تمتد منطقة عجلون من وادي الزرقاء جنوبا إلى اليرموك والسواد شمالا ومن وادي الأردن غربا إلى منطقة البرية شرقا خلف مدينة جرش. ويشق المدينة واديان: وادي جنا شرقا ووادي الجود شمالا وفي الوسط عين ماء غزيرة (غوانمة:1986) ونظرا لاتصافها بكل هذه السمات صارت عجلون مركزا مهما ومنطقة زراعية نشطة ذات كثافة سكانية جيدة.

(جامع عجلون الكبير يتوسط المدينة ويخدم آلاف المصلين. المصدر: وكالة عجلون الإخبارية)

ازدادت أهمية عجلون بعد قيام صلاح الدين الأيوبي ببناء القلعة عام 580 هجري  خاصة بعد ضمها إلى الكرك التي كانت إمارة أيوبية بارزة ومستقلة سياسيا. أما المسجد الحالي فقد أمر ببنائه الصالح نجم الدين بن أيوب سنة 645 هجري، ورغم ايراد بعض المصادر وجود مسجد أيوبي ثان إلا أنه لم يتم إيجاد أي أثر له حتى الآن.

(مئذنة جامع عجلون الكبير المربعة الشكل والتي أمر ببنائها الظاهر بيبرس وكانت تستخدم لأغراض المراقبة والدفاع. المصدر: وكيبيديا)

اهتمت الدولة المملوكية بمدينة عجلون حيث استقر الظاهر بيبرس فيها وأمر ببناء منارة (مئذنة) مربعة الشكل من الحجر الأحمر للمسجد سنة 662 هجري ولا تزال اللوحة التأسيسية مثبتة على الباب الغربي. ويعد بناء المئذنة بناءً ذكيا حيث يصلح لأعمال الدفاع والمراقبة كذلك. استمر اهتمام السلاطين المماليك بمسجد عجلون، فبعدما اجتاح السيل المدينة وتهدمت أجزاء كبيرة من المسجد وغرق الباقي في الماء أمر السلطان الناصر محمد بن قلاوون بإعادة بناء وترميم المسجد. وكان السلطان قد أوكل مهمة الإشراف إلى قاضي عجلون تاج الدين محمد الإخنائي وتشهد اللوحة المثبتة في صحن المسجد على أعمال الترميم وإعادة البناء. (غوانمة:1986)

أما بناء المسجد فمستطيل ويتكون من بيت للصلاة بأبعاد 27.8×14.8 م. ينخفض عن أرضية باقي المسجد. كما يتكون من صحن ومدخل شرقي أعيد بناؤه في عهد السلطان قلاوون وأزيل فيما بعد هذا الجانب وبني مكانه مخازن ومحال تجارية. وفي بيت الصلاة عدة خلوات وهي أمكنة خاصة للمعتكفين والمتصوفة وربما يعود احتواء المسجد على خلوات إلى اشتهار الطرق الصوفية في منطقة عجلون وانتماء العديد من أبناء العشائر الأردنية للفكر الصوفي.

وللمسجد باب شمالي يشابه الباب الشرقي فكلاهما له عتبة إلا أن الباب الشرقي أصغر قليلا من الشمالي. يحمل الباب الشمالي اللوحة التأسيسية لبيت الصلاة والتي تؤرخ لزمن البناء وعهد السلطان الذي أمر بالبناء إضافة للمشرف على البناء.

وفي المسجد من الداخل أعمدة تحمل أشباه قباب أو أقواس. كما يتزين المسجد بزخارف نباتية جميلة ونوافذ عالية. وللمسجد محراب مجوف بعمق 1.2 م. وله عمودان مزخرفان كما يحمل قبة مضلعة مزخرفة من الخارج والداخل. وإلى جانب المحراب ينتصب منبر بارتفاع ثلاثة أمتار وهو حديث البناء (غوانمة: 1986)

يحتوي بناء المسجد على عدة نقوش لم يستطع الباحثون قراءتها كليا، إلا أن بعضها يخبر بإلغاء المظالم (الضرائب) ومصادرات الأراضي في عجلون وذلك في عهد الملك الجركسي خشقدم (865-872 هجري) ويذكر هذا النقش وجود خان في عجلون إلا أنه لا معلومات أخرى عن وجود هذا الخان. كما وجد نقش آخر يختص برفع الضمانات. أما باقي النقوش فإما على حجارة مكسرة أو أنها متآكلة بحيث لا يمكن استخلاص أي معلومة منها. (غوانمة:1986)

للمسجد ست غرف جانبية (مجنبات) واسعة، ثلاثة منها على الجانب الشرقي وثلاثة منها على الجانب الجنوبي وقد كانت تستخدم هذه الغرف للدراسة أو لإقامة من كان يعتني بالمسجد. أما المتوضأ فهو بناء حديث وكانت العادة وجود نافورة إلا أن الدارسين يعتقدون بأن أعمال التجديد قد أزالتها.

