صورة لاحدى الطلعات الجوية الاستطلاعية قبل قصف السلط
صورة لاحدى الطلعات الجوية الاستطلاعية قبل قصف السلط

يرصد المؤلف الشاعر عبد الله سالم صالح الشاهين ، في كتابه ( ديوان شعر عشائر البلقاء/ ما قالوه وما قيل فيهم» للشاعر الشيخ سليمان الكايد هذه القصيدة حول الفحيص إبان الاحتلال العثماني التركي للأردن، والحكاية تبدأ مع الشاعر السلطي سليمان الكايد، ومناسبتها أنه “إبان الثورة العربية الكبرى، التي قام بها المغفور له الحسين بن علي وأنجاله عبد الله، وفيصل، وعلي، وزيد، كان أهل الفحيص، كأهل السلط، وكسائر الأردنيين، ينتظرون زوال كابوس الأتراك والاستعمار التركي، بفارغ الصبر. لكن أهالي السلط عموماً ومن ضمنها الفحيص ادارياً وقرابةً شهدوا رعب لا يوصف خلال مجريات الحرب العالمية الأولى المحورية على أراضيهم والتي سنتطرق لها لاحقاً ببحث منفصل. فمن منحى، قامت قوات الحلفاء والعثمانيين بقصف المدينة بشكل مستمر باستخدام الطائرات والمدافع (راجع احدى صور الطلعات الجوية من قبل طيران الحلفاء أعلاه)، ومن منحى آخر صادرت القوات العثمانية وبمعاونة الألمان والنمساويين محاصيل القمح والزيت والعنب لتلك السنوات فسادت المجاعة وعند محاولة الامتناع عن اعطاء العثماني محاصيل الفلاحين كانوا يقومون بشنقهم بالساحات العامة (راجع احدى صور الشنق المرفقة أدناه) وحرق بعضهم امعاناً بالظلم حتى لا يتم دفنهم وخروج لهم جنازات يمكن أن تتطور لثورات أخرى.

اعدامات لشهداء من السلط 1918
اعدامات لشهداء من السلط 1918


هذا وكان أهالي السلط والفحيص أعلنوا موقفهم من العثمانيين بشكل واضح، وراسلوا الأمير قبل وصوله عمان، ولما علم الأتراك العثمانيين بذلك صبوا جام غضبهم على هؤلاء، وبدأوا يبطشون بهم، ولذلك هاجر الكثير منهم، وخاصة كبار السن والنساء والأطفال خوفاً من بطش العثمانيين وحلفائهم من ألمان ونمساويين أو من المجاعة المستشرية بسببهم. فأصبحت السلط بشكل عام والفحيص بشكل خاص خالية وتعرف هذه السنة بالرواية المحلية بسنة الفلة 1918 (صور من عملية خروج الأطفال والنساء والكبار بالعمر أدناه)

أطفال ونساء هربن من مجاعة وقصف 1918
أطفال ونساء هربن من مجاعة وقصف 1918
أطفال ونساء وكبار السن يهربون من مجاعة وقصف 1918
أطفال ونساء وكبار السن يهربون من مجاعة وقصف 1918

وقد كان هذا ضمن نهج مخطط له للتهجير القصري بحيث تخلى الفحيص على أساس طائفي ومن ثم السلط ويوطن مكانهم مجتمع تركماني يدين ثقافياً للأتراك وولائه للخلافة العثمانية كما حدث بعدة مناطق أخرى كانت لها نزعة استقلالية عن الاحتلال التركي العثماني.

أما قصة الشعر فتبدأ عند نبع ماء في الفحيص، يسمى نبع عين العلالي، فلما لم يبق في الفحيص أحد، وطنت جماعة من التركمان في القرية، وهدموا أركان الجدار المحيط بنبع الماء، فتغيرت معالمها، بعدما اقفرت من أهلها. وفي أحد الأيام كان الشاعر السلطي سليمان الكايد مارا من جهة نبع العلالي، وأراد سقاية فرسه، فلما رأى حجارتها مبعثرة، وسورها مهدم، أحزنه منظرها، وانسحب حزيئا، ومر في بلدة الفحيص، وكانت مقفرة من أهلها، فزاد حزنه، وقال هذه القصيدة مستذكرا ما كانت عليه عين العلالي، وما آلت اليه، حينما كانت تضج بدخان مجالس الكرم وبئرها مشرع لسقاية مرارين الطريق من البلقاوية، فأصبحت الآن للغرباء من غير أهل البلاد، الذين عاثوا فيها فساداً وهدموا حجارتها واحتلوا منازلها، فقال مخاطبا العين، وهو جالس بقربها، وقبل أن ينسحب، هذه الكلمات:

