب الأردنيون الأوائل هويتهم وهو ما يجب أن يلهمنا على الدوام ونحن نكمل ما بدأ به أجدادنا.

المراجع

  • سعد الدين أبو الحب، نقش نمارة العربي النبطي، دراسة منشرة كفصل من كتاب Tracing Western Scholarship on the History of the Arabs and Arabic Language and Script 2011
  • جون كانتينو، اللغة النبطية، مهدي الزعبي، 2016، سلسلة دراسات
  • ولفنسون (1929) تاريخ اللغات السامية، بيروت: دار القلم
  • الدعجة، طارق (2013) مختارات أردنية من الشعر النبطي ورواده في الأردن. عمان: منشورات وزارة الثقافة.

[1] للمزيد انظر https://en.wikipedia.org/wiki/Nabataean_alphabet

[2] وردت هذه الترجمة في كتاب تاريخ اللغات السامية لفنسون. كما أنها متوافرة أونلاين http://www.wikiwand.com/ar/%D9%86%D9%82%D8%B4_%D8%A3%D9%85_%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%85%D8%A7%D9%84_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84

[3] التوخيين هم قبائل نبطية سكنت الأردن وجنوب سوريا التي كانت جزءا من المملكة النبطية ومن أهم هذه القبائل قبيلة المناذرة التي سميت باسمها الدولة التنوخية في الحيرة لاحقا. انظر https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%86%D9%88%D8%AE%D9%8A%D9%8A%D9%86

[4] الحيرة منطقة واقعة جنوب بغداد

[5] النصب هو شاهد مقام لتخليد ذكرى الميت وعادة ما ينقش عليه تاريخ الوفاة وأبرز أعمال الميت.

[6] ورد هذا الشعر في الجزء الأول من كتاب “مختارات أردنية من الشعر النبطي ورواده في الأردن المجلد الأول  ص.12”  لطارق الدعجة. إصدارات وزارة الثقافة الأردنية.

[7] البحور الشعرية التي وضعها الخليل بن أحمد الفراهيدي.

بأي لغة تكلم أجدادنا الأردنيون الأنباط؟

 

     

الاسم المحلّي : خردل برّي

الاسم العلمي : Sinapis arvensis L.

الاسم الانجليزي : Charlock

العائلة أو الفصيلة : الصليبية CRUCIFERAE

الوصف النباتي : نبات سنوي قاسي الساق ومستقيمها ، يبلغ طوله من 30-40 سنتمترا . الساق بسيطة أو متفرعة قليلا وتحمل أوراقاً بيضية مسننة بغير انتظام، ومتبادلة .

الأزهار :

ذات سبلات أربع تقع بعد تفتح الازهار رأسا ولها أيضا ً بتلات صفراء لامعة ضيقة عند القاعدة ، طولها من 9-11 مليمترا وفي الزهرة ست أسدية الاثنتين الجانبيتين أقصر من الباقي . أما المبيض فكبير ويقع في منتصف الزهرة ويتحول بعد التلقيح إلى ثمرة (قرن) مستطيلة تفتح من الأسفل في شقين لنثر من 10-12 بذرة سمراء بنية من كل غرفة .

الفوائد الاقتصادية والطبية :

يستفاد من بذور الخردل الأبيض والأسود في الطب على نطاق واسع . يضاف مسحوق بذور الخردل الى الحمامات الكلّية أو الجزئية لمعالجة احتقان الرئة وضعف القلب. ويعالج الصداع العصبي وقرحة المعدة بوضعها فوق المعدة،  كما يستعمل في علاج التهاب مفاصل الركبة عن طريق طحن بذور الخردل وعمل عجينة الخردل (يشبه المرهم) الذي يوضع على شاش من القطن تلف به الركبة  كضمادات لمدة يوم واحد، وبعدها يشعر المريض بتسكين الآلام وتكرار العملية بين فترة وأخرى تساعد على شفاء المريض.

البيئة والتوزيع : الحقول والأماكن الخالية والمفتوحة . منطقة الأغوار السفلى ، منطقة عمان ومنطقة جرش .

 

المرجع العلمي : 

الجنيدي، محمود جبريل ، التوزيع البيئي لنباتات الأردن الطبيعية وفوائدها الاقتصادية والبيئية ، الطبعة الأولى، 1995.

خردل برّي

Scroll to top