ومؤخرا تم اكتشاف جدار أثري في محيط المسجد وعلى عمق ثلاثة أمتار إضافة لمدخل يفضي إلى كهف وحجرة محفورة بالحجر الكلسي يعتقد الباحثون أن المكان عبارة عن مدفن روماني أو بيزنطي يسبق بناء المسجد.

المراجع:

  • الدرادكة، فتحي (1998) القصور والمساجد الأموية في الأردن، دراسة منشورة.
  • غوانمة، يوسف (1986) المساجد الإسلامية القديمة في منطقة عجلون. منشورات مركز الدراسات الأردنية: جامعة اليرموك.
  • اكتشاف جدار أثري في محيط مسجد عجلون الكبير، الإصلاح نيوز:2013

المساجد الأردنية القديمة: مسجد عجلون الكبير

تقع منطقة الحصن جنوب محافظة إربد على الطريق الواصل بينها وبين العاصمة عمان وتبعد الحصن عن عمان قرابة 70كلم. للحصن أهمية تاريخية فقد كانت البلدة مأهولة منذ العصر البرونزي والحديدي وكانت محاطة بجدار منيع يبلغ طوله مئات الهكتارات. وإضافة لجذور المنطقة الضاربة في التاريخ، كانت الحصن إحدى مدن مملكة جلعاد التي تأسست على أراضي الأردن. أما في العهد الأموي فقد كانت بلدة الحصن بالفعل حصنا منيعا للدولة الأموية لموقعها الاستراتيجي الواصل بين المدن الواقعة على سهول حوران.

(صورة جوية لتل الحصن المصنوع من أنقاض إحدى مدن الديكابولس. المصدر: مدونة الأردن)

أما تل الحصن فهو تل اصطناعي بني على أنقاض إحدى مدن حلف الديكابولس السبعة الأردنية الثابتة من أصل عشرة مدن ووجد الآثاريون فيه العديد من المواقع الأثرية كالمدافن وخزانات المياه والحبوب وكانت بقايا المسجد الأموي إحدى اكتشافات حملات التنقيب في الموقع.

كشف العلماء عن وجود آثار لمحراب قديم بارز عن الأرض مما يدل على وجود مسجد مكان كومة الحجارة المتهدمة وبعد تحليل قطع الفخار المصاحبة للحجارة اكتشف أن المسجد يعود في بنائه الأول إلى العهد الأموي. ويذكر وجود قلعة أموية معاصرة لبقايا هذا المسجد وعلى بعد عدة أمتار منه. وترجح المصادر أن هذا المسجد كان صغيرا ويقتصر استخدامه على حراس المدينة لا أكثر.

(مسجد تل الحصن ويظهر يمين الصورة المدخل إضافة للأعمدة التي كانت تحمل السقف. المصدر: وكيبيديا)

يطابق تصميم المسجد المساجد الأموية من ناحية وجود بيت للصلاة وجدار للقبلة ويتوسط الجدار محراب إضافة لأعمدة ترفع السقف حسب الطراز الشائع آنذاك. إلا أن توالي الأبحاث على البناء المتهدم أفضى إلى اكتشاف استمرارية استخدام المسجد في العهدين الأيوبي والمملوكي.

المراجع:

  • الدرادكة، فتحي (1998) القصور والمساجد الأموية في الأردن، دراسة منشورة.
  • غوانمة، يوسف (1986) المساجد الإسلامية القديمة في منطقة عجلون. منشورات مركز الدراسات الأردنية: جامعة اليرموك.
  • نواش، تمارا (2009) المسجد الأموي في موقع تل الحصن: دراسة معمارية تحليلية. رسالة ماجستير: جامعة اليرموك.

المساجد الأردنية القديمة: مسجد تل الحصن الأموي

Scroll to top