قلت آه يا عين العلالي مالك
شكلك مغيّر ولون زينك ماحي
طرفك مهدم ليش هذي حالك
ما عقب ما كنتي في هنا وافراحي
بالله اخبرني وشهو اللي جرالك
الصدق نار سراجك الوضاحي
ردت علي وجاوبتني وقالت
لي خلةً كلهم غدوا نزاحي
جار الزمان واتركوني وراحوا
واضحيت من عقبهم كالاشباحي
شفت العجب واصبحت بحيره
ودموع عيني فوق خدي طفاحي
واصفق على الكفين وين حماتي
ستري حماتي وفزعتي بصياحي
وين السماوية وين هات امثالهم
سليمان وعيسى وعويس الجحجاحي
وطعيمه ابو سليمان حصان اللقا
ياما احتموني بكز رماحي
يالله يالمعبود اني طالبك
يالله تجمع شملهم بافراحي.

 

ويرد الشاعر جريس سماوي (جد معالي وزير الثقافة السابق جريس سماوي) بقصيدة أخرى على سليمان الكايد، تحت عنوان (انشد كبار السلط) تقول:
قولوا لبو عارف كتابه لفانا
حي الكتاب وحي من بيه نجاب
عين العلالي اليوم زايد غواها
بنتا طموح توشح الخد بخظاب
ديره جفتنا غيرنا ما هتناها
حنا لعيناها بطوابير واطواب
وجموع تزمي والعدد ما حصاها
والنصر بيد اللي على الناس وهاب
جاها السماوي اليوم نالت مناها
ذيب الطراد ان صار للخيل ملعاب
اللي ينوم عينا عن عناها
وابوه قبله للمليحات كسّاب
وشاكر ربيع الضيف بربعه نصاها
فرحت وقالت يا هلا بكل من غاب
عيال اللحصان اللي منوتي مع مناها
الكل منهم لغالي الروح جلاب
تذكر شيوخ وفعالنا من سواها
جر المناسف كارنا وعز الاطناب
كم سابقا بالريب نقصر خطاها
انشد كبار السلط حضراً وغياب
فحيص عز بلادنا وآحلاها
ام الضعافا والخطاطير واجناب
جابوا لها قوم الردى من عناها
وقالوا اهل كريوت حنا لها اصحاب
بياعة الجميز اكلوا نماها
وجوه.. وشيخهم ولد غصاب
زابو فهد دار المكارم عزاها
اضحت حياته بالخطر وعارظه شاب


الصور من مجموعة محمد عطية العلواني وهم من:
متحف الحرب الأسترالي
المتحف الحربي الاسكتلندي
متحف الحرب الألماني
المراجع:

  1. Erickson, E (2001) Ordered to Die: A History of the Ottoman Army in the First World War: Forward by General Hüseyiln Kivrikoglu. No. 201 Contributions in Military Studies. Westport Connecticut: Greenwood Press.
  2. Woodward, D (2006) Hell in the Holy Land: World War I in the Middle East. Lexington: The University Press of Kentucky.
  3. Khriesat, A (1996) Research in the History of Salt, Ministry of Culture, Amman, Jordan
  4. Milwright, M (2008) The fortress of the raven Karak in the Middle Islamic period (1100 -1650), Leiden ; Boston
  5. Abu Taleb (2000) Land of Gadur, Ministry of Culture, Amman, Jordan
  6. Khlaifat, S (1989) Salt in History, Ministry of Culture, Amman, Jordan
  7. Al Kurdi, M (1998) History of Salt and Balqaa’, Amman, Jordan
  8. Duncan, J (1928) Es-Salt. Palestine Exploration Quarterly, 60 (2), pp. 98-100

سلطي يَتَوَجَّدْ بشعر على ما حل بالفحيص عند تهجير العثمانيين لسكانها 1918

Scroll